الأزرق لون عام 2019 بلا منازع

الدورة الـ29 لصالون جنيف للساعات الفاخرة اعتمد الكيف قبل الكم

جانب من المعرض
جانب من المعرض
TT

الأزرق لون عام 2019 بلا منازع

جانب من المعرض
جانب من المعرض

في دورته التاسعة والعشرين، لم يبخل «صالون جنيف للساعات الفاخرة» لعام 2019 على مرتاديه بالجديد. قد تكون الإصدارات التي طرحتها كل شركة أقل مما عودتنا عليه سابقاً، لكن هذا كان في صالح الجودة والابتكار والتميُّز. فعلى ما يبدو اتفق الكل على أن «الكيف أهم من الكم»، وكانوا على حق.
تنوعت الوظائف والتعقيدات، وتبارى الكل في الحصول على براءات اختراع بشكل وبآخر، وفي الوقت ذاته كان هناك انتباه شديد إلى خطوط الموضة. لقد باتوا يُدركون أن زبونهم أصبح أصغر سناً مما كان عليها في الخمسينات من القرن الماضي مثلاً، وبالتالي يريد إما ساعات لافتة تبدو على المعصم وكأنها اختراعات من الحجم الصغير، أو أنيقة وراقية. كل هذا كان حاضراً مع قاسم مشترك بينها هو اللون الأزرق. فمنذ ست سنوات واللون الأزرق يتسلّل إلى عالم الساعات الفاخرة. بدأ خجولاً ثم استقوى بفضل إقبال الرجل عليه لينتشر بشكل ملحوظ هذا العام، بحسب ما تؤكده الإصدارات التي تم عرضها في «صالون جنيف» لعام 2019. ما بين أزرق كلاين وزرقة البحر الداكنة والسماء في ليلة مقمرة، تلونت كثير من الساعات به في تودد صريح للرجل العصري. فحسب ما قالته متحدثة باسم دار «غروبل آند فورسيه»: «يعتبر اللون الأزرق مضموناً من الناحية التجارية، لأنه يروق للأغلبية، ويتماشى مع كل المناسبات والبشرات».
أمر أكدته أيضاً شابي نوري، الرئيسة التنفيذية لـ«بياجيه»، بقولها إن ظهوره في المجموعة الأخيرة للدار أمر طبيعي «فهو ليس جديداً علينا، ونستعمله منذ عقود، إلى حد أنه أصبح لصيقاً بنا. لهذا ليس غريباً أن نعود إليه».
دار «فاشرون كونستانتين» أيضاً غاصت فيه لأول مرة، وتفنّنت به من خلال مجموعة عالية التقنية. وطبعاً لا يمكن أن نتحدث عن زرقة البحر من دون أن نذكر شركة «بانيراي» التي تخصصت أساساً في الساعات البحرية منذ بدايتها. لكن لا بد من الإشارة إلى أن الأزرق لم يظهر في الساعات الموجّهة للبحار والغوص والرياضات المائية فحسب، بل امتد أيضاً إلى الموانئ والعلب، تلك التي تطلعت إلى السماء وعلوم الفلك والنجوم.
- «جيجرـ لوكولتر»
> «ماستر غراند تراديسيون جيروتوربيون وستمنستر بيربيتوال» أحدث جيل من الساعات المزوّدة بـ«توربيون» متعدد المحاور، بعد ساعات «ماستر جيروتوربيو - 1» في عام 2004 و«ريفيرسو جيروتوربيون - 2»، في عام 2008، و«ماستر غراند تراديسيون جيروتوربيون - 3 جوبيلي»، في عام 2013، و«ريفيرسو تريبيوت جيروتوربيون»، في عام 2016. إنها ثمرة 186 سنة من الخبرة في مجال صناعة الساعات الفاخرة وروح الابتكار. ويعكس تصميمها المزج بين التراث والحداثة حيث يبرز المظهر الجانبي المستدير لقفص ساعة «ماستر غراند تراديسيون»، بينما تبقى خطوط القفص ناعمة بفضل زر مكرّر الدقائق القابل للسحب، الذي ظهر لأوّل مرة على ساعة «ماستر ألتراثين u1605 مينيت ريبيتر فلاينغ توربيون».
ويُعتبر هذا خامس توربيون متعدد المحاور تُنتجه «جيجر - لوكولتر». الجديد أنها عملت على تصغير عناصره، وإعادة تصميمها لتسهيل ارتدائها. تتميز هذه الساعة أيضاً بمكرّر الدقائق بنغمات أجراس وستمنستر بنفس رنّة ساعة بيغ بن الشهيرة في لندن، مع آلية تخفيض مدة الصمت لتعزيز إيقاع اللحن مع آلية قوة ثابتة على مدى دقيقة واحدة لتوفير الطاقة المناسبة للتوربيون الحسّاس، مما يسفر عن عقرب دقائق قافز بدقة وآلية مكرّر الدقائق بدقة أكبر. هذا مع مواصفات جمالية أنيقة ومعاصرة تظهر على الميناء المخرّم مع طلاء الميناء الأزرق العميق بتقنية «غران فو».
