واشنطن تعلقّ العمل بمعاهدة الصواريخ النووية مع روسيا

ترمب يعرض معايير جديدة للتفاوض

واشنطن تعلقّ العمل بمعاهدة الصواريخ النووية مع روسيا
TT

واشنطن تعلقّ العمل بمعاهدة الصواريخ النووية مع روسيا

واشنطن تعلقّ العمل بمعاهدة الصواريخ النووية مع روسيا

أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أن الولايات المتحدة ستعلق معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى «إن إف تي»، التي تم توقيعها عام 1987 وظلت محور الأمن الأوروبي لعقود. وقال بومبيو، خلال مؤتمر صحافي صباح أمس الجمعة، إن «انتهاكات روسيا تضع الملايين من الأوروبيين والأميركيين في خطر أكبر، ومن واجبنا أن نستجيب بشكل مناسب»، مضيفا أن الولايات المتحدة قدمت «متسعا من الوقت» لروسيا للعودة إلى الامتثال للمعاهدة. وتابع وزير الخارجية: «على مدى سنوات، انتهكت روسيا شروط معاهدة القوى النووية متوسطة المدى دون ندم»، مضيفا: «لا يوجد معني لاستمرار التزام الولايات المتحدة بالمعاهدة إذا لم تلتزم روسيا بذلك».
وتحظر المعاهدة جميع الصواريخ الأرضية التي يتراوح مداها بين 500 إلى 5500 كيلومتر، وتم توقيع هذه المعاهدة خصيصا لإبقاء الصواريخ النووية الأرضية خارج أوروبا.
من جانبه، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الولايات المتحدة مستعدة للتفاوض مع روسيا للحد من التسلح في إطار معايير جديدة تلزم الطرفين ببنود الحد من التسلح. وقال في بيان أمس: «لا تزال إدارتي ملتزمة بالتحكم الفعال في الأسلحة الذي يدفع بأمن الولايات المتحدة وحلفائها وأمن الشركاء، بشكل يمكن التحقق منه وقابل للتنفيذ. حتى يتسنى للحد من التسلح المساهمة الفعالة في تحقيق الأمن القومي، ويجب على جميع الأطراف تنفيذ التزاماتهم بإخلاص. نحن على استعداد للمشاركة مع روسيا في مفاوضات الحد من التسلح في إطار هذه المعايير».
وأضاف: «الأهم من ذلك، أن نطور، ربما للمرة الأولى على الإطلاق، علاقة متميزة على المستويات الاقتصادية والتجارية والسياسية والعسكرية. سيكون هذا أمرا رائعا بالنسبة لروسيا والولايات المتحدة، وسيكون أيضا رائعا للعالم».

