واشنطن تعرقل بياناً يدافع عن المراقبين الدوليين بالخليل

فلسطينيون يحتجون على قرار إسرائيل إنهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في الخليل (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحتجون على قرار إسرائيل إنهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في الخليل (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تعرقل بياناً يدافع عن المراقبين الدوليين بالخليل

فلسطينيون يحتجون على قرار إسرائيل إنهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في الخليل (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحتجون على قرار إسرائيل إنهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في الخليل (أ.ف.ب)

عرقلت الولايات المتحدة أمس (الأربعاء) تبني مشروع إعلان لمجلس الأمن الدولي يعبر عن الأسف لقرار إسرائيل إنهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين المنتشرة في مدينة الخليل بالضفة الغربية، كما أفاد دبلوماسيون.
ووزعت الكويت وإندونيسيا، الدولتان غير الدائمتي العضوية في مجلس الأمن، مشروع بيان بعد اجتماع مغلق للمجلس عبّرت فيه دول عدة أعضاء عن قلقها من الخطوة الإسرائيلية.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأسبوع الماضي، أنه لن يمدد مهمة «الوجود الدولي المؤقت في الخليل»، متهماً البعثة التي تقودها النرويج بالانحياز، في قرار ندّد به الفلسطينيون بشدة وأثار قلقاً دولياً.
وكان هؤلاء المراقبون الدوليون، البالغ عددهم 64 عنصراً، قد نُشروا في الخليل بموجب اتفاق إسرائيلي - فلسطيني تم التوصل إليه بعدما قتل مستوطن 29 فلسطينياً كانوا يصلون في الحرم الإبراهيمي في فبراير (شباط) عام 1994.
وتعبر الدول الأعضاء في المجلس عن «الأسف للقرار الأحادي» الذي اتخذته إسرائيل، وتدعو إلى «الهدوء ضبط النفس» في الخليل.
ويؤكد النص على «أهمية الوجود الدولي المؤقت في الخليل، وجهوده لتعزيز الهدوء في منطقة بالغة الحساسية تعاني من مخاطر التدهور في ظل تصاعد دوامة العنف».
ويحذر النص إسرائيل من أنها ملزمة بموجب القانون الدولي بـ«حماية السكان المدنيين الفلسطينيين في الخليل» وكل الأراضي المحتلة.
وأفاد دبلوماسيون بأن واشنطن تحركت بسرعة لتعطيل الرد المقترح.
ومهمة بعثة المراقبين المدنيين رصد التجاوزات التي يرتكبها المستوطنون أو الفلسطينيون، ولا يحق لعناصرها التدخل مباشرة لدى وقوع حوادث.
وتضم البعثة 64 مراقباً من جنسيات نرويجية، وسويدية، وإيطالية، وسويسرية، وتركية، ويتم تجديد مهمتها كل ستة أشهر.
ويتطلب إصدار بيان لمجلس الأمن، إجماع الدول الأعضاء فيه.
وأوضح سفير الكويت في الأمم المتحدة، منصور العتيبي، أن مجلس الأمن سيناقش اقتراحاً لزيارة إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل، من أجل الاطلاع على الوضع عن كثب.
وخلال الاجتماع المغلق، تناولت واشنطن المسألة من وجهة نظر قانونية، معتبرة أنه من حق الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، عدم تمديد مهمة البعثة المحددة بستة أشهر قابلة للتجديد.
في المقابل، أكدت الكويت وإندونيسيا، أنه «ليس من حق» إسرائيل إنهاء هذه المهمة، بحسب دبلوماسي.
وأكد الرئيس الحالي للمجلس، سفير غينيا الاستوائية، أناتوليو نونغ مبا، أن «هناك شبه إجماع بشأن القلق» الذي يثيره القرار الإسرائيلي.
وانتهى الاجتماع الطويل بقرار وحيد بناءً على اقتراح بريطاني، هو الطلب من رئيس مجلس الأمن الاتصال بالطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لإبلاغهما «مضمون» الاجتماع و«تلقي» وجهة نظرهما.
وقال مصدر دبلوماسي: إن الولايات المتحدة طلبت أن يكون «مجلس الأمن واضحاً في رسالته هذه».
وطرحت بريطانيا مجدداً فكرة إرسال وفد من المجلس إلى الشرق الأوسط؛ الأمر الذي أيدته إندونيسيا، وجنوب أفريقيا، وألمانيا. لكن من دون موافقة الولايات المتحدة، من الصعب أن ينفذ مشروع من هذا النوع في المستقبل القريب.
والخليل هي أكبر مدينة فلسطينية في الضفة الغربية، ويعيش فيها نحو 600 مستوطن يحميهم آلاف الجنود الإسرائيليين، بين نحو 200 ألف فلسطيني.
كما وتعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».