وكيل الأزهر: تطبيق خارطة الطريق يقضي على عنف «الإخوان»

د. عباس شومان أكد أن من يروجون لمقاطعة الاستفتاء يتاجرون بالدين

د. عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)
د. عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)
TT

وكيل الأزهر: تطبيق خارطة الطريق يقضي على عنف «الإخوان»

د. عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)
د. عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)

قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف في مصر، إن نجاح خارطة المستقبل «يقضي على عنف الإخوان»، لافتا إلى أن «العنف سوف يستمر في مصر حتى تمضي خارطة الطريق وتحقق غايتها»، وأن القرارات الأخيرة للحكومة التي أعلنت فيها أن «الإخوان جماعة إرهابيه لن توقف العنف، لكن مع مرور الوقت والقرارات الحاسمة والأحكام الرادعة ستستقر الأمور بمساندة الشعب والجيش والشرطة معا».
وأضاف شومان، الذي يعد الرجل الثاني في الأزهر، والأمين العام لهيئة كبار العلماء، في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «الخروج للاستفتاء على الدستور، المقرر له يومي 14 و15 هذا الشهر، واجب وطني»، مشددا بالقول لمن يحاول ترويج فتاوى أو دعوات لرفض الخروج على الاستفتاء: «إياكم والمتاجرة بالدين لأهداف دنيوية».
وأكد وكيل الأزهر، أن انتظام الامتحانات في جامعة الأزهر من شأنه أن يدفع «الإرهاب» بعيدا ويجلب الاستقرار، مشددا على قدرة غالبية الطلاب والأساتذة في الجامعة على مواجهة «الفكر الضال» الذي يريد تخريب قلعة العلم. وقال الدكتور عباس شومان، إن الاعتداء على المسيحيين المصريين وكنائسهم «محرم». وشن هجوما حادا على الجماعات التي تستهدف الشرطة والجيش خاصة منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق محمد مرسي، قائلا إنهم «يعدون أعمالهم الإجرامية جهادا، ولا أدري من أي مصدر شيطاني يأتي هؤلاء بأحكامهم المضلة هذه»، معلنا أن الأزهر سوف يطلق قافلة دينية لمواجهة الفكر المتشدد قريبا في سيناء. وإلى نص الحوار.

* كيف ينظر الأزهر للأوضاع في سيناء؟
- الإرهاب الأسود عاد ليطل برأسه القبيح من جديد، ولا يعرف القائمون عليه شيئا يستندون إليه إلا إفكهم وضلالهم. والعجيب أن من يقومون بذلك يسمون أسماء إسلامية ويختارون لجماعتهم أسماء تنتهي بالإسلام أو معلما من معالمه الشرعية مثل «بيت المقدس» أو «جيش الإسلام»، ويعدون أعمالهم الإجرامية جهادا، ولا أدري من أي مصدر شيطاني يأتي هؤلاء بأحكامهم المضلة هذه، التي يستدلون بها على مشروعية أعمالهم الإرهابية التي نالت المسيحي والمسلم ورجال الشرطة والجيش. وأقول لهم: أيها الضالون، إرهابكم لن يخيفنا، فالكلاب المسعورة عقرها خطير وعمرها قصير، وسنقف كلنا خلف جيشنا العظيم وشرطتنا الساهرة، وسينضم إلينا من كان مترددا بفضل إرهابكم.
* الأزهر أطلق قوافله في جميع محافظات مصر، لكن لا نجده في سيناء مثلا. ما تعليقك؟
- لا يمكن للأزهر وعلماء الأزهر أن ينسوا الأرض الغالية سيناء، فقريبا سوف تنطلق قافلة من علماء الأزهر إلى سيناء شمالا وجنوبا لمدة أسبوعين.
