«جمعة مواجهات» جديدة في الضفة والقطاع

متظاهرون فلسطينيون خلال المواجهات في غزة (رويترز)
متظاهرون فلسطينيون خلال المواجهات في غزة (رويترز)
TT

«جمعة مواجهات» جديدة في الضفة والقطاع

متظاهرون فلسطينيون خلال المواجهات في غزة (رويترز)
متظاهرون فلسطينيون خلال المواجهات في غزة (رويترز)

أصيب عدد من الفلسطينيين بالرصاص والاختناق، أمس الجمعة، في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في شرق قطاع غزة. وأعلن مسعفون عن عدد من الإصابات بالرصاص الحي والمطاطي والاختناق، وكان بين المصابين صحافي أصيب بالرصاص الحي جراء قمع الجيش الإسرائيلي متظاهرين، اقتربوا من السياج الحدودي شرق قطاع غزة.
ودعت الهيئة العليا لمسيرات العودة في غزة، إلى أوسع مشاركة شعبية في احتجاجات أمس، تحت شعار «أسرانا ليسوا وحدهم» في إشارة تضامن مع الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل.
وهذه الجمعة رقم 45 منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 مارس (آذار) الماضي، والتي قتل فيها أكثر من 250 فلسطينياً، وأصيب 26 ألفاً آخرين بجروح وحالات اختناق، بحسب إحصائيات فلسطينية. وتطالب الاحتجاجات برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، منذ منتصف عام 2007.
وأتت مواجهات أمس الجمعة وسط مباحثات يجريها مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، ووفد أمني مصري، مع قيادة حركة «حماس» في غزة. وعقد اجتماع ثلاثي ضم قيادة «حماس» وميلادينوف والوفد المصري صباح أمس، وانضم لاحقاً رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية.
وقال هنية للصحافيين عقب أداء صلاة الجمعة في غزة، إن «قضية فلسطين قضية مركزية. وغزة بصمودها وتضحياتها هي منطقة اجتذاب سياسي واهتمام، وما يجري في غزة يؤثر على كل المشهد الفلسطيني العام والمنطقة».
واعتبر أن اللقاءات المشتركة مع الأمم المتحدة والوفد المصري «تؤشر لأمرين: الأول يتعلق بالمشروع الوطني والقضية الفلسطينية في بعدها السياسي، والأوضاع المتعلقة بغزة ومسيرات العودة وكسر الحصار؛ حيث إن المشهد الفلسطيني في مفترق طرق ومرحلة حساسة، يحيط بها كثير من التحديات، ولكنه يحمل كثيراً من الفرص والآفاق».
وأضاف أن الأمر الثاني يتعلق بالاهتمام والمتابعة من العناصر الثلاثة، التي تحركت خلال الفترة الماضية بخصوص غزة (الأمم المتحدة ومصر وقطر) إلى جانب كثير من الدول الأوروبية.
وفي الضفة الغربية، وقعت عشرات الإصابات خلال عمليات قمع إسرائيلية للمسيرات السلمية الفلسطينية. وأصيب 15 مواطناً بالرصاص الحي، خلال المواجهات العنيفة التي اندلعت في قرية المغير، بين الأهالي وقوات الاحتلال التي قمعت المشاركين في صلاة الجمعة، التي تقام أسبوعياً على الأراضي المهددة بالمصادرة. وجاءت الإصابات من جراء إطلاق الرصاص الحي والمعدني والإسفنجي بغزارة نحو المواطنين.
وقمعت قوات الاحتلال مسيرة بلعين الأسبوعية، التي انطلقت عقب صلاة الجمعة من وسط القرية باتجاه جدار الفصل العنصري الجديد، في منطقة أبو ليمون. وأطلق جنود الاحتلال القنابل الصوتية تجاه المشاركين في المسيرة، وقاموا بتصوير المشاركين من فوق الأبراج العسكرية المقامة على جدار الفصل العنصري. وشارك في المسيرة التي دعت إليها اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في بلعين، أهالي القرية، ونشطاء سلام إسرائيليون ومتضامنون أجانب. ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، وجابوا شوارع القرية وهم يرددون الهتافات الداعية إلى الوحدة الوطنية، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق سراح جميع الأسرى، والحرية لفلسطين، وعودة جميع اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم التي هجروا منها.
كما أصيب مواطنان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة قرية كفر قدوم، شرق محافظة قلقيلية، الأسبوعية السلمية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ أكثر من 15 عاماً. وقال منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم، مراد شتيوي، إن قوة كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت القرية، واعتلت أسطح منازل المواطنين بعد تحطيم أبوابها الخارجية، وأطلقت الرصاص الحي والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى لإصابة مواطنين، أحدهما بالكتف والآخر في اليد، إضافة إلى العشرات بالاختناق جرى علاجهم ميدانياً من قبل طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
وأوضح أن مواجهات عنيفة اندلعت عقب تصدي الشبان للجنود بالحجارة، وأجبروهم على التراجع، وأفشلوا كميناً لهم نصبوه داخل أحد المنازل المهجورة بنية اعتقال شبان من القرية، مشيراً إلى أن قوات الاحتلال بدأت تكثيف عمليات تصوير الشبان.
وفي القدس، أدى خمسون ألف مواطن من القدس وخارجها صلاة الجمعة برحاب المسجد الأقصى المبارك، رغم إجراءات الاحتلال المشددة في مدينة القدس المحتلة ومحيطها. وقال خطيب الجمعة، الشيخ إسماعيل نواهضة، إن «مدينة القدس والمسجد الأقصى يمران بنكبة حضارية تاريخية إنسانية وجغرافية». وأضاف أن «القدس والأقصى يتعرضان هذه الأيام لخطر متجدد، ونشاهد إقدام الاحتلال على خطوات خطيرة لا يستهان بها، مستغلاً الأوضاع في المنطقة، وذلك بطمس معالم المدينة المقدسة، وتغيير هويتها العربية الإسلامية، وتزوير تاريخها، وتجفيف الوجود الفلسطيني فيها، وينطبق هذا الأمر على بقية المدن والقرى الفلسطينية، كمصادرة الأراضي وتجريفها، وقطع أشجارها، وهدم مؤسساتها».
ولفت نواهضة إلى أن «المسجد الأقصى يُقتحم يومياً من قبل المتطرفين والحاقدين ومسؤولي الاحتلال، والعمل جارٍ على تقسيمه زمانياً ومكانياً على مرأى ومسمع دول العالم». وأوضح خطيب الأقصى أن «اعتداءات الاحتلال غير مسبوقة، وتشمل كذلك مؤسساتنا ومستشفياتنا ومدارسنا؛ خاصة مدارس الوكالة». وقال: «في ظل هذه الأجواء وغيرها من الابتلاءات والمصائب، ما أحوجنا إلى الصبر والثبات والمرابطة في أقصانا ومدننا وقرانا، والعمل على تحرير أرضنا ومقدساتنا، وما أحوجنا إلى العودة إلى قرآننا نستمد من تعاليمه العزم والإرادة... والحق في النهاية لا بد أن ينتصر، وتعود مقدساتنا وقدسنا، ولم الشمل وتوحيد الصفوف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».