البرلمان المصري يعِد بمناقشات «هادئة وتدريجية» لتعديل الدستور

تكتل «25/ 30» النيابي المعارض يرفض المقترحات

البرلمان المصري يناقش التعديلات الدستورية المطروحة أمس (إ.ب.أ)
البرلمان المصري يناقش التعديلات الدستورية المطروحة أمس (إ.ب.أ)
TT

البرلمان المصري يعِد بمناقشات «هادئة وتدريجية» لتعديل الدستور

البرلمان المصري يناقش التعديلات الدستورية المطروحة أمس (إ.ب.أ)
البرلمان المصري يناقش التعديلات الدستورية المطروحة أمس (إ.ب.أ)

تعهد رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، أمس، بإقامة جلسات مناقشة «هادئة وتدريجية» بشأن مقترح تقدم به أعضاء كتلة الأغلبية البرلمانية «دعم مصر»، يهدف إلى تعديل مواد بالدستور، أهمها زيادة فترة حكم الرئيس من 4 إلى 6 سنوات، وكذلك تعديل طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، والنائب العام.
وفي مقابل ذلك، أعلن تكتل «25/ 30» البرلماني المعارض (يضم 16 نائباً من إجمالي 595 عضواً بالبرلمان)، رفضه للتعديلات. وقال النائب في الكتلة، جمال الشريف، في مؤتمر صحافي بوسط القاهرة، أمس، إن المقترحات المطروحة لتعديل الدستور تتناقض مع «مبدأ تداول السلطة». وتكتل «25/ 30» هو تحالف لمجموعة من النواب المؤيدين لثورتي «25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران)».
وفي يونيو الماضي، أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليمين القانونية للولاية الثانية، أمام مجلس النواب، بعد إعلان فوزه في انتخابات نافسه فيها مرشح واحد، وتحدد المادة 140 من الدستور الساري الفترة الرئاسية بـ«4 سنوات ميلادية»، كما تحظر «إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة»، لكن التعديلات التي قدمها ائتلاف «دعم مصر» تضع مادة انتقالية تقول إنه «يجوز لرئيس الجمهورية الحالي عقب انتهاء مدته الحالية، إعادة ترشحه»، الأمر الذي يسمح حال الموافقة عليه وإعادة ترشح الرئيس لفترتين جديدتين إلى استمراره في السلطة حتى عام 2034.
ووفق مسودة مقترحات التعديلات التي تواصل الجلسة العامة للبرلمان المصري، اليوم (الثلاثاء) استكمال مناقشتها، فإنها تستهدف كذلك تعديل المادة 139 من الدستور التي تنظم طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، والتي تشير - في صورتها الحالية - إلى أن اختيار رئيس المحكمة ونوابه وأعضاء هيئة المفوضين يكون باختيار الجمعية العمومية لها ويصدر الرئيس قرار تعيينهم، لكن المقترح يسعى إلى منح رئيس الدولة سلطة اختيار رئيس «الدستورية» من بين أقدم 5 نواب، كما يعين نائب رئيس المحكمة.
وكذلك، فإن المقترحات تتطرق إلى طريقة تعيين النائب العام، والمحددة في المادة 189 من الدستور لتكون من صلاحيات مجلس القضاء الأعلى ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية، لكن مقدمي التعديلات يقترحون أن يكون «اختيار النائب العام بيد رئيس الجمهورية من بين 3 مرشحين يحددهم مجلس القضاء الأعلى».
وعدّ رئيس مجلس النواب، أمس، أن المناقشة داخل اللجنة العامة، أول من أمس، كشفت «بعض الغموض حول بعض الإجراءات (تعديل الدستور)». وأردف: «لذلك سأعقد جلسات بالتدريج مع أعضاء المجلس طبقاً للكتل الجغرافية من جنوب الوادي والقاهرة، وكل المحافظات لوضع الأمور في نصابها من خلال مناقشة هادئة وعملية».
ويرى الائتلاف صاحب مقترحات التعديل، أنها تستهدف «مصالح الدولة العليا والشعب المصري». وقال النائب عبد الهادي القصبي، أول من أمس، إن زيادة مدة الفترة الرئاسية تأتي «تطلعاً لاستمرارية الاستقرار واستكمال الخطط التنموية».
وخلال الشهرين الماضيين، زادت وتيرة التحركات الداعية لتعديل الدستور إعلامياً وقضائياً، إذ تنظر محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، راهناً، دعوى أقامها محامون ومواطنون يطالبون فيها بالحكم بـ«إلزام رئيس مجلس النواب بدعوة المجلس للانعقاد لتعديل نص المادة 140 من الدستور فيما تضمنته من عدم جواز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمرة واحدة لمدة 4 سنوات». وكذلك اقترح الصحافي النافذ والمقرب من الرئيس المصري، ياسر رزق، أكثر من مرة، إجراء تعديلات تفضي إلى «مرحلة انتقالية مدتها 10 سنوات للإصلاح السياسي في البلاد». وقال إنه «ما لم تبدأ عملية الإصلاح السياسي في عهد الرئيس السيسي وعلى يديه، فأشك كثيراً في أنها ستتم في المستقبل المنظور على يدي غيره».
وكان السيسي، قال في حوار مع تلفزيون «سي إن بي سي» الأميركي، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 (قبل انتخابه للولاية الثانية)، إنه «مع الالتزام بفترتين رئاسيتين، مدة الواحدة منهما 4 أعوام، ومع عدم تغيير هذا النظام، وأقول إن لدينا دستوراً جديداً الآن، وأنا لست مع إجراء أي تعديل في الدستور خلال هذه الفترة». لكن الرئيس المصري قال كذلك في سبتمبر (أيلول) 2015، إن الدستور المصري «كُتب بنيات حسنة، والدول لا تُحكم بحسن النيات فقط». وأيضاً قال رئيس مجلس النواب، علي عبد العال في أغسطس (آب) 2017، إن «أي دستور يتم وضعه في حالة عدم استقرار فإنه يحتاج إلى إعادة نظر بعد استقرار الدولة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».