المكتبة العامة.. قصة معاناة من ثالوث «الندرة» و«القلة» و«الضعف»

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: قلة الإمكانيات وضعف التواكب التقني أدى إلى ندرة الحضور

المكتبة العامة.. قصة معاناة من ثالوث «الندرة» و«القلة» و«الضعف»
TT

المكتبة العامة.. قصة معاناة من ثالوث «الندرة» و«القلة» و«الضعف»

المكتبة العامة.. قصة معاناة من ثالوث «الندرة» و«القلة» و«الضعف»

في الوقت الذي تحاول فيه الجهات الحكومية ذات العلاقة بذل جهود لتطوير واقعها، تعاني المكتبة العامة في السعودية من إشكاليات جوهرية عطلت من إمكانية الاستفادة منها.
وسجلت «الشرق الأوسط» خلال جولة قامت بها في عدد من المكتبات العامة انطباعا توافق مع آراء خبراء ومختصين بأن هناك ثلاث إشكاليات رئيسة تعيق حيويتها تتمثل في قلة الإمكانيات وضعف التواكب مع التطورات التي تسببت في الإشكالية الثالثة وهي ندرة الحضور من القراء، مما جعل هذا الثلاثي محور حكاية معاناة المكتبة العامة في السعودية.
خبراء ومختصون أشاروا إلى أن هناك عوامل تأسيسية تعود إلى معاناة المكتبة العامة من قلة الحضور، بينها إشكالية فكرية ثقافية تكمن في ضعف القراءة، بجانب عدم مواكبة التطورات التقنية الحاصلة.
ويؤكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» الدكتور هاشم الهنداوي أستاذ علم المعلومات والمكتبات في جامعة الملك سعود أن أهم أسباب قلة اهتمام المجتمعات العربية بالمكتبات يعود إلى قلة المصادر المتنوعة في المكتبات، إذ يمكن للتنوع والحداثة في المصادر التي توفرها المكتبة تعزيز الحضور والقراءة.
واستطرد الهنداوي بأن المكتبة العامة تفتقد العاملين المهيئين أكاديميا، مرجعا ذلك إلى الأقسام الأكاديمية المعنية في الجامعات، وكذلك الأساليب التقليدية التي يصطدم بها الخريج في ميادين العمل الناتجة عن بعض أمناء المكتبات.
وعن ثورة التقنية وما يتعلق بها كالكتب الإلكