نصر الله يهدئ مع إسرائيل رداً على التهديدات... ومهادنته لا تنسحب على تشكيل الحكومة

نصر الله يهدئ مع إسرائيل رداً على التهديدات... ومهادنته لا تنسحب على تشكيل الحكومة
TT

نصر الله يهدئ مع إسرائيل رداً على التهديدات... ومهادنته لا تنسحب على تشكيل الحكومة

نصر الله يهدئ مع إسرائيل رداً على التهديدات... ومهادنته لا تنسحب على تشكيل الحكومة

يقول دبلوماسي غربي في بيروت، في معرض تعليقه على ما قاله الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في إطلالته المتلفزة الأخيرة في ملف الصراع مع إسرائيل، إنه (نصر الله) أحسَنَ تدوير الزوايا، خصوصاً في تناوله استمرار إسرائيل في بناء الجدران على الحدود الجنوبية، والأنفاق التي تربط المنطقة الحدودية مع بعض مناطق الداخل في إسرائيل. ويؤكد الدبلوماسي أن تعاطي نصر الله الهادئ كان «استجابة للتحذيرات الدولية من احتمال قيام إسرائيل بشن هجوم، التي وصلت إليه من خلال قنوات دبلوماسية دولية وعربية كانت قد أحيطت علماً بوجود نية لدى تل أبيب لاستهداف لبنان».
ويكشف الدبلوماسي الغربي لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي يستعد لخوض الانتخابات النيابية المبكرة يحاول من خلال شن هجوم على بعض المناطق اللبنانية تحسين فرصه في الانتخابات، لضمان عودته على رأس الحكومة، ويقول إنه يصنف ما صدر عن نصر الله في مقابلته على أنه يساوي «صفر تصعيد»، وإن كان قد بادر إلى محاكاة جمهوره بأن الحزب لم يعد في حاجة إلى نقل صواريخ دقيقة إلى لبنان لأن لديه الكمية الكافية التي تتيح له الرد على أي عدوان، لكنه يلاحظ أن تطرق نصر الله إلى الأنفاق والصواريخ الدقيقة جاء تحت سقف التهدئة، وفي معرض الدفاع عن النفس، وإلا لما تحدّث عن عدم رغبته في تغيير قواعد الاشتباك، شرط ألا تبادر إسرائيل إلى تغييرها.
ويرى الدبلوماسي الغربي نفسه أن نصر الله أراد أن يتوجّه بخطاب هادئ إلى المجتمع الدولي، بقوله إنه يقف وراء الجيش اللبناني في تعامله مع الجدران التي تبنيها إسرائيل، وإن القرار يعود له، وكذلك الأمر بالنسبة إلى النقاط الحدودية المتنازع عليها مع إسرائيل. وهذا الموقف يصدر عنه للمرة الأولى. حتى أن نصر الله في تناوله ملف الأنفاق، أراد أن يترك الباب مفتوحاً أمام الاجتهاد، بقوله إن هذه الأنفاق وُجدت قبل عدوان حرب يوليو (تموز) عام 2006، وأيضاً قبل القرار الدولي 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، من دون أن ينفي أو يؤكد أن بعضها يعود إلى ما بعد هذين التاريخين.
كما أن نصر الله - بحسب الدبلوماسي الغربي - أراد توجيه رسالة إلى الداخل في لبنان، بأنه على استعداد للبحث في الاستراتيجية الدفاعية من دون شروط مسبقة، ويضيف: إن «حزب الله» والدولة اللبنانية أُحيطا علماً باحتمال قيام إسرائيل بشن عدوان على لبنان، وهذا ما أبلغه نتنياهو إلى كبار المسؤولين في سلطنة عمان، الذين نقلوا بدورهم هذا التحذير إلى إيران والمعنيين في لبنان، ويؤكد أن باريس أُحيطت علماً بالتحذيرات الإسرائيلية، باعتبار أنها العاصمة الأوروبية المؤهّلة أكثر من غيرها للتواصل مع طهران و«حزب الله» الذي يلتقي مسؤولون فيه باستمرار كبار الدبلوماسيين في السفارة الفرنسية في بيروت.
لذلك أراد «حزب الله» تعميم رسالة إلى الخارج المعني بالوضع اللبناني، خلاصتها أنه مع تحقيق فك اشتباك، وأنه لن يضع نفسه في موقع الخلاف مع المجتمع الدولي الذي يحرص على تثبيت الاستقرار في لبنان، ومساعدته للنهوض اقتصادياً.
إلا أن قرار «حزب الله» الدخول في مهادنة مع المجتمع الدولي، آخذاً على نفسه تجنُّب التطرُّق إلى العقوبات المفروضة عليه أوروبياً وأميركياً، كما بدا مما قاله نصر الله في مقابلته المتلفزة، يرجع إلى أن التحذيرات جاءته هذه المرة من باريس التي تُعتبر في عداد العواصم الأوروبية الأقل صداماً معه، والتي كانت تترك لنفسها هامشاً للتواصل مع إيران وحليفها «حزب الله».
وعليه، فإن المهادنة التي اتسمت بها مواقف نصر الله جنوباً لم تنسحب على ملف تشكيل الحكومة، كما تقول مصادر مواكبة لمشاورات اللحظة الأخيرة التي يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري، قبل أن «يبق البحصة» في نهاية هذا الأسبوع، إذا تأخرت ولادة الحكومة.
فالحزب - بحسب هذه المصادر - وبلسان أمينه العام، تناول ملف الحكومة وكأنه في موقع المراقب، وليس المقرّر، وحصر كلامه بالحديث عن عقدتين: الأولى تتعلق بتمثيل «اللقاء التشاوري»، والثانية عن إعادة النظر في توزيع الحقائب الوزارية، بدلاً من أن يقدّم نفسه كطرف يضغط لتسريع تأليفها.
ودفع هذا الموقف لـ«حزب الله» من تشكيل الحكومة بالمصادر المواكبة إلى السؤال عن صحة ما يشاع من أنه ليس مضطراً لتسريع ولادتها، وإلا لماذا الإطراء الذي صدر عن نصر الله ممتدحاً الرئيس ميشال عون، وأيضاً رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، مع أنها تحمل الأخير مسؤولية تمديد أزمة التأليف، بإصراره على أن يتمثل بالتكافل والتضامن مع رئيس الجمهورية بـ«الثلث الضامن»، وهذا المشهد السياسي لن يتبدّل إلا إذا تبدّل موقف باسيل في اتجاه الإسراع في تأليف الحكومة، لأن تعثرها سيجر البلد إلى المجهول.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.