نظراً لجمالها، فإن نسخة «ماستر ألتراثين إنامل»، وهي واحدة من بين ثلاثة موديلات جديدة كشفت عنها الشركة خلال «صالون جنيف»، وتتميز بمينا ذي لون أزرق داكن بإصدار محدود من 50 قطعة فقط. كذلك «ماستر ألتراثين توربيون إنامل» المزين ميناؤها بتضفير «غيوشيه» اليدوي الذي يتناغم مع خلفية جميلة مطلية بالميناء الأزرق أو هيكل الساعة المصنوع من الذهب الأبيض المتناسق تماماً، مع قطره البالغ 40.
أما «ماستر ألتراثين بيربيتوال إنامل»، فتأتي هي الأخرى بمينا أزرق يشير إلى القمر في كل من نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي في آن واحد على خلفية تجسد سماء مرصعة بالنجوم ومصقولة بدقة، فيما يحتضن قرصها عند موقع الساعة 6 أطوار. وربما تكون ماستر ألتراثين مون إنامل» الأجمل بمينائها الأزرق، خصوصاً أن زُرقتها تكشف عن رسوم هندسية ومظهر مُزين بـ«الغيوشيه» وهي تقنية زخرفية تقليدية لا تزال رائجة إلى الآن. أما حرفة الطلي بالميناء التي اعتُمِدت في هذه الإصدارات، فتعود إلى العهود القديمة، وأعيد العمل بها بالمصنع في عام 1999. وهي عملية يدوية بحتة يُتقنها الحرفيون فقط، لما تتطلبه من تركيز وصبر.
بالإضافة إلى ذلك، يتطلّب عمل التضفير أو «الغيوشيه» وتطبيق «طبقة الميناء» الأزرق الشفاف مستوى عالياً من العناية الفائقة والدقيقة، خصوصاً إذا كانت تتضمن ميزات أخرى مثل عرض أطوار القمر التي تكشف عن خلفية مرصعة بالنجوم.
- «جيرار بيريغو»
> بعد تركيز الاهتمام على هذا الموديل تمكّنت شركة «جيرار بيريغو» من تطوير أيقونتها على نحوٍ يعزز مكانتها. ساعة «لورياتو أبسولوت» تلخص مهارة الدار من جهة وجمال التصميم والألوان من جهة ثانية. فمن الناحية التقنية، هي مقاومة للماء بنحو 300 متر، وتكتسي بالتيتانيوم المعالج بطبقة سوداء بتقنية «بي في دي» يستمد طاقته من حلقة زرقاء كهربائية. ولم تكتفِ الشركة بتقديم طراز واحد في صالون جنيف، حيث استعرضت ثلاثة طرازات ثورية هي «لورياتو أبسولوت كرونوغراف» و«لورياتو أبسولوت دبليو تي سي» إلى جانب «لورياتو ابسولوت». كلها تتمتع بجسم يبلغ قطره 44 ملليمتراً لتأطير الميناء المتألق بتدرجات لونية تلعب على الأزرق الداكن في المنتصف والأسود الحالك حول الحواف.
أما السوار فهو مطاطيّ أسود يزدان بدرز علوية زرقاء ومدمج بشكل مثالي مع جسم الساعة. وبفضل ألوانها المتألقة خصوصاً الأزرق، فإنها تعتبر خير تجسيد لفكرة «من الأرض إلى السماء»، حسب الشركة. وتعتمد كل ساعة على شفرة وراثية تتضمن التغيير في تفاصيل غاية الدقة في المظهر دون أي تغيير في الجوهر. وبينما قد تكون «لوريات أبسولوت» كلاسيكية عصرية، فإن «لورياتو أبسولوت كرنوغراف رياضية تتألق بتعقيدات ذات طابع (سبور) مثل الأزرار الانضغاطية المعاد تصميمها والسطح المقوس والمتميز بحافة زرقاء. لكن ربما تكون ساعة «لورياتو أبسولوت دبليو دبليو تي سي» هي الأكثر تعقيداً من ناحية وظائفها وجمالها على حد سواء.