* برأيك من المسؤول عن أحداث العنف والتفجير في البلاد.. وكيف يكون التعامل مع تلك العناصر؟
- واجب على كل مصري أن يقف ضد الإرهاب، ومن واجب كل مؤمن بالله ورسوله، أن يشجب هذه الأفعال ويندد بفاعليها، أو يستنكر بقلبه إن لم يستطع أن يفعل أكثر من هذا. وعلى الجميع المشاركة الوطنية لأن هذا يصفع الإرهاب ويحقق الاستقرار. فمصر بلد الأزهر لا يناسبها ما نراه ونسمعه، كفانا ما فعلناه ببلدنا، ولنعد لمنهج الأزهر ولا نأخذ حكما إلا من الأزهر ودار الإفتاء، فالدم المصري حرام، والإسلام رفض كل أشكال العنف والقتل بغير حق، فعلى المصريين جميعا التصدي لكل أشكال الإرهاب التي تضر بالأمة الإسلامية، ويلفظها الدين الإسلامي الحنيف.
* هل سيكون للأزهر دور في باقي استحقاقات خارطة المستقبل؟
- الأزهر دوره الوطني لا يتوقف ومستمر في أداء واجبه الذي أمر الله به، وهو أن نبين للناس طريق الحق بعيدا عن التعصب والانحياز لأي فريق. وبالنسبة لمشروع الدستور الجديد، فالأزهر قال رأيه صراحة وطالب الشعب المصري بأن يحسم أمره ويحدد مصيره ويخرج بوطنه من فترات القلق والاضطراب والحيرة إلى مرحلة البناء والعمل والأمن والاستقرار، فالخروج للاستفتاء على مشروع الدستور واجب وطني، وما يصب في مصلحة الوطن يعد من مقاصد الشريعة.
* البعض يتهم الأزهر الآن بأنه ابتعد عن المشهد السياسي بعد ثورة «30 يونيو»، فماذا ترى؟
- من يقل ذلك لا يعرف شيئا، فالأزهر قبل وبعد الثورة، سواء في «25 يناير» أو «30 يونيو»، هو بيت الأمة وملجأ الجميع عندما تشتد الأزمات. فقد شارك الأزهر في كل الفعاليات الخاصة بالدستور، وهو مشارك قوي لكل آمال وطموحات الشعب، وشريك في كل ألم يلم به، فكيف نبتعد عن الأحداث. وسأذكر بوثائق الأزهر التي خرجت بعد ثورة يناير، وأذكر بوثيقة نبذ العنف قبيل ثورة يونيو، ودعوات الأزهر للم الشمل والعمل والإنتاج وتحقيق الاستقرار، وأذكرك بما قام به الأزهر من تحريم الاعتداء على المساجد، فالأزهر هو أقرب مؤسسة لقلب الشعب ولا يمكن أن يتخلى عنه مهما كانت الأحداث.
* في تصورك، كيف تواجه جامعة الأزهر أحداث الشغب ومحاولات تعطيل الامتحانات؟
- الانتظام في امتحانات نصف العام يدفع الإرهاب ويجلب الاستقرار، وأثق في أن طلاب وأساتذة الأزهر الذين قاوموا قديما الاحتلال حتى زال من أرض مصر، لقادرون على أن يواجهوا هذا الفكر الضال الذي يريد أن يخرب قلعة العلم، وطلابنا على قدر المسؤولية والدليل انتظامهم في امتحاناتهم رغم الهجمة الشرسة التي شنها الإرهابيون في اليوم الأول لسير الامتحانات وإشعال النار في مواقع كثيرة والفوضى العارمة التي أحدثوها. فقد أصرت الطالبات قبل الطلاب على دخول الامتحان، وانتظر الكثير منهم لعدة ساعات حتى سيطرت الشرطة على الوضع وانتظموا في قاعات الامتحان بين الحطام الذي أحدثه المجرمون وقبل أن تذهب رائحة الدخان. فتحية من القلب لهؤلاء الذين نفخر بهم من بنات وأبناء الأزهر.
