«تويتر» يستعين بعلم الأعصاب لفهم مستخدميه في السعودية

أجرى دراسة مع «نيورو إنسايت» لدرس استهلاك الإعلانات الرقمية

علم الأعصاب مهم جداً في الدراسات الحديثة التي تعتمد على استكشاف المشاعر
علم الأعصاب مهم جداً في الدراسات الحديثة التي تعتمد على استكشاف المشاعر
TT

«تويتر» يستعين بعلم الأعصاب لفهم مستخدميه في السعودية

علم الأعصاب مهم جداً في الدراسات الحديثة التي تعتمد على استكشاف المشاعر
علم الأعصاب مهم جداً في الدراسات الحديثة التي تعتمد على استكشاف المشاعر

كشف منبر «تويتر» للتواصل الاجتماعي أمس عن نتائج دراسته الأولى من نوعها التي أجراها في السعودية بالتعاون مع شركة «نيورو إنسايت» في المملكة المتحدة. استقصت الدراسة طبيعة استهلاك مختلف أنواع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي العالمية، إلا أنها لم تعتمد على الاستفتاءات أو المقابلات كالدراسات الأخرى، بل اعتمدت على تخطيط دماغ المشاركين. وأظهرت البيانات والمعلومات عن اختلافات تقبل المحتوى بين المستخدمين السعوديين في البيئات النقالة المتنوعة. وتبين أن «تويتر» يمثل المنصة التي ترتبط فيها الإعلانات بالاقتراب بدلاً من الانسحاب، فجمهورها لا يعاني من مقاطعات الإعلانات خلال استهلاكه للمحتوى على المنصة، ولهذا لا يتفاعل سلبياً مع الإعلانات.
وبينت الدراسة التي كشفت عنها الشركة في مؤتمر بدبي حضرته «الشرق الأوسط» أمس أيضاً أنه على الرغم من أن بعض المنصات الأخرى حققت مستويات أعلى من التشفير في الذاكرة مقارنة بـ«تويتر» إلا أن ذلك رافقه استجابة عاطفية سلبية، حيث يرجع ذلك في المقام الأول إلى قدرة تلك الإعلانات على جذب انتباه بصري مرتفع إلا أن عموم التجربة الإعلانية تبقى منفرة تماماً وتؤدي إلى مستوى عالٍ من الانسحاب. لذلك كانت الإعلانات على «تويتر» الأكثر ترميزاً في ذاكرة المستخدمين. ما يعني أنّ اتصالات العلامة التجارية على «تويتر» تُقدّم في سياق أكثر إيجابية.
جدير ذكره، أنه في الربع الثالث من عام 2018 سجلت شركة «تويتر» أرباحا بلغت نحو 758 مليون دولار (عالميا)، 650 مليونا منها من أرباح الإعلانات، أي أنّها تمثّل 86 في المائة من إجمالي الأرباح. وتعتبر هذه الأرباح أكثر بـ29 في المائة من عام 2017.
التقنية
يعتمد أسلوب «نيورو إنسايت» في استقصاء المعلومات على إعطاء المستخدمين أقنعة وسماعات مزودة بحساسات دقيقة، لتعمل هذه التجهيزات المتطورة على قياس النبضات الكهربائية الصغيرة في الدماغ حينما يستخدم المشاركون «تويتر» ومنصات وسائط التواصل الاجتماعي الأخرى. وكشفت تلك الحسابات أن الإعلانات على «تويتر» تولد استجابة أقوى في الجزء الأيسر من الدماغ مقارنة بعادات استخدام شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى - وهي أكثر ملاءمة للتواصل مع العلامات التجارية والتفاصيل. في المقابل، كانت الاستجابة للإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي الأخرى مهيمنة على ذاكرة الدماغ الأيمن، مما يشير إلى مستوى استجابة أكثر شمولاً وأقل عناية بالتفاصيل.
وشارك بالدراسة 128 من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي «تويتر»، «فيسبوك»، «إنستغرام»، «سناب شات»، و«يوتيوب» من كلا الجنسين في الدراسة، وكانت تتراوح أعمارهم بين 18 - 44 سنة، أي كانت العينة تمثل الشريحة السكانية الأكبر في السعودية.
