رحلة مع وليد توفيق: «نهر النيل» قصة عشق لا تنتهي وأحببت صحراء السعودية

نهر النيل بالقاهرة
نهر النيل بالقاهرة
TT

رحلة مع وليد توفيق: «نهر النيل» قصة عشق لا تنتهي وأحببت صحراء السعودية

نهر النيل بالقاهرة
نهر النيل بالقاهرة

يعد الفنان اللبناني الكبير وليد توفيق، واحدا من المطربين الذين أثروا ساحة الغناء العربية خلال العقدين الماضيين، وليد تجاوز مشواره 40 عاما في الساحة الغنائية قدم خلالها ما يقرب من 30 ألبوما، وما زال يمتلك أغنية تعد الأكثر رواجا حتى الآن وهي «انزل يا جميل» التي تعد الأغنية الرسمية لأعياد الميلاد. لكن حياته لا تتوقف عند الغناء ففي حوار له مع «الشرق الأوسط»، تحدث عن تجارب كثيرة شيقة ومغامرات عاشها وأغنت حياته خلال سفرياته وتنقلاته الكثيرة. فالسفر كما يقول: مهم في حياته، «لأن عملي قائم عليه، فأحيانا أقضي يومي بالكامل داخل الطائرات متنقلا من بلد إلى آخر. فمهنة المطرب تكمن صعوباتها في كثرة التنقل وعدم الاستقرار في مكان واحد، لكن عوض أن أراها تعبا وضريبة علي أن أدفعها تعاملت معها كنعمة، من دونها لم تكن لتتاح لي فرصة زيارة كل البلدان التي استمتعت بها. فقد زرت خلال مسيرتي الفنية أكثر من 50 دولة بمختلف القارات، وما زال لدي الوقت والرغبة لاستكشاف المزيد.
ورغم أني سافرت وعشت في أوروبا وأميركا طويلا، فإنني لن أتردد في القول إن أكثر البلدان قربا إلى قلبي، لبنان ومصر. صحيح أن الحياة في الغرب مختلفة تماما عما نعيشه في وطننا العربي من نظافة ورعاية صحية واهتمام بالإنسان مهما كان مستواه الاجتماعي، لكن من يخرج من وطنه فلا بد أن يشعر بالغربة، وهذا ما لا أشعر به على الإطلاق وأنا في لبنان أو مصر. لدي علاقة غريبة مع نهر النيل في مصر، فكلما أسافر إلى القاهرة أحرص على أن أستقر في فندق يطل عليه لأن أجمل ما يمكن أن أبدأ به يومي هو الاستيقاظ على أشعة الشمس ومنظر المياه الزرقاء. وحينما يزورني أي شخص، مصريا كان أو عربيا بالقاهرة أجبره على المكوث أمام نهر النيل.
تعد قبرص من أكثر الدول الأوروبية التي زرتها في السنوات الأخيرة وأصبحت أحب أن أحيي بها حفلات غنائية بسبب وجود جاليات عربية كبيرة هناك. وما زاد من تعلقي بها أنني وخلال إقامتي بها، اكتشفت كم هي رائعة بمناظرها الخلابة ونظافتها، وإن لم تكن بالأجواء الاحتفالية نفسها التي يمكن أن تراها في باريس أو المدن الأوروبية الأخرى. لكن عندما يتعلق الأمر برحلاتي الشخصية، فقد اعتدت أن أقضيها مع أسرتي الصغيرة، غالبا في لبنان، وبالتحديد مدينة طرابلس التي نشأت فيها. لكن منذ سفر ابنتي نورهان للدراسة في سويسرا، أصبحنا نسافر إليها في أوقات عطلتها لكي نقضي معها بعض الوقت إلى أن أنهت دراستها العام الماضي.
أما من أجمل الرحلات التي قمت بها مؤخرا، فكانت رحلة رافقت فيها الوفد اللبناني إلى محافظة العلا بالمملكة العربية السعودية. كان الوفد مكونا من عدد من النجوم، الذين أذكر منهم راغب علامة ونادين نجيم ونجوى كرم والإعلامي نيشان، فضلا عن بعض قيادات الدولة اللبنانية، وكان الغرض المشاركة في مهرجان شتاء طنطورة الذي أحيته الفنانة ماجدة الرومي. خلال الرحلة قمنا برحلة سفاري إلى الصحراء السعودية للتعرف على معالمها التاريخية وحسن الضيافة التي سمعنا عنها كثيرا.
أما أسوأ رحلاتي فهي التي أتعرض فيها لمشكلات بالمطار، كأن أفقد حقائبي وما يتسبب فيه الأمر من انتظار طويل في المطار. لكن لا بد من التنويه أنه طوال مسيرتي حصلت كل مشكلاتي خارج الوطن العربي، لأن المعاملة في كل بلد عربي زرته كانت سهلة ومريحة، لأن الناس والعاملين بالمطارات يتعاملون معي بحب».



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».