وتابع: «لقد انتهكت روسيا لفترة طويلة جداً معاهدة القوات النووية متوسطة المدى (آي إن إف) مع الإفلات من العقاب. وطورت وأرست قذائف محظورة بشكل سري، الأمر الذي يشكل تهديداً مباشرا لحلفائنا وقواتنا في الخارج. غدا (اليوم السبت) ستعلق الولايات المتحدة التزاماتها بموجب معاهدة (آي إن إف) وستبدأ عملية الانسحاب منها، التي سيتم الانتهاء منها خلال 6 أشهر، ما لم تعد روسيا إلى الالتزام من خلال تدمير كل صواريخها وقاذفاتها والمعدات المرتبطة بها. حلفاؤنا في حلف الناتو يدعموننا بشكل كامل، لأنهم يدركون التهديد الذي يشكله انتهاك روسيا، والمخاطر التي ينطوي عليها الحد من التسلح مع تجاهل انتهاكات المعاهدة».
وأضاف: «لقد التزمت الولايات المتحدة بشكل كامل بمعاهدة (آي إن إف) منذ أكثر من 30 عاما، لكننا لن نظل مقيدين بشروطها بينما تقوم روسيا بتضليل أفعالها. لا يمكننا أن نكون البلد الوحيد في العالم الذي يلتزم، من جانب واحد، بهذه المعاهدة أو أي معاهدة أخرى. سوف نمضي قدما في تطوير خياراتنا للرد العسكري، وسنعمل مع حلف الناتو وحلفائنا وشركائنا الآخرين على حرمان روسيا من أي ميزة عسكرية من سلوكها غير القانوني».
تعهدت وزارة الخارجية الروسية أمس (الجمعة)، باتخاذ إجراءات رداً على انسحاب الولايات المتحدة المقرر من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الروسية «تاس»، إن «موسكو تحتفظ بحق الرد بإجراءات مناسبة. وسيحدث ذلك بشكل طبيعي». وقالت زاخاروفا إن الولايات المتحدة تنسحب من المعاهدة «كاستراتيجية كي تتخلص من التزاماتها القانونية الدولية».
أعلن المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أمس الجمعة، أن واشنطن لم تبلغ موسكو بالإجراءات المستقبلية فيما يخص معاهدة التخلص من الصواريخ، بحسب وسائل إعلام روسية. وأضاف: «لكن عدم رغبة الولايات المتحدة في التفاوض حول هذا الموضوع يشير إلى أن القرار اتخذ منذ فترة طويلة، وسوف يبدأ تنفيذه قريبا». وأضاف بيسكوف للصحافيين، ردا على سؤال عما إذا كانت موسكو تسلمت من واشنطن أي إشعارات: «لا، ولكن بقدر ما نفهم، أنه في الثاني من فبراير (شباط) نظريا، يجب أن نتلقى نوعا من الإشعار من الولايات المتحدة».
من ناحية أخرى، أصدرت لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب، أول من أمس، حقائق حول خداع روسيا المستمر في الالتزام بالمعاهدة. وجاء في الوثيقة: «لقد انتهكت روسيا معاهدة (آي إن إف) لمدة لا تقل عن عشر سنوات. في ذلك الوقت، حثهم رؤساء كلا الحزبين على العودة إلى الامتثال، وقد قام الكونغرس بتوجيه اللوم عليهم، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات ضدهم، وهدد الرئيس بالانسحاب من المعاهدة. إلا أن أيا من هذه الإجراءات لم يقنع روسيا بالعودة إلى الامتثال. بدلاً من ذلك، أمضت عقدا من الزمن في تطوير قدرة لا نستطيع الرد عليها. ويقوم أعداء آخرون، مثل الصين بتطوير أسلحة مماثلة للاستفادة من الالتزام الأميركي من جانب واحد».
وأضافت: «إن الشعب الأميركي يشعر بالقلق من محاولات روسيا العدوانية الكثيرة لتقويض المصالح الأميركية. يجب أن نواصل العقوبات استجابة للتدخل في انتخاباتنا وغزو جيرانها. يجب أن نستمر في إعادة بناء قوتنا العسكرية في أوروبا بينما ندعم حلفائنا. ويجب علينا الانسحاب من معاهدة لم تعد توفر الاستقرار الاستراتيجي الذي كان من المفترض تقديمه».
وعلى الرغم من إعلان الإدارة الأميركية تعليق المعاهدة، فإنه سيكون أمام روسيا ستة أشهر كفرصة أخيرة للالتزام ببنود المعاهدة، ومحاولة إنقاذها، غير أن كثيرا من المراقبين يتوقعون أن ترفض روسيا الالتزام، مما يزيد مخاطر نشوب سباق تسلح جديد في أوروبا، والذي قد يكلف ميزانيات كثير من الدول، وعلى رأسها روسيا والولايات المتحدة والصين، مليارات الدولارات. وبدءا من اليوم، لن تكون الولايات المتحدة ملتزمة ببنود المعاهدة حتى يتم استكمال إجراءات انسحابها. وكان ممثلا الولايات المتحدة وروسيا، أعلنا الخميس، أنهما فشلا في تسوية خلافات الدولتين حول المعاهدة. وأكدت كل من أندريا تومبسون، وكيلة وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الحد من التسلح، وسيرغي ريابكوف، نائبة وزير الخارجية الروسي، أنهما فشلا في التوصل إلى حلول لإنقاذ المعاهدة النووية. وأنهت تومبسون وريابكوف، آخر محادثات بين روسيا وأميركا حول المعاهدة. وكانا قد التقيا على هامش اجتماعات القوى النووية المنعقدة في بكين. وقال سيرغي ريابكوف، إن موسكو ستواصل العمل لمحاولة التوصل إلى اتفاق على الرغم من فشل المحادثات، واتهم واشنطن بتجاهل الشكاوى الروسية بشأن الصواريخ الأميركية وتبنيها موقفا مدمرا في المحادثات. وأضاف أن الولايات المتحدة لم تكن تتوقع أي نتائج من المحادثات وأن مهلة الستين يوما التي أعلنت عنها كانت مجرد «لعبة لتغطية قرارها الداخلي بالانسحاب من المعاهدة».
ومند عام 2014 تتهم الولايات المتحدة روسيا بانتهاك معاهدة الحد من الأسلحة النووية، وتزعم أن صاروخ الروسي «كروز 9M729» الذي يطلق من الأرض، يدخل في نطاق المعاهدة. بينما تقول روسيا إن نظام الدفاع الصاروخي الأميركي «إيجيس» المنتشر في أوروبا يتشابه مع صواريخ كروز الروسية، أو ما يطلق عليها (9M729) التي تدعي واشنطن أنها تخالف المعاهدة.
جدير بالذكر أنه إذا انسحبت الولايات المتحدة، يمكن أن تمضي روسيا في نشر المزيد من الصواريخ التي يُزعم أنها تنتهك المعاهدة. بينما ستقوم الولايات المتحدة بالفعل بتطوير سلاح خاص بها لمواجهة ذلك. كما أن زوال المعاهدة من شأنه أن يحرر الولايات المتحدة من نشر أسلحة نووية متوسطة المدى لمواجهة نشر الصين لهذا النوع من الأسلحة، مما قد يؤدي إلى تصاعد التوتر في آسيا، في الوقت الذي يري فيه الرئيس ترمب أن الولايات المتحدة «يجب أن تعزز وتوسع قدرتها النووية بشكل كبير».
ويعني انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة أن الاتفاق الوحيد المتبقي لضبط وتنظيم الترسانة النووية لدى أكبر قوتين نوويتين في العالم سينتهي في 2021. وهي المعاهدة التي وقعها الرئيسان السابقان الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف، في عام 2010. ويمكن تمديد المعاهدة لمدة خمس سنوات إذا وافق الطرفان، إلا أنه حتى الأن لم تبدأ أي محادثات بشأن تمديدها.

