تحذير فلسطيني من تحويل زيارات اليمين الإسرائيلي للأقصى إلى «حدث اعتيادي»

TT

تحذير فلسطيني من تحويل زيارات اليمين الإسرائيلي للأقصى إلى «حدث اعتيادي»

في أعقاب «الزيارة الشهرية التقليدية» التي يقوم بها وزير الزراعة والاستيطان في الحكومة الإسرائيلية، أوري أرئيل، إلى باحات المسجد الأقصى، وآخرها زيارته أمس (الثلاثاء)، أصدرت حركة فتح، تحذيراً من مغبة تحويل هذه الزيارات وأمثالها إلى حدث روتيني عادي.
وتوجهت حركة فتح، التي تقود منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، إلى أبناء الشعب الفلسطيني بـ«الرباط والتوجه للمسجد الأقصى، والتصدي لاقتحامات المستوطنين والمسؤولين في سلطات الاحتلال الإسرائيلية». وأكد عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم حركة فتح، أسامة القواسمي، أن إسرائيل تسعى لجعل الأمر خبراً عادياً روتينياً حتى يصبح دون ردود فعل، الأمر الذي لن يكون مطلقاً، مشدداً على أن القدس والمسجد الأقصى وباحاته والمقدسات الإسلامية والمسيحية خط أحمر وليس مكاناً للعبث والتجربة.
وقال محافظ القدس عدنان غيث، إن اقتحام الوزير الإسرائيلي أرئيل للمسجد الأقصى المبارك، يأتي ضمن سلسة اعتداءات تستهدف المسجد الأقصى المبارك، وآخرها اقتحام قائد شرطة الاحتلال يورام هليفي المسجد على رأس مجموعة من كبار ضباط شرطة الاحتلال يوم الأول من أمس. وحذر غيث من خطورة استمرار هذه الانتهاكات بحق الأقصى، التي تأتي ضمن سلسلة خطوات ترمي إلى تهجير المقدسيين من بيوتهم ومدينتهم قسراً، لتحويلها إلى مدينة يهودية توراتية بحتة، في تعدٍ سافر على هويتها وتاريخها الحضاري العربي والإسلامي.
وكان الوزير أرئيل، قد وصل، صباح أمس، إلى المسجد الأقصى المبارك، على رأس مجموعة تضم عشرات المستوطنين، وبحراسة مدججة من قوات الشرطة الإسرائيلية، وقاموا بممارسة شعائر دينية صامتة. وهو يقوم بهذه الزيارات مرة في الشهر؛ تمشياً مع النظام الذي وضعته الشرطة وبموجبه يسمح لليهود بدخول الأقصى وفق ترتيبات وتنسيق مسبق ويسمح للنواب في البرلمان (الكنيست) والوزراء بدخوله مرة واحدة في الشهر. وهو من المؤمنين بأن الهيكل اليهودي كان قائماً في البقعة نفسها التي يقوم فيها مسجد عمر (قبة الصخرة).
وأوضح فراس الدبس، مسؤول العلاقات العامة والإعلام في دائرة الأوقاف الإسلامية، أن الوزير الإسرائيلي أرئيل وغيره من الوزراء وأعضاء الكنيست يكثفون اقتحاماتهم للأقصى خلال الفترة الأخيرة، ويتخذونه مسرحاً للدعاية الانتخابية. ولفت الدبس إلى أن أوري أرئيل بشكل خاص اقتحم الأقصى الشهر الماضي مرتين، وجدد اقتحامه له أمس.
وكان مئات المستوطنين، قد نظموا، مساء الاثنين، مسيرة كبيرة في محيط المسجد الأقصى وداخل البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، احتفالاً بدخول «الشهر العبري الجديد». وانطلقت المسيرة من منطقة حائط البراق ومرت بطريق الواد بالقدس القديمة، وتوقفت عند أكثر من نقطة أمام أبواب الأقصى، لتنتهي عند باب الأسباط، أحد أبواب الأقصى. وخلال المسيرة، أغلقت الشرطة شوارع مدينة القدس المحاذية للبلدة القديمة، ونصبت الحواجز العسكرية والحديدية في طرقات عدة، من أجل تأمينها.
وفي الوقت الذي يكثف الاحتلال زياراته إلى الأقصى، تقوم مخابراته بنشاطات واسعة لتقليص الوجود الفلسطيني فيه، خصوصاً ممن يعتبرون مرابطين دائمين فيه. وفي يوم أمس، أبلغت شرطة الاحتلال بإبعاد سبع سيدات مقدسيات عن المسجد الأقصى لمدة أسبوعين بتهمة «الجلوس في منطقة باب الرحمة» داخل المسجد الأقصى خلال فترة اقتحامات المستوطنين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».