العضو المنتدب لـ«كون زون» السعودية: صناعة الآيس كريم تضاعفت إلى 800 مليون دولار

البرجس قال لـ {الشرق الأوسط} إن السوق المحلية باتت تنافسية لا سيما مع دخول مؤسسات عالمية معروفة

أحد محلات الـ «آيس كريم» .. وفي الاطار المهندس عبد الله بن محمد البرجس
أحد محلات الـ «آيس كريم» .. وفي الاطار المهندس عبد الله بن محمد البرجس
TT

العضو المنتدب لـ«كون زون» السعودية: صناعة الآيس كريم تضاعفت إلى 800 مليون دولار

أحد محلات الـ «آيس كريم» .. وفي الاطار المهندس عبد الله بن محمد البرجس
أحد محلات الـ «آيس كريم» .. وفي الاطار المهندس عبد الله بن محمد البرجس

أكد المهندس عبد الله بن محمد البرجس العضو المنتدب لشركة «مفاد التجاري»ة المالكة للعلامة السعودية في صناعة الآيس كريم «كون زون»، أن رفع الذائقة الغذائية مسؤولية قطاع الأعمال، وتفرضها مقتضيات الجودة والمنافسة ومتطلبات تحسين المنتج وفقا لأفضل المعايير، مؤكدا على ضرورة توجه المصانع الوطنية إلى تتبع أحدث التطورات ورفع مستوى المنتج الغذائي. وشدد البرجس على أهمية التوجه نحو الأغذية الصحية وتبنيها في الأسواق المحلية، مفصحا أن إنتاج الآيس كريم، يشكل أحد النشاطات الصناعية الواعدة التي تنتظر مزيدا من الاستثمار والتطور، لافتا إلى أن دخول الشركات العالمية بمنتجات الآيس كريم لم يؤثر على المصانع المحلية، بل تشجع على رفع القدرات النوعية، مما ينعكس على رفع ذائقة المستهلك وفتح خيارات الاستهلاك أمامه.
البرجس، تحدث عن جملة موضوعات تخص صناعة الآيس كريم ونمو نشاطه في السوق المحلية، وتنامي اعتبارات المنتج الغذائي الصحي لدى المستهلك وتفعيل نظام الامتياز التجاري ووضع هذه الصناعة في العالم العربي، خلال حواره مع «الشرق الأوسط»:

* بصفتكم مصنعين، هل لا تزال هناك مشكلات تواجهونها في القطاع الصناعي بشكل عام؟
- يدخل نشاط الآيس كريم، في القطاع الصناعي حيث يحتاج إلى دورة صناعية متكاملة بكل تفاصيلها، بيد أنني لا يمكن أن أصف ما يحدث بالمشكلات، وإنما ينطبق عليها كلمة صعوبات، وهي مستمرة لا سيما ما يخص استقطاب الأيدي العاملة والحصول على تأشيرات، ولاحقا تكاليف الرسوم الكبيرة التي نتكبدها على العامل عند الحصول على الموافقات الرسمية، كما نواجه إشكالية في توطين الوظائف (السعودة)، إذ دائما ما نواجه صعوبات من الطرف المستفيد وهو طالبو العمل من الشباب، إذ لا يحتملون طبيعة العمل حتى في مستوياته الوسطى والإدارية منه. ونحن سعينا بشتى الطرق عبر رفع الرواتب وإعطاء نسب أرباح وخلافه من الميزات، إلا أننا نعاني، حقيقة، من ضعف رغبة العمل وتفضيل هؤلاء الشباب البحث عن فرص خارجية في قطاعات حكومية، في مقابل ذلك هناك ضغوطات لفرض السعودة، وهي التي ستؤدي إلى نتائج عكس ما هو منتظر منها، في مقابل إيجاد حلول أخرى يمكن من خلالها تطبيق خطط توطين الوظائف بما يخدم طالب العمل من المواطنين على صعيد حقوقه كاملة وينفع المنشأة الموظفة في الوقت ذاته.
* وماذا عن صناعة الآيس كريم في خضم هذه الصعوبات؟
- هي صناعة متكاملة، كما أسلفت، إذ نتولى دائرة تصنيع من خطواتها الأولى إلى الانتهاء من المنتج النهائي وتسليمه للأسواق، وحقيقة لا نواجه في خضم عملية التصنيع مشكلات تحد من نشاط الصناعة وتطويرها بشكل عام، بل على العكس دائما ما نحاول الابتكار والتطوير واستقطاب أفضل الأدوات والآليات الجديدة كما نسعى لوضع لمسات جديدة تحقق هدفنا.
* وما هدفكم؟
- ما أقصده أننا بصفتنا مصنعين لنشاط غذائي كالآيس كريم، معنيون بالجودة والصحة الغذائية بالدرجة الأولى، إلا أننا لدينا إيمان منقطع النظير بمسؤوليتنا تجاه رفع ذائقة المستهلك الغذائية، ليستطيع تمييز المحتوى الغذائي المفيد في كل العناصر الغذائية الطبيعية المضافة، عن تلك المنتجات المحتوية على عناصر غذائية مصنعة وغير مفيدة، بل بعضها أقرب إلى تدمير الصحة العامة ولها نتائج وخيمة مستقبلا.
* وماذا عن الجانب الربحي، أليس هو المحرك الرئيس وراء أي صناعة؟
- بلاشك، هو هدف رئيس ولكن ذلك لا يعني على الإطلاق الجانب المنفعي المادي البحت، فبجانب البحث عن العائد الربحي المقبول، مسؤوليتنا نحن المصنعين رفع الذائقة الغذائية لدى المستهلك لأهمية ذلك كما أسلفت، ولأن هذا يعد إحدى مسؤوليات قطاع الأعمال المسؤول صاحب الرؤية والرسالة والهدف. كما نؤكد أن رفع الذائقة الغذائية في منتجات كالآيس كريم، تفرضها مقتضيات الجودة التي لا جدال حولها بأنها الأولوية القصوى قبل تحقيق الربح لكل منتج صناعي، كما أنها مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون مهنية، وهو الذي يدفعنا للتحرك باستمرار للابتكار الجديد المفيد.
* هل أفهم من كلامك أن وجود شركات عالمية معروفة في صناعة الحلويات والشوكولاته الشهيرة والتي دخلت على خط تصنيع الآيس كريم، لم يضر بكم كمصنعين محليين؟
- على الإطلاق، بل نحن أكثر من ابتهجنا بذلك، إذ بجانب إيماننا بأن اسم منتجنا الوطني فرض نفسه بسمعته وبفضل معايير الجودة والمذاق الطبيعي الذي نلتزم به، إلا أن دخول أسماء معروفة على صعيد منتجات الشوكولاته في خط تصنيع الآيس كريم المثلج، يخدم الذوق العام الذي تحدثنا عنه سالفا، بل لا أخفي سرا أننا نريد دخول مزيد من المنتجات العالمية ذات الأسماء المعروفة على صعيد تصنيع الآيس كريم إلى السوق، فهي تقوم بدور مهول في الدفع بمستوى الذوق الغذائي مع توجه المستهلكين إلى شرائها وبالتالي اكتشاف الجانب الآخر من المنتجات الرديئة التي تنافس بالسعر، لكن ذلك بلا شك لن يدوم. ولا أنسى أننا نقوم بعمل استقصاءات لوضع مؤشر عام عن وضع المستهلك للآيس كريم من خلال فروعنا المنتشرة وعبر آليات أخرى، كشفت لنا بكل وضوح عن تضاعف مستوى الطلب وزيادة حساسية المستهلك نحو توجهاته وخياراته في شراء الآيس كريم، كما أوضحت أن السعر يأتي أولوية ثانية بعد الجودة لديه.
* ونحن على أبواب أشد مواسم السنة حرارة، ما الجديد الذي تقدمه الصناعة؟