جميع المستخدمين كانوا من متحدثي اللغة العربية، و80 في المائة منهم من المواطنين السعوديين. جميعهم كانوا من مستخدمي «تويتر» المنتظمين، ويتابعون على الأقل 100 حساب، بالإضافة إلى أنهم كانوا مستخدمين منتظمين لمنصتين على الأقل من شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى.
وعن الدراسة، قالت هيذر آندرو مديرة «نيورو إنسايت» التنفيذية لـ«الشرق الأوسط» إن الشركة كانت مهتمة بإجرائها في السعودية لأن أغلب سكان المملكة من فئة الشباب ولأهمية دور مواقع التواصل الاجتماعي هناك. وأضافت: «الدراسة أكدت لنا أن أدمغة الناس حول العالم هي واحدة إلى حد ما، لكن طريقة تفاعل المتلقي مع المحتوى تختلف لأسباب عدة منها التجارب والخلفية».
تستخدم «نيورو إنسايت» منهجية فريدة من نوعها تعرف باسم طبوغرافيا الحالة المستقرة (SST) لتتبع استجابة اللاشعور مباشرة من الدماغ. وتقيس هذه التقنية مثل طريقة التخطيط الكهربائي للدماغ EEG، النشاط الكهربائي في الدماغ. تتتبع طريقة التخطيط الكهربائي للدماغ مجموعة واسعة من الترددات التي تعدّ معقدة ويمكن أن ترسل إشارات غير واضحة، بينما تستطيع تقنية طبوغرافيا الحالة المستقرة SST التركيز على مناطق أكثر دقة في النشاط الدماغي وبالتالي توفير نتائج أكثر وضوحاً. وتستطيع العمل ضمن مستويات عالية من التشويش التي تَصدر عادة بسبب الحركة أو تذبذبات الكهرباء الخلفية، لذلك يمكن إجراء الدراسات في البيئة اليومية وليس في مختبر بالضرورة.
وفي ذلك قالت آندرو إنّه ليس بالضرورة توظيف علم الأعصاب في جميع الدراسات، إلّا أنّه مهم جدا في تلك التي تعتمد على استكشاف المشاعر. وأكدت أنّ الدراسة كشفت أنّ الإعلانات على منبر «تويتر» أكثر تجانسا من الإعلانات على منابر التواصل الأخرى، وأوضحت أنّ «الدّماغ يتجاوب مع الإعلانات على (تويتر) مثلما يتجاوب مع محتواه غير الإعلاني؛ لذا لا يشعر المستخدم بعدم الأريحية، ما قد يشجع المعلنين على اللجوء إلى (تويتر) كمنبرهم المستقبلي، خصوصا عندما يتطلب الإعلان تركيزاً من قبل المتلقي للتفاصيل».
ماذا تعني النتائج لـ«تويتر»؟
تتمثل أهمية هذه الدراسة في ظل تزايد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي واختراقها يوميات ملايين الناس حول العالم. ومن الواضح أن معظمهم يستخدم أكثر من منصة واحدة.، الأمر الذي دفع «تويتر» إلى تصميم دراسة بحثية في المملكة العربية السعودية خلال بداية عام 2018 بهدف فهم الدور الذي تلعبه كل منصة من منصات التواصل الاجتماعي في عادات استخدام شبكات التواصل الرقمية والاجتماعية لدى المستخدمين. وإذا استخدم الشخص ذاته الكثير من المنصات بانتظام، فلا بدّ أنه يستخدمها لأغراض مختلفة واستجابة لحاجات مختلفة. استنتجت الدراسة أيضاً أنه نظراً لهذه الاختلافات، يمتلك المستخدمون أيضاً عقلية مختلفة وفريدة لكل منصة أثناء استخدامها.
من جانبه، قال وليد عيسى رئيس الأبحاث في «تويتر» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «اخترنا أسلوب البحث العصبي سعياً منا لتجنب الإجابات المزعومة لأسئلة استطلاع الدراسة، كي نصل إلى ما يحدث فعلاً على مستوى اللاوعي البشري. فدراستنا الأخيرة بالتعاون مع نيورو إنسايت كشفت بدقة عن الاختلافات في تقبل المستخدمين في السعودية. وأكدت الدراسة ما كنا نعرفه بأن الناس يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي لأغراض متنوعة».
