عشرات الوزراء والنواب الإسرائيليين يتعهدون زيادة المستوطنين إلى مليونين

TT

عشرات الوزراء والنواب الإسرائيليين يتعهدون زيادة المستوطنين إلى مليونين

بمبادرة من قيادة المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، وتحت تأثير ضغوطهم الانتخابية، وقع العشرات من النواب والوزراء من مختلف أحزاب اليمين، على وثيقة تعهدوا من خلالها بالعمل على توطين مليوني يهودي في الضفة الغربية المحتلة.
وقد بادرت إلى هذه العريضة حركة «نحلاه» الاستيطانية، التي نظمت في الأسبوعين الماضيين مظاهرات احتجاجية قبالة مقر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، مطالبةً بتأسيس المبادئ الأساسية للحكومة بكل ما يتعلق بالاستيطان في جميع أنحاء الضفة الغربية، وإلغاء إعلان حل الدولتين. وقد اختارت الحركة عرض الوثيقة عشية الانتخابات التمهيدية في حزب الليكود، أمس الثلاثاء، لانتخاب قائمة مرشحيه لانتخابات الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، التي ستجرى في التاسع من شهر أبريل (نيسان) المقبل. وبدا واضحاً أن هذا التوقيت جاء في إطار الضغط والتهديد. فمن يرفض التوقيع، سيحاربه ممثلو المستوطنات الذين يعتبرون قوة انتخابية كبيرة في الليكود تصل إلى نحو 10 في المائة من المنتسبين.
وتنص الوثيقة على التعهد بالشروع، فور تشكيل الحكومة المقبلة، في تطبيق خطة الاستيطان والتسوية التي بادر إليها رئيس الحكومة الأسبق يتسحاق شامير، في بداية سنوات التسعينيات، وهدفت الخطة إلى توطين 2 مليون يهودي في الضفة الغربية. وقال المبادرون إليها إنها تعكس تغييراً جوهرياً في سياسة وأجندة الحكومة الحالية. فبدلاً من وضع الخطط للبناء داخل المستوطنات، ستتجه إلى إنشاء وبناء مستوطنات جديدة وتعزيز الاستيطان اليهودي في جميع المناطق في الضفة الغربية بلا استثناء. وكتب في الوثيقة: «أتعهد بأن أكون مخلصاً لأرض إسرائيل، وعدم التنازل عن أرض الأجداد والآباء، كما أتعهد وألتزم بالعمل على تحقيق خطة تسوية لتوطين 2 مليون يهودي في الضفة الغربية وفقاً لخطة الرئيس الأسبق يتسحاق شامير، وكذلك لتشجيع واسترداد الأراضي في جميع أنحاء الضفة. أتعهد بالعمل على إلغاء إعلان دولتين لشعبين واستبداله ببيان رسمي: أرض إسرائيل - دولة واحدة لشعب واحد!».
وقال المبادرون للوثيقة إن «التوقيع على العريضة قبالة منزل رئيس الحكومة في أوج الانتخابات التمهيدية في حزب الليكود، وخلال أيام تجميع القوائم في كتل المركز ومعسكر اليمين وحتى قبل الحملة الانتخابية المقبلة، يعد اختباراً للولاء الآيديولوجي والأخلاقي لمختلف المرشحين». وقالت رئيسة حزب الليكود في رعنانا، راحيلي بن أريه، «لقد فوجئت بسرعة استجابة الوزراء للالتزام بالعمل ضد إعلان الدولتين وتنفيذ خطة شامير».
ومن بين كبار المسؤولين الذين وقعوا على الوثيقة وهذا الالتزام، رئيس الكنيست يولي إدلشطاين، والوزراء يسرائيل كاتس (وزير المواصلات والمخابرات)، وياريف ليفين (السياحة)، وزئيف إلكين (البيئة)، وغلعاد أردان (الأمن الداخلي)، وأييليت شاكيد (القضاء)، ونفتالي بينيت (التعليم)، وميري ريغيف (الرياضة والشباب والثقافة)، وتساحي هنغبي (التعاون الإقليمي). ووقع أيضاً أعضاء الكنيست ومرشحو الليكود من حزب «اليمين الجديد» ومن «البيت اليهودي».
يذكر أن عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية اليوم يصل إلى 450 ألفاً، يضاف إليهم 300 ألف في القدس الشرقية المحتلة. وفي الوقت الذي تعارض فيه أحزاب الوسط واليسار توسيع الاستيطان، خوفاً من أن تصبح المنطقة ذات أكثرية فلسطينية، يسعى اليمين الإسرائيلي إلى زيادة اليهود في الضفة الغربية وبذلك يحدثون «توازناً ديمغرافياً معقولاً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».