- باعتبارنا نصنف من الشركات الكبرى، نرى أننا لا بد أن نشكل إضافة بتجديدات نقدمها، خذ على سبيل المثال توجهنا حاليا لتسويق الآيس كريم خالي من السكر (الحميّة) والذي يعتمد على مُحليّات طبيعية، حيث تثبت الدراسات أن 25 في المائة من السعوديين والمقيمين لا يستطيعون تناول الآيس كريم والمنتجات السكرية نتيجة الظروف الصحية. ولا أخفي أننا نتكبد تكاليف باهظة ليس فقط لتسويق هذه المنتجات، بل للتوعية بأهميتها ومحتوياتها الصحية، وللتأكيد على ملائمتها للتطورات في ظل البيانات الرسمية. ولعلي أتوقف معك هنا، للتأكيد على أن هذا المنتج الجديد، يعد إضافة حقيقة للسوق، بل وتمثل مساهمة في رفع الذائقة العامة على صعيد الطعم والجانب المتعلق بالصحة ومشاركة جميع شرائح المجتمع. وقد توصلنا لتركيبة من المحلّيات الطبيعية مع شركاء خارجيين بعد دراسات أجريناها تثبت ارتفاع مستوى الجودة وتعطي مذاقا مقاربا للآيس كريم المحلي بالسكر والمواد الطبيعية.
* هل لديكم تقديرات عن حجم الاستهلاك؟
- لا يمكن وضع تقديرات بسهولة حيث لا تزال السوق تحتاج إلى دراسات مسحية دقيقة لتقدير حجم ما يستورد وما يصنّع وحجم ما يستهلك منه، بيد أن تركيز استهلاك الآيس كريم يكمن في ثمانية أشهر خلال مارس (آذار) وحتى أكتوبر (تشرين الأول)، حيث تشكل هذه الفترة 90 في المائة من استهلاك السوق.
* وماذا عن التوسع في السوق.. مع انتشار الأسواق المركزية العملاقة؟
- أولا لا بد أن أقول بأن «كون زون» وهي العلامة الوطنية التي تواصل خطواتها الثابتة نحو هدفها بأن تكون اسما تجاريا عالميا في صناعة الآيس كريم من المنتجات الطبيعية، لديها حاليا ما يفوق 300 فرع، وهذا يدل على نجاح كبير للاسم التجاري، نتيجة التركيز على الجودة التصنيعية. كما أن معظم الأسواق المركزية واسعة الانتشار تسعى لاستقطابنا بفضل السمعة الرفيعة ونحن حاليا نجري ترتيبات لزيادة التوسع الأفقي عبر حجز مواقع جديدة لديها في ظل رغبتها لتنويع منتجات الآيس كريم، خصوصا بعد إطلاق منتج آيس كريم الحمية الذي يلقى نتائج قوية مع قرار زيادة عدد النكهات من ثلاث إلى 12 نكهة مما يضفي تنوعا كبيرا أمام المستهلك.
* وما خطة الانتشار التي تعملون عليها حاليا؟
- لدينا كما أسلفت حاليا ثلاثمائة فرع معظمها يعمل بنظام الامتياز التجاري بينما نقوم بتشغيل ذاتي لقرابة 45 فرعا في مناطق السعودية، كما هناك قرابة 40 فرعا منتشرة في بلدان الخليج العربي. كما ننوي دخول أسواق جديدة في آسيا كلبنان وبعض بلدان الاتحاد السوفياتي السابق كما نركز في خطتنا على دول شمال أفريقيا سنبدأها بمصر، حيث نعتقد أن هناك فرصا متاحة يمكن الاستفادة منها.
* وكيف استطعتم الوصول إلى هذا المستوى من الانتشار الأفقي؟
- يأتي بفضل الاعتماد على قواعد رئيسة في صناعتنا شكلت انطلاقة قوية للمستثمرين عبر نظام الامتياز التجاري (فرنشايز)، إذ نقدم منتجا ذا مستوى رفيع وجودة صحية عالية، كما عملنا هوية واضحة ومسمى تجاريا موسيقيا، واخترنا ألوانا زاهية تشير إلى البهجة والأريحية والمتعة، كما قدمنا هامشا ربحيا عاليا يصل إلى 60 في المائة للمستثمرين، جميعها عززت من انتشار «كون زون» كاسم تجاري سعودي.
* وماذا عن حجم السوق والمنافسة الحالية؟
- هناك مجموعة من المصانع القوية التي تفرض وجودها في السوق لا تقل عن عشرة مصانع كبرى تقوم بتزويد الأسواق المحلية بكل ما تحتاجه من منتجات الآيس كريم، فيما تضاعف حجم الاستثمار الكلي خلال عشرة أعوام من 1.5 مليار ريال إلى ثلاثة مليارات ريال (800 مليون دولار)، لا سيما مع دخول مؤسسات عالمية معروفة إلى السوق وساهمت في إضافة منتجات منوعة. كما لا أنسى أن أسعار الآيس كريم كذلك ارتفعت خلال هذه الفترة بقرابة 50 في المائة، جميعها تتنافس على سوق تتركز قوته البيعية من شهر مارس إلى أكتوبر من كل عام. كما أن السوق تصنف، بحسب رؤيتنا له، إلى ثلاث فئات، الأولى تستحوذ على 30 في المائة وهي الشركات المحلية الكبرى والعالمية المعروفة، و40 في المائة للشركات المتوسطة وجودتها مقبولة، و30 في المائة من جودة متدنية.
* وما فرص بقاء الآيس كريم ذات الجودة بالمنافسة مع المنتجات الرخيصة؟
- البقاء بلا شك سيكون لذات الجودة العالية التي تزايدت نسب قبولها بين المستهلكين رغم ارتفاع سعرها (قرابة الضعف) عن المنتج الرخيص، إذ نعتمد على رؤية مؤسسية تستند إلى تبني مفهوم ينمو مع نمو الأجيال لا سيما مع تزايد الشعور بالجوانب الصحية والمنتج المفيد، كما سبق وأن أكدنا قبل سنوات بأن الذوق العام متجه نحو الجودة وها هي الأيام تثبت ذلك، بل ونعتقد أن السنوات المقبلة ستشهد دفعة قوية أخرى في هذا الجانب وسينعكس إيجابا على الاستثمارات والمنافسة. وهذا الكلام سينطبق على المنطقة ككل، إذ لا تزال صناعة الآيس كريم تعاني من البدائية في معظم البلدان العربية، كما لا تزال تركز على منتج البوظة التي كما كررنا مرارا هي ليست من فئة الآيس كريم، بل مثلجات من الدرجة المتوسطة بين الآيس كريم، وهي بلا شك لا ترتقي في وضعها الحالي إلى الآيس كريم عالي الجودة.



مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
TT

مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)

في وقت تتدفق فيه مئات المليارات نحو صناعة الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، يجد المستثمرون أنفسهم أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام ثورة رقمية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، أم على أعتاب فقاعة مالية جديدة تشبه الدوت كوم؟

فالسباق العالمي لبناء مراكز البيانات، وتطوير الرقائق، وتوسيع البنية التحتية، تجاوز بالفعل حجم استثمارات تاريخية مثل «مشروع مانهاتن» و«برنامج أبولو»، فيما تتنافس شركات التكنولوجيا العملاقة على اقتناص موقع قيادي في «سباق السلاح الرقمي» الجديد. لكن هذا الزخم الهائل ترافقه مؤشرات مقلقة: أسعار أسهم صعدت بوتيرة فلكية، وتقييمات شركات ناشئة لا تعكس حجم إيراداتها الفعلي، وشهية استثمارية تغذِّيها توقعات النمو أكثر مما تغذيها النتائج الواقعية.

وبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة اقتصادية تمتد لعقود، يُحذر آخرون من أن الحماس المفرط قد يُخفي وراءه هشاشة يمكن أن تؤدي إلى تصحيح قاسٍ في الأسواق.

لا يعتقد مورتن ويرود، الرئيس التنفيذي لشركة «إيه بي بي»، أن هناك فقاعة، لكن «نرى بعض القيود فيما يتعلق بسعة البناء التي لا تواكب جميع الاستثمارات الجديدة»، وفقاً لـ«رويترز».

وأضاف: «نتحدث عن تريليونات من الاستثمارات، وستستغرق عدة سنوات لتنفيذها، لأن الموارد والبشر غير كافيين لبناء كل هذا».

أما دينيس ماشويل، الرئيس التنفيذي لشركة «أديكو»، فيرى أن «هناك بالفعل فجوة حالية بين هذا العرض الهائل من الذكاء الاصطناعي والطريقة التي تقوم بها الشركات بتضمينه فعلياً في عملياتها الأساسية»، كما قال في نوفمبر (تشرين الثاني). وأضاف أن المشروع المشترك لمجموعته مع «سيلس فورس» قد يقلل من مخاطر فقاعة الذكاء الاصطناعي من خلال دفع الشركات لاستخدامات أكثر واقعية للتقنية.

يد آلية أمام رسالة مكتوب عليها «الذكاء الاصطناعي» ولوحة مفاتيح (رويترز)

ويقول سندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة «ألفابت»: «لا أعتقد أن أي شركة ستكون بمنأى عن التأثر، بما في ذلك نحن»، وذلك في مقابلة مع «بي بي سي» نُشرت في 18 نوفمبر، عند سؤاله عن كيفية تعامل «غوغل» مع احتمال انفجار فقاعة. وأضاف أن موجة الاستثمار الحالية في الذكاء الاصطناعي «لحظة استثنائية»، لكنه أقر بوجود «عناصر من السلوك غير العقلاني» في السوق، مشيراً إلى تحذيرات مماثلة خلال فترة فقاعة «الدوت كوم».

