ريا الحسن أول وزيرة داخلية في العالم العربي وندى البستاني للطاقة

4 نساء في الحكومة للمرة الأولى في تاريخ لبنان

ريا الحسن - مي شدياق - ندى البستاني - فيوليت الصفدي
ريا الحسن - مي شدياق - ندى البستاني - فيوليت الصفدي
TT

ريا الحسن أول وزيرة داخلية في العالم العربي وندى البستاني للطاقة

ريا الحسن - مي شدياق - ندى البستاني - فيوليت الصفدي
ريا الحسن - مي شدياق - ندى البستاني - فيوليت الصفدي

حققت سيدات لبنان قفزة نوعية في مجال التمثيل الحكومي، بعدما اقتصر تمثيلهن النيابي مؤخراً على 6 سيدات من أصل 127 نائباً، إذ سمّت القوى السياسية، وللمرة الأولى في تاريخ لبنان، 4 نساء ليشغلن 4 وزارات، 2 منها «دسمة»، وهي: الداخلية والطاقة. وقد تولت ريا الحسن، التي سماها رئيس الحكومة سعد الحريري، وزارة الداخلية، لتكون بذلك أول امرأة عربية تشغل هذا المنصب، بعدما تولت من عام 2009 إلى عام 2011 وزارة المال، مما يجعلها أول سيدة أيضاً تتولى وزارتين «سياديتين».
وعبّر الحريري، بعد إعلان تشكيل حكومته التي طالت عملية تأليفها إلى نحو 9 أشهر، عن فخره بالمرأة اللبنانية وبالوزيرات الأربع في الحكومة، كما قال إنه «فخور بأول وزيرة داخلية في العالم العربي، وفخور بالمستقبل، وفخور بلبنان». ولطالما عمل الحريري على إشراك جدي للمرأة في السلطة، وعبّر عن أمله في وقت سابق بأن تتولى سيدة لبنانية قريباً رئاسة الحكومة.
وقالت مصادر مقربة من الحريري لـ«الشرق الأوسط» إنه قرر تسمية ريا الحسن للداخلية لأنه أولاً يريد تمكين المرأة، حيث إنها كفاءة كبيرة، وقد أثبتت ذلك في المالية، ولأنها نظيفة الكف وكادر أساسي في محاربة الفساد والزبائنية، ولأنها ملتزمة بالخط السيادي الوطني والعروبي، كما تمثل الشمال خير تمثيل، وتعرف كيف تختار فريق عملها، وتملك الكفاءة والخبرة اللازمة.
وإلى جانب الحسن، تولت ندى البستاني، التي سماها تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، وزارة الطاقة، وهي من أبرز الوزارات في الحكومة الجديدة، باعتبار أن الأنظار تتجه إليها لحل أزمة الكهرباء التي تُعتبر أولوية لكل القوى السياسية، كما أنها المرجعية في مجال قطاع النفط، خصوصاً أنه من المفترض أن يبدأ لبنان في السنوات القليلة المقبلة استخراجه. وقد استعدت البستاني جيداً لمهمتها الجديدة، باعتبارها شغلت منصب مستشارة وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، سيزار أبي خليل، ومنسقة اللجنة الاستشارية للطاقة والمياه طوال الفترة الماضية، وهي ناشطة بارزة في «التيار الوطني الحرّ».
أما الوزيرة الثالثة، فهي الإعلامية مي شدياق، التي سماها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وهي تُعرف بـ«الشهيدة الحية»، باعتبارها تعرضت لعملية اغتيال في عام 2005، مما أدى لإصابتها بجروح بالغة. وتُعتبر شدياق من «الوزراء الصقور»، نظراً لمعارضتها الشديدة لـ«حزب الله» والنظام السوري الذي تتهم قادته بمحاولة اغتيالها.
وشغلت فيوليت الصفدي، زوجة الوزير والنائب السابق محمد الصفدي، منصب وزيرة الدولة لشؤون التمكين الاقتصادي للشباب والمرأة. والصفدي إعلامية شغلت مناصب عدة، لكن تسمية وزارتها في البداية بوزارة دولة لشؤون التأهيل الاقتصادي للشباب والمرأة أثار امتعاضاً كبيراً في صفوف نساء لبنان، مما استدعى استبدال التسمية بطلب من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة بوزارة دولة لشؤون التمكين الاقتصادي للشباب والمرأة.
وكان التمثيل النسائي في الحكومة السابقة يقتصر على وزيرة واحدة، هي عناية عز الدين، التي سماها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كما كان التمثيل النسائي يقتصر في الأعوام الماضية على وزيرة واحدة أو اثنتين كحد أقصى.
وترى العضو في قيادة «الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي» ليندا مطر أن وجود 4 نساء في الحكومة الجديدة أمر جيد جداً، وبداية واعدة، آملة أن يتم منذ الآن وصاعداً وضع المرأة المناسبة في الوزارة المناسبة، وليس توزيرها لأن زوجها أو والدها فلان. وقالت مطر لـ«الشرق الأوسط»: «المهم ألا نحارب هؤلاء النساء، بل أن نقف إلى جانبهن للنجاح في المهمات الموكلة إليهن»، وأضافت: «يجب أن نعطيهن فترة سماح لنحكم بعدها على أدائهن»، وشددت على وجوب أن تضم الحكومة المقبلة ثلث أعضائها من النساء تمهيداً لاعتماد المناصفة الحكومية.
وقد بلغ عدد المرشحات إلى الانتخابات النيابية عام 2018 بعد إقفال باب الترشيح 111 امرأة، وهو يُعد رقماً غير مسبوق في تاريخ لبنان، وإن كانت نسبة المرشحين الذكور قد فاقت بكثير نسبة الإناث، بحيث سجلت ترشيح 976. وقد نجحت 6 نساء فقط بالدخول إلى المجلس النيابي.



مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)
جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)
TT

مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)
جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)

وصلت سلسلة إجراءات اتخذتها مقديشو تجاه رفض أي تدخُّل بشأن سيادتها على إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، إلى محطة استدعاء السفير الدنماركي ستين أندرسن، عقب مشاركته في متابعة انتخابات الإقليم الرئاسية، والتي أُجريت قبل أيام، وسط ترقب إثيوبي تداعيات الاقتراع، خصوصاً مع نتائج أولية تشير إلى فوز مرشح المعارضة عبد الرحمن عبد الله.

الاستدعاء الدبلوماسي الصومالي، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يُعد امتداداً لسلسلة إجراءات تبنّتها مقديشو، منذ بداية العام، عقب رفضها توقيع إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»؛ بهدف «تأكيد سيادتها وتضييق الخناق دولياً عليه»، مع توقعات بإمكانية استئناف المفاوضات للذهاب إلى حلول قد تكون سبباً في سحب البساط من تحت أقدام أديس أبابا، وخفض التصعيد بمنطقة القرن الأفريقي.

واستدعت وزارة الخارجية الصومالية السفير الدنماركي ستين أندرسن؛ على خلفية «انتهاكه سيادة وحدة البلاد»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية بالبلاد، الأحد، عن وزير الخارجية أحمد معلم فقي، عقب «توجّهه ضمن بعض السفراء لدى البلاد إلى مدينة هرجيسا للمشاركة في الانتخابات التي جرت مؤخراً دون أن يعلنوا، في خطابهم، عن الدولة التي جرى تعيينهم سفراء لها، واخترقوا البروتوكول الدبلوماسي»، مؤكداً أن «موقف الحكومة واضح تجاه الانتخابات في أرض الصومال، التي تعد جزءاً لا يتجزأ من البلاد».

وحذّر وزير الخارجية الصومالي «بعض السفراء لدى البلاد بكتابة مقال يتعارض مع وحدة وسيادة البلاد عند الإعلان عن نتائج الانتخابات في أرض الصومال، والتي تعد شأناً داخلياً».

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (رويترز)

خطوط حمراء

ولم تكن تلك الخطوة الأولى ضمن الخطوط الحمراء التي رسمتها مقديشو في رفضها المساس بسيادتها، حيث وقَّع الرئيس حسن شيخ محمود قانوناً يُلغي اتفاقاً مبدئياً وقّعته إثيوبيا، في يناير (كانون الثاني) 2024، مع إقليم «أرض الصومال»، والذي تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة.

وتوجهت مقديشو إلى الجامعة العربية، وحصلت على دعم إضافي باجتماع طارئ ذهب، في يناير (كانون الثاني) 2024، إلى أن المذكرة باطلة. وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة المتوترة علاقاتها مع أديس أبابا، ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وسط قلق إثيوبي، ومدّ مصر الصومال بأسلحة ومُعدات لمواجهة «الشباب» الإرهابية، وصولاً إلى إعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، رسمياً، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029. وأرجع ذلك إلى «انتهاكها الصارخ سيادة واستقلال الصومال».

