وسيلة المواصلات الأسرع والأكثر شعبية في القاهرة تدخل «دائرة الإشاعات»

الحكومة تحذر من إثارة المواطنين بمزاعم خصخصة مترو الأنفاق

مترو الخط الأول (المرج - حلوان) في محطة غمرة (الشرق الأوسط)
مترو الخط الأول (المرج - حلوان) في محطة غمرة (الشرق الأوسط)
TT

وسيلة المواصلات الأسرع والأكثر شعبية في القاهرة تدخل «دائرة الإشاعات»

مترو الخط الأول (المرج - حلوان) في محطة غمرة (الشرق الأوسط)
مترو الخط الأول (المرج - حلوان) في محطة غمرة (الشرق الأوسط)

دخل مترو أنفاق القاهرة، وسيلة المواصلات الأسرع والأكثر شعبية في العاصمة المصرية «دائرة الإشاعات» أمس، عقب ما تردد عن اتجاه الحكومة المصرية لخصخصة المرفق الذي يخدم ما يقرب من 3 ملايين راكب يومياً، ما دفع الحكومة للرد بقوة على المزاعم التي انتشرت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. ونبهت الحكومة إلى ضرورة تحري الدقة والموضوعية في نشر الحقائق والتواصل مع الجهات المعنية، والتأكد قبل نشر معلومات لا تستند إلى أي حقائق، وتؤدي إلى بلبلة الرأي العام وإثارة غضب المواطنين.
ويعد المترو وسيلة المواصلات الأساسية لدى غالبية المصريين، نظراً لأنه ينقل المواطنين في فترة وجيزة عبر المدينة، أسفل القاهرة المزدحمة، ويبرز كمنقذ للوقت خاصة في أوقات التكدس المروري، فمع تفاقم مشكلات المرور في شوارع القاهرة وميادينها، أصبح المترو وسيلة المواصلات الأسرع والأكثر أمناً بين المواصلات التي يرتادها جميع طبقات الشعب، حتى من يمتلكون أفخم السيارات، أصبحوا يلجأون إلى المترو هرباً من الأزمات المرورية في أوقات الذروة.
وأكدت الحكومة المصرية أمس، أنه لم ولن يتم خصخصة مرفق مترو الأنفاق باعتباره ملكاً أصيلاً لها وللشعب المصري... وفي يوليو (تموز) الماضي حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من تعرض بلاده لما اعتبره «خطراً حقيقياً يسعى إلى تدمير الدولة من الداخل عبر نشر إشاعات تستهدف فقد الأمل والإحساس بالإحباط».
وقالت وزارة النقل أمس، إن «دور القطاع الخاص يتلخص فقط في كونه سيدخل شريكاً في عملية صيانة وتشغيل وإدارة بعض الخطوط في المترو دون نقل ملكيته أو تبعيته للقطاع الخاص»، لافتة إلى أن «إشراك القطاع الخاص جاء بهدف تحسين الخدمات ورفع كفاءة هذا المرفق المهم والحيوي»، مؤكدة أن جميع خطوط المترو ستكون تحت إشراف الهيئة القومية للأنفاق، لافتة إلى سعيها خلال الفترة الحالية لتحقيق نهضة كبيرة في هذا القطاع، من خلال وضع خطة التطوير الشامل له.
ويقول أحمد علي (50 سنة): «أركب المترو مرتين في اليوم الواحد، وما تردد عن خصخصة المترو أصابنا بالإحباط فعلاً، خاصة أن الإشاعة ترددت مساء الليلة قبل الماضية بقوة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» رغم أن التذكرة الواحدة بـ«7 جنيهات» (رحلة واحدة)؛ فإنها أرخص وسيلة مواصلات في مصر، خاصة للأسر البسيطة، وطلاب المدارس والجامعات والموظفين الرسميين.
ورواد مترو الأنفاق أغلبهم أناس عاديون يصارعون الزحام يومياً للذهاب إلى أعمالهم، معظمهم يجلس أو يقف في عربات المترو إما صامتا، وإما يتحدث بصوت خافت، وإما يضع سماعة هواتفه الجوال لسماع الأغاني، وإما يقرأ القرآن الكريم. وقالت الأربعينية أمينة قاسم لـ«الشرق الأوسط» إن «المترو وسيلتنا الوحيدة للتنقل، والحديث في المترو أمس كان على هذه الإشاعة، ووجوه الأسر المُصطحبة أولادها للخروج أمس (الجمعة) للتنزه أو زيارة الأقارب، كان عليها علامات من الغضب والتعجب». مضيفة: عندما سألنا موظفي شباك التذكر، لم يكن لديه أي معلومات عن الأمر... وردد بعفوية: «تلاقيها إشاعة من جماعة الإخوان».
وتنتشر أنباء على مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع إعلامية بعضها ينتمي إلى جماعة «الإخوان» التي تعتبرها السلطات المصرية تنظيماً إرهابياً، تتعلق بأحوال المصريين؛ لكن سرعان ما يتم نفيها رسمياً ويتبين عدم صحتها.
ويطالب مراقبون بضرورة الرد على الكتائب الإلكترونية المعادية لمصر بآليات قوية، والتصدي للحسابات التابعة لـ«الإخوان» على موقع التواصل.
وبدأ مترو الأنفاق في أواخر ثمانينات القرن الماضي يقتحم القاهرة بخطوطه الثلاثة (المرج - حلوان)، و(شبرا - الجيزة)، و(العباسية - مدينة نصر). وتحول عقب ثورتي «25 يناير (كانون الثاني)» و«30 يونيو (حزيران)» اللتين أسقطتا نظامي حسني مبارك ومحمد مرسي، من مجرد وسيلة مواصلات إلى مشارك رئيسي في الثورتين، حيث كان ينقل المتظاهرين إلى محطة ميدان التحرير (ميدان الثورة) بوسط القاهرة على أنغام الأغاني الوطنية، وهي المحطة التي أغلقت أكثر من مرة لدواع أمنية... كما تم تغيير اسم محطة مبارك، إحدى المحطات الرئيسية الكبرى بميدان رمسيس إلى «محطة الشهداء» تكريماً للشهداء.
وتضيف السيدة أمينة قاسم، أن «جماعة الإخوان تعرف جيداً مقدار قيمة المترو في حياة المصريين، وأي حديث حول زيادة التذاكر، أو الخصخصة، أو تعطله، أو غلق محطات، يربك حياة الأسر».
وسبق أن تعرضت محطات المترو بعد عزل مرسي، لمحاولات إرهابية من قبل جماعة «الإخوان» وأنصارهم، وجرى ضبط قنابل وعبوات ناسفة بحوزة أفراد كانوا يسعون لتفجيرها في المحطات. وقال مصدر في الشركة المصرية لمترو الأنفاق لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حملة إشاعات يرددها البعض على المترو بهدف أغراض سياسية».
وأوضحت وزارة النقل أمس، أنها «تعمل جاهدة وبشكل مستمر على تقديم جميع الخدمات المميزة لجمهور الركاب، وأن جميع قطارات مترو الأنفاق بخطوطه الثلاثة جاهزة تماماً لنقل جموع الركاب، كما سيتم الدفع بقطارات إضافية أوقات الذروة الصباحية والمسائية».
من جهته، تفقد الدكتور هشام عرفات وزير النقل، عددا من محطات الخط الأول لمترو الأنفاق الليلة قبل الماضية، واطمأن على زمن التقاطر، ومستوى النظافة، وعمل بوابات التذاكر، وكاميرات المراقبة... والتقى الوزير عدداً من الركاب، ودار حوار حول مستوى الخدمة بالخط الأول.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.