أما جيف بيزوس، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «أمازون»، فيقول: «عندما يتحمس الناس بشدة للذكاء الاصطناعي كما يحدث اليوم، يتم تمويل كل تجربة... ويصعب على المستثمرين التمييز بين الأفكار الجيدة والسيئة وسط هذا الحماس».

وأضاف: «الفقاعات الصناعية ليست بالخطورة نفسها كالفقاعات المصرفية، وقد تكون مفيدة لأن الفائزين النهائيين سيعودون بالنفع على المجتمع من خلال تلك الابتكارات».

وحذر بنك إنجلترا (البنك المركزي) من أن الأسواق العالمية قد تتراجع إذا تغير مزاج المستثمرين تجاه آفاق الذكاء الاصطناعي. وقالت لجنة السياسة المالية في البنك في 8 أكتوبر (تشرين الأول): «ارتفعت مخاطر حدوث تصحيح حاد في السوق»، مضيفةً أن احتمال تأثير ذلك على النظام المالي البريطاني «مهم».

وخلال حلقة نقاشية في قمة خاصة بالتكنولوجيا في آسيا في 3 أكتوبر الماضي، قال برايان يو، المدير الاستثماري في «جي آي سي»، إن «هناك بعض الضجة المبالغ فيها في مجال الشركات الناشئة»، وأضاف: «أي شركة ناشئة تحمل شعار (إيه آي) ستُقوَّم بمضاعفات ضخمة مهما كان حجم الإيرادات الصغيرة... قد يكون ذلك عادلاً لبعض الشركات وليس كذلك لأخرى».

فيما أكد جوزيف بريغز، الاقتصادي في «غولدمان ساكس» للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن فيض الاستثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة مستدام، ورفض المخاوف المتزايدة من أن القطاع قد يكون في مرحلة فقاعة. لكنه حذر من أن «الفائزين النهائيين في الذكاء الاصطناعي لا يزالون غير واضحين»، مع تغير التكنولوجيا بسرعة، وانخفاض تكلفة الانتقال، مما قد يحد من مزايا المبادر الأول.

وأشار بيير-أوليفييه غورينتشاس، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إلى أنه قد تتبع موجة استثمارات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة انهياراً شبيهاً بفترة «الدوت كوم»، لكنها أقل احتمالاً أن تكون حدثاً نظامياً يضر بالاقتصاد الأميركي أو العالمي. وأضاف: «هذا لا يتم تمويله بالديون، مما يعني أنه إذا حدث تصحيح في السوق، قد يخسر بعض المساهمين وبعض حاملي الأسهم».

جن سين هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، يقول: «تحدث الكثير عن فقاعة الذكاء الاصطناعي، لكن من وجهة نظرنا نرى شيئاً مختلفاً جداً»، مشيراً إلى الطلب الكبير من شركات الحوسبة السحابية على رقائق شركته.

وفي أغسطس (آب) الماضي، تساءل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»: «هل نحن في مرحلة يكون فيها المستثمرون بأكملهم مفرطين في الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي؟ جوابي: نعم». وأضاف: «سوف يخسر البعض مبالغ هائلة، وسيجني البعض الآخر مبالغ هائلة أيضاً».

وفي أول منشور له على «إكس» منذ أكثر من عامين، حذر مايكل بوري، مستثمر ومؤسس «سايون» لإدارة أصول، من فقاعة في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ووضع رهانات هبوطية على «إنفيديا» و«بالانتير» الشهر الماضي، وهذا زاد من مخاوف المستثمرين بشأن الإنفاق المبالغ فيه في صناعة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

لكن تشي تاي-وون، رئيس «إس كيه هاينكس» الكورية الجنوبية، لا يرى «أي فقاعة في صناعة الذكاء الاصطناعي». وأضاف: «لكن عند النظر إلى أسواق الأسهم، نجدها صعدت بسرعة كبيرة جداً، وأعتقد أنه من الطبيعي أن يكون هناك بعض التصحيحات»، مشيراً إلى أن أسهم الذكاء الاصطناعي تجاوزت قيمتها الأساسية.

