الرئيس العراقي يدعو إلى حوار بنّاء لإنهاء عقدة الحكومة

حراك سياسي خلال عطلة البرلمان لبلورة تفاهمات

TT

الرئيس العراقي يدعو إلى حوار بنّاء لإنهاء عقدة الحكومة

دعا الرئيس العراقي، برهم صالح، الكتل السياسية في البلاد إلى بدء حوار بنّاء من أجل إنهاء ملف الحكومة، بمن فيها الوزارات المتبقية والهيئات والوكالات. وقال صالح خلال استقباله رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أمس (الثلاثاء): إنه ينبغي «معالجة الإشكاليات بين الفرقاء السياسيين بانتهاج الحوار البناء والتواصل المستمر وتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد». وحسب بيان رئاسي، بحث صالح مع عبد المهدي «الأوضاع الإقليمية والدولية وآخر المستجدات السياسية وتأثيراتها على الساحة العراقية». وأكد صالح وعبد المهدي خلال اللقاء، على «أهمية دعم الحكومة في تنفيذ برنامجها السياسي والخدمي للارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين».
ويأتي لقاء صالح مع عبد المهدي بعد يوم من لقاء جمع رئيس الجمهورية مع رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي زعيم ائتلاف النصر تضمن التأكيد على الثوابت نفسها.
وكان البرلمان العراقي أنهى مؤخراً فصله التشريعي الأول وسط شلل شبه تام للحكومة والبرلمان معاً؛ إذ لم يتمكن البرلمان، نتيجة الانشغال بالخلافات السياسية، من تشريع سوى قانون واحد، وهو قانون الموازنة في وقت تنتظر في أدراجه ولجانه الفرعية التي لم يكتمل تشكيلها بعد عشرات مشاريع القوانين المهمة. من جهتها، لم تتمكن الحكومة من البدء بتنفيذ برنامجها الحكومي بسبب عدم إكمال الكابينة الوزارية التي لا يزال ينقصها 4 وزراء هم وزراء الدفاع والداخلية والعدل والتربية.
وأبلغ الدكتور لقمان فيلي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، «الشرق الأوسط»، بأن «الرئيس برهم صالح يريد أن يخلق أجواء حوارية وتشاورية فعالة»، من دون ذكر المزيد من التفاصيل عن طبيعة التحرك، وماذا يتضمن خلال الفترة المقبلة.
إلى ذلك، أكد عدد من ممثلي الكتل السياسية وجود حراك سياسي خلال عطلة البرلمان الحالية للوصول إلى تفاهمات. وقال عضو البرلمان عن كتلة «سائرون»، برهان المعموري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك تواصلاً بين مختلف الأطراف السياسية خلال عطلة الفصل التشريعي من أجل إكمال النواقص في الحكومة والهيئات والوكالات»، مبيناً أن «عطلة الفصل التشريعي مناسبة لبدء حوارات هادئة بين مختلف القوى السياسية الفاعلة في البلد من أجل تحقيق تقدم في الملفات العالقة». وحول ما إذا كانت هناك أسماء جديدة سوف تطرح للحقائب الوزارية، خصوصاً الدفاع والداخلية، يقول المعموري: «نعم، فالمعطيات المتوفرة لدينا تشير إلى أن هناك نية في تغيير بعض الأسماء».
ويعد المرشح لوزارة الداخلية فالح الفياض أحد أكثر الأسماء التي أثارت جدلاً خلال الفترة الماضية؛ بسبب إصرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على رفضه، بينما تصر كتلة البناء، بجناحيها «الفتح» و«دولة القانون» على تكرار ترشيحه باعتباره مرشح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. عبد المهدي، من جانبه، لم ينف ولم يؤكد إن كان الفياض مرشحه أم مرشح «البناء». وفي هذا السياق، أكد المكتب الإعلامي لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أن الأخير ما زال داعماً لخيار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بترشيح فالح الفياض لمنصب وزير الداخلية لكونه جزءاً من اتفاق سياسي. وقال مدير المكتب هشام الركابي، في تصريح أمس: إن «ائتلاف دولة القانون غير متمسك بأي مرشح لوزارة الداخلية بمن فيهم فالح الفياض، إلا إنه ما زال داعماً لترشيح الفياض لحقيبة». وأضاف: إن «دعم رئيس الائتلاف يأتي ضمن احترامه الاتفاق السياسي بين الكتل السياسية بمنح رئيس الحكومة عادل عبد المهدي حرية اختيار وزرائه، فضلاً عن احترامه لتبني تحالف البناء للفياض».
من جهته، أكد عضو البرلمان عن تحالف الفتح، أحمد الأسدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع نهاية الفصل التشريعي كانت التوافقات غائبة بخصوص إكمال الكابينة وما جرى بخصوص وزارة العدل في الجلسة الأخيرة كان واضحاً». وأضاف الأسدي: إن «العطلة التشريعية ستكون استراحة وحوارات هادئة بعيداً عن ضغط التوقيتات بالنسبة للقوى السياسية، وعليه فلا أتوقع أي إعلان لاتفاق قبل بدء الفصل التشريعي الثاني». وأوضح الأسدي، أن «بداية الفصل التشريعي المقبل سيشهد أيضاً حسب المعطيات التي لدينا جولة جديدة من المفاوضات والحوارات بين الكتل لإكمال الكابينة من جهة ولحسم موضوع الهيئات والوكالات وجميع المواقع التي تدار بالوكالة بعد أن أعطى مجلس النواب مدة زمنية لإكمالها أقصاها نهاية الفصل التشريعي الثاني من خلال تحديد 30 يونيو (حزيران) موعداً أقصى لمعالجة الإدارات بالوكالة وجميع الدرجات الخاصة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».