وباعتقاد المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، فإن «قرار استدعاء السفير قد يُفهم بأنه تحرك دبلوماسي، في جزء من استراتيجية الصومال لتضييق الخناق على أرض الصومال، قبل العودة إلى أي مفاوضات مرتقبة، إذ تسعى الحكومة إلى تعزيز موقفها في مواجهة أي محاولات لانفصال أو استقلال أرض الصومال، مما قد يؤثر على استقرار المنطقة».

ويَعد المحلل الصومالي «قرار استدعاء سفير الدنمارك أيضاً خطوة تُظهر رغبة الحكومة في الحفاظ على سيادتها، ورفض أي تدخلات خارجية»، لافتاً إلى أن «تحرك بعض السفراء قد يُفسَّر بأنه في إطار ضغوط على الحكومة الصومالية لإحداث تغييرات معينة، أو قد يكون مجرد مراقبة روتينية للانتخابات والأوضاع السياسية، أو محاولة لتوسيع النفوذ الخارجي في منطقة تُعد ذات أهمية استراتيجية».

في المقابل، يرى الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد المنعم أبو إدريس، أن «تحركات السفراء الغربيين، احتفاء بالممارسة الديمقراطية التي تجري هناك لعدة دورات، وليست للتأثير على مقديشو»، موضحة أن «الدولة الغربية التي لديها تأثير كبير هي الولايات المتحدة، من خلال حلفها التاريخي مع إثيوبيا وتعاونهما في مكافحة الإرهاب».

أمل في استئناف المفاوضات

ورغم تلك الإجراءات فإن الصومال لم تقطع شعرة معاوية في التوصل لحلول. وأعرب وزير الخارجية أحمد معلم فقي، في كلمته، عن «أمله في استئناف المفاوضات مع إدارة أرض الصومال»، مؤكداً أن «الحكومة عازمة على إيجاد الحلول للشؤون الداخلية»، دون توضيح ماهية تلك الحلول.

وجاءت تلك الآمال الصومالية الرسمية، قبل أيام من إعلان نتائج الانتخابات في أرض الصومال المقررة في 21 نوفمبر الحالي، والتي تنافس فيها 3 مرشحين؛ بينهم الرئيس الحالي للإقليم موسى بيحي عبدي، والمعارض عبد الرحمن عبد الله، ومرشح حزب «العدالة والتنمية» فيصل ورابي، وجميعهم داعمون لمذكرة التفاهم، وتختلف رؤيتهم حول كيفية إدارة الأزمة مع الصومال. وتشير نتائج أولية إلى «تقدم كبير» للمعارض عبد الرحمن عبد الله، وفق وسائل إعلام صومالية.

وفي المقابل، استمرت إثيوبيا على موقفها الداعم لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وهنأته وزارة الخارجية الإثيوبية، الجمعة، على «النجاح في إجراء انتخابات سلمية وديمقراطية تعكس نضج الحكم». وسبقها، الخميس، تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية نبيات غيتاتشو أن «أديس أبابا ستواصل عملياتها الحاسمة لإضعاف حركة (الشباب الإرهابية)؛ بهدف ضمان عدم تشكيلها تهديداً للأمن القومي الإثيوبي»؛ في إشارة لعدم الخروج من مقديشو.

ولا يعتقد الخبير في الشؤون الأفريقية عبد المنعم أبو إدريس أن «يكون لنتيجة الانتخابات في أرض الصومال تأثير على علاقة مقديشو مع الإقليم، خاصة أن المرشح عبد الرحمن عبد الله لم يُظهر معارضة لمذكرة التفاهم مع إثيوبيا». ويستدرك: «لكن يمكن أن تعود المفاوضات بين مقديشو وأرض الصومال في حال كان هناك طرح لشكل فيدرالي يعطي الأقاليم المختلفة في الصومال الكبير قدراً من الاستقلالية».

ويعتقد المحلل السياسي الصومالي عبد الولي جامع بري أن «تقارب مقديشو مع أرض الصومال قد يثير قلق أديس أبابا، وإذا كانت هناك رغبة في تعزيز العلاقات بين مقديشو وأرض الصومال، فقد تسعى إثيوبيا إلى عرقلة هذا المسار، ومن المحتمل أن تتدخل لإعادة تأكيد نفوذها في المنطقة، خاصةً في إطار مذكرة التفاهم القائمة».

ويؤكد أن «أي حل محتمل في هذه الأزمة سيكون له تأثير كبير على الأوضاع في القرن الأفريقي، واستقرار مقديشو وأرض الصومال، ويمكن أن يُفضي إلى تعزيز التعاون الإقليمي، بينما أي تصعيد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والسياسية في المنطقة».