- الأوروبيون قلقون من أن تصبح قارتهم «أرض معركة»
أعرب كثير من وزراء الخارجية الأوروبيين عن قلقهم بشأن انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة. وقالت المسؤولة العليا للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فيديركا موغيريني، عقب اجتماع لوزراء خارجية التكتل في بوخارست: «ندعو إلى الحفاظ على هذه المعاهدة في ظل إذعان كامل من الطرفين»، مشيرة إلى أن أوروبا لا تريد أن تتحول إلى «قاعة معركة... حيث تواجه القوى الكبرى بعضها». وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس «من دون معاهدة القوى النوية المتوسطة المدى فسيكون هناك أمن أقل». وأشار إلى أن الخروقات الروسية ألغت المعاهدة. وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن: «جغرافياً نحن من سيعاني في حال عودة التسلح إلى الأجندة»، حيث حث واشنطن وموسكو على استخدام الأشهر الستة المقبلة للحوار. وقال نظيره البلجيكي ديدييه رايندرز إن الانسحاب من المعاهدة ليس النهج الصحيح لـ«النضال من أجل حظر انتشار الأسلحة النووية». ويخشى كثيرون في أوروبا من أن انسحاب أميركا سوف يؤدي إلى نقاش بشأن إعادة التسلح النووي.
وفي برلين، قال المتحدث باسم الحكومة، شتيفان زايبرت، إن ألمانيا سوف تجري محادثات مع شركائها بحلف شمال الأطلسي (ناتو) بشأن الإجراءات الضرورية لـ«ضمان الردع والقدرات الدفاعية للحلف» من دون معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى. وأضاف زايبرت: «إذا أعلنت أميركا انسحابها، فسوف تكون الكرة في ملعب موسكو لإنقاذ المعاهدة».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.