المبعوث الدولي «متفائل» بتسوية بين المغرب و«بوليساريو» حول الصحراء

الرباط متمسكة باقتراح الحكم الذاتي بما يكفل {سيادتها الكاملة} على أراضيها

المبعوث الدولي «متفائل» بتسوية بين المغرب و«بوليساريو» حول الصحراء
TT

المبعوث الدولي «متفائل» بتسوية بين المغرب و«بوليساريو» حول الصحراء

المبعوث الدولي «متفائل» بتسوية بين المغرب و«بوليساريو» حول الصحراء

عبّر هورست كوهلر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، أمام أعضاء مجلس الأمن، ليلة أول من أمس، عن «تفاؤل كبير» في إمكانية إحداث اختراق سياسي، والتوصُّل إلى تسوية سلمية متفاوض عليها للنزاع، الذي تجاوز أكثر من أربعة عقود، على الرغم من استمرار الخلافات بين المغرب وجبهة «البوليساريو».
وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسي شارك في الجلسة المغلقة، التي عقدها مجلس الأمن في نيويورك، طبقاً لما يتطلبه القرار «2440»، الذي صدر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لتجديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) لستة أشهر، أن الرئيس الألماني السابق «بدا متفائلاً للغاية خلال الإحاطة التي قدمها إلى أعضاء المجلس»، مشيراً إلى «الروح الإيجابية» التي أظهرها المشاركون في الجولة الأولى من محادثات الطاولة المستديرة مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي في جنيف بسويسرا، التي شاركت فيها المملكة المغربية و«البوليساريو»، بالإضافة إلى الجزائر وموريتانيا.
وتوقع كوهلر أن تعقد الجولة الثانية من المحادثات في النصف الثاني من مارس (آذار) المقبل في سويسرا. ونقل عنه أيضاً أن القرار «يشدِّد على المبادئ الخمسة التي حددها مجلس الأمن في قراره (2440)، وهي ضرورة التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي، ودائم لمسألة الصحراء على أساس من التوافق»، على أن «يكفل لشعب الصحراء تقرير مصيره في سياق ترتيبات تتماشى ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة».
في سياق ذلك، دعا كوهلر أعضاء مجلس الأمن إلى «دعم جهوده المتواصلة، ليس فقط من خلال التصريحات والبيانات، بل أيضاً بعدم الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، بغية إيجاد أجواء مساعدة أكثر للأطراف المعنية، وتحقق كسر الجمود القائم، وإزالة التوتر»، مشيراً إلى أنه «يعتزم أن يقترح خلال الجولة المقبلة من المحادثات بعض الإجراءات الهادفة إلى بناء الثقة بين الأطراف، ومنها الشروع في عمليات إزالة الألغام، والسماح بتبادل الزيارات بين الصحراويين في الداخل وفي مناطق اللجوء، ولا سيما الموجودين في مخيمات تندوف على الحدود مع الجزائر». وقال كوهلر إنه يعتزم عقد الجولة الثانية بمشاركة الجزائر و«البوليساريو» والمغرب وموريتانيا.
من جهته، أفاد عمر هلال المندوب المغربي الدائم لدى الأمم المتحدة، بأن المملكة «لا تزال تريد التفاوض مع كل الأطراف المعنية بحسن نية، من أجل تطبيق اقتراحات الحكم الذاتي، التي قدمناها منذ سنوات عدة، ولا شيء غير ذلك»، مشدداً على «عدم التفاوض على أي شيء يمس السيادة الكاملة للمملكة المغربية على أراضيها». كما أوضح أن الرباط تتعاون مع الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي للأمين العام من أجل تطبيق المبادئ الخمسة، التي أوردها القرار «2440».
في المقابل، طالب ممثل «البوليساريو» أحمد خداد بإحداث «اختراق جدي يؤدي إلى إجراء استفتاء حول تقرير المصير»، معتبراً أن الولايات المتحدة وألمانيا وبلجيكا وجنوب أفريقيا تدعم إحراز تقدم، وتريد انسحاب «مينورسو» من الصحراء إذا كان ذلك ممكناً. وقال إن «البوليساريو» اقترحت تبادل سجناء ونشر مراقبين لحقوق الإنسان في الصحراء، لكنّ طرحها لم يلقَ أيَّ تجاوب من الرباط، حسب تعبيره.
وبعد الجلسة المغلقة، أكد المندوب الفرنسي فرنسوا دولاتر أن مجلس الأمن منح كوهلر «تأييداً بالإجماع» لمقاربته الحذرة والمتأنّية في جمع كل أطراف المفاوضات.
بدوره، أعلن المندوب الألماني كريستوف هويسغن أن «الجميع يتطلّعون إلى الجولة المقبلة من المحادثات التي نتوقّع أن تجري في مارس... وما علينا فعله الآن هو إحراز تقدم».
أما مندوب جنوب أفريقيا جيري ماتييلا، فقد قال إن كوهلر سيعقد في فبراير (شباط) المقبل اجتماعات ثنائية مع كل الفرقاء تحضيراً للجولة المقبلة، واصفاً المساعي الدبلوماسية التي يقودها كوهلر بأنها «إيجابية للغاية».
وبعد الجلسة المغلقة لمجلس الأمن اطلع كوهلر الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء أنطونيو غوتيريش على خطّته. فيما قال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: «نحن نعالج في الصحراء قضية مزمنة... وسيتطلّب الأمر عملاً كبيراً من جانبنا ومن جانب الأطراف المعنيين من أجل المضي قدماً»، نحو حل سياسي.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.