بيت حانون.. «جنة غزة» التي صارت منطقة منكوبة

مزارع لـ(«الشرق الأوسط») : 13 سنة أعمل في هذه الأرض ولم يبق منها الآن إلا الرمال

أرض زراعية في بيت حانون جُرفت وتعرضت لأضرار خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة («الشرق الأوسط»)
أرض زراعية في بيت حانون جُرفت وتعرضت لأضرار خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة («الشرق الأوسط»)
TT

بيت حانون.. «جنة غزة» التي صارت منطقة منكوبة

أرض زراعية في بيت حانون جُرفت وتعرضت لأضرار خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة («الشرق الأوسط»)
أرض زراعية في بيت حانون جُرفت وتعرضت لأضرار خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة («الشرق الأوسط»)

لا يكاد إسماعيل المصري (39 سنة) يصدق ما حل بمنزله وأراضيه الزراعية التي يملكها وأشقاؤه في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة. فهم عاشوا وعملوا سنوات طويلة في هذه الأراضي الشاسعة بحثا عن قوت يومهم الذي يسترون به عائلاتهم، رغم الاستهداف المتكرر الذي كانوا يتعرضون له من قبل القوات الإسرائيلية المتمركزة شرق المدينة.
وتجولت «الشرق الأوسط» في هذه البلدة التي كان يصفها سكانها بـ«جنة غزة» قبل أن تتحول إلى منطقة منكوبة بفعل الحرب الإسرائيلية التي دمرتها وغيرت من معالمها، لكنها لم تثنِ سكان البلدة الذين يبلغ عددهم أكثر من 30 ألفا من العودة إليها لاستئناف حياتهم من بين الركام.
ويقول المصري لـ«الشرق الأوسط» إنه يعيش مع أشقائه في منزلهم المكوّن من ثلاثة طوابق، وقد دُمّر البيت بالكامل من قبل قوات الاحتلال التي توغلت في المنطقة التي لا تبعد سوى 500 متر عن الشريط الحدودي، مشيرا إلى أنهم يملكون عدة دونمات زراعية في المكان، لكنها جُرفت ودُمرت بالصواريخ بشكل كامل، ولم يتبقَّ منها شيء يُذكر.
وأضاف وهو ينظر بحسرة كبيرة لأراضي عائلته: «13 سنة نعمل هنا في هذه الأراضي ولم يبقَ منها إلا الرمال، عمّرناها بأيدينا وبأيدي أبنائنا لكي نعتاش منها، زرعنا فيها كل أنواع الخضراوات والفواكه لنزود الباعة بها لبيعها في الأسواق، ولكن كل هذا الجمال الأخضر الذي كان هنا في هذه الأراضي لم يعد مكانه لقد حولوها إلى منطقة منكوبة لا تجد فيها سوى ما تبقى من ركام المنازل وبعض شتلات الزراعة».
ويقول شقيقه أحمد (27 سنة)، الذي يعمل مع بقية أشقائه في زراعة أراضيهم التي ورثوها عن أجدادهم، إنهم منذ اليوم الثاني للعدوان الإسرائيلي على القطاع غادروا البلدة ولم يستطيعوا العودة إلا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها.
ويتحدث أحمد عن صدمته وشعوره بخيبة الأمل بعد عودته المنطقة من هول ما أصابها من تدمير، ويقول: «كنا نعمل يوميا بمعدل 12 ساعة حتى نستطيع أن ننتج شيئا جيدا من الخضراوات والفواكه لترويجها في الأسواق. رجعنا على البلدة ما لقينا فيها حاجة. (كل شقانا وتعبنا راح في دقائق معدودة)، حتى الشجر ما سلم من الغارات».
