إقالة مدربي الدوري السعودي... أزمة متجددة ومخاطر متعددة

بعض الأندية لا تدرك حجم التحديات المالية والقانونية التي ستواجهها جراء هذه القرارات

خيسوس (الشرق الأوسط)  -  غويدي (الشرق الأوسط)
خيسوس (الشرق الأوسط) - غويدي (الشرق الأوسط)
TT

إقالة مدربي الدوري السعودي... أزمة متجددة ومخاطر متعددة

خيسوس (الشرق الأوسط)  -  غويدي (الشرق الأوسط)
خيسوس (الشرق الأوسط) - غويدي (الشرق الأوسط)

موسما بعد الآخر، تتجدد ظاهرة إقالة المدربين في الدوري السعودي قبل انقضاء عقودهم، لتبرز كإحدى أكثر الأزمات شيوعا بين الأندية المحلية،
كما توقع إداراتها أمام تحديات مالية وقانونية جراء هذه الخطوات بالغة التعقيد.
ويعزو كثيرون السبب في ذلك إلى قناعات متوارثة بين رؤساء الأندية بأن المدرب لا بد أن يكون «الشماعة الأولى والرئيسية» لأي إخفاق قد يتعرض له الفريق وبالتالي منحهم فرصة جديدة لتجنب الضغط الجماهيري والإعلامي خلال المنافسات.
ومن المعلوم أن الجهاز الفني في الدوري السعودي، لا يمكنه إضافة المأمول وتحقيق الطموحات المعقودة عليه، لأسباب متكررة أهمها تأخر الرواتب الشهرية، والمستحقات المالية، والشح المالي في معظم الأندية التي لا تستطيع توفير العناصر القادرة على الإضافة الفنية وخصوصاً اللاعبين الأجانب، وعدم جدية الكثير من اللاعبين المحليين في تطوير مواهبهم، وتطبيق تعليمات الأجهزة الفنية سواءً في التدريبات، أو حتى في المباريات، والتمرد على اللوائح من بعض النجوم أصحاب الجماهيرية.
وأمام ذلك فقد بات من الصعوبة أن تسلك الأجهزة الفنية طريق النجاح في ظل انعدام أدواته، أو نضوب الإمكانيات التي تساعدهم بالسير بالفريق لتحقيق الانتصارات واعتلاء منصات التتويج، وغياب الإدارة القادرة على خلق بيئة عمل احترافية بعيدة عن اتخاذ القرارات الفردية.
وكانت إقالة الأرجنتيني رامون دياز مدرب الاتحاد الذي كان ضحية الجولة الثانية من الدوري أن الجهاز الفني، قد أثبتت براءته من الخسارتين التي تلقها «العميد» في افتتاح المسابقة، حيث تولى الوطني حسن خليفة المهمة لكن الاتحاد واصل سقوطه من جولة لأخرى، حتى استعان الاتحاديون بالكرواتي بيليتش لإنقاذه من شبح الهبوط، إلا أن الكرواتي بالكاد تمكن من إضافة بعض النقاط على رصيد الفريق الذي ما زال يحتل المركز قبل الأخير في الدوري.
وكان تركي المقيرن رئيس النادي قدم استقالته رسمياً من رئاسة الاتحاد بعد الخسارة من غريمه التقليدي الأهلي في ديربي جدة، وفضلت الإدارة الاتحادية الجديدة منح الكرواتي مزيداً من الوقت وطرحت به الثقة للوصول بالفريق لبر الأمان والابتعاد عن مناطق الخطر.
ولم ينتظر النصر وصيف المتصدر كثيراً على الأوروغوياني كارينيو كثيراً، بعد العثرة الأولى له في الدوري، وقررت إدارة سعود آل سويلم إعفاء المدرب الخبير في الملاعب السعودية، والذي يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط النصراوية بعدما أعاد فريقهم لمنصات التتويج بعد حصوله مع الفريق على بطولة الدوري في الموسم 2014. إلا أن قناعات الأوروغوياني في نهجه التدريبي وانتقاء العناصر أثناء المباريات لم ترق لإدارة آل سويلم، رغم المدة الطويلة التي قضاها في دراسة حاجات الفريق قبل نهاية الموسم الماضي، والمعسكر الإعدادي الطويل الذي سبق بداية هذا الموسم، بيد أن ورقة المخالصة كانت هي أقرب الحلول للنصراويين.