ويرى محللو الأسهم في بنك «يو بي إس»، أن عدد المستثمرين الذين يعتقدون أننا في فقاعة الذكاء الاصطناعي يقارب عدد أولئك الذين ما زالوا محتفظين باستثماراتهم في القطاع. وأضافوا في مذكرة منتصف أكتوبر الماضي: «معظمهم شعر بأننا في فقاعة، لكن بعيداً عن الذروة فإن نحو 90 في المائة من الذين قالوا إننا في فقاعة ما زالوا مستثمرين في العديد من مجالات الذكاء الاصطناعي».


أوروبا لتبسيط إجراءات الاستيراد

اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
TT

أوروبا لتبسيط إجراءات الاستيراد

اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)

يدخل أكثر من 12 مليون طرد الاتحاد الأوروبي يومياً، مما يجعل مهمة فحصها بحثاً عن البضائع غير القانونية، أو التي لم تُعلن، أو تقدير الرسوم المستحقة عليها، مهمة شاقة على رجال الجمارك.

والكثير من هذه الطرود صغير الحجم وقليل القيمة، ففي عام 2024 دخل إلى التكتل 4.6 مليار طرد بقيمة معلنة فردية أقل من 22 يورو (25.6 دولار).

وذكرت المفوضية الأوروبية في أغسطس (آب) الماضي أن نسبة ما فحصته سلطات الجمارك من إجمالي المنتجات المستوردة بلغت فقط 0.0082 في المائة.

ووفقاً لديوان المحاسبة الأوروبي (محكمة المدققين الأوروبيين)، تفتقر عمليات الفحص الجمركي في بعض الدول الأعضاء إلى الصرامة الكافية. كما أن عدم توحيد تطبيق القواعد في جميع دول الاتحاد يجعل الاحتيال أمراً سهلاً.

إصلاح الجمارك: ما الخطة؟

وفي عام 2023، قدمت المفوضية الأوروبية مقترحات تهدف إلى إجراء إصلاح شامل للحد من البيروقراطية والتعامل مع تحديات مثل الارتفاع الحاد في حجم التجارة الإلكترونية.

وتُعدّ كيفية إدارة التدفق الهائل للطرود والشحنات الواردة من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي -خصوصاً الصين- نقطة محورية في خطة الإصلاح.

وقررت دول الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي إلغاء الحد الحالي للإعفاء الجمركي، البالغ 150 يورو، على الطرود، وذلك بمجرد استكمال الإجراءات اللازمة -وهو أمر متوقع بحلول عام 2028- مع الالتزام بفرض رسوم جمركية مؤقتة على الطرود الصغيرة خلال الفترة الانتقالية. كما اقترحت المفوضية الأوروبية فرض رسوم عامة على المناولة، وهو إجراء لا يزال قيد النقاش.

وعلى نحو مختصر، يهدف الإصلاح إلى تحديث إجراءات الجمارك، وتعزيز التعاون بين سلطات الجمارك في الدول الأعضاء، وتحسين الرقابة على الواردات والصادرات. كما يعد بتحسين تحصيل الرسوم والضرائب، وتوفير حماية أفضل للسوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي.

ومن أجل تحقيق ذلك، سيجري إنشاء «منصة بيانات الجمارك الأوروبية»، التي ستخضع لإشراف هيئة الجمارك الأوروبية، التي لم تُنشأ بعد.

ومن المقرر أن تعمل هيئة الجمارك الأوروبية بوصفها مركزاً رئيسياً لدعم هيئات الجمارك في الدول الأعضاء. وبمجرد تشغيلها، سوف تسعى إلى تبسيط الإجراءات، وتحسين سلامة المشتريات الإلكترونية، وتزويد السلطات الوطنية بأدوات أكثر بساطة وتوحيداً.

ومن المتوقع أن يحقق الإصلاح عدة مزايا، من بينها تبسيط متطلبات الإبلاغ عبر جهة موحدة، وذلك توافقاً مع وعود رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بتقليص الروتين.

ويتوقع الاتحاد الأوروبي تحقيق توفير بقيمة مليارَي يورو سنوياً، عبر إحلال المنصة محل بنية تكنولوجيا المعلومات في الدول الأعضاء.

مقر هيئة الجمارك الأوروبية

من المقرر إنشاء هيئة الجمارك الأوروبية بداية من عام 2026، وسوف تتولي المفوضية الأوروبية مسؤولية إطلاقها. ومن المتوقع أن تحصل الشركات على أول فرصة وصول إلى منصة البيانات بحلول 2028، مع بدء الاستخدام الطوعي في 2032، ثم الإلزامي في 2038.

