لغط بين السلطات المصرية ومنظمة دولية على هامش «تقرير فض رابعة»

«الداخلية» لـ«الشرق الأوسط»: مسؤولو المنظمة لم يستوفوا إجراءات الزيارة.. وليس لدينا تحفظات شخصية

تقرير لـ«هيومان رايتس ووتش» مكون من 188 صفحة حول عمليات فض اعتصامي أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر وما تلاهما من أحداث أثار لغطا (أ.ب)
تقرير لـ«هيومان رايتس ووتش» مكون من 188 صفحة حول عمليات فض اعتصامي أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر وما تلاهما من أحداث أثار لغطا (أ.ب)
TT

لغط بين السلطات المصرية ومنظمة دولية على هامش «تقرير فض رابعة»

تقرير لـ«هيومان رايتس ووتش» مكون من 188 صفحة حول عمليات فض اعتصامي أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر وما تلاهما من أحداث أثار لغطا (أ.ب)
تقرير لـ«هيومان رايتس ووتش» مكون من 188 صفحة حول عمليات فض اعتصامي أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر وما تلاهما من أحداث أثار لغطا (أ.ب)

أكدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أمس أن اثنين من كبار مسؤوليها الدوليين منعا من دخول القاهرة، مشيرة إلى أن الجهات الرسمية قالت للمسؤولين إن ذلك يعود إلى «أسباب أمنية». وفيما لامت المنظمة السلطات المصرية بداعي وجود «خلفية سياسية» لكون الزيارة تتعلق بتقرير حول أحداث عنف شهدتها مصر العام الماضي، أكدت الداخلية المصرية لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا توجد أي خلفيات سياسية وراء المنع.. وليس لدينا ما نخشاه أو نخفيه»، بينما علق مصدر مسؤول مستنكرا: «مصر سمحت بإعداد التقرير على أرضها، فلماذا تحجب مجرد مؤتمر صحافي لإعلانه؟!».
وأصدرت أمس منظمة «هيومان رايتس ووتش» بيانا قالت فيه إن السلطات المصرية رفضت السماح للمدير التنفيذي للمنظمة كينث روث، والمديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سارة ليا ويتسن، بدخول البلاد في 10 أغسطس (آب) 2014. وأوضح البيان أنه كان من المقرر أن يستعرض روث وويتسن، مع جمع من الدبلوماسيين والصحافيين في القاهرة آخر تقرير لـ«هيومان رايتس ووتش»، والمكون من 188 صفحة حول عمليات فض اعتصامي أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، وما تلاهما من أحداث.
وقال البيان: «لدى وصول روث وويتسن إلى مطار القاهرة الدولي، رفضت السلطات السماح لهما بدخول البلاد من دون تقديم أي تفسير لهذا القرار. وغادر روث وزملاؤه القاهرة. وهذه أول مرة تقوم فيها السلطات المصرية بمنع أعضاء في (هيومان رايتس ووتش) من دخول البلد، بما في ذلك أثناء عهد حكومة (الرئيس الأسبق حسني) مبارك».
وأشارت إلى قول روث في البيان: «جئنا إلى مصر لإصدار تقرير جاد حول موضوع خطير يستحق اهتماما جادا من الحكومة المصرية. وعلى السلطات المصرية بدلا من حرمان ناقلي الرسالة من دخول مصر، أن تدرس بجدية ما توصلنا إليه من نتائج وتوصيات وأن تستجيب من خلال تحركات بناءة».
لكن المسؤولين المصريين قالوا إن المنع «غير شخصي بحق روث وويتسن»، وقال اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية المصرية، إن المعلومات الواردة من المسؤولين في المطار تشير إلى أن المسؤولين الأميركيين «لم يستوفيا الإجراءات الرسمية للزيارة». مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أنه لا توجد أي خلفيات سياسية وراء منع دخولهما إلى مصر، و«لا يوجد لدينا ما يمنع دخولهما لأسباب أخرى.. وليس لدينا ما نخفيه».
من جهته، علق نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لـ«هيومان رايتس ووتش» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأن المنظمة لا تفهم أسباب المنع، مشيرا إلى أن المسؤولين يحملان الجنسية الأميركية ولديهما جوازات سفر سارية.
