إيران تتمسك بتطوير دقة الصواريخ بدلاً من مداها

قادة قواتها المسلحة يشددون على رفض التفاوض على البرنامج الباليستي

إيران تعطي أولوية لتطوير صواريخ قصيرة المدى ومتوسطة المدى مع تنامي دورها الإقليمي (فارس)
إيران تعطي أولوية لتطوير صواريخ قصيرة المدى ومتوسطة المدى مع تنامي دورها الإقليمي (فارس)
TT

إيران تتمسك بتطوير دقة الصواريخ بدلاً من مداها

إيران تعطي أولوية لتطوير صواريخ قصيرة المدى ومتوسطة المدى مع تنامي دورها الإقليمي (فارس)
إيران تعطي أولوية لتطوير صواريخ قصيرة المدى ومتوسطة المدى مع تنامي دورها الإقليمي (فارس)

يراوح المطلب الأوروبي لدرء مخاطر البرنامج الصاروخي الإيراني مكانه، في وقت تمارس فيه طهران ضغوطاً لتفعيل الآلية المالية للالتفاف على العقوبات الأميركية، وسط جدل في طهران بشأن تبعات تأخر الامتثال لمعايير غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالقرب من نهاية مهلة دولية. وقال أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أمس، إن إيران «لا تواجه مشكلة في زيادة مدى الصواريخ الباليستية»، مشيراً إلى أنها تريد زيادة دقة الصواريخ بدلاً من المدى، فيما واصل قادة القوات المسلحة الإيرانية رفض التفاوض حول البرنامج الباليستي، بعدما أعلنت باريس أنها ستفرض عقوبات ما لم تحرز تقدماً في المفاوضات الحالية حول برنامج الصواريخ.
وانضم شمخاني إلى قائمة قادة الأجهزة العسكرية الذين سجلوا موقفاً من التحفظ الأوروبي على استمرار طهران في تطوير برنامج الصواريخ الإيرانية، لكنه ابتعد قليلاً من النبرة الحادة لقادة «الحرس الثوري»، وقال إن بلاده لا تواجه مشكلة في زيادة مدى الصواريخ الباليستية، لكنها «لا تنوي القيام بذلك وفقاً لعقيدتها الدفاعية».
في الوقت ذاته، أوضح شمخاني أن تطوير الصواريخ يركز حالياً على تحسين دقة الصواريخ، وقال في الوقت ذاته: «ليست لدى إيران قيود علمية أو تشغيلية لزيادة مدى الصواريخ العسكرية». وفقاً لوكالة «رويترز».
وتأتي الضغوط الدولية على إيران بشأن البرنامج الصاروخي وسط تنامي الأنشطة الصاروخية الإيرانية بموازاة دورها الإقليمي. وتواجه طهران تهماً بإرسال صواريخ متوسطة المدى إلى ميلشيا الحوثي.
وإشارة شمخاني إلى عدم وجود نيات لزيادة المدى، في محاولة لمهادنة الأوروبيين وتبديد المخاوف من زيادة مدى الصواريخ الإيرانية.
وتملك إيران حالياً صواريخ عماد وخرمشهر التي يبلغ مداها ألفي كيلومتر، لكنها في الفترة الأخيرة ركزت على تنويع ترسانتها من صواريخ باليستية متوسطة المدى.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، حذّر نائب قائد الحرس الثوري حسين سلامي من أن إيران ستزيد مدى صواريخها لأكثر من ألفي كيلومتر إذا اتخذت إجراءات ضد قواته. بعد ذلك، في يونيو (حزيران) 2018، قال قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري إن إيران «لا تنوي زيادة مدى صواريخها».
لكن قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده، قال في ديسمبر (كانون الأول) إن إيران لديها القدرة على إنتاج صواريخ أبعد مدى من ألفي كيلومتر. وأضاف أن «ما أخذناه من قرارات حتى اليوم (حول مدى الصواريخ) يتناسب مع حاجاتنا». وتابع أن «أغلب قواعد الأعداء على بعد 300 إلى 400 كلم، والمرحلة الثانية على بعد 700 إلى 800 كلم»، لافتاً إلى أنه «لا قيود من الجانب التقني حول مدى الصواريخ».
الأسبوع الماضي، قال قائد «الحرس الثوري» إن إيران ستمطر رؤوس الإسرائيليين بصواريخ موجهة إذا هاجمت قواته في سوريا. وبعد أسبوع من جعفري، وردت تهديداته على لسان أمين عام «حزب الله» اللبناني الموالي لإيران، حسن نصر الله.
وكانت إيران أطلقت صواريخ موجهة باتجاه أهداف خارج حدودها العام الماضي في مناسبتين. المرة الأولى أظهرت لقطات طائرة درون إيرانية استهداف موقع الحزب الديمقراطي الكردستاني المعارض لإيران في بداية سبتمبر (أيلول) الماضي. وفي المحاولة الثانية أطلقت إيران صواريخ باتجاه شرق الفرات، رداً على الهجوم الدامي الذي استهدف تجمعاً للعسكريين خلال استعراض ذكرى الحرب في الأحواز.
واستخدمت إيران في المناسبتين صواريخ «فاتح 110» الموجهة من قواعد في كرمانشاه غرب إيران.
ودعا قرار مجلس الأمن الدولي 2231 الذي رافق الإعلان عن الاتفاق النووي عام 2015 طهران إلى الإحجام عن العمل المتعلق بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية لمدة تصل إلى 8 أعوام، إلا أن إيران قالت إن هذه الدعوة ليست أمراً ملزماً، ونفت أن تكون صواريخها قادرة على حمل رؤوس نووية. وأطلقت إيران صواريخ حاملة للأقمار الصناعية مرتين بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ منذ يناير (كانون الثاني) 2016. وكانت المرة الثانية الشهر الماضي.
وطلبت واشنطن أيضاً من طهران التوقف عن تطوير تكنولوجيا إطلاق الأقمار الصناعية، مشيرة إلى أنها تشعر بالقلق من أن هذه الأساليب يمكن أن تستخدم في إطلاق رؤوس حربية. وقال شمخاني إن إيران ستواصل العمل على التكنولوجيا «لتحسين حياة المواطنين وزيادة قدرة البلاد التكنولوجية».
