مثقفون عراقيون يعتبرون اغتيال مشذوب «رسالة» لهم

الشاعر حسين القاصد: إنها أرض كلما جاعت أكلت مبدعيها

TT

مثقفون عراقيون يعتبرون اغتيال مشذوب «رسالة» لهم

شيّع العشرات من الكتّاب والمثقفين والمواطنين العاديين من أهالي كربلاء، أمس، جثمان الكاتب والروائي علاء مشذوب إلى مثواه الأخير، عقب وقفة احتجاجية في ساحة التربية وسط كربلاء، نظّمتها مجموعة من الكتّاب والمثقفين في كربلاء وبعض المحافظات القريبة.
ومشذوب، روائي وكاتب وناشط مدني وأستاذ جامعي حاصل على شهادة الدكتوراه من كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، وله عدة روايات ومجاميع قصصية، حاز بعضها على جوائز أدبية.
وأثارت عملية الاغتيال موجة انتقاد وغضب واسعين ضد السلطات في داخل الأوساط الثقافية والشعبية، وعبر عدد غير قليل من المثقفين عن مخاوفهم من أن يكونوا الأهداف التالية لرصاص الجماعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة.
وأدان الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق بشدة حادث الاغتيال وطالب بمعاقبة الجناة، وتبنى موقف اتحاد الكتاب العراقي، الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، برئاسة أمينه العام حبيب الصايغ. وقال اتحاد الكتّاب العراقيين في بيان: «يعبّر الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، عن جلِّ غضبه وسخطه، من جريمة اغتيال الروائي الدكتور علاء مشذوب، ويعدُّ هذه الفاجعة استهتاراً بدماء المواطنين، والأدباء منهم على وجه الخصوص، وهم يُتركون ليلاقوا حتوفهم من رصاصات جبانة في وضح النهار».
وحمّل بيان الاتحاد «الجهات الحكومية، محليةً ومركزيةً المسؤولية الكاملة، فقد عجزت عن حفظ الأمن العام، وتركت القتلَ والتشريد فاعلاً ليغتال رصافيّاً وجواهريّاً وسيّاباً متى ما شاء»، مشيراً إلى أن مشذوب من الأسماء الأدبية الفاعلة في مجال الرواية والنقد، وقد شارك في جلسات وفعاليات عدة، آخرها مشاركته في مؤتمر السرد الذي أقامه اتحاد الأدباء في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما ضيّفه الاتحاد للاحتفاء بتجربته الروائية في وقت سابق.
وكشف بيان الاتحاد عن «تنديد» رئيس اتحاد الكتّاب العرب حبيب الصايغ بحادث الاغتيال وإرساله برقية عزاء إلى رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العراقيين ناجح المعموري، وإلى مجلس إدارة الاتحاد، ومن خلالهم إلى كل أدباء وكتّاب وشعراء ومثقفي العراق الشقيق.
ونعى وزير الثقافة العراقية عبد الأمير الحمداني الفقيد علاء مشذوب، معتبراً أن «الوسط الثقافي فقد أحد مبدعيه وكتّابه المميزين».
كتّاب ومثقفون أدانوا جريمة الاغتيال وعبروا عن مخاوفهم من تكرارها مع كتّاب آخرين، إذ اعتبر الكاتب محمد غازي الأخرس عبر صفحته في «فيسبوك» أن مقتل مشذوب «رسالة تهديد لأمثاله. يريدون جعل دمه جرس إنذار للآخرين». وأضاف: «سننتظر حتى تتكشف الدوافع، رغم أنني متأكد أنها ستظل غامضة معماة كما هو الحال مع المغدورين قبله».
أما الشاعر والأكاديمي حسين القاصد، فقد كتب قائلاً: «ثلاث عشرة رصاصة كانت بانتظار رأس أديب، ذنبه أنه يملك قلماً أعزل! إنها أرض كلما جاعت أكلت مبدعيها».
الفائز بجائزة البوكر العربية الروائي أحمد السعداوي، اعتبر أن «القاتل، بعنوانه العام، معلوم، ولكن تواطأ الجميع على جعله مجهولاً». وأضاف السعداوي: «أي خسّة ونذالة وجبن أن تطلق النار على شخصٍ أعزل إلا من كلماته وأحلامه، العار سيلاحق المجرمين والقتلة أينما كانوا، وسيلاحق السلطات المحلية في كربلاء، ومن خلفهم أجهزة وزارة الداخلية، إن لم تسارع للكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة بأسرع وقت».
واعتبر الشاعر حميد قاسم أن علاء مشذوب دلالة على أن «الإسلام السياسي يعربد... وبقوة».
إلى ذلك، طالبت لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار في مجلس النواب، أمس، الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية المختصة بإجراء التحقيقات السريعة في قضية اغتيال علاء مشذوب، وكشف ملابسات الحادث الإجرامي وإلقاء القبض على الجناة الذين ارتكبوا تلك الجريمة الشنعاء، واستنكرت في بيان «العمل الإجرامي الذي لا يمت للأديان والأعراف والقيم بأي صلة». وشدد البيان على ضرورة «تفعيل الجهد الاستخباري في وزارة الداخلية والأمن الوطني وجميع الأجهزة الساندة الأخرى للحفاظ على أرواح المواطنين، خصوصاً العلماء والمثقفين الذين يعدون الواجهة الحضارية للبلد».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.