«بيت الشعر» في المغرب يمنح جائزة الأركانة للشاعر اللبناني وديع سعادة

TT

«بيت الشعر» في المغرب يمنح جائزة الأركانة للشاعر اللبناني وديع سعادة

ينظِّم بيت الشعر في المغرب، غداً الأربعاء، حفلاً ثقافياً وفنياً تُسلَّم خلاله، جائزة الأركانة العالمية للشعر، إلى الفائز بها في دورتها الثالثة عشرة، الشاعر اللبناني وديع سعادة.
وأفاد بيت الشعر في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، بأنَّ الحفل الذي سيُقام في المكتبة الوطنية بالرباط «سيكون فرصة لاحتفاء المثقفين والمبدعين وسائر عُشاق الشِّعر بالشاعر وديع سعادة، الذي قدم طيلة نصف قرن، مُنجزاً شِعريّاً متفرّداً، أسهم بجماليته العالية، في إحداث انعطافة في مسار قصيدة النثر العربية وفتْحها على أفقٍ كوني يحتفي بالشخصي والإنساني والحياتي».
وسيوقّع الشاعر المُحتفى به، في ختام الحفل، مختاراته الشعرية التي أصدرها بيت الشعر في المغرب، بالمناسبة، بدعم من وزارة الثقافة والاتصال، في 200 صفحة، والتي وسمها بعنوان «الذي عبر اسمه»، وهي من إعداد وتقديم الشاعر نجيب خداري.
وترأس لجنة تحكيم هذه الدورة، الناقد الأكاديمي الدكتور عبد الرحمن طنكول. ومما جاء في تقريرها أن قصيدة وديع سعادة «انفلتت باكراً من إسار عمُود الشعر، لتُلامس رحَابة الشعر في نثر الحياة وتَحررها وتمردها. وتعلّم أن ماء الشعر لن ينساب في أعطاف القصيدة إلا حين يقول ذاتَه. وهكذا كانت سِيرته هي شِعره، لا شيء خارجها؛ حيث يرتطم الشعر دوماً بالشاعر، في جدلٍ حميم، تتعدد ألوانه وظلاله وأضواؤه، وتتحول، وتتباعد لتتلاحم وتتناغم أكثر فأكثر... فتصير نبْعاً، منه تنبجس قطرة الشعر وإليه تعود».
وسيتضمن الحفل الذي ينظم بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، ووزارة الثقافة والاتصال، مداخلات لكل من الشاعر مراد القادري، رئيس بيت الشعر في المغرب، ومحمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، ودينة الناصري، مديرة مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، والدكتور عبد الرحمن طنكول رئيس لجنة التحكيم، والشاعر وديع سعادة الذي سيقدم قراءات شعرية، ثم توقيع كتاب «الذي عبر اسمه»، ومنتخبات شعرية للشاعر سعادة، من إعداد وتقديم الشاعر نجيب خداري.
وقال بيت الشعر إن حفل جائزة الأركانة العالمية للشعر ليس مناسبة لتثمين المنجزات الشعـرية الباذخة فحسب؛ بل هو كذلك لحظة للانفتاح على التجارب الفنية المميزة التي يتقاطع أفـقها الجمالي مع الشعر، ويتماهى مع خطوه وأثره.
وفق هذه الرؤية، اختار بيت الشعر في المغرب أن يُحيي حفل هذه السنة الفنان المغربي عصام سرحان، بمعيّة فرقته الموسيقية.
ويُعدّ سرحان، المولود في مدينة القصر الكبير، أحد حُـرّاس الغناء المغربي والعربي الأصيل، المحافظ على هُويته وتجذّره في الذاكرة الموسيقية العربية.
درس سرحان الموسيقى في المعهد البلدي لمدينة القصر الكبير، ثم لاحقاً في مدينة تطوان، وحصل على شهادة الكفاءة فيها، كما درس بمسلك علم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية. شارك في كثير من المهرجانات الفنية والموسيقية، وتألق في البرنامج العربي «the Voice» حيث اعتبر نجم هذا البرنامج من دون منازع.
يُذكر أنّ وديع سعادة شاعر لبناني من مواليد 1948 في قرية شبطين (شمال لبنان). عمل في الصحافة العربية في بيروت ولندن وباريس، وهاجر إلى أستراليا في أواخر عام 1988. تُرجمت بعض أعماله إلى الألمانية والإنجليزية والفرنسية، وأصدر الشاعر 12 ديواناً.



مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».