وكانت دراسة حديثة أخرى نشرت في السعودية قبل بحث شركة نيورو إنسايت، أن ما يتفوق به موقع «تويتر» - مقارنة بمنصات التواصل الاجتماعي الأخرى - أنه يعد بمثابة بيئة تتطلب انتباهاً أعلى بين مستخدميها ما يترجم في المحصلة إلى حصوله (تويتر) على جمهور أكثر إقبالاً عليه.
وأضاف عيسى في مكالمة هاتفية لـ«الشرق الأوسط» أن الدراسة اختارت التركيز على السعودية لأنها من أهم أسواق «تويتر» ليس فقط عربيا، بل عالميا. مؤكدا أن العينة المختارة تمثل مستخدمي «تويتر» في السعودية، والمجتمع السعودي أيضا.
وفقا لعيسى يوفر «تويتر» منبرا إيجابيا للمستخدمين، ويوضح أنه عندما يتفاعل الناس على المنبر تكون درجة تركيزهم عالية، ما يزيد من استيعابهم للمحتوى. ويقول: «(تويتر) منبر مباشر يوصل مستخدميه بشبكة أبعد من دائرة العائلة والأصدقاء لذا المحتوى غير متوقع، ما يرفع من تركيزهم وهم يتصفحونه». ويضيف: «التجربة التي توفرها الإعلانات أيضا ضمن عملية التصفح، ولا تقاطعه».
ومع أن المنبر «جدي» إلى حد ما، إلا أن ذلك لا يحدد الرسائل التي يتم تواصلها، ليست فقط حيزا للمحتوى السياسي، بل لمواضيع متنوعة، ما يعني أن الإعلانات أيضا متنوعة، بحسب عيسى. وأضاف أن قوانين وآليات الإعلانات التي نتبعها دقيقة جدا للضمان أن المحتوى الإعلاني يتوافق مع المستخدم، واهتماماته، ولا ينتقص من تجربته الإيجابية على المنبر، بل يعززها.
تغريدات المصعد
كشف «تويتر» عن حملته الجديدة «تغريدات المصعد»، التي تهدف لتحويل وقت العمل اليومي للمستخدمين إلى تجربة تعليمية وتثقيفية من خلال متابعة محادثات شبه مباشرة عما يحدث في سوق رئيسية للشركات في الإمارات والسعودية.
وترتكز حملة «تغريدات المصعد» على تجربة تفاعلية تستخدم فيها الوسائط المتعددة والفيديو وتبث على جدران المصاعد، فحين يدخل الشخص إلى مصعد، تطلق حساسات ضغط مركبة على جدران المصعد المغطاة - مؤقتاً - بشاشات عاكسة، فينطلق عرض جدار «تويتر». ويفتح كل طابق من طوابق المكاتب مشهد ماذا يحدث في السعودية مما يرتبط بالأعمال التجارية التي تمارسها الشركة.
وقالت شركة «توتير» أمس: «مثلاً من خلال وسمة معينة، يظهر أمام موظفي شركة بيع سيارات كل ما يجب أن يعرفوه عن القطاع الذي يعملون فيه وعن نشاطات الشركات المنافسة لشركتهم في السعودية، أما إن كانت الشركة وكالة للسفر والسياحة فسيرى الموظفون أحدث أخبار السوق عن القطاع الذي يعملون فيه، وهكذا يحدث الأمر ذاته لموظفي الشركات الأخرى».
وقالت كارلا المعلولي رئيسة التسويق التجاري في «تويتر» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «تنبع قوة (تويتر) من المحادثات الجارية في منصته، وجمهور متابعينا هم ثروتنا، جمهورنا ينصت للأحداث الجارية ويتفاعل معها بانفتاح، ومعظم من يدخلون إلى منصتنا لا يأتون إلى مجرد التصفح السلبي دون تفاعل، بل ينخرطون بحماس في المحادثات الجارية».
وأضافت: «تغريدات المصعد المبتكرة التي نقدمها اليوم تربط بين الشركات وشرائح الجمهور الأهم والأكثر فائدة لها، وليس هذا فحسب، بل تفعل ذلك في الأوقات الصحيحة التي يكون فيها جمهورها أكثر انفتاحاً لتقبل الأفكار. والواقع أن هذه الحملة تظهر قدرة (تويتر) وبضغطة زر واحدة على استقطاب الأشخاص المعنيين بجوهر المحادثات».


