السلفادور تنتخب رئيساً من أصول فلسطينية

تعزيز الأمن ومواجهة المنظمات الإجرامية أبرز تحد أمام بوكيلة

بوكيلة وزوجته غابرييلا يحتفلان مع أنصارهما في سان سلفادور أول من أمس (رويترز)
بوكيلة وزوجته غابرييلا يحتفلان مع أنصارهما في سان سلفادور أول من أمس (رويترز)
TT

السلفادور تنتخب رئيساً من أصول فلسطينية

بوكيلة وزوجته غابرييلا يحتفلان مع أنصارهما في سان سلفادور أول من أمس (رويترز)
بوكيلة وزوجته غابرييلا يحتفلان مع أنصارهما في سان سلفادور أول من أمس (رويترز)

فاز رئيس بلدية عاصمة السلفادور السابق نجيب بوكيلة، أول من أمس، في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، بحصوله على 53 في المائة من الأصوات في هذا البلد الأصغر لكن الأكثر كثافة سكانية، في أميركا اللاتينية.
وصرّح بوكيلة، حفيد مهاجرين فلسطينيين استقروا في السلفادور قبل نحو قرن، أمام أنصاره الذين تجمعوا أمام فندق في العاصمة: «في هذه اللحظة، بوسعنا أن نعلن بيقين تام أننا فزنا برئاسة جمهورية السلفادور»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأقرّ كل من رجل الأعمال الثري المرشح كارلوس كاييخا، المنتمي إلى «التحالف الجمهوري الوطني»، ومرشح الحزب اليساري الحاكم «جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني» وزير الخارجية السابق هوغو مارتينيز، بفوز بوكيلة الذي ترشح تحت راية الحزب المحافظ «التحالف الكبير من أجل الوحدة».
وأعلن رئيس المحكمة الانتخابية العليا خوليو أوليغو، أن النتائج ولو أنها لا تزال جزئية، تؤكد على فوز بوكيلة البالغ 37 عاماً بشكل «لا يمكن الرجوع عنه». واستناداً إلى نتائج 87 في المائة من مراكز الاقتراع، قالت المحكمة الانتخابية العليا، إن بوكيلة حصل على 53.78 في المائة من الأصوات.
وتعهد بوكيلة، الذي سيكون سادس رئيس للبلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية في 1992، التي استمرت 12 عاماً، خلال حملته الانتخابية، بزيادة الاستثمار في التعليم ومحاربة الفساد، إلا أن مهمته الرئيسية ستكون تطبيق برامج جديدة لتعزيز الأمن. وسيتعين عليه تشكيل تحالف مع الحزب اليميني الذي يحظى بالغالبية في البرلمان.
وسيتولى بوكيلة الحكم لولاية رئاسية من خمس سنوات غير قابلة للتجديد، في وقت يسيطر حزب «التحالف الجمهوري الوطني» اليميني على الأكثرية البرلمانية، حتى الانتخابات التشريعية المقبلة في عام 2021 على الأقل.
ودُعي أكثر من 5.2 مليون شخص للإدلاء بأصواتهم في انتخابات جرت بهدوء في أجواء احتفالية اعتيادية. وفي حيين شعبيين من العاصمة حيث تعكس الكتابات على الجدران وجود عصابات إجرامية، عبّر ناخبون شباب عن رغبتهم في العيش أخيراً بأمان.
وقالت غابرييلا سولورزانو (19 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: «بصراحة، أشعر بالخوف إذا مشيت وحدي في الشارع. لا نعرف أبداً ما الذي يمكن أن يحصل معنا. لذلك، أعتقد أن بغض النظر عن الفائز في الانتخابات، عليه أن يهتمّ بنا نحن الشباب، كي يكون لدينا أمن أكثر مقابل كل هذا العنف».
ورأى رافاييل فيديس (23 عاماً) أن «ذلك يجب أن يتحسّن. أريد أن أتمكن من السير في الشارع من دون التفكير في أنني قد أُقتل لمجرّد أنني بمكان لا يعرفني أحد فيه». وبوكيلة الذي انتخب رئيساً لبلدية العاصمة تحت راية «جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني» (2015 - 2018) قبل استبعاده في عام 2017، يتقرب من الشريحة الأصغر سناً من الناخبين.
ويُعتبر التحدي الأول بالنسبة لبوكيلة عنف العصابات الإجرامية المسؤولة بشكل شبه كامل عن الجرائم الـ3340، التي ارتُكبت في السلفادور العام الماضي. ويبلغ معدل جرائم القتل في السلفادور 51 جريمة لكل مائة ألف نسمة، ويعدّ البلد من بين الدول الأعنف في العالم خارج إطار النزاعات.
ويقوم نحو 54 ألفاً من عناصر عصابتين ناشطتين (17 ألفاً منهم في السجون حالياً)، بزرع الرعب في البلد، مع تنفيذهم عمليات ابتزاز وتهريب مخدرات وقتل. وعمدت مختلف الحكومات اليسارية واليمنية إلى مواجهة العصابات الإجرامية، بالقمع تارة وبالمفاوضات تارة أخرى، من دون التمكن من القضاء عليها.
ويدفع هذا العنف المتفشي والبؤس كل عام آلاف السكان إلى الهروب من بلادهم. وقد سار أكثر من ثلاثة آلاف منهم في «قافلة» في اتجاه الولايات المتحدة، في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2018، ما أثار غضب الرئيس الأميركي دونالد ترمب.



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».