الحريري: متفائل بحذر وحسم أزمة الحكومة خلال يومين

موقف تصعيدي لـ«القوات» غداً... و«التيار» يلوّح بالنزول إلى الشارع

الحريري مترئساً اجتماع كتلة نواب «المستقبل» أمس وإلى جانبه النائبان بهية الحريري وسمير الجسر (دالاتي ونهرا)
الحريري مترئساً اجتماع كتلة نواب «المستقبل» أمس وإلى جانبه النائبان بهية الحريري وسمير الجسر (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري: متفائل بحذر وحسم أزمة الحكومة خلال يومين

الحريري مترئساً اجتماع كتلة نواب «المستقبل» أمس وإلى جانبه النائبان بهية الحريري وسمير الجسر (دالاتي ونهرا)
الحريري مترئساً اجتماع كتلة نواب «المستقبل» أمس وإلى جانبه النائبان بهية الحريري وسمير الجسر (دالاتي ونهرا)

أعلن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن تفاؤله الحذر بقرب تأليف الحكومة، وقال في دردشة مع الصحافيين بعد ترؤسه اجتماع «كتلة المستقبل»: «الأمور إيجابية، إن شاء الله، وستتضح خلال يومين»، وجدد التأكيد على أن هذا الأسبوع هو أسبوع الحسم، سلباً أو إيجاباً، رافضاً التحدث عن خياراته في هذا المجال.
ورداً على سؤال عن وضع النظام السوري «تيار المستقبل» على لائحة الإرهاب، أجاب: «هذه لائحة الشرف، لأن هذا النظام هو إرهابي أصلاً».
من جهتها، عبرت «كتلة المستقبل»، في بيان لها، عن ارتياحها للجهد الذي يقوم به الحريري، وأكدت أن الرئيس المكلف تحمل مسؤولياته كاملة، وقام بما يتوجب عليه لتشكيل الحكومة، لكن اصطدام الصيغة بسلسلة الشروط والمواقف التي باتت معروفة للرأي العام حال دون التأليف.
وأتى موقف الحريري في وقت لوح فيه «التيار الوطني الحر» باللجوء إلى خيارات عدة في حال الفشل، منها اللجوء إلى الشارع، فيما من المتوقّع أن يصدر موقف تصعيدي من حزب «القوات اللبنانية» غداً (الخميس)، رفضاً للمماطلة في تأليف الحكومة.
وفي حين عبّرت «كتلة لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) عن أملها في أن تبصر الحكومة النور هذا الأسبوع، حذّرت من أنه «إذا لم يتحقق ذلك مع كل العمل الذي نقوم به، سيكون لنا موقف وحديث آخر الأسبوع المقبل».
ومع التكتّم الذي يحيط بمشاورات الحريري، يكاد الأمر الوحيد الذي تجمع عليه المصادر هو أن الاتصالات لم تتوقف، من دون أن يعني ذلك تذليل العقبات نهائياً، وأهمها تلك المتعلقة بتمثيل «سنة 8 آذار» في الحكومة، وما رافقها من مطالب بإعادة توزيع الوزارات، التي ربطها الوزير جبران باسيل بإمكانية تراجعه عن مطلبه بالحصول على الثلث المعطل.
وفي موازاة ذلك، قال فيصل كرامي، النائب في «اللقاء التشاوري» الذي يضم «سنة 8 آذار»، المعني بشكل أساسي بالعقدة العالقة، إنه «لا شيء تغير حتى تتغير النتائج بموضوع تشكيل الحكومة». وأعلن كرامي، بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري، تأييده موقف الأخير «بأنه لن يقف متفرجاً أمام الأزمة، وهذا معناه أنه سيذهب إلى عقد جلسة تشريعية».
وفي حين لفت إلى أنه لا جديد حول موضوع الحكومة، جدّد موقف «التشاوري» الذي يطالب بـ«أن يمثله واحد من النواب الستة، أو من الأسماء التي طرحناها، وأن يمثل اللقاء حصراً»، وذلك بعدما كان آخر طرح قد قضى بتمثيل النواب السنة بوزير ضمن حصة رئيس الجمهورية، على أن يصوت ضده، ويحضر اجتماعات (التشاوري)».
وأمام هذا الواقع، من المتوقع أن تصدر «كتلة الجمهورية القوية» (القوات) بياناً شديد اللهجة في اجتماعها المقرر غداً (الخميس)، فيما كان لافتاً ما أعلنه النائب في «التيار الوطني الحر»، إيدي معلوف، من أن خيارات «التيار» مفتوحة على كل الاحتمالات، ومنها النزول إلى الشارع، في حال فشلت المشاورات الأخيرة، وهو الأمر الذي لم ينفه زميله في التكتل النائب ماريو عون، مشيراً إلى أنه أحد الخيارات التي يمكن اللجوء إليها، مع تأكيده على أنه لغاية الآن، لم يتخذ قراراً بهذا الشأن.
ورداً على التلويح بالشارع، سألت مصادر قيادية في «تيار المستقبل»: «هل سيتظاهرون ضد أنفسهم وهم رأس السلطة وأحد أبرز الأطراف المعنية بأزمة تأليف الحكومة؟».
وأوضح عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «النزول إلى الشارع أحد الخيارات الموضوعة أمامنا، إذا استمر الوضع على ما هو عليه»، وقال: «لغاية الآن، ليس هناك قرار حاسم بهذا الشأن، إنما إذا لم تحل أزمة الحكومة التي دخلت شهرها التاسع، فعندها كل شيء ممكن»، ورفض اعتبار أن تظاهر «التيار»، إذا حصل، يكون ضدّ نفسه، قائلاً: «أرفض تحميلنا مسؤولية التعطيل، ومن يعتبر أننا متمسكون بالثلث المعطل، على العكس، قمنا بجهود كثيرة، وما نطالب به ليس إلا حصة تمثيلنا الطبيعية في الحكومة».
في المقابل، أكدت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط» أن خيار اللجوء إلى الشارع غير مطروح في الوقت الحالي بالنسبة إلى الحزب، والمطروح اليوم هو الضغط بالموقف الذي سيصدر عن اجتماع للكتلة النيابية الخميس في مرحلة دقيقة، وبعد إعلان الرئيس المكلف أنه سيأخذ موقفاً حاسماً خلال أيام، وفي لحظة ربما يدخل فيها لبنان خياراً جديداً، وأضافت: «مع التأكيد على أن الموقف سيكون دعماً للحريري الذي كان قد التقى رئيس الحزب قبل أيام في باريس، وكان الحديث بينهما واضحاً لجهة دقة المرحلة وضرورة الحسم».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».