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
TT

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)

«إحدى الوظائف الرئيسية لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل في القدرة على توحيد الناس وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات» اختتم المنتدى الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» أخيراً أعماله في موسكو، مطلِقاً آليات لتعزيز التواصل مع المؤسسات الثقافية والإبداعية في عشرات البلدان، بهدف تحويل المنتدى -كما قال منظموه- إلى «منصة فريدة لتبادل الخبرات وتطوير أساليب الابتكار والإبداع في عالم متعدد لا تهيمن عليه الثقافة الغربية وحدها بأساليبها القديمة».

جمع المنتدى، عبر النقاشات التي دارت خلال ورشات العمل «قادة الصناعات الإبداعية من روسيا ودول أخرى، لمناقشة آفاق تطوير الصناعة والمخاطر والفرص التي أحدثها التقدم السريع للتكنولوجيا الجديدة في حياة الناس وإبداعهم».

عاصمة عالمية للإعلام والثقافة

ووفقاً لحكومة العاصمة الروسية موسكو، التي رعت تنظيم المنتدى، فإن من بين أهداف إطلاقه «تحويله إلى فعالية تُنظّم بشكل دوري وتكريس رؤية جديدة للتعاون الثقافي والإعلامي والإبداعي تقودها موسكو». ومن جهتها، رأت رئاسة المنتدى أن موسكو «عزّزت عبره مكانتها بين عواصم الثقافة في العالم، وباتت تجذب انتباه الخبراء في الصناعات الإبداعية والمتخصصين المشهورين من مختلف أنحاء العالم، من الولايات المتحدة وفرنسا إلى الهند والصين». وبهذا المعنى فإن روسيا «ما زالت تحتفظ بهويتها الثقافية، على الرغم من العقوبات والتحديات المعاصرة، بل تمضي قدماً أيضاً نحو تطوير أشكال جديدة من التفاعل في مجالات السينما ووسائل الإعلام الجديدة وغيرها من الصناعات الإبداعية».

وحقاً، جمع منتدى «الثقافة والإعلام والرقمنة» في دورته الأولى متخصصين في مجالات السينما، والألعاب، والإعلام، والتكنولوجيا، والصناعات الإبداعية؛ للبحث عن توازن جديد بين الأهداف التجارية والمصالح العامة، وإمكانيات الآلات وقدرات البشر.

ولمدة يومين، تواصل المشاركون من مختلف دول العالم في ورشات عمل لبحث المواضيع الرئيسة المطروحة التي توزّعت على عدة محاور؛ بينها: اقتصاد وسائل الإعلام الجديدة، والتأثير المتبادل بين وسائل الإعلام الجديدة والسينما، والاتصالات، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تطوير ألعاب الفيديو، والمساحات الافتراضية، والرياضات الإلكترونية.

تقارب وأرضية مشتركة

رؤية المنتدى تقوم، بالدرجة الأولى، على محاولة تعزيز التقارب والتنسيق من أجل «إيجاد أرضية مشتركة وتطوير أساليب جديدة وفريدة للإبداع بين روسيا ودول مجموعة (بريكس+)» والدول العربية، لا سيما في مجال منصات الثقافات وتشابكها. وبذا لا يُخفي المنظمون الهدف الأساسي المتمثل في محاولة «كسر» الحصار الغربي، والعمل على تشكيل منصة فريدة تُسهم في تطوير حوار دولي بين روسيا وشركائها في الدول العربية والبلدان الأخرى التي تعمل مثل روسيا لإيجاد روابط جديدة للتعاون في ظل التغيّرات السريعة على بيئة المعلومات العالمية.

لذا، رأى المنتدى في جلسات الحوار أن إحدى الوظائف الرئيسة لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل «في القدرة على توحيد الناس، وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات واللغات المختلفة عبر استخدام الشبكات الاجتماعية، والمدوّنات، ومحتوى الفيديو». وعدّ أن تأثير مساحة الإعلام الجديدة يتمثّل أيضاً في إمكانية إنشاء مبادرات مشتركة - مشاريع مشتركة، وأحداث ثقافية، وبرامج تعليمية تهدف إلى تعزيز الروابط وتوسيع آفاق التعاون المتبادل.

برنامج اليوم الأول تضمّن جلسة رئيسة بعنوان «مستقبل التواصل والتواصل من أجل المستقبل»، شاركت فيها نخبة من كبار المخرجين العالميين؛ مثل: أمير كوستوريكا، وأوليفر ستون، استعرضوا خلالها دور السينما في تجاوز الحواجز الثقافية وتعزيز التفاهم بين الشعوب. وفي كلمته، شدّد كوستوريكا على أن «السينما لا تُقاس بقيمتها المالية بقدر ما تحمله من مضامين وأفكار عميقة»، مشيراً إلى تأثير أفلام المخرج أندريه تاركوفسكي التي على الرغم من محدودية مشاهدتها عند إصدارها، اكتسبت قاعدة جماهيرية واسعة على مر الزمن، بفضل طرحها أسئلة جوهرية عن الحياة.

أما ستون فأكد أن «السينما اليوم في مرحلة تطور مستمر، تتضمّن رؤى فنية جديدة وإمكانيات إبداعية متاحة حتى في المدن الصغيرة»، داعياً إلى احتضان هذا التغيير وتقدير الماضي في الوقت ذاته.

الحضور العربي

وفي الجلسات عن العالم العربي، شارك لوبو سيوس مقدم البرامج الحوارية في دبي، وعلي الزكري رئيس قسم التحرير الرقمي في صحيفة «البيان» في دبيّ، وعلا الشافعي رئيسة تحرير صحيفة «اليوم السابع» المصرية، والصحافي اللبناني نبيل الجبيلي. وأكد المنتدى تعزيز الروابط بين الشعوب، كونها تُسهم في خلق أرضية مشتركة وتقديم طرق مبتكرة للإبداع. ورأى المشاركون أن العلاقات بين روسيا ودول «بريكس» لا سيما الدول العربية تستند إلى التفاعل الثقافي وتشابك الثقافات؛ مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون والإبداع المشترك.

وعن دور السينما، بين وسائل هذا التعاون، فإنها عُدّت جسراً فعّالاً يربط بين العالمين الروسي والعربي. إذ إن الأفلام لا تكتفي بعرض جوانب من حياة شعوب معينة، بل تساعد أيضاً على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية؛ مما يخلق قصصاً عالمية قادرة على التأثير في قلوب المشاهدين في كل مكان.

ومن ثم، تناول المنتدى دور الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة واعدة في عملية التأليف والإنتاج السينمائي، بجانب بحث الفرص التي توفرها المنصات الرقمية لتمكين المواهب الشابة.

جانب من الحضور يسجلون اللحظة بهواتفهم الجوّالة (الشرق الأوسط)

منصة مهمة لتبادل الخبرات

مع مشاركة أكثر من 70 متحدثاً من 10 دول، شكّل المنتدى منصة مهمة لتبادل الخبرات وتعزيز التواصل الثقافي بين روسيا والعالم، بما يُسهم في دفع عجلة الابتكار والتنوع في قطاعي الإعلام والسينما العالميين. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال جورجي بروكوبوف، رئيس شركة موسكينو - مركز موسكو السينمائي، إن المنتدى -الأول من نوعه- يُنظّم «في لحظة محورية؛ إذ تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي والابتكارات الرقمية على إعادة تشكيل الصناعات الإبداعية بشكل أساسي». وأردف أن «الملعب العالمي بات أكثر توازناً... وظهرت مناطق جديدة، أو عزّزت مناطق، كانت موجودة أصلاً في هذه الصناعة، مكانتها لتتحول إلى مراكز لإنتاج الأفلام والتلفزيون».

وأوضح بروكوبوف أن موسكو استثمرت، بمبادرة من رئيس بلديتها سيرغي سوبيانين، بكثافة في «بناء مجموعات إبداعية عالمية المستوى» في المدينة وإنشاء شبكات تعاون مع مراكز إبداعية مماثلة في جميع أنحاء العالم. ولقد انصب أحد البرامج الأساسية على تطوير صناعة السينما. وتابع أن «مجموعة صناعة الأفلام الروسية وصلت إلى حجم مماثل (من حيث مرافق الإنتاج ومعداتها المتطورة) لتلك الموجودة في كاليفورنيا أو مومباي (...) تتغيّر صناعة الأفلام العالمية بسرعة، ولم يعد الأمر يقتصر على (هوليوود)، النموذج القديم؛ حيث تُملى ثقافة واحدة، والأذواق العالمية تتلاشى». ثم كشف عن أن عدد الأفلام الروائية المنتجة في دول «بريكس» تضاعف أكثر من ثلاث مرات على مدى العقدين الماضيين، في حين ظل عدد الإنتاجات في الغرب ثابتاً إلى حد كبير.

داخل القاعة (الشرق الأوسط)

التطور في «بريكس» ودول الخليج العربي

ومن ثم، أفاد بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسمح بتكييف المحتوى المتنوع مع السياقات المحلية بسلاسة. وبالنسبة إلى دول مجموعة «بريكس» فإنها، مثل روسيا، «تتطلّع إلى تعزيز التعاون مع القطاع الإبداعي المزدهر في الخليج العربي، بما يمثّل فرصة مثيرة لاستكشاف أسواق جديدة».

وزاد المسؤول أن الأوساط الروسية «تتابع باهتمام كبير ما يحدث في المملكة العربية السعودية. إن تفاني الحكومة في رعاية المواهب وجعل المملكة واحدة من المراكز الإبداعية الرائدة في العالم أمر رائع حقاً. ومن الملهم أن نرى كيف تتحوّل المملكة بسرعة إلى قوة إبداعية عالمية مع الحفاظ على تراثها الثقافي الغني».