وجاءت إقالة كارينيو في وقت حرج من المسابقة، ولم يكن خيار البديل مطروحاً على الطاولة الصفراء، واستنجدوا بالبرتغالي هليدر كوستوفو مدرب الفئات السنية للإشراف الفني على الفريق الأول، لحين التعاقد مع جهاز فني جديد، وعمل المدرب المؤقت لأكثر من 5 جولات حقق نتائج مميزة، وفي ذلك الوقت لم ينجح النصراويون بالتعاقد مع البرتغالي غارديم الذي اعتذر عن قيادة الفريق العاصمي بعد سلسلة طويلة من المفاوضات وحضوره للرياض، لكنه رفض العرض النصراوي، وهو ما أثر على الشكل العام للفريق وابتعد كثيراً عن المنافسة على اللقب بسبب نزيف النقاط، إلا أن نتائج الهلال المتصدر ووصيفه الأهلي لعبت لصالحهم، قبل أن تقف محطة المفاوض النصراوي عند البرتغالي روي فيتوريا، وهو المدرب الثالث للنصر في القسم الأول من الدوري.
وكان الهلال متصدر الترتيب فجر مفاجأة مدوية بإقالة البرتغالي خيسوس المدير الفني للفريق رغم محافظته على صدارة الترتيب منذ انطلاق المسابقة وتخطية الأدوار الأولى من بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين، وعدم خسارته أمام الأندية الكبرى في الدوري، بعدما تغلب على الشباب، وقلب تأخره أمام الأهلي بهدف لانتصار عريض بأربعة أهداف وتغلبه على الاتحاد وتعادله مع النصر، حيث ظل البرتغالي متمسكاً بصدارة الدوري ولم يتنازل عنها منذ البداية، غير أن إدارة الأمير محمد بن فيصل كان لها رأي آخر، وجاء قرار الاستغناء عنه صادماً للمتابع البعيد عن البيت الهلالي وما يدور في الخفاء بعيداً عن أعين الإعلام، فالقريب من النادي الأزرق يدرك أن علاقة خيسوس مع غالبية اللاعبين ليست بأفضل حال، خصوصاً مع البرازيلي إدواردو والفنزويلي ريفاس وعدد من اللاعبين المحليين. وهو ما تسبب في تدني الشكل الفني لمتصدر الترتيب، وخسر بالتعادل أمام التعاون والرائد وكاد أن يفقد كرسي الصدارة لولا تعثر النصر والأهلي، إلى جانب انخفاض مستوى «السوبر» إدواردو بشكل لافت، والذي فسر بسبب العلاقة المضطربة مع المدرب، حيث يعتبر إدواردو المحرك الفعلي للكتيبة الزرقاء، والقلب النابض في الفريق، لكنه مع خيسوس لم يظهر كما يعرفه الشارع الرياضي السعودي كأبرز الأسماء التي مرت في تاريخ الكرة السعودية من اللاعبين الأجانب، والهداف التاريخي لنادي الهلال، وعوضت إدارة النادي العاصمي الاستغناء عن البرتغالي بالتعاقد مع الكرواتي زوران ماميتش الذي سبق وأن درب النصر في فترة سابقة قبل أن يتجه لتدريب العين الإماراتي.
وبدوره أنهى الأهلي عقد الأرجنتيني غويدي ليستبدله بالأوروغوياني خورخي فوساتي الذي وصل مؤخرا لقيادة الفريق.
كما لم تسلم الأجهزة التدريبية لأندية الوسط والمؤخرة من الإقصاء، واستغنى الاتفاق عن مدربه الأوروغوياني راموس وعوضه بالإسباني سيرغيو بيرناس، وكذلك هو الحال لجاره القادسية الذي أقال الصربي ألكسندر ستانوغيفيتش بعد تردي النتائج في منتصف القسم الأول من الدوري، وكلفت إدارة القادسية الوطني عبد العزيز البيشي للقيادة الفريق بصفه مؤقتة قبل أن تتعاقد مع البلغاري إيفايلو بيتيف، وفضل البرازيلي كاريلي مدرب الوحدة إنهاء تجربته في الملاعب السعودية وعاد للبرازيل بعد فشله في تحقيق النتائج الإيجابية، وتسلم المهمة المصري أحمد حسام.
كما استغنى الفيحاء عن مدربه الأرجنتيني غوستافو بعد الجولة السادسة، واستعان بالصربي موسلين، ولحق الباطن بمن سبقه وأقال مدربه البلجيكي فرنسوا.
وجنى الشبابيون بدورهم إبقاءهم على الروماني ساموديكا الذي قفز بهم من مراكز الوسط إلى المنافسة على بطولة الدوري، ومزاحمة الهلال والنصر على كرسي الصدارة، وكذلك هو الحال لنادي الرائد، الذي فضل التمسك بمدربه البلجيكي بيسنك هاسي وحقق البلجيكي نتائج رائعة وتعادل مع الهلال متصدر الترتيب، فيما أصر التعاونيون على بقاء البرتغالي بيدرو، ولم يفرط الفتحاويون بمدربهم التونسي فتحي الجبال الذي يسير حسب الإمكانيات المتاحة له، وكذلك هو الحزم الذي جدد الثقة بالروماني إسيلا عطفاً على النتائج المرضية الذي قدمها الحزماويون في الدوري والأداء المميز للفريق.


