راجستان... صحراوية بقصور فخمة وقلاع رومانسية

وجهة تجذب أثرياء الهند لإقامة حفلات زفاف باذخة فيها

القصر الذي أقام فيه موكيش أمباني حفل زفاف ابنته في أودايبور
القصر الذي أقام فيه موكيش أمباني حفل زفاف ابنته في أودايبور
TT

راجستان... صحراوية بقصور فخمة وقلاع رومانسية

القصر الذي أقام فيه موكيش أمباني حفل زفاف ابنته في أودايبور
القصر الذي أقام فيه موكيش أمباني حفل زفاف ابنته في أودايبور

بقصورها الفخمة وحدائقها ذات الطابع الرومانسي، تمثل ولاية راجستان الهندية لصحراوية مكاناً مثالياً لإقامة حفلات الزفاف الأسطورية. وهذا ما تؤكده الصور التي نشرتها كثير من المجلات. منذ نحو شهرين فقط، استضافت الولاية ثلاثة حفلات زفاف جذبت أنظار العالم، في ثلاث مدن مختلفة. وما زاد من حجم الإقبال أن البنية التحتية جد مناسبة، من فنادق فاخرة تنقل الزوار إلى زمن خيالي برفاهيتها إلى حسن ضيافتها، وتخصص الشركات في تنظيم هذه الحفلات الباذخة، مما يؤكد مقولة إن إقامة حفلات الزفاف في راجستان تليق بالملوك.
- أودايبور
مدينة البحيرات والقصور، كما يصفها البعض. ففي كل جنباتها تتردد أصداء تقاليد عريقة وأجواء رومانسية، الأمر الذي جعلها تستحق أن تكون من أهم الوجهات السياحية على الخريطة العالمية. ومنذ فترة قريبة فقط، اختارتها مجلة «ترافيل آند ليجر» لتكون «أفضل مكان في العالم». وهذا أيضاً ما يجعلها مكاناً مثالياً لإقامة حفلات أسطورية.
وقد وقع عليها اختيار موكيش أمباني، الرجل الأكثر ثراءً في الهند، تبعاً لتقديرات مجلة «فوربس»، بثروة تقدر بـ47.3 مليار دولار، لإقامة حفل زفاف ابنته الذي استمر ثلاثة أيام متواصلة. وتضمنت قائمة المدعوين هيلاري كلينتون، وأريانا هفنغتون، ووزير الخارجية الأميركي السابق جون إف. كيري، ورجل الأعمال ستيفن شورزمان، ورجل الأعمال هنري كريفيس، ومؤسس «دبليو بي بي» مارتن سوريل، والرئيس التنفيذي لشركة «سنشري فوكس» جيمس مردوخ، وكوكبة من نجوم بوليوود. ووصل المدعوون الحفل بواسطة طائرات خاصة وسيارات فاخرة. وجاء العرض الغنائي للنجمة بينوسيه بمثابة تتويج لاحتفالات صاخبة استمرت يومين قبل عقد مراسم الزفاف الهندي التقليدية، في كل من قصري «أوبيروي أودايفيلاس» و«سيتي بالاس». أما غالبية الاحتفالات، فتركزت في فندق «لوكس أوبيروي أودايفيلاس»، الواقع على ضفاف بحيرة بتشولا. ويتميز هو الآخر بطابع فريد بين الفنادق الفاخرة على مستوى أودايبور، فهو عبارة عن ضيعة ضخمة تمتد على مساحة 50 فداناً، كانت ملكاً في وقت مضى لحاكم ميوار. وتتيح جميع غرف الإقامة وقاعات تناول الطعام فرصة لمعاينة مشاهد ساحرة من البحيرة المتلألئة والحدائق المحيطة. ويعتبر فندق «أوبيروي أودايفيلاس» واحداً من ثلاثة فنادق بالهند نجحت في الظهور على قائمة «كوندي ناست ترافلر» المعنية بـ«أفضل الفنادق والمنتجعات بالعالم: القائمة الذهبية لعام 2019». أما الفندقان الآخران بالقائمة من الهند، فهما «أومايد بهاوان بالاس» في جودبور و«ليلا بالاس نيودلهي».
ويطل «سيتي بالاس أودايبور» هو الآخر على بحيرة بتشولا، وكان من بين الأماكن التي وقع عليها اختيار أمباني لعقد احتفالات الزفاف. ففيه شدت المغنية العالمية بينوسيه بأغانيها الشهيرة «مجنونة في الحب» و«فتاة مشاكسة» و«مثالي» وهي ترتدي أكثر من لباس هندي تقليدي اهتمت الصحف الهندية بنقل تفاصيلها بدقة.
وبوجه عام، يعد «سيتي بالاس» في أودايبور واحداً من أكبر مجمعات القصور على مستوى الهند، وهو يضم مجموعة من القصور التي بنيت على مقربة من بعضها، وتحمل عبق حقبة غابرة للملوك. وقد استضاف قصر «ماناك تشوك»، القائم داخل مجمع القصور، عرضاً للصوت والضوء. أما «زينانا محل»، فكان في الأصل قصراً حصرياً للنساء من أفراد العائلة المالكة. وفي أثناء حفل زفاف ابنة أمباني، استضاف مأدبة ضخمة أقيمت على أضواء الشموع. وأيضاً، يعتبر «ليك بالاس» و«ديفي غاره بالاس» من الأماكن الرائعة التي يمكن إقامة حفلات زفاف بها داخل أودايبور.
- جودبور
تعرف المدينة كذلك باسم «المدينة الزرقاء»، نظراً لأن غالبية المنازل بالمدينة مطلية باللون الأزرق بداخل المدينة القديمة، وهي واحدة من المدن الأخرى في راجستان التي تعج بالقصور الفاخرة والقلاع غريبة الشكل.