* وما رأيك فيما يقوله البعض من أن الأزهر لم يأخذ حقه في الدستور الجديد؟
- نظرة الأزهر إلى الدساتير تختلف عن نظرات الكثيرين، فلا مطمع للأزهر في حصوله على امتيازات بنصوص دستورية، فدوره معروف وثابت لا يتغير بتغيير الدساتير. ولذا فهو يوافق على ما يراه الناس صالحا كوثيقة تحكم علاقة الحاكم بالمحكوم وتحدد اختصاصات الهيئات والمؤسسات، ولم يكن الأزهر هو من طالب بمرجعية في دستور عام 2012، ولكنه قبل ما ألقي عليه من أعباء لأنها موجودة أصلا في أدبياته والتزاماته، وحين رأى القائمون على صياغة المشروع الجديد غير ذلك؛ لم يعترض الأزهر لأن شيئا لم يتغير كما سبق وأشرت إلى ذلك. فلن يمنع الأزهر عن دوره نص دستوري، ولن يفرط الأزهر في واجبه لأن دستورا لم ينص عليه، هذا على اعتبار أن الفرض الأخير موجود في المشروع الجديد. فالأزهر لم يكسب ولم يخسر شيئا لا في الدستور الماضي ولا في المشروع الجديد، ولذا لم يكن يوما حجر عثرة في إنجاز أي دستور، بل كان ممثلوه رمانة ميزان في لجانه.
* كيف تنظر لدعوات مقاطعة الاستفتاء على الدستور؟
- أقول لكل ممن يحاول ترويج فتاوى أو دعوات لرفض الاستفتاء: إياكم والمتاجرة بالدين واستغلاله مطية لأهداف دنيوية، ويمكنكم بدلا من الإفتاء بغير علم أن تتوجهوا إلى مقار التصويت وتصوتوا ضد الدستور فهذا حقكم، وأظنكم ستفعلون وإن أعلنتم المقاطعة، فلماذا ترويج الفتاوى الباطلة؟ وأقول للشعب المصري: لقد علمتم العالم بهذا الدرس الحضاري في ثوراتكم التاريخية، وقادرون على تجسيد إرادته الحرة في الخروج للاستفتاء على مشروع الدستور الحالي بتحضر وحرية.
* وهل تتوقع أعمال عنف خلال أيام التصويت على الدستور؟ وكيف يمكن للدولة التعامل مع ذلك من وجهة نظرك؟ - العنف مستمر حتى تمضي خارطة الطريق وتحقق غايتها.. وأعتقد أن القرارات الأخيرة للحكومة والتي أعلنت فيها أن «(الإخوان) جماعة إرهابية»، واقتراب موعد الاستفتاء، سيزيد من حالة العنف. ولكن مع مرور الوقت والقرارات الحاسمة والأحكام الرادعة ستستقر الأمور بمساندة الشعب والجيش والشرطة معا.. ومن واجب الدولة حماية مواطنيها وتهيئة المناخ المناسب لإجراء الاستفتاء، وأتمنى أن ينضم «الإخوان» وغيرهم إلى بقية أبناء الوطن في التصويت والتعبير عن الرأي أيا كان.. وأذكر الجميع بحرمة دماء وأموال جميع المصريين وتحريم ترويعهم أو تكدير أمنهم.
* في اعتقادك هل ثمة مخاوف من رفض الدستور؟
- أعتقد أن كلمة تخوف في غير موضعها، فالشعب المصري أصبح أكثر إدراكا للأحداث وأصبح لديه ثقافة سياسية كبيرة تؤهله للحكم على الأمور بصورة موضوعية. والرسالة التي أوجهها للجميع: مصر تحتاج منا جميعا أن نؤدي حقها وأن نشارك في صناعة المستقبل ونحقق الاستقرار، وبالمشاركة نقول للعالم هذا هو الشعب الذي صنع أعظم الثورات وأعظم الحضارات.
* لعب الأزهر دورا محوريا في التوازن في المجتمع المصري بما لديه من رصيد وثقة جمهوره في قيادة الأزهر؛ لكن البعض يخشى من المستقبل. هل تخشى على مستقبله؟
- لا أخشى مطلقا شيئا على مستقبل الأزهر، خاصة أن فيه علماء كبارا لديهم من العلم والفكر والقدرة ما يحقق الطموح. وبدأنا في الفترة الأخيرة في خطوات إصلاح كبيرة في مجال التعليم الأزهري ستسهم في استعادة الأزهر لدوره الحقيقي الذي قاد به فكر الأمة. ولست وحدي المهموم بذلك، بل كل علماء الأزهر، وعلى رأسهم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، فهو من يوجه إلى الاهتمام البالغ بملف التعليم ويقود عملية الإصلاح والتطوير بنفسه.
