اغتيال روائي يهز المجتمع الثقافي في العراق

تعدد التكهنات حول دوافع قتل علاء مشذوب المعروف بانتقاداته لإيران والميليشيات

الروائي المغدور علاء مشذوب
الروائي المغدور علاء مشذوب
TT

اغتيال روائي يهز المجتمع الثقافي في العراق

الروائي المغدور علاء مشذوب
الروائي المغدور علاء مشذوب

أثارت عملية اغتيال الكاتب والروائي العراقي علاء مشذوب، مساء أول من أمس، موجة من الغضب والسخط، وهزت المجتمع الثقافي العراقي، وسط دعوات تطالب الأجهزة الأمنية بإجراء تحقيق عاجل والوصول إلى القتلة وجلبهم أمام العدالة.
ومع غياب الرواية الرسمية العراقية حول الدوافع وراء اغتيال الروائي علاء مشذوب بـ13 رصاصة أطلقها مجهولون عليه قرب منزله في كربلاء، مساء أول من أمس، تبقى التكهنات مفتوحة على كم هائل من الاحتمالات، مثلما يبقى تقصير الأجهزة الأمنية في حماية المواطنين مثالاً صارخاً يفتح ألف باب للسؤال عن مدى جدية الدولة وأجهزتها في حماية أرواح المواطنين.
وعدا بيان صدر عن شرطة كربلاء حول حادث الاغتيال وتفاصيله، ووعد بالوصول إلى الجناة، لم يصدر من الجهات الأمنية أي توضيح آخر حول ملابسات الجريمة وأسبابها، مع أنها وقعت في وقت مبكر من مساء أول من أمس (السبت)، بينما كان متوجهاً إلى منزله على متن دراجته الهوائية في منطقة باب الخان عقب حضوره أمسية ثقافية في مقر اتحاد الكتاب في كربلاء.
وأبلغت مصادر صحافية، «الشرق الأوسط»، بأن «أجهزة الأمن امتنعت أمس عن الإدلاء بأي تصريح حول حادث الاغتيال، بناءً على أوامر عليا صدرت لها».
ويبقى السؤال: من اغتال الروائي؟ يرجّح كثيرون أن الدوافع مجموعة عوامل مشتركة لا تتخطى حدود نشاطاته الأدبية والمدنية والسياسية المنتقدة لبعض المظاهر الدينية غير الصحيحة واحتجاجه ضد السلطات وانتقاداته المعلنة للجماعات الميليشياوية وإيران.
مشذوب ذهب ضحية «الكلمة»، وهذا ما أشار إليه بالتحديد شقيقه قاسم في تصريح مقتضب قال فيه: «من يتكلم عن الفساد وتردي الواقع الحكومي يصبح ضحية كلمته الحرة المطالِبة بتحسين الأوضاع المعيشية وإنهاء معاناة المواطنين».
الصحافي والكاتب الكربلائي ناصر الياسري لم يستبعد مجموعة الأسباب الآنفة وراء اغتيال مشذوب، وجميعها يتعلق تقريباً بالكلمة وحرية الرأي. ويقول الياسري لـ«الشرق الأوسط»: «أصدر علاء مشذوب رواية مؤخراً رواية بعنوان (جمهورية باب الخان) عالج فيها وقائع تمتد لنحو خمسين سنة في حي باب الخان بكربلاء، أشار فيها إلى قاع المجتمع وما فيه من ممارسات ومظاهر سلبية، ومن غير المستبعد أنها أثارت حفيظة بعض الذين أشار إليهم بأسماء مستعارة».
هذا احتمال قائم، يواصل الياسري، لكن «الاحتمال الآخر المتعلق بتصفيته من قبل الميليشيات الموالية لإيران قائم هو الآخر، خصوصاً بعد منشوره الذي انتقد فيه مؤسس الجمهورية الإسلامية الخميني». ويضيف: «وجدت في جثمانه 13 إطلاقة نارية، وكثيرون يقولون هي عدد السنوات التي قضاها الخميني معارضاً لحكم الشاه في العراق التي ذكرها مشذوب في أحد منشوراته».
وكان الكاتب المغدور علاء مشذوب كتب في 17 يناير (كانون الثاني) الماضي عبر صفحته في «فيسبوك» ما يلي: «كانت عندي فكرة ضبابية عن هذا الزقاق الذي سكنه الخميني؛ وهو فرع من الزقاق الرئيس والطويل، الذي يطلق عليه (عكد السادة)، هذا الرجل سكن العراق ما بين النجف وكربلاء لما يقارب ثلاثة عشر عاماً، ثم رحّل إلى الكويت التي لم تستقبله، فقرر المغادرة إلى باريس ليستقر فيها، ومن بعد ذلك صدّر ثورته إلى إيران عبر كاسيت المسجلات ليتسنم الحكم فيها، ولتشتعل بعد ذلك الحرب بين بلده والبلد المضيف له سابقاً».
وهناك منشور آخر لمشذوب ينتقد بشدة «حزب الدعوة»، لأنه لم ينصف ضحايا نظام صدام حسين الذي قتل والده في تسعينيات القرن الماضي.
مصدر أمني في كربلاء لم يستبعد فكرة قيام جماعات متطرفة دينياً في كربلاء بعملية الاغتيال على خلفية آراء دينية وسياسية كان يتبناها مشذوب، ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «الأجهزة الأمنية وجدت بالقرب من جثمانه قصاصات ورقية تتهمه بالكفر والإلحاد وتمتدح عملية الاغتيال». ورفض المصدر الكشف عن اسمه وعن طبيعة تلك الجماعات، لكنه اكتفى بالقول «إنها جماعات نافذة جداً». واستبعد المصدر أن تقوم السلطات بالكشف عن الجماعة المنفذة لعملية الاغتيال، ورجح أن «تسجل القضية ضد مجهول».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.