واستضاف «أومايد بهاوان بالاس» واحداً من حفلات الزفاف البارزة خلال العام، وهو حفل زواج نجمة بوليوود بريانكا تشوبرا بالممثل المغني الأميركي نيك جوناس. أما الفندق الذي استضاف حفل الزفاف، فهو في حقيقته قصر ملكي، وواحد من أكبر أماكن الإقامة الخاصة على مستوى العالم. ويضم القصر 347 غرفة ممتدة عبر 26 فداناً، تجوب أرجاءه أعداد كبيرة من الطواويس بحرية وسلام.
ويوجد القصر فوق تل شيتار، أعلى نقطة في جودبور. ومن أعلى التل، يمكن الاستمتاع بمشهد بانورامي للمدينة، وكذلك كثبان الرمال الذهبية المحيطة بها من بعيد. وعلى مر السنوات، استقبل الفندق كثيراً من الشخصيات الشهيرة عالمياً، مثل الأمير تشارلز وكاميلا دوقة كورنول والمغني البريطاني ميك جاغر، وغيرهم.
جدير بالذكر أنه استضاف في عام 2006 حفل زفاف إليزابيث هيرلي وآرون نايار، وتضمنت قائمة المدعوين حينها العارضتين كيت موس وناعومي كامبل، والمغنيان ستينغ وديانا روس.
ومن بين القصور الأخرى التي يمكن عقد حفلات زفاف بها قلعة مهرجار، الواقعة على مساحة من أرض قاحلة قرب جودبور، تتلخص فيها معاني الفخامة والثراء، مما يجعل منها مكاناً مثالياً لإقامة حفلات زفاف مميزة. ويوجد بها فندق يضم تسعة أجنحة فاخرة فقط، مما يستلزم حال إقامة حفل زفاف به الحرص على خفض أعداد المدعوين وانتقائهم بعناية. ومن بين الخدمات التي يوفرها تشييد خيام مزدانة بالزخارف وشتى أنواع الطعام الشهي. وحال الرغبة في إقامة حفل زفاف حصري شديد الخصوصية، فإن قلعة مهرجار المكان الأمثل لذلك. أما إذا رغبت في عقد حفل زفاف أكبر، فهناك الفندق الشقيق لقلعة مهرجار، روهيت غار، الذي يضم 34 غرفة فندقية، ويقع على مسافة ساعة من القلعة.
- جايسالمر
يعود تاريخ إنشاء قلعة جايسالمر إلى القرن الـ11، وهي تعد بمثابة بوابة صحراء طهار أو صحراء الهند الكبرى. ومن المعتقد أن القلعة واحدة من «القلاع الحية» القليلة للغاية على مستوى العالم، نظراً لأن ما يقرب من ربع سكان المدينة القديمة لا يزالون يعيشون بداخلها.
ويوجد بها فندق سورياغار الذي جرى تشييده باستخدام أحجار رملية صفراء اللون، تبدو ممتزجة بلون الصحراء المحيطة. وفي الواقع، تبدو القلعة برمتها أشبه بواحة حجرية في قلب الصحراء، وتشغل رأس تل منخفض. ومن المدخل، بممراته الضخمة وممراته المائية الأخرى وأقواسه الكبيرة، يتميز المكان بصبغة ملكية واضحة. ومثلما هو الحال مع القلعة، يتميز مستوى الضيافة داخل المكان بالفخامة أيضاً. وبمجرد دخولك الفندق، تتدلى ورود وأزهار بلطف من السقف لتحيتك، بينما تتردد أصداء الطبول التي يقرعها فنانون شعبيون.
ويمتد الجو العام الهادئ والمريح للصحراء إلى داخل الفندق الذي تحيطه هالة من الصفاء. ولدى النظر عبر النافذة، تجد أمامك موجات متبدلة من الرمال لا نهاية لها تسد الأفق، الأمر الذي يعين الذهن على الدخول في حالة من السكون والتأمل.
وداخل الفندق يتوافر كل ما يمكن أن تحتاج إليه، من غرف تمزج بين تاريخ عريق وطابع حديث معاصر، مثل حمام سباحة تحت ظلال أشجار وارفة، وشبكة إنترنت سريعة، ووجبات خفيفة وأطباق شهية، تتنوع ما بين المطبخ الهندي ومطبخ حوض البحر المتوسط.
- جايبور
هي عاصمة راجستان، وتعتبر وجهة ساحرة تعج بالفخامة والجمال لإقامة حفلات زفاف لا تنسى. ومن أبرز الأماكن فيها «جاي محل بالاس»، القصر التاريخي الفخم الذي يعود تاريخ إنشائه لعام 1745، ويمتد على مساحة 18 فداناً، تضم حدائق غناء على الطراز المنغولي، الأمر الذي يجعلها مثالية لحفل زفاف في الهواء الطلق. ويوفر الفندق خدمات متنوعة في هذا الشأن، منها توفير أفيال وجمال مزدانة ألوان، وعربة خاصة تجرها الخيول لنقل العريس والعروس، بجانب حفلات عشاء بعد إتمام الزفاف على أنوار الشموع، وغرف مخصصة للعرسان بديكورات رومانسية تعبق برائحة الورد.
ومن ناحية أخرى، كان قصر رامباغ في الأصل مقر إقامة مهراجا جايبور، وتحول الآن إلى فندق فاخر ما يزال يحتفظ بملامحه الأصلية. ويحرص القائمون على إدارته على بذل كل جهد ممكن لضمان خروج حفل الزفاف بأروع صورة ممكنة، من خلال خدمات متنوعة، منها توفير متخصصين في تنظيم حفلات الزفاف، وقوائم طعام خاصة، علاوة على مراسم هندية تقليدية للزفاف باستخدام الأفيال.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.