رئاسة مجلس العموم البريطاني... نظرة إلى تاريخ المنصب ودور شاغله

رئاسة مجلس العموم البريطاني... نظرة إلى تاريخ المنصب ودور شاغله
TT

رئاسة مجلس العموم البريطاني... نظرة إلى تاريخ المنصب ودور شاغله

رئاسة مجلس العموم البريطاني... نظرة إلى تاريخ المنصب ودور شاغله

مجلس العموم هو أحد المجلسين اللذين يتكون منهما البرلمان في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية، أما المجلس الآخر فهو مجلس اللوردات.
رسمياً يُعدّ مجلس العموم «المجلس الأدنى» بين المجلسين، غير أنه من الناحية الفعلية المجلس الأعظم تأثيراً في الحياة السياسية للبلاد، ومن أعضائه يأتي رئيس الحكومة، وفي قاعته تُناقش سياسات الحكومة، وتدافع - رئيساً ووزراء – عن نفسها أمام نواب المعارضة.
يترأس مجلس العموم رئيس يجري اختياره بالانتخاب، يحمل لقب «المتكلّم» Speaker of the House of Common يكون عادةً من الحزب صاحب الغالبية في المجلس، مع أنه بمجرد انتخابه للمنصب يفقد صفته الحزبية. والرئيس الحالي هو جون بيركو، النائب المحافظ عن دائرة بكنغهام (جنوب إنجلترا)، الذي انتُخب رئيساً للمجلس، يوم 22 يونيو (حزيران) 2009، في أعقاب استقالة سلفه مايكل مارتن، النائب العمالي عن إحدى دوائر مدينة غلاسغو الاسكوتلندية.
ومنذ 2009، أُعِيد انتخاب بيركو - الذي هو أول يهودي يشغل المنصب في تاريخه - ثلاث مرات بالتزكية، بعد الانتخابات العامة التي أُجرِيَت أعوام 2010 و2015 و2017.
تشمل مهام رئيس مجلس العموم ترؤس جلسات المناقشات البرلمانية، وتقرير مَن يحصل على حق التكلم من النواب، وضبط النظام أثناء المناقشات وصولاً إلى معاقبة النواب بالمنع أو الطرد من القاعة، إذا ارتأى أن ارتكب مخالفة للأنظمة المعمول بها. وفي المقابل، لا يحق للرئيس أن يشارك في المناقشات مطلقاً، ويجب أن يكون محايداً تماماً عن الانقسام الحزبي. وعند التصويت لا يصوّت رئيس مجلس العموم إلا إلى كسر التعادل في الأصوات، ولكن حتى في هذا الظرف شبه الاستثنائي، فإنه يلتزم بتقليد «نظام دنيسون» الذي يحمل اسم رئيس سابق للمجلس (1857 - 1872)، ويتّجه عموماً لصالح تمديد المناقشات، وفي حال كان هناك تفاهم مسبق على رفض التمديد يصوّت لمصالحة اللاتغيير. وبجانب ما تقدّم، يتولّى الرئيس مهام إدارية إجرائية، ويحتفظ بتمثيل دائرته الانتخابية. كما يخصص له مسكناً في قصر ويستمنستر، مقر البرلمان البريطاني بمجلسيه.
تشير الوثائق إلى أقدم اسم يرتبط بترؤس جلسات البرلمان هو بيتر دي مونتفورت، الذي ترأس عام 1258م برلماناً انعقد في مدينة أكسفورد. أما التاريخ المتصل بلا انقطاع للمنصب فيعود إلى عام 1376م، عندما «تكلّم» السير بيتر دي لا مير (ومن هنا مسمى «المتكلّم») باسم عامة الشعب من أجل «مجلس تمثيلي صالح»، بالتضامن مع جمهرة من الأعيان والإقطاعيين، للتخلص من عدد من وزراء التاج المفتقرين للشعبية.
ومن ثم، فطوال العصور الوسطى وبدايات العصر الحديث، كان كل رئيس للمجلس من نواب دائرة أو محافظة، ما يعبر ضمنياً عن أن ممثلي المحافظات أكثر تأثيراً من ممثلي الإقطاعيات، ولكن عبر العقود تطورت العلاقات، وتبلورت بين مؤسسات السلطة والنفوذ، وتغيّرت المعالم التفصيلية لمهام المنصب، وعلاقاته بتلك المؤسسات.
وجاءت خطوة جعل رئيس المجلس «شخصية محايدة» فوق الانقسام الحزبي في منتصف القرن الـ19. وحتى اليوم تعاقب على هذا المنصب أكثر من 150 شخصية، مع الإشارة إلى أن آخر ثلاثة رؤساء جسّدوا سوابق لافتة في شغل منصب رئيس مجلس العموم، إذ إن بيتي بوثرويد، النائبة العمالية السابقة عن دائرة ويست بروميتش في مدينة برمنغهام، كانت أول امرأة تشغله، وكان خلفها النائب العمالي مايكل مارتن الاسكوتلندي أول رئيس كاثوليكي، ثم خلفه الرئيس الحالي جون بيركو أول رئيس يهودي.

رؤساء مجلس العموم البريطاني منذ نهاية الحرب العالمية الثانية:
دوغلاس كليفتون براون (محافظ): 1943 - 1951
ويليام موريسون (محافظ): 1951 - 1959
السير هاري هيلتون - فوستر (محافظ): 1959 - 1965
الدكتور هوراس كينغ (عمالي): 1965 - 1971
سلوين لويد (محافظ): 1971 - 1976
جورج توماس (عمالي): 1976 - 1983
برنارد ويذيريل (محافظ): 1983 - 1992
بيتي بوثرويد (عمالية): 1992 - 2000
مايكل مارتن (عمالي): 2000 - 2009
جون بيركو (محافظ): 2009 - ...


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»