225 مقترحا تعديليا على الدستور التونسي الجديد

أولى جلسات مناقشة المسودة الرابعة تنطلق غدا في البرلمان

جانب من جلسة سابقة للمجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي (ا.ف.ب)
جانب من جلسة سابقة للمجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي (ا.ف.ب)
TT

225 مقترحا تعديليا على الدستور التونسي الجديد

جانب من جلسة سابقة للمجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي (ا.ف.ب)
جانب من جلسة سابقة للمجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي (ا.ف.ب)

تقدم أعضاء مكتب المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) بمقترحات تعديل وإضافة فصول قانونية على الدستور الجديد. ولم تكن نقاشات لجنة التوافقات حول مشروع الدستور كافية لاستيعاب كل وجهات النظر حول المسودة الرابعة للدستور.
وقبل يوم واحد من انعقاد أولى جلسات مناقشة مشروع الدستور الجديد يوم غد (الجمعة)، تلقى مكتب الضبط بالمجلس التأسيسي يومي الاثنين والثلاثاء 225 مقترح تعديل على فصول الدستور. ويضم المجلس التأسيسي 217 عضوا من بينهم 89 ينتمون إلى حركة النهضة ذات الأغلبية البرلمانية.
وفتح باب قبول التعديلات أو إضافة فصول جديدة للدستور في محاولة لكسب تأييد من أحزاب المعارضة لنص الدستور الجديد، ومناقشة كل التفاصيل قبل المرور إلى جلسة التصديق المقررة قبل يوم 14 يناير (كانون الثاني) الحالي. وتتطلب عملية التقدم بفصل دستوري جديد توقيع 30 نائبا.
وذكرت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» أن من بين أهم المقترحات المقدمة إلى مكتب المجلس التأسيسي اقتراح إحداث ودسترة خمس هيئات دستورية هي: المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، والمجلس الإسلامي الأعلى، والمجلس الأعلى للتربية، والمجلس الأعلى للهجرة، بالإضافة إلى المجلس الأعلى للشباب.
وقللت المصادر ذاتها من إمكانية تأثير تلك المقترحات على الرزنامة التي ضبطها المجلس للانتهاء من مناقشة مشروع الدستور في التاسع من يناير (كانون الثاني) الحالي. وطرح مشروع الدستور الجديد على النقاش لأول مرة، قبل نحو سنتين، وفشل الفرقاء السياسيون في التوافق حول مجموعة من النقاط التي بقيت عالقة ومحل خلاف.
وتمكنت لجنة التوافقات حول مشروع الدستور في جلسات برلمانية بداية هذا الأسبوع من تحصيل التوافق بين الحكومة والمعارضة حول مجموعة من القضايا الخلافية.
وقال الحبيب خضر، المقرر العام للدستور، إن المجلس التأسيسي سيواصل نشاطه وسيتمتع بسلطات تشريعية ورقابية على السلطة التنفيذية. وأنهت اللجنة في وقت سابق نقاشات حادة حول الحقوق والحريات والهوية والسلطة القضائية وصلاحيات كل من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.
من ناحية أخرى، تعرض قيادي في نقابة التعليم الأساسي بمدينة الكاف (160 كلم شمال غربي تونس) لعملية قتل متعمد فجر يوم أمس. وقال سامي الطاهري، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، إنها «جريمة بشعة»، مشيرا إلى أن «عملية القتل التي تعرض لها الضحية هي عمل احترافي».
واستبعد الطاهري في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» ضلوع أي طرف سياسي في هذه الجريمة البشعة التي هزت المؤسسة النقابية مع بداية سنة 2014، وقال: «لن نستبق نتائج التحقيق القضائي والأمني ولن نتهم أي طرف سياسي بالضلوع في عملية الاغتيال». كما استبعد في نفس الوقت «أن تكون الجريمة اغتيالا سياسيا مدبرا»، إلى حين اكتشاف حقيقة ما جرى فجر يوم أمس.
وكان محمد الطاهر العبيدي (42 سنة) عضو المكتب المحلي لنقابة التعليم الأساسي بمدينة السرس من محافظة الكاف، قد تعرض في نحو الساعة الواحدة صباحا للقتل في منزله بواسطة آلة حادة من قبل شخصين ملثمين. وأشارت مصادر أمنية تونسية إلى تعمد شد وثاق زوجة الضحية وابنتيه وتكميم أفواههن. ولم تسجل، حسب المصادر ذاتها، عملية سرقة لأمتعة ثمينة من المنزل، وهو ما يرجح حسب نقابيين زملاء الفقيد فرضية الاغتيال على خلفية المواقف السياسية لقيادات الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) وتلويحها في أكثر من مناسبة بشن إضرابات قطاعية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.