- «فاشرون كونستانتين»
ساعة كلاسيكية بلون أزرق ملوكي معقدة تتوجه لخبراء الساعات. يدوية التعبئة للساعات والدقائق باحتياطي طاقة لمدة 40 ساعة. تأتي المجموعة بعلبة نحيفة بسماكة 6.8 ملم بعقارب مقوسة تجتاح الميناء المقبب، وقطر يبلغ 42.5 ملم، وسماكة 9.7 ملم، وحركة واضحة للعيان تكشف عنها خلفية العلبة الشفافة المصنوعة من «الكريستال السافيري».
قد تُعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها تزيين مجموعة «باتريموني» باللون الأزرق السماوي، وهو ما يضفي على الميناء لمسة ساحرة.
لكن فخامة وأناقة هذه الساعة تتجسد أيضاً في خلفية العلبة الشفافة التي تكشف عن 196 قطعة لحركة «الكاليبر»، بما في ذلك ميزان تأرجحي مصنوع من الذهب عيار 22 قيراطاً. التشطيبات الفائقة لحركة الساعة تزيد من متعة مرتديها في حين يعكس حزام جلد التمساح مع دبوس المشبك المتصل به أسلوب الساعات في حقبة الخمسينات. الشيء يمكن أن يقال عن ساعة «باتريموني ريتروغرايد داي - دايت»، ذاتية التعبئة. فوظيفة العرض التراجعي لهذه الساعة متعة للنظر في الانتقال من الـ31 من شهر ما إلى الأول من الشهر التالي، أو من الأحد إلى الاثنين.
- «بانيراي»
طرحت «بانيراي» ساعة غوصٍ احترافيةً جديدة، هي SUBMERSIBLE CHRONOGRAPH «سابمورسيبل كرونو غيوم نيري» قالت إنها استوحتها من غيّوم نيري، بطل الغوص الحر الذي حطم أرقاماً قياسية عالمية تخلدها الصور المذهلة التي التقطها تحت الماء، وفوزه ببطولة العالم مرتين.
لهذا يمكن القول إن هذه النسخة عبارةٌ عن مزيجٍ من الأداء والقوة والوضوح وفي الوقت ذاته تكريماً له. تؤكد الشركة أنها ساعةُ غوصٍ احترافية، مقاومة للماء حتى عمق نحو 300 متر (30 باراً)، مُزوّدة بطوقٍ دوّار باتجاه واحد وظيفته حساب وقت الغوص بدقة. أما الميناء فيسهل قراءته بوضوح حتى في حالة الظلام الدامس بفضل العلامات البيضاء المُضيئة التي تبرُز بوضوح على الخلفية الرمادية التي تضم لمسةً تزيينية مأخوذة من سمك القِرش.
أما هيكلها فصُنع من التيتانيوم حتى يعكس جمال اللون الأزرق الذي يكتسي به قرص السيراميك المُطبَق على الطوق والحزام المطاطي والعقارب الزرقاء، ويكون خفيفاً على المعصم.
- «بوم إي ميرسييه»
> قدمت «كليفتون بوماتيك» وهي مجموعة تتمتع بتقويم دائم يعبر عن روح «بوم إيه مرسييه» وخبرتها في مجال صناعة الساعات التي تزيد على 188 عاماً. الجميل في هذا الطراز أنه لن يحتاج إلى صيانة سوى مرّة كل سبع سنوات بدلاً من الصيانة مرّة كل ثلاث أو خمس سنوات المعمول بها في الساعات التقليدية.
وكَونها تشير إلى التاريخ واليوم والشهر، ومراحل القمر آخذة بعين الاعتبار الطول المتفاوت للأشهر ودورة السنوات الكبيسة، فهي تندرج بين الساعات الأكثر تعقيداً، لا سيما أنها لا تحتاج إلى أي تصحيح للتاريخ قبل الأول من مارس (آذار) 2100، وهي سنة غير كبيسة.
تصميمها الحديث لافت بحيث يكتسي ميناؤها بطبقة من الخزف تزيده رونقاً مؤشرات الساعات على شكل حلقات وثلاثة عقارب ذهبية تسمح بقراءة الساعات والدقائق والثواني، كما تمّ تخصيص ثلاثة عدّادات للتقويم الدائم: العدّاد الأول في موقع الساعة التاسعة للإشارة إلى يوم الأسبوع، العدّاد الثاني في موقع الساعة الثانية عشرة للإشارة إلى الشهر والسنوات الكبيسة، والعدّاد الثالث في موقع الساعة الثالثة لعرض التاريخ.
وتُبرز العقارب الزرقاء وظائفَ التقويم في حين تظهر مراحل القمر على الميناء في موقع الساعة السادسة.
ولضمان قراءة أكثر وضوحاً، يعلو الميناء زجاجٌ سافيري مقوّس مضاد للانعكاس. تأتي العلبة بقطر 42 ملم وهي مصنوعة من الذهب الأحمر المصقول والناعم عيار 18 قيراطاً. وحرصاً على تأمين الراحة عند ارتداء الساعة، قامت «بوم إيه مرسييه» بتزويدها بسوار ذي حلقات ملتوية من جلد التمساح الأسود مع مشبك «أرديون» من الذهب الأحمر عيار 18 قيراطاً، علماً بأنّ هذا السوار قابل للتبديل بما يُرضي جميع الأذواق.
- برميجياني فلورييه
> لم ينس البعض المرأة وخصوها بساعات تتمواج بالأزرق ومرصعة بالأحجار الكريمة مثل برميجياني فلورييه. فإصدارها «توندا 1950 راينبو «الجديدة تتلون بألوان قوس قزح وسوار أزرق. أكثر ما يميزها طارتها الكبيرة، التي تُقلل من مساحة الميناء وتُوفر مساحة أكبر لترصيعها بما لا يقل عن 51 ماسة مستديرة، بوزن إجمالي 1.82 قيراط،. توفرها على إحدى وعشرين بلورة زفير بألوان الوردي، الأزرق، الأصفر والبرتقالي، ثلاث ياقوتات وستة أحجاركريمة من التسافوريت، يصل إجمالي وزنهم إلى 3.73 قيراط، يخلق تلاعباً مذهلاً بالضوء ينعكس على الميناء الذي يأتي إما بالأزرق الداكن، أو لون لؤلؤي مورد، أو عرق لؤلؤ أبيض.
- «بوفيه»
> إذا نظرنا إلى كيف تعامل الإخوة بوفيه مع الساعات في القرن التاسع عشر، سنُدرك بسرعة أنهم مكمن قوتهم كانت في صناعة الساعات التقليدية والفنون الزخرفية، من دون أن ينسوا التعبير عن رؤية مبتكرة تساير العصر.
كل هذا أخذه صناع الدار بعين الاعتبار عند ابتكارهم لـ«Virtuoso IX»، وهي ساعة تقوم بأدوار مختلفة. بقطرها الذي يبلغ 46.30 ملم، تتمتع بنظام أماديو «Amadéo®»، الذي يحوّلها من ساعة يد إلى ساعة طاولة أو ساعة جيب دون الحاجة لاستخدام أيّة أدوات. بالإضافة إلى ذلك، جُهّز إطارها بآلية فتح سرية، بحيث يمكن فتح الغطاء الخلفي له ببساطة عن طريق الضغط على التاج. مواصفات نادرة تجعلها مطلباً لهواة جمع الساعات، خصوصاً أنها أيضاً، وبفضل قابليتها للعكس، تُظهر وجهاً جديداً تماماً عند قلبها من دون مينا، لأن الكريستال الياقوتي يوفّر إمكانية رؤية الحركة والساعات والدقائق، وتستحضر في الوقت ذاته الجسور المكشوفة البنية الهيكلية لحركات بوفيه التي تعود للقرن التاسع عشر. وعادةً ما تتمّ تغطية الجسور في معامل الشركة، بمجرد نقشها وشطفها وتزيينها بالكامل، بطبقة زرقاء اللون CVD، حتى تأتي متناقضة بشكل متناغم مع البلاتين المطلي بالروديوم. وتجدر الإشارة إلى أن تركيبة الألوان هذه كانت مفضلة لدى الأخوة بوفيه. استخدموها على الأسطح المصقولة بعناية فائقة، كما على المنقوشة لتحقيق مفهوم الزمن الطليعي في ذلك الوقت. من بين جماليات هذا الإصدار ميناؤه، فقد زُخرفت قاعدته بنقش مروحي فخم باستخدام الأسلوب الحر، ثم وُضعت ثماني طبقات من الطلاء شبه الشفاف قبل أن يُصقل سطح الميناء، ويُغمر الميناء المطليّ بحمّام من درجات الألوان الزرقاء التي تذكرنا بفخامة القرن التاسع عشر. وتتميّز عدادات الساعات وتدريجات الثواني، بفضل وضوحها الشديد بقدر أناقتها، بلمسة أخيرة من خطوط الساتان الدائرية المطلية بالروديوم.
من الجانب التقني فإن المهندسين، وللحصول على القياس الأمثل للوقت، حرصوا على أن يتم تنظيم الحركة من خلال التوربيون الطائر ذي الوجه المزدوج الحاصل على براءة اختراع، الذي يقع عند نقطة ثابتة في مركز محوره. الجميل فيه أن توزيعه على جانبي زنبرك التوازن يقلل من أي انفلات ناتج عن تأثير ذراع الرافعة، وهو ما يحسّن زمن مقياس الوقت.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.