أنقرة: عملية منبج وشرق الفرات ستنفذ في «الوقت المناسب»

مسؤول عسكري سابق يعتبر الانسحاب التركي من سوريا هدف روسيا من تفعيل «اتفاقية أضنة»

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» شرق نهر الفرات (رويترز)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» شرق نهر الفرات (رويترز)
TT

أنقرة: عملية منبج وشرق الفرات ستنفذ في «الوقت المناسب»

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» شرق نهر الفرات (رويترز)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» شرق نهر الفرات (رويترز)

جدد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار التأكيد على أن القوات التركية ستنفذ عملية عسكرية محتملة تشمل منبج وشرق الفرات «عندما يحين الوقت المناسب».
وقال أكار، في تصريحات أمس، إن القوات المسلحة التركية أكملت استعداداتها للقيام بالمهام الملقاة على عاتقها ضد الإرهابيين في شمال سوريا. وأضاف أن من سماهم «بعض الخونة» يتعمدون التضليل، «فالقوات المسلحة التركية تستهدف الإرهابيين فقط وليس الأكراد أو العرب». وأكد أنه «ليست لدينا مشكلات مع إخواننا الأكراد والعرب، ونحن كالجسد الواحد مع الأكراد الذين يعيشون في تركيا، ونتقاسم معهم أرضنا وخبزنا، وهدف القوات المسلحة في الداخل والخارج، هم الإرهابيون فقط».
وأشار إلى استمرار المحادثات بشأن منبج وشرق الفرات، مع الدول المعنية، لافتا إلى وجوب إخراج مسلحي «وحدات حماية الشعب» الكردية من منبج بأسرع وقت ممكن.
ووقعت تركيا وأميركا في 4 يونيو (حزيران) الماضي اتفاق «خريطة الطريق» في منبج، التي تضمنت تعهدا أميركيا بإخراج «الوحدات» الكردية من منبج إلى شرق الفرات في مدى زمني لمدة 90 يوما، والإشراف الأمني المشترك على المدينة لحين تشكيل مجلس محلي من سكانها لإدارتها.
في سياق متصل، قال أكار إن «اتفاقية أضنة» المبرمة بين أنقرة ودمشق عام 1998، تخوّل تركيا القيام بعمليات ضد «الإرهابيين» داخل الأراضي السورية، مشيرا في هذا الصدد إلى احترام بلاده وحدة الأراضي السورية.
ووقعت «اتفاقية أضنة» في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 1998 بوساطة مصرية - إيرانية لمنع اندلاع حرب بين تركيا وسوريا التي كانت تؤوي زعيم حزب العمال الكردستاني وتقيم معسكرات تدريب لعناصره على أراضيها، ومن أهم بنودها أن يتعاون البلدان في القضاء على وجود «العمال» الكردستاني، الذي تعدّ تركيا «وحدات حماية الشعب» الكردية امتدادا له في سوريا، وأن يسمح لتركيا بالتوغل لمسافة 5 كيلومترات في الأراضي السورية حال وقوع تهديدات لأمنها من الجانب السوري. وطرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مباحثاته مع الرئيس رجب طيب إردوغان في موسكو الأسبوع الماضي تفعيل هذا الاتفاق في الوقت الذي أعلنت فيه أنقرة أن الاتفاق لا يزال ساريا ويمكن أن يلعب دورا فعالا في مكافحة الإرهاب، كما أعلنت إجراء اتصالات غير مباشرة مع حكومة بشار الأسد.
في السياق ذاته، عدّ محللون أتراك أن أنقرة بات أمامها 3 خيارات للعملية العسكرية التي تستهدف «الوحدات» الكردية شرق الفرات، ورأى تونجا بنغن، الكاتب في صحيفة «ميلليت» اليومية أن الخيار الأول هو التحرك مع الولايات المتحدة وتشكيل المنطقة الآمنة التي اقترحها الرئيس دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. والثاني هو تفعيل «اتفاق أضنة»، الذي اقترحته روسيا. والثالث هو أن تقيم بنفسها منطقة خالية من الإرهاب على حدودها مع سوريا.
وقال بنغن: «لهذا؛ فإن النتيجة المطلوبة واضحة ومحددة... عملية التطهير هذه ستُنفذ بطريقة ما، وهذا ما أدركه بوضوح ترمب وبوتين من خلال اقتراح الأول المنطقة الآمنة، وحديث الثاني عن (اتفاق أضنة)، لأنهما يقدمان على حملات من أجل عدم فقدان تركيا، لكن بقدر ما تسهل هذه الحملات الأمر على تركيا، بقدر ما تزيد صعوبة المهمة عليها».
وفي السياق ذاته، أوضح رئيس الاستخبارات العسكرية التركية الأسبق الجنرال المتقاعد إسماعيل حقي بكين، الذي ترأس اللجنة الفرعية في المحادثات مع سوريا في إطار «اتفاق أضنة» بين 2007 و2011، والذي يلعب دورا مهما في الاتصالات «غير المباشرة» مع نظام بشار الأسد، أن «الاحتمال كبير أن يأتينا عرض جديد من الولايات المتحدة بخصوص المنطقة الآمنة. من سيكون فيها، ومن سيشرف عليها، وماذا سيحل بـ(وحدات حماية الشعب)، وإلى أين ستذهب؟ على الولايات المتحدة تقديم وعود في هذا الخصوص. إذا قبلت تركيا بالعرض الأميركي، فلن يروق ذلك لروسيا، وستتضرر علاقات أنقرة مع موسكو».
وأضاف: «في الحالة المعاكسة، إذا عملت تركيا بموجب (اتفاق أضنة) فستثير الولايات المتحدة مشكلات اقتصادية لها، وربما تلجأ لاستخدام (وحدات حماية الشعب) في سوريا ضدها، أي إن مهمة الاختيار صعبة أمام أنقرة، لكن إذا عملت بشكل صحيح، فهناك فرصة أمامها».
وعدّ أن لدى تركيا الوقت الكافي، معربا عن اعتقاده بأن توقيت الاختيار سيكون خلال المحادثات التي ستجرى في موسكو خلال فبراير (شباط) المقبل، وأن «على تركيا أن تستعد بشكل جيد، وأن تتخلى ولو مؤقتاً عن استراتيجية إطاحة الأسد». وتابع بكين: «خلال رئاستي اللجنة الفرعية بين عامي 2007 و2011 ذهبت إلى دمشق كل 6 أشهر، كما جاء مسؤولون سوريون إلى تركيا، وأعددنا تقريراً. سلمت سوريا إلينا جميع عناصر (العمال) الكردستاني، وأغلقت معسكراتهم، وجففت مواردهم المالية. آخر تطبيق لاتفاق أضنة كان عام 2011، حيث توجهت إلى سوريا، وكان من المقرر أن يأتي مسؤولون منها في أغسطس (آب) 2011، لكن اندلعت الأحداث هناك ولم يأتوا». وعند سؤاله عن كيفية تطبيق «اتفاق أضنة» في حال إعادة تفعيله، وهل تسلم سوريا عناصر «وحدات حماية الشعب»، قال بكين: «لن تسلمهم... تحدثت قبل فترة مع مسؤول روسي فقال إن على تركيا الدخول من الشمال، في حين تقوم سوريا بالهجوم من الجنوب، وهكذا يتم تطهير المنطقة من (الإرهابيين)، وبعد فرض النظام تنسحب تركيا، هذا ما تريده روسيا، وهو ما يتيحه أيضاً (اتفاق أضنة)».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.