*بعض الأحزاب المصرية بدأت في تشكيل لجان حول الكنائس لحماية المسيحيين في أعيادهم.. كيف ترى هذا؟
- الشرع الذي نعرفه ينبذ العنف، وجاء بالأمن لجميع الناس، وأمن الكافر المعادي لبلادنا إذا حصل على تأشيرة دخول لبلادنا حتى يرجع إلى بلاده. أما غير المسلمين من بني وطننا، الذين يعيشون بيننا من النصارى واليهود، فحرمتهم أشد، والاعتداء عليهم أكبر جرما. فهؤلاء كالمسلمين في الحقوق والواجبات، مع اختلاف عقائدهم عن عقيدة المسلمين، ولا يجوز هدم كنائسهم ولا معابدهم ولا التعرض لهم بأي نوع من أنواع الاعتداء، والمعتدي عليهم كالمعتدي على المسلم.
* بصفتك الأمين العام لهيئة كبار العلماء، هل انتهى دور الهيئة كمرجعية تشريعية بعد حذف هذا النص من الدستور الجديد؟
- هيئة كبار العلماء لها اختصاصات كثيرة، ولم تنشأ لتكون مرجعية تشريعية فقط، بل هذا هو اختصاص من اختصاصاتها لا أعتقد أنها فقدته بغياب النص الدستوري عليه، فمكتسبات الأزهر ليس مصدرها نصوصا دستورية، وإنما ثقة محبيه في العالم أجمع وليس في مصر وحدها. ولا أظن أن هيئة كبار العلماء - التي يرى البعض أنها فقدت دورها - إذا قالت عن تشريع من التشريعات إنه غير شرعي يمكن أن يقبله الناس أو يجد طريقا إلى التطبيق؛ سواء نص الدستور على ذلك أم لا، وكذا مجمع البحوث الإسلامية. ولهيئة كبار العلماء اختصاصات غير التي لمجمع البحوث، ولا غنى لإحداهما عن الأخرى.
* يثار حول المفاهيم الأساسية للإسلام بعض البلبلة في الخارج.. ما دور الأزهر؟
- الأزهر خير من يمثل الإسلام والمسلمين في الخارج، ليس شعارا، ولكنه عمل وحقيقة. فعودة الأزهر لسابق عهده وتحسين صورة مبعوثيه في جميع الدول الموفدين إليها وتحقيق العدالة باختيار أكفأ العناصر التي تمثل الأزهر هو ما نسعى جاهدين لتحقيقه برعاية الإمام الأكبر شيخ الأزهر وتوجيهاته. وخلال الفترة المقبلة لدينا أفكار جديدة تبدأ من النظر في أسلوب اختيار مبعوثي الأزهر لمختلف دول العالم، بهدف انتقاء أفضل العناصر المؤهلة لحمل رسالة الأزهر، وذلك تأكيدا على أن مهمة ودور مبعوثي الأزهر الشريف هو التأكيد على وسطية الدين الإسلامي وسماحته ومعاصرته للحداثة، بجانب أصالته وثوابته. وكذلك تعليم العلوم الإسلامية واللغة العربية. بل تمتد المهمة لتلبية احتياجات البيئة الموفدين إليها، والتي يعملون فيها من وعظ وإرشاد وخطب في موضوعات إسلامية بعيدا عن التطرف والتعصب ودعما للوسطية الإسلامية وانفتاح الإسلام على الثقافات والحضارات والديانات الأخرى في إطار من احترام الآخر وعقائده وثقافته.
* ما موقف الأزهر من نزيف الدماء في سوريا وفلسطين وميانمار (بورما) وغيرها؟
- موقف الأزهر ورسالته ثابتة، وهي رد العدوان والظلم عن الشعوب المقهورة، ولن يتغير موقفنا أو نتزحزح عنه، فقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس جزء أصيل من رسالة ومنهج الأزهر لن نحيد عنه، ورد الظلم عن الشعب السوري والمسلمين في ميانمار لن نتخلى عنه.. ومن هنا نقول لمن يتشدقون بالحرية في كل أرجاء العالم: أين أنتم مما يحدث في فلسطين من قتل وتعذيب واغتصاب للأرض؟ وأين أنتم من تشريد الشعب السوري ومن القتل والحرق والإبادة لمسلمي ميانمار؟ إنه لعار لكم وعليكم، وبئست مساعيكم، وبئست الحرية التي تتشدقون بها.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.