أميركا تكشف تعهد كوريا الشمالية «تفكيك سلاحها النووي»

بعد جولات ولقاءات مكوكية في الملف الأميركي - الكوري الشمالي، أكدت الولايات المتحدة الأميركية تعهد كوريا الشمالية إيقاف تخصيب المنشآت النووية، الأمر الذي يدفع زعيمي البلدين إلى عقد القمة الثانية بينهما نهاية الشهر الحالي، ورغم إعلان هذه التأكيدات الأميركية الرسمية أمس، فإن كوريا الشمالية لم تعلن ذلك التعهد ولم تعلق على ذلك حتى الآن.
وقال ستيفن بيغون المبعوث الأميركي الخاص إلى كوريا الشمالية في كلمة له أمس بجامعة ستانفورد الأميركية، إن كوريا الشمالية تعهدت تدمير جميع منشآت تخصيب المواد النووية التي لديها، وذلك بعد تقديم وزير خارجيتها وعداً لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عندما كان في كوريا الشمالية في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي. واشترط بيغون الذي سيزور كوريا الجنوبية غداً الأحد، للتوصل إلى حل أو اتفاق بين البلدين، على توفير كوريا الشمالية قائمة كاملة من أصولها النووية قبل أن يتم التوصل إلى أي اتفاق، مشيراً إلى أن الخبراء الأميركيين يعتقدون أن كوريا الشمالية لديها أكثر من موقع لتخصيب الوقود النووي، إلى جانب المنشأة المعروفة في يونجبيون شمال بيونغ يانغ. وكان الرئيس دونالد ترمب قد قال في تصريحات سابقة إن تقدماً هائلاً يسير في المحادثات بين الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الشمالية، وذلك خلال حديثه في المكتب البيضاوي أول من أمس الخميس، لافتاً إلى أنه سيعلن قريبا عن موعد ومكان انعقاد القمة الثانية التي ستجمعه مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
ويعد لقاء الزعيمين في سنغافورة العام الماضي علامة مهمة بين الطرفين في تقدم مفاوضات السلام ونزع السلاح النووي، إذ وقّع الرئيس الكوري على إعلان اعتبره البعض تفاؤلا بالمستقبل، لكنه غامض من ناحية التزامهما بنزع السلاح النووي. وأشار ستيفن بيغون الذي تولى منصبه قبل خمسة أشهر، إلى أن الرئيس ترمب كان «على استعداد لإنهاء هذه الحرب الباردة والمقاطعة بين الطرفين»، مؤكداً «لن نغزوا كوريا الشمالية، ونحن لا نسعى للإطاحة بالنظام». وأفاد بيغون بأن واشنطن مستعدة لمناقشة مجموعة من إجراءات بناء الثقة مع بيونغ يانغ، إذا التزم الزعيم الكوري الشمالي في محادثاته مع بومبيو «بتفكيك وتدمير» جميع منشآته من البلوتونيوم واليورانيوم، التي توفر المواد للأسلحة النووية، لكنه أكد مجددا أن الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات حتى يتم إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية بالكامل، مطالبا «بفهم كامل لمدى وقف أسلحة الدمار الشامل الكورية الشمالية، وبرامج الصواريخ من خلال إعلان شامل». وأضاف: «لقد رفضت كوريا الشمالية منذ فترة طويلة تقديم تقرير كامل عن قدراتها النووية، والوسائل التي يتم من خلالها التحقق من أي استسلام أو تفكيك للأسلحة النووية كانت دائما نقطة تشوب في المفاوضات، إلا أنه لدى البلد منشأة معروفة لإنتاج الوقود النووي في يونغبيون، التي كانت مصدر البلوتونيوم لبرنامج أسلحتها النووية، مع ذلك فإن موقف الولايات المتحدة يظل قائماً بأنها لن ترفع العقوبات حتى يتم إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، وليس لدينا تعريف محدد ومتفق عليه لماهية نزع السلاح النووي النهائي، وكذلك التحقق الكامل من الأسلحة النووية أو نزع السلاح النووي الشامل الذي يمكن التحقق منه ولا رجعة فيه».
واعترف ستيفن بيغون بأن كوريا الشمالية والولايات المتحدة لم يكن لديهما تعريف مشترك لما يعنيه نزع السلاح النووي، وقال أيضا إنه لم يكن هناك أي نقاش مع كوريا الشمالية حول ما إذا كان من الممكن سحب 28500 من الأفراد العسكريين الأميركيين المتمركزين في كوريا الجنوبية كخطوة تساهلية، مؤكداً أن الولايات المتحدة لديها خطط «طوارئ» في مكانها إذا انهارت العملية الدبلوماسية. ومع ذلك يعتقد خبراء أدلوا بتصريحات لعدد من وسائل الإعلام الأميركية، أن هناك منشأة أخرى غير معلنة على الأقل لتخصيب الوقود النووي في كوريا الشمالية، ولطالما قالت كوريا الشمالية إن برنامجها النووي ضروري لبقائها، وأنها لن تتخلى عنه من جانب واحد ما لم تعد تواجه تهديدا نوويا من الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من الأصوات الإيجابية الصادرة عن البيت الأبيض، فإنه لا يزال هناك من يشكك في شبه الجزيرة الكورية وفي الولايات المتحدة، وقد قدم قادة الاستخبارات الأميركية تقرير تقييم التهديد العالمي السنوي إلى مجلس الشيوخ الأميركي في وقت سابق من هذا الأسبوع، الذي قدر أن كوريا الشمالية «من المستبعد أن تتخلى» عن برنامجها للأسلحة.
وكان مدير وكالة الاستخبارات الوطنية دان كوتس قال في جلسة الاستماع السنوية أمام مجلس الشيوخ بالكونغرس عن التهديدات التي تواجه البلاد، إن كوريا الشمالية من غير المرجح أن تتخلى عن أسلحتها النووية لأن «قادتها ينظرون في نهاية المطاف إلى الأسلحة النووية على أنها حيوية لبقاء النظام، وأن هذا الرأي يتناقض بشكل صارخ مع تعليقات الرئيس دونالد ترمب، الذي أعلن في يونيو (حزيران) الماضي أن كوريا الشمالية لم تعد تشكل تهديدا نوويا»، مستشهداً بمحادثاته مع الزعيم كيم جونغ أون.
يذكر أن الرئيس دونالد ترمب التقى كيم يونغ تشول مبعوث الرئيس الكوري الشمالي في البيت الأبيض الشهر الماضي لمدة ساعة ونصف، وذلك لمناقشة مسألة نزع الأسلحة النووية وترتيبات القمة الثانية بين زعيمي البلدين، إذ يعتبر ملف الأسلحة النووية الكورية أحد أهم الملفات التي تعمل الإدارة الأميركية على تفكيكه وتحقيق نجاح دبلوماسي فيه، كما لم يسبق لأي إدارة أميركية أخرى العمل عليه.