افتتحت وزارة الآثار المصرية موسمها الكشفي الجديد لعام 2019، أمس، بإعلان اكتشاف 3 آبار دفن تؤدي إلى مقبرة عائلية منحوتة في الصخر بمنطقة تونا الجبل بمحافظة المنيا (330 كيلومتراً جنوب القاهرة) تضم أكثر من 40 مومياء تعود لعدد من العصور من العهد المتأخر وحتى البيزنطي.
وقال الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، في مؤتمر صحافي بالمنيا، أمس، إن «الكشف هو نتاج عمل مشترك بين وزارة الآثار وجامعة المنيا، وهو الأول في العام الجديد»، موضحا أن «الكشف عبارة عن جبانة آدمية تضم توابيت حجرية لنحو 40 مومياءً، بينهم 10 أطفال، كما تضم كارتوناج وأواني ولُقىً أثرية».
وأشار العناني إلى أن «هذه المقبرة العائلية تنتمي إلى الطبقة المتوسطة من المجتمع، أو الفئة الراقية من الطبقة الوسطى تحديدا».
وبدأت حفائر وزارة الآثار بالتعاون مع جامعة المنيا موسمها الأول الذي استمر لمدة شهرين في يناير (كانون الثاني) 2018، واستأنفت العمل في الموسم الثاني نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وعلى هامش الاحتفال بالكشف، نظمت وزارتا السياحة والآثار جولة لعدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية العاملة بمصر، بالمناطق الأثرية بالمنيا، وجولة أخرى بالحنطور، بهدف تشجيع السياحة.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن «البعثة عثرت على ثلاث مقابر جماعية استخدمت لفترة طويلة بداية من نهاية العصر المتأخر، مرورا بالعصر البطلمي، وانتهاء بالعصر البيزنطي، وفقا للنقوش الموجودة على التوابيت المستخرجة من المقابر»، مشيرا إلى أن ذلك «يعد البداية للبحث عن جبانة آدمية مهمة ممتدة لفترات متعاقبة، وتخص طبقات اجتماعية متفاوتة، وهي امتداد لجبانة الإقليم الخامس عشر من أقاليم مصر العليا».
وأضاف وزيري أنه «تم العثور على عدد كبير من المومياوات داخل توابيت حجرية أو خشبية أو فخارية، وأكثر من أربعين مومياء في حالة جيدة، ولفئات عمرية مختلفة ما بين أطفال وبالغين»، مشيرا إلى أن «أساليب الدفن اختلفت من حيث الاتجاهات، وطرق الدفن داخل توابيت، أو على أرضية المقبرة مباشرة، أو داخل نيشات في جدران المقبرة».
وشرح وزير الآثار أن «منطقة تونا الجبل إحدى المناطق الأثرية المهمة في المنيا، وتضم مقابر رائعة مثل مقبرة إيزادورا، وهذا هو العام الثالث على التوالي الذي نعلن فيه عن اكتشافات في هذه المنطقة، بداية من جبانة آدمية في مايو (أيار) 2017، ومقبرة آدمية أخرى في فبراير (شباط) 2018».
وقال وزيري إن «المدينة تضم 25 مقبرة صخرية تنقسم إلى مجموعتين في الشمال والجنوب، إضافة إلى المقبرة الملكية».
ومن جانبها، قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة المصرية، إن «السياحة الثقافية من أهم نقاط القوة لمصر، ونحن نسعى لتنشيط السياحة ونحرص على متابعة الاكتشافات».
وأضافت أن «الوزارة تعتمد خطة تنشيط السياحة المناطقية، ومن المؤكد أن الكشف والجولة السياحية في المنيا يصب في مصلحة السياحة، ويخلق شغفا حول المتحف المصري الكبير المرتقب افتتاحه في 2020».
وعلى أحد الجدران في المقبرة يوجد منظر يصور العائلة الملكية أثناء زيارة معبد آتون، ومشهد آخر لإخناتون وزوجته نفرتيتي يقود كل منهما عربة منفصلة، وخلفهما الأميرات الأربع، وهن: عنخ إس أن با آتون، ونفر نفرو آتون، ومريت آتون، ومكت آتون، محاطين جميعا بالعجلات الحربية، والجنود وحاملي المراوح، والكهنة ومجموعات من الشعب وبعض الثيران للتضحية.
وقال وزيري إن «من أهم المناظر في المقبرة، مشهد لفرقة موسيقية من العميان، تتكون من عازف عود وسبعة منشدين».
أما بانحسي صاحب المقبرة رقم 6 فكان الكاهن الثاني، ورئيس خدم آتون، وخادم سيد الأرضين نفر - خبرو - رع، والمشرف على مخازن الغلال، والمشرف على ماشية آتون، وبنيت مقبرته على غرار المقبرة رقم واحد، وتضم مشاهد تقديم القرابين للإله آتون.
وأفاد وزيري بأن «هذه المقبرة وأعمدتها أعيد استخدامها في الحقبة القبطية، وهذا يفسر طمس بعض معالم الوجوه وأجساد النساء في النقوش الموجودة على جدرانها»، موضحا أنه «تم إزالة عمودين من الصالة الأولى في العهد القبطي، وتحويل الجدار الشمالي إلى هيكل لاستخدامها كنيسة».
من جهة أخرى، زار وزيرا السياحة والآثار منطقة آثار بني حسن التي تقع على بعد 20 كيلومترا جنوب مدينة المنيا شرق النيل.
ويشرح جمال أبو بكر، مدير منطقة آثار مصر الوسطى بوزارة الآثار، لـ«الشرق الأوسط» سبب التسمية: «المنطقة سميت هذا الاسم نسبة لإحدى القبائل العربية التي سكنت المنطقة، وتحتوي على 39 مقبرة صخرية لحكام الإقليم السادس عشر من أقاليم مصر العليا، ويرمز له بحيوان الوعل»، موضحا أن «جميع المقابر ترجع لعصر الدولة الوسطى، وكان العالم الإنجليزي بيرس نيوبري هو أول من نشر عنها في الفترة من عام 1898 حتى 1900».
ومن بين 39 مقبرة مكتشفة يوجد 4 فقط مفتوحة للزيارة السياحية، وشرح وزيري المناظر الموجودة على جدران مقبرة خيتي، وقال إن «خيتي هو حاكم إقليم الوعل، وتعد مشاهد المصارعة والتدريبات العسكرية الموجودة على أحد الجدران من أهم مشاهد المقبرة، إضافة إلى مشهد الزواج، والحلاقة، وصناعة الذهب والعلاج الطبيعي».
وتضم المقبرة مناظر أخرى لصيد الطيور والأسماك، والحيوانات الصحراوية، ومشاهد لعلاج الماشية، ورحلة الحج إلى أبيدوس، ومناظر صناعة الأثاث المنزلي، وصناعة السفن، ونصا هيروغليفيا يحكي السيرة الذاتية لصاحب المقبرة.
مصر تفتتح 2019 باكتشاف 40 مومياء أثرية
ضمن مقبرة عائلية جنوب البلاد
مصر تفتتح 2019 باكتشاف 40 مومياء أثرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة