اتهامات متبادلة وملامح مواجهات تسبق انطلاقة الحكومة

TT

اتهامات متبادلة وملامح مواجهات تسبق انطلاقة الحكومة

الارتياح الذي عكسه تأليف الحكومة منذ اللحظة الأولى للإعلان عنها وما رافقه من مواقف مرحّبة، خرقه موقفا رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع اللذين غرّدا خارج هذه الأجواء، ما طرح علامة استفهام عما إذا كانت المواجهة بدأت حتى قبل حتى أن تنطلق الحكومة التي يطلق عليها البعض تسمية «حكومة سيدر»، فيما ذهب «الاشتراكي» إلى وصفها بـ«حكومة الصفقات في هذا العهد».
وفي الوقت الذي كان رئيس الحكومة سعد الحريري مجتمعاً مع رئيس الجمهورية ميشال عون تحضيراً لإعلان خبر التشكيل، مساء أول من أمس، كان جعجع يعلن من مقره في معراب قبوله الحصول على وزارة التنمية الإدارية مقابل التنازل عن «الثقافة»، رامياً بجملة حملت أكثر من تفسير، أهمها عدم رضاه بشكل كامل عن الحكومة، قائلاً: «لا حقائب حقيرة، بل أشخاص حقيرون». وبفارق دقائق معدودة، وتحديداً بعد الإعلان عن الحكومة، جاء موقف جنبلاط ليطلق صافرة المواجهة بالقول: «الطوق السياسي سيزداد، وسنواجه بكل هدوء». لكن هدوء جنبلاط لم ينعكس على وزير الصناعة في الحكومة الجديدة، والقيادي في الاشتراكي، وائل أبو فاعور الذي قال: «زرعوا الخناجر، الأقربون قبل الأبعدين، في هذه الحكومة، وسنكسرها نصلاً تلو نصل، لأن قدرنا الانتصار».
ومع تأكيده على أن «القوات» لن يقبل تمرير الصفقات، وسيعمل وزراؤه ضمن ثوابته، يخفّف كميل أبو سليمان، المغترب العائد إلى لبنان لتولي منصب وزارة العمل، من كلام جعجع، موضحاً: «ما كان يقصده رئيس الحزب ليس أكثر من أن الأهمية ليست في الوزارة بقدر ما هي بأداء الشخص وعمله للقيام بواجباته من أي مكان أو منصب وُجِد فيه».
في المقابل، يصف أمين السر العام في «الحزب التقدمي الاشتراكي» ظافر ناصر، الحكومة الجديدة بـ«حكومة الصفقات في هذا العهد»، مؤكداً: «لن نتهاون، وسنقف في مواجهة الصفقات والفساد».
ويقول أبو سليمان لـ«الشرق الأوسط»: «ندخل إلى الحكومة بإيجابية وندرك صعوبة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، لذا نتعامل مع كل قضية على حدة، ونأخذ قراراتنا على هذا الأساس بغض النظر عن التوازنات والتحالفات السياسية».
وما قاله أبو سليمان أكدته مصادر في «القوات» اعتبرت أن كلام جعجع كان تعبيراً عن استياء من تأخير تشكيل الحكومة، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نفتح صفحة بيضاء في الحكومة الجديدة مع تمسكنا بتطبيق القوانين، لكن إذا لم يكن هذا الأمر موجوداً لدى البعض أو الجميع، فسنكون بالتأكيد في المواجهة، كما أننا سنكون متعاونين إلى أبعد الحدود مَن هو في التوجه نفسه»، معبّرة عن أملها في أن يكون البعض اتّعظ من التجارب السابقة».
ويوضح ناصر موقف «الاشتراكي» قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «مع التسوية الحكومية التي أنجزت بدأت تظهر الصفقات، وهو ما جعلنا نحذّر من التمادي في هذا الموضوع في ظل وضع غير مطمئن». ومع تذكيره بتحفظات حزبه على ملف الكهرباء وغيره من الملفات، رأى أن السير في هذه السياسة لا يعطي أملا بل على العكس سينعكس سلبا على تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر إذا لم تتم الإصلاحات بما يتلاءم مع مصالح اللبنانيين وحفظ ثروات البلاد والمال العام».
وبالنسبة إلى مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية سامي نادر، فإن «الحكومة التي يصح تسميتها بحكومة «سيدر» أو الفرصة الاقتصادية الأخيرة التي أتت نتيجة اتفاق إيراني - فرنسي، ستحمل على طاولتها قضايا خلافية قديمة، إضافة إلى أخرى جديدة، أهمها تلك المتعلقة بإصلاحات مؤتمر (سيدر)». ويرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن مواقف «القوات» و«الاشتراكي» أتت نتيجة دفعهما الثمن الأكبر في الحكومة «بعد تنازلهما عما كانا يطالبان به في عدد الوزراء ونوعية الوزارات».
من هنا، يعتبر نادر أن الخلافات السابقة ستستمر في الحكومة الجديدة، وستتركز على المستوى السياسي، حول موضوع التطبيع مع سوريا، وبين من يسعى للالتصاق أكثر بالمحور الإيراني، ومن يرفض هذا الأمر، إضافة إلى الخلاف على سلاح «حزب الله»، المستمر منذ سنوات. أما الأهم فسيكون، وفق نادر، مرتبطاً بالسياسة الاقتصادية وكيفية تمويل المالية العامة وضبط الإنفاق.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.