تقارب مصري - إثيوبي جديد من بوابة العلاقات البرلمانية والعمالية

مباحثات الجانبين في أديس أبابا تناولت تبادل الخبرات الفنية وتدريب العاملين

TT

تقارب مصري - إثيوبي جديد من بوابة العلاقات البرلمانية والعمالية

أقدمت مصر على تقارب جديد مع إثيوبيا، ينحو بالعلاقات بين الجانبين بعيداً عن حساسية مفاوضات «سد النهضة»؛ حيث استقبلت أديس أبابا أمس وفدين مصريين، أحدهما يمثل مجلس النواب، والآخر يضم أعضاء بالاتحاد العام للنقابات.
وفيما نقل البرلمانيون المصريون دعوة لرئيس «النواب» الإثيوبي لزيارة مصر، اتفق وفد النقابات العمالية مع نظرائه الإثيوبيين على «تفعيل التعاون المشترك، وتنفيذ برامج لتدريب العاملين وتبادل الخبرات الفنية».
وتخوض دولتا مصب نهر النيل (مصر والسودان) ودولة المنبع (إثيوبيا)، مفاوضات انطلقت قبل سبع سنوات بشأن بناء «سد النهضة»، وتجنب الإضرار بحصة مصر من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، وتمكنت الدول الثلاث في سبتمبر (أيلول) عام 2016 من التوصل إلى اتفاق مع مكتبين فرنسيين لإجراء الدراسات الفنية اللازمة، قصد تحديد الآثار الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، المترتبة على بناء السد الإثيوبي. غير أنه لم يتم التوصل إلى نتائج نهائية ومحل توافق بين الأطراف كافة حتى الآن، ولا تزال المفاوضات قائمة.
وأفاد طارق رضوان، رئيس لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب المصري، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية المصرية، أمس، بأنه يحمل رسالة من رئيس مجلس النواب، الدكتور علي عبد العال، إلى نظيره الإثيوبي، لدعوته رسمياً إلى زيارة القاهرة، لافتاً إلى أن الوفد الرسمي الممثل للبرلمان «يزور أديس بابا للمرة الأولى من نوعها، منذ أكثر من عشر سنوات».
وعدّ رضوان أن «الزيارة تستهدف تعزيز العلاقات بين مصر وإثيوبيا، وسبل التعاون المشترك، لا سيما في المجال البرلماني، على ضوء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي العام الجاري»، وقال إن لجنة الشؤون الأفريقية بالبرلمان المصري «تسعى للتحرك تجاه القارة السمراء بشكل حقيقي في المرحلة القادمة. ولكي تكون سنة رئاسة الاتحاد نقطة انطلاق للعلاقات المصرية - الأفريقية».
ويلتقي الوفد البرلماني المصري «رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الإثيوبي، ونائب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ورئيس جامعة أديس أبابا».
في غضون ذلك، اتفق وفد الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، واتحاد نقابات عمال إثيوبيا، على «تنفيذ برامج لتدريب العاملين، وتبادل الخبرات الفنية؛ خصوصاً عند تنفيذ المشروعات التي تساهم مصر في إقامتها لدعم الشعب الإثيوبي، على أن يتولى كل من الاتحادين رعاية العمالة المستخدمة في البلد الآخر.
وتقول القاهرة إن مستثمرين مصريين يخططون لتنفيذ مشروعات متنوعة في إثيوبيا، من بينها إقامة منطقة صناعية باستثمارات قدرها 120 مليون دولار، ومشروعات زراعية ودوائية، ومحطة لتوليد الكهرباء تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومصنع للأسمدة.
وقالت وزارة القوى العاملة في بيان أمس، إن «وفد الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، برئاسة النائب جبالي المراغي، رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أجرى مباحثات صباح أمس، في أديس أبابا، مع اتحاد نقابات العمال في إثيوبيا، برئاسة كاسهين فولو».
وأكد المراغي على «أهمية تعظيم العلاقات التاريخية بين البلدين، وتفعيل العمل المشترك نحو مستقبل واعد ومشرف للشعبين»، مشدداً على «ضرورة التضامن مع عمال أفريقيا لخدمة قضايا القارة، وذلك عبر تعزيز الترابط بين المنظمات النقابية في دول القارة، لخدمة قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية».
كما أشار المراغي إلى أن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، استضاف نهاية العام الماضي مؤتمرين، استهدفا تعظيم دور الدبلوماسية الشعبية في دعم الجهود الدبلوماسية الرسمية؛ حيث عقد المؤتمر الأول في القاهرة، تحت شعار «الحركة النقابية في أفريقيا خلال القرن الحالي»، بينما عقد الثاني في الإسكندرية، تحت عنوان «مستقبل العمل في أفريقيا»، وشارك فيهما كثير من الاتحادات العمالية بدول القارة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.