اتفاقية التجارة الحرة الأوروبية ـ اليابانية تدخل حيز التنفيذ

اتفاقية التجارة الحرة الأوروبية ـ اليابانية تدخل حيز التنفيذ
TT

اتفاقية التجارة الحرة الأوروبية ـ اليابانية تدخل حيز التنفيذ

اتفاقية التجارة الحرة الأوروبية ـ اليابانية تدخل حيز التنفيذ

دشنت اليابان والاتحاد الأوروبي أكبر منطقة تجارة مفتوحة في العالم، تغطي نحو ثلث الاقتصاد العالمي، التي دخلت حيز التنفيذ، أمس (الجمعة)، مع بداية شهر فبراير (شباط) الحالي.
وتأتي هذه الاتفاقية الضخمة بمثابة الردّ على التهديدات الحمائية، خصوصاً من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وسوف تغطي نحو 635 مليون شخص. وقال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر في بيان: «ترسل أوروبا واليابان رسالة إلى العالم بشأن مستقبل التجارة المفتوحة والعادلة»، وأضاف: «يظهر اتفاقنا أن التجارة تتعلق بأكثر من الحصص والرسوم الجمركية، أو ملايين أو مليارات. إنها حول القيم والمبادئ والعدل».
وأوضح يونكر أن الاتفاق يجمع شعوب أوروبا واليابان أكثر من أي وقت مضى، كما أن الاتفاقية الجديدة ستوفر للمستهلكين خيارات أكبر وأسعاراً أرخص، وستحمي المنتجات الأوروبية الكبيرة في اليابان والعكس، كما ستمنح الاتفاقية للشركات الصغيرة من كلا الجانبين الفرصة للتوسع في سوق جديدة تماماً، فهي ستوفر على الشركات الأوروبية مليار يورو سنوياً من الرسوم، وتعزز التجارة التي نقوم بها بالفعل معاً.
وبموجب الاتفاقية، ستزيل اليابان الرسوم الجمركية على 94 في المائة من جميع الواردات من الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك 82 في المائة من المنتجات الزراعية والسمكية. وسيلغي الاتحاد الأوروبي في المقابل 99 في المائة من الرسوم على وارداته من اليابان، كما سيلغي الرسوم على السيارات والشاحنات اليابانية في العام الثامن، وأجهزة التلفاز في العام السادس بعد تطبيق الاتفاقية.
من جانبها، قالت سيسليا مالمستروم مفوضة التجارة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن «هذا الاتفاق يشمل كل شيء، فهو يلغي التعريفات، ويُسهِم في القواعد العالمية... وفي الوقت نفسه يظهر للعالم وجود التزام بمزايا التجارة المفتوحة»، مضيفةً أن الشركات الأوروبية سوف تستفيد من الرسوم الجمركية الملغية والإجراءات الجمركية المبسطة، ويمكن لقطاعات عدة مثل الصناعة والخدمات والتقنية والزراعة، أن يحتفلوا بهذه المناسبة.
وقالت أيضاً إن الاتفاقية بالإضافة إلى الالتزام باتفاقية المناخ في باريس، فإنه تتناول أيضاً وضع معايير عالية لحقوق العمال وحماية المستهلك، والعمل على تعزيز التجارة لخلق فرص العمل، وتؤدي إلى خفض الأسعار وتحقيق أقصى استفادة من الفرص التجارية الجديدة.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وافق البرلمان الأوروبي على الاتفاقية مع اليابان، التي وُصفت بأنها أكبر اتفاقية تجارية في العالم، وتغطي اقتصادات تمثل ثلث إجمالي الناتج المحلي العالمي.
وقد اعتبرت انتصاراً لأوروبا بوصفها بطلاً للتجارة الحرة في مواجهة سياسة الحمائية، التي يتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.