مقالات ذات صلة

العالم يترقب فوز السعودية باستضافة «مونديال 2034»

رياضة سعودية ولي العهد لحظة مباركته لملف السعودية لاستضافة كأس العالم 2034 (واس)

العالم يترقب فوز السعودية باستضافة «مونديال 2034»

تتجه أنظار العالم، اليوم الأربعاء، نحو اجتماع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، حيث يجتمع 211 اتحاداً وطنياً للتصويت على تنظيم كأس العام 2030 و2034.

فهد العيسى (الرياض)
رياضة سعودية ولي العهد أعطى الضوء الأخضر لعشرات الاستضافات للفعاليات العالمية (الشرق الأوسط)

«كونغرس الفيفا» يتأهب لإعلان فوز السعودية باستضافة كأس العالم 2034

تقف الرياضة السعودية أمام لحظة مفصلية في تاريخها، وحدث قد يكون الأبرز منذ تأسيسها، حيث تفصلنا ساعات قليلة عن إعلان الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم.

فهد العيسى (الرياض)
رياضة سعودية انفانتينو وأعضاء فيفا في صورة جماعية مع الوفد السعودي (وزارة الرياضة)

لماذا وضع العالم ثقته في الملف «المونديالي» السعودي؟

لم يكن دعم أكثر من 125 اتحاداً وطنياً تابعاً للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، من أصل 211 اتحاداً، لملف المملكة لاستضافة كأس العالم 2034 مجرد تأييد شكلي.

سعد السبيعي (الدمام)
رياضة سعودية المدن السعودية ستكون نموذجاً للمعايير المطلوبة (الشرق الأوسط)

«مونديال 2034»: فرصة سعودية لتغيير مفهوم الاستضافات

ستكون استضافة «كأس العالم 2034» بالنسبة إلى السعودية فرصة لإعادة صياغة مفهوم تنظيم الأحداث الرياضية العالمية؛ إذ تسعى السعودية إلى تحقيق أهداف «رؤيتها الوطنية.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة سعودية يُتوقع أن تجذب المملكة مستثمرين في قطاعات مثل السياحة، الرياضة، والتكنولوجيا، ما يعزز التنوع الاقتصادي فيها (الشرق الأوسط)

«استضافة كأس العالم» تتيح لملايين السياح اكتشاف جغرافيا السعودية

حينما يعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم، اليوم الأربعاء، فوز السعودية باستضافة كأس العالم 2034، ستكون العين على الفوائد التي ستجنيها البلاد من هذه الخطوة.

سعد السبيعي (الدمام)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».