مع ذلك، يعبر أحمد عن نيتهم إعادة إعمار ما خربته الحرب، ويؤكد: «ما فيه حاجة نحكيها لكن راح نعود ونبني بيتنا من جديد ونعود لأراضينا نعملها بأيدينا رغم هذه الدبابات القريبة»، مشيرا بيده نحو الآليات العسكرية الإسرائيلية المتمركزة على الشريط الحدودي القريب من المنطقة، الذي يبعد مئات الأمتار فقط عن الأراضي الزراعية في البلدة.
وذكر أن قوات الاحتلال القريبة كانت تستهدفهم على الدوام داخل أراضيهم حتى في حالة السلم، لافتا إلى أن اثنين من أشقائه السبعة أُصيبا في عدة عمليات إطلاق نار استهدفت المزارعين على طول حدود البلدة الحدودية.
ووفقا لإحصائيات فلسطينية من مؤسسات مختصة، فإن الخسائر في القطاع الزراعي داخل البلدة وحدها قُدّرت بأكثر من 365 مليون دولار، مشيرة إلى أن أراضي واسعة طالها التدمير المباشر من خلال التجريف، في حين تعرضت أخرى في وسط وأطراف البلدة إلى تدمير عبر استهدافها بالصواريخ والقذائف.
وأوضحت وزارة الزراعة في قطاع غزة أن قيمة الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي بلغت 251 مليون دولار، في حين تجاوزت القيمة التقديرية للأضرار والخسائر غير المباشرة 150 مليون دولار.
وأوضحت أن الأضرار والخسائر في القطاعات الزراعية المختلفة شملت الإنتاج النباتي بواقع 131 مليون دولار، والتربة والري 56 مليون دولار، والإنتاج الحيواني نحو 55 مليون دولار، أما قطاع الصيد البحري والثروة السمكية فقد بلغت خسائره ثمانية ملايين دولار.
ويقول أحد المزارعين المشهورين في البلدة جميل الكفارنة (48 سنة) لـ«الشرق الأوسط» إن البلدة تعتمد على زراعة الطماطم والبطاطس والليمون والبرتقال والتوت الأرضي وغيرها من الخضراوات والفواكه التي يحبذها سكان القطاع لجودتها الكبيرة ويفضلونها على منتجات مناطق أخرى.
وأشار إلى أن مزارع البلدة تنتج أطنانا من الخضار والفواكه وتروجها في الأسواق المختلفة في قطاع غزة من شماله إلى جنوبه. ولفت إلى أن البلدة بحاجة لأشهر معدودة من أجل إعادة الأراضي الزراعية فيها للمتوسط المقبول من إنتاجها الزراعي، كي تستطيع استعادة عافيتها قبل أن تعود للإنتاج المعتاد.
وتقول المزارعة نجاح الزعانين (41 عاما)، التي تساعد زوجها في زراعة أراضٍ يملكها منذ عشرات السنين بعد أن ورثها عن والده، إنها ستعمل إلى جانب زوجها لزراعة ستة دونمات، وإن كان ذلك سيزيد من عنائها بسبب مرض مزمن ألمّ بها منذ سنوات قصيرة.
وأضافت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أن كان عمري 14 سنة وأنا أعمل مع والدي في زراعة الأرض، وحين تزوجت حافظت على هذه المهنة التي تُعد من تراث وحضارة البلدة المعروفة بأنها من أهم المناطق الزراعية في القطاع».
وتابعت حديثها، وهي تتفقد أرضها وتتحسر على ما حل بها، وتمسك بحفنة تراب ثم تلقي بها مجددا على الأرض: «في حربين سابقتين، وفي كل عملية توغل تجري في بيت حانون تجرف قوات الاحتلال أراضينا ونعود لزراعتها من جديد وبأفضل مما كانت عليه، وبإنتاج أوفر وأفضل من كل النواحي ومضاعفة عن سابقاتها». وأضافت: «بدأ زوجي بالبحث عن أدوات لحراثة الأرض لتعميرها مجددا وزراعتها بأنواع جديدة من الخضراوات والفواكه كي تثمر سريعا، ويبدأ تسويقها قريبا لتعويض الأضرار».



بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.