وقبل شمخاني بيومين، أعلن رئيس الأركان الإيراني محمد باقري أن إيران تنوي تغيير الاستراتيجية العسكرية من الدفاعية إلى الهجومية. وقال مستشار خامنئي العسكري رحيم صفوي: «إننا سندرس استراتيجية الهجوم إذا ما تعرضنا لمضايقات من الأعداء». بدوره، قال نائب قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، في تحذير لإسرائيل من بدء حرب مع إيران، إن «استراتيجيتنا هي إزالة الكيان الصهيوني من الخارجية السياسية».
وجددت قيادات عسكرية أمس رفض ضغوط من جانب فرنسا وقوى أوروبية أخرى لإجراء محادثات بشأن برنامج إيران للصواريخ الباليستية، لكنها قالت إنها لا تعتزم زيادة مدى تلك الصواريخ.
وعبرت فرنسا الأسبوع الماضي عن استعدادها لفرض مزيد من العقوبات على إيران، ما لم يتم إحراز تقدم في المحادثات بشأن الصواريخ التي تصفها طهران بأنها ذات طبيعة دفاعية، لكن الغرب يعتبرها عامل زعزعة استقرار في منطقة مضطربة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحب في مايو (أيار) من الاتفاق النووي المبرم مع إيران، واستأنف فرض عقوبات عليها، قائلا إن الاتفاق لا يتطرق إلى الصواريخ الباليستية وما يعتبره نفوذها الخبيث في المنطقة.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إيرنا) عن مستشار المرشد الإيراني في الشؤون العسكرية، حسن فيروز آبادي، قوله: «المفاوضات بشأن صواريخ إيران وقدراتها الدفاعية غير مقبولة بأي شكل من الأشكال». ونقلت وكالة «تسنيم» (المنبر الإعلامي لجهاز استخبارات «الحرس الثوري») عن وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي قوله: «الأعداء يقولون إنه ينبغي القضاء على قوة إيران الصاروخية، لكننا قلنا مراراً إن قدراتنا الصاروخية غير قابلة للتفاوض».
في غضون ذلك، استمر الجدل في إيران حول مشروع الحكومة الانضمام إلى مجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف). وتنتظر الحكومة قرار مجلس تشخيص مصلحة النظام، بعدما أقر البرلمان لائحتين لانضمام طهران إلى اتفاقية بالرمو لمكافحة الجريمة الدولية واتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب الدولية (CFT)، غير أن مجلس صيانة الدستور المكلف بمراقبة قرارات البرلمان رفض القرار.
وتطلب الخلاف تدخل مجلس تشخيص مصلحة النظام لاتخاذ القرار النهائي. وقالت مصادر خلال الأيام الماضية إن لجاناً مكلفة بدراسة المشروع رفضت الموافقة عليه.
وقال نائب رئيس البرلمان علي مطهري، أمس، إن مجلس تشخيص مصلحة النظام يتحمل مسؤولية تبعات عدم انضمام إيران إلى «فاتف».
ويتوقع أن تواجه إيران جزاءات من مجموعة مراقبة العمل المالي في حال انتهت المهلة في فبراير (شباط) ولم تعلن امتثالها للشروط بعد مرور عامين على تعهدها للقيام بذلك.
ويسود ترقب في طهران بشأن تدشين قناة مالية تسمح بمواصلة التجارة مع طهران والالتفاف على العقوبات الأميركية.
وكشفت مصادر إعلامية هذا الأسبوع أن أوروبا تتجه إلى إصدار بيان يدين البرنامج الصاروخي الإيراني ودورها الإقليمي. ونقلت «رويترز» الأسبوع الماضي عن مصادر، أن مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فدريكا موغريني رهنت عقوبات على البرنامج الصاروخي الإيراني بتفعيل القناة المالية أولاً.



إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
TT

إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الأحد)، إن التهديدات التي تواجهها إسرائيل من سوريا لا تزال قائمةً رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وذلك وسط إجراءات عسكرية إسرائيلية لمواجهة مثل هذه التهديدات.

ووفقاً لبيان، قال كاتس لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ، والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدّعيها زعماء المعارضة».

وأمس (السبت)، قال القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، الذي يوصف بأنه الزعيم الفعلي لسوريا حالياً، إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، «هيئة تحرير الشام» الإسلامية، التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهيةً حكم العائلة الذي استمرّ 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغّلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أُقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفَّذت إسرائيل، التي قالت إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه «إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود»، مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» و«داعش».

وندَّدت دول عربية عدة، بينها مصر والسعودية والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع في مقابلة نُشرت على موقع «تلفزيون سوريا»، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».