وقال حوري لـ«الشرق الأوسط»: «روث وويتسن كانا في طريقهما إلى القاهرة لإطلاق التقرير غدا (اليوم)، لكنهما منعا من الدخول، وقيل إن ذلك يعود لأسباب أمنية دون إعطاء تفاصيل». وأضاف أن «السلطات المصرية كانت على علم بالتقرير، لأننا راسلنا وزارات الخارجية والداخلية والدفاع ومكتب المدعي العام وسفارة مصر في واشنطن وممثلي مصر لدى الأمم المتحدة في نيويورك خلال الأشهر الماضية، وأرسلنا نسخة من التقرير خلال الشهر الحالي، لكن لم يردنا تعليق».
وعلق حوري على الواقعة بقوله: «يبدو أن السلطات المصرية غير مستعدة، حتى بعد سنة، لمناقشة موضوع أساسي يتعلق بما حدث الصيف الماضي». مشيرا إلى أن المنظمة ستطلق التقرير اليوم دون مؤتمر صحافي أو أي اجتماعات بالقاهرة، وقال: «كنا نفضل أن تكون هناك فرصة حقيقية لتبادل المعلومات والنقاش مع الحكومة المصرية في المعلومات الواردة بالتقرير، لكننا على أمل أن تعود السلطات المصرية إلى فتح قنوات الحوار؛ لكن الأهم من ذلك أن يجري النظر في المعلومات التي سننشرها».
لكن مصادر مصرية مسؤولة، طلبت من «الشرق الأوسط» حجب هويتها، أشارت إلى أنه «لا يمكن أن يكون منع دخول المسؤولين الحقوقيين سياسيا، فالأمور لم تعد تدار بهذه الطريقة في أي مكان بالعالم، وعصر الحجب ولى؛ فالعالم أصبح مفتوحا ولا يمكن حجب المعلومات.. وسواء دخل المسؤولون إلى مصر أم لا، فسيطلقون التقرير حتما؛ فلماذا نضيق عليهما ونستعدي الرأي العام؟».
وأكدت المصادر أن «القاهرة سمحت بإعداد التقرير على أراضيها ودون معوقات. ومصر تحرص على علاقتها وسمعتها، وتريد أن تبتعد عن أي شيء يشوش على ذلك، وأن تنأى عن سلوك دروب تشوش على مسارها.. ولذا لا يمكن أن يكون المنع مسيّسا بأي طريقة، وما أعلن عن أسباب أمنية أو إجرائية هو الحقيقة الكاملة فقط دون زيادة أو نقصان».
وعلى صعيد ذي صلة، دعا الدكتور بطرس بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، المجتمع الدولي بمنظماته وآلياته المختلفة إلى دعم ومساندة الشعب المصري في جهوده في حربها ضد الإرهاب.
وقال غالي، في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس، بمناسبة مرور عام على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، إن «إرادة المصريين اعتمدت الديمقراطية بمكوناتها المختلفة وسيادة القانون طريقا وعناصر أساسية تحكم النظام السياسي للبلاد من أجل تحقيق التوازن الدقيق بين مقتضيات أمن الوطن وحريات المواطنين، بما يصب في صالح تعزيز العدالة والمساواة بين كل فئات الشعب دون تمييز من خلال تكريس مبدأ المواطنة».
وقال غالى، الرئيس الشرفي للمجلس القومي لحقوق الإنسان، إن مصر عازمة على المضي قدما في تنفيذ الاستحقاق الختامي لخريطة المستقبل، وذلك بإجراء الانتخابات البرلمانية في نهاية العام الجاري». وأضاف: «أذكر بأن تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن أحداث فض اعتصام رابعة العدوية خلص إلى ضرورة فتح تحقيق قضائي مستقل وضرورة تعديل التشريعات التي تنهي قطعيا إمكانية استخدام العنف والدعوة إليه وسيلة للتعبير عن الرأي.. كما خلص التقرير إلى الدعوة إلى إعلاء قيم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وسيادة القانون ونبذ العنف ووقف حملات الكراهية».
وأشار غالي إلى أنه «بالتزامن مع قرار فض اعتصام رابعة، الذي جاء تنفيذا لقرار النيابة العامة في مصر، قامت عناصر من المسلحين لجماعة معينة بهجمات مرتبة وممنهجة على دور العبادة ومنازل المسيحيين على طول محافظات مصر، مما أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين ورجال الشرطة يفوق عدد ما سقط في فض الاعتصام.. وأيضا إحراق 72 كنيسة ومنشأة منها ما هو أثري».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.