أما القرار الأول الحاسم فسوف يكون تحديد مقر الهيئة، وقد تقدمت تسع دول أعضاء الأسبوع الماضي، بملفات لاستضافة المقر: بلجيكا (لييغ)، وكرواتيا (زغرب)، وفرنسا (ليل)، وإيطاليا (روما)، وهولندا (لاهاي)، وبولندا (وارسو)، والبرتغال (بورتو)، ورومانيا (بوخارست)، وإسبانيا (مالقا).

وستقوم المفوضية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- الآن بدراسة الطلبات التسعة، على أن تضمن أن الموقع الذي يقع عليه الاختيار سوف يمكن الهيئة من أداء مهامها، واستقطاب كوادر مؤهلة ومتخصصة، وتوفير فرص تدريب.

ومن المتوقع صدور قرار في هذا الشأن خلال شهر فبراير (شباط)، تقريباً، بالتعاون بين الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي.

وسيتعيّن على الدولة المضيفة توفير مبانٍ جاهزة على الفور، وبنية تحتية متقدمة لتكنولوجيا المعلومات والأمن، ومساحة لما لا يقل عن 250 من الموظفين، إلى جانب غرف اجتماعات ذات تقنية عالية، و«منطقة آمنة» لإدارة المعلومات السرية، إلى جانب العديد من الشروط الأخرى.

حماية الأسواق الأوروبية

وقال وزير المالية البولندي، أندجي دومانسكي: «تجارة أكثر أماناً تعني أوروبا أكثر أماناً». وأوضح أن اتحاداً جمركياً «قوياً ومرناً» يضمن حماية السوق الداخلية وسلامة المستهلك والتنمية الاقتصادية المستقرة.

ولكن، ما تزال كيفية إدارة سياسات التجارة والجمارك المشتركة محل خلاف. ويأتي الإصلاح في الوقت المناسب، في الوقت الذي تسعى فيه العواصم الأوروبية إلى حماية القطاعات الاستراتيجية الرئيسية لديها في ظل تصاعد حدة التوتر في التجارة الدولية.

وتتعالى الدعوات في بعض الأوساط لإطلاق برنامج «صنع في أوروبا»، الذي يعطي أفضلية للمنتجات المحلية، وهو موقف تتبناه فرنسا، على نحو خاص.

وكانت المفوضية الأوروبية تعتزم نشر مبادرة أوروبية مرتبطة بهذا الأمر هذا الشهر، لكنها واجهت معارضة من جمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وآيرلندا، والسويد ولاتفيا، وغيرها. وحسب ما ذكرته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أُجّل المقترح حتى مطلع العام المقبل.


الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)

ذكر تلفزيون الصين المركزي (سي سي تي في) نقلاً عن مسؤول اقتصادي كبير، السبت، أن الصين تخطط لتعزيز الصادرات والواردات العام المقبل ضمن الجهود الرامية إلى تعزيز التجارة «المستدامة».

ويثير الفائض التجاري البالغ تريليون دولار الذي سجله ثاني أكبر اقتصاد في العالم توتراً مع شركاء بكين التجاريين، ويؤدي إلى انتقادات من صندوق النقد الدولي، ومراقبين آخرين يقولون إن نموذج النمو الاقتصادي الذي يركز على الإنتاج غير مستدام.

وقال هان ون شيو، نائب مدير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية المركزية، في مؤتمر اقتصادي: «يجب أن نلتزم بالانفتاح، ونعزز التعاون المربح للجانبين في قطاعات متعددة، ونوسع الصادرات مع زيادة الواردات في الوقت نفسه، لدفع التنمية المستدامة للتجارة الخارجية».

وأضاف أن الصين ستشجع صادرات الخدمات في عام 2026، متعهداً باتخاذ تدابير لتعزيز دخل الأسر، ورفع المعاشات الأساسية، وإزالة القيود «غير المعقولة» في قطاع الاستهلاك.

وحث صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع بكين على اتخاذ «الخيار الشجاع» بالحد من الصادرات، وتعزيز الطلب الاستهلاكي.

ووعد القادة الصينيون يوم الخميس بالإبقاء على سياسة مالية «نشطة» في العام المقبل لتحفيز الاستهلاك، والاستثمار، إذ يتوقع المحللون أن تستهدف بكين تحقيق نمو بنحو 5 في المائة.