نمو منطقة اليورو عالق بأدنى مستوى في 4 سنوات

التشاؤم يسود أغلب القطاعات مع تكثف الضبابية

TT

نمو منطقة اليورو عالق بأدنى مستوى في 4 سنوات

أظهرت بيانات نُشرت الخميس، أن نمو اقتصاد منطقة اليورو ظل عند أدنى وتيرة له في أربع سنوات في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2018، ما يشير إلى تراجع بالغ ومتوالٍ للنمو في منطقة اليورو، مع استمرار المخاوف الجيوسياسية التي تؤثر على الاقتصاد.
وأشارت بيانات معهد إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للدول الـ19 الأعضاء بمنطقة اليورو، زاد 0.2 في المائة فقط في الربع الرابع، وبنسبة 1.2 في المائة على أساس سنوي. وينسجم الرقمان مع متوسط توقعات اقتصاديين استطلعت «رويترز» آراءهم. وجاء معدل النمو مقارنة مع ربع السنة السابق، متوافقاً مع وتيرته في الربع الثالث، والتي كانت الأدنى منذ الربع الثاني من 2014. وأضاف «يوروستات» أن إجمالي الناتج المحلي نما بنسبة 0.3 في المائة، بعد حساب المتغيرات الموسمية في الاتحاد الأوروبي. ونما إجمالي الناتج المحلي خلال الربع الرابع بنسبة 1.2 في المائة، مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي في منطقة اليورو، وبنسبة 1.5 في المائة في الاتحاد الأوروبي، مقارنة بـمعدلات بلغت 1.7 و1.9 في المائة على التوالي خلال الربع الثالث.
وتوقع «يوروستات» نمو إجمالي الناتج المحلي لعام 2018 بنسبة 1.8 في المائة في منطقة اليورو، وبنسبة 1.9 في المائة في دول الاتحاد الأوروبي.
وفي منتصف الشهر الجاري، قال ماريو دراغي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، إن التطورات الاقتصادية بمنطقة اليورو جاءت أضعف من التوقعات في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أن الضبابية، وبالتحديد ذات الصلة بالعوامل الدولية، ما زالت سائدة. وأضاف أنه «ما زالت هناك حاجة لقدر كبير من حوافز السياسة النقدية، لدعم بناء ضغوط الأسعار المحلية، وتطورات التضخم الأساسي في الأجل المتوسط».
وكانت بيانات نشرت الأربعاء، أظهرت هبوط المعنويات الاقتصادية بمنطقة اليورو بأكثر من المتوقع، مسجلة أدنى مستوياتها في عامين خلال يناير (كانون الثاني) الماضي؛ حيث أصبحت جميع المكونات - باستثناء المستهلكين وقطاع البناء - أكثر تشاؤماً حول آفاق المنطقة في بداية العام.
وقالت المفوضية الأوروبية إن المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو انخفضت إلى 106.2 نقطة في يناير، من قراءة معدلة قليلاً عند 107.4 في ديسمبر (كانون الأول)، لتسجل تراجعاً لسبعة أشهر متتالية، وأقل مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
وتوقع خبراء اقتصاد في استطلاع لـ«رويترز» انخفاضاً أقل حدة إلى 106.8 نقطة، وسط شعور بالإحباط بين شركات التجزئة، دفع إلى مزيد من الهبوط.
وجاءت بيانات «يوروستات» أمس، عقب يوم واحد من خفض ألمانيا، أكبر اقتصادات منطقة اليورو، الأربعاء، توقعاتها للنمو الاقتصادي في 2019؛ حيث تتوقع الآن نمواً لا يتعدى 1.0 في المائة، مقارنة مع توقعاتها السابقة، بتحقيق نمو بنسبة 1.8 في المائة.
وبعد أن حقق الاقتصاد نمواً في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.2 في المائة في 2017 و1.5 في المائة في 2018، توقع وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير تباطؤ الاقتصاد «لأسباب من أهمها البيئة العالمية». وقال إن النتائج غير المعروفة لـ«بريكست»، والنزاعات التجارية، خاصة مع الولايات المتحدة، والتنافس الضريبي تؤثر على توقعات نمو الاقتصاد الألماني.
من ناحية أخرى، انخفضت نسبة التضخم في ألمانيا في يناير، بحسب ما أظهرت البيانات الرسمية الأربعاء. وارتفعت الأسعار بنسبة 1.4 في المائة هذا الشهر، مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، بحسب هيئة الإحصاءات الفيدرالية، بانخفاض من 1.7 في المائة في ديسمبر، وأقل من هدف البنك المركزي الأوروبي بتحقيق نسبة تضخم أقل قليلاً من 2 في المائة. وتوقع البنك المركزي في يناير ثبوت معدل التضخم في منطقة اليورو عند 1.7 في المائة حتى 2020، وخفض توقعات النمو بنسبة ضئيلة. وقال كارستين برجينسكي من بنك «آي إن جي ديبا»، إنه نظراً لضعف النمو والضغوط الانخفاضية من انخفاض أسعار النفط «ففي المدى القصير، فإن التوجه الوحيد للتضخم هو إلى الانخفاض». وأضاف: «رغم أن ذلك قد يسبب بعض المتاعب للبنك المركزي الأوروبي، فإنه أمر جيد للاقتصاد الألماني»، عندما يُقرن مع ارتفاع ثقة المستهلكين الحالية وانخفاض البطالة.
من جهة أخرى، أظهرت بيانات «يوروستات» أمس استقرار البطالة في منطقة العملة الأوروبية الموحدة، عند مستوى 7.9 في المائة في ديسمبر الماضي. وأوضحت البيانات استقرار بيانات البطالة المعدلة موسمياً عند مستوى نوفمبر نفسه، ما يعني البقاء لشهرين متتاليين عند أدنى مستوى للبطالة في دول منطقة اليورو منذ أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2008. وفي ديسمبر الماضي، بلغ عدد العاطلين في دول منطقة اليورو 12.9 مليون شخص، بتراجع قدره 75 ألفاً عن الشهر السابق.
وفي غضون ذلك، تراجعت البطالة في صفوف الشباب إلى 16.6 في المائة، مقابل 16.9 في المائة في نوفمبر. وسجلت جمهورية التشيك أقل معدل للبطالة في الاتحاد الأوروبي حيث بلغ 2.1 في المائة. وفي منطقة اليورو، سجلت ألمانيا أقل معدل بطالة عند مستوى 3.3 في المائة، وهولندا عند 3.6 في المائة.
أما النسبة الأعلى، فقد تم تسجيلها في اليونان التي وصل معدل البطالة فيها إلى 18.6 في المائة في أكتوبر، وهي أحدث بيانات متوافرة، وإسبانيا 14.3 في المائة في ديسمبر. وفي دول الاتحاد الأوروبي الـ28، سجلت البطالة 6.6 في المائة في ديسمبر، دون تغيير عن النسبة المعدلة في نوفمبر. وذكر مكتب الإحصاء أن هذه هي أدنى نسبة منذ بدأ تسجيل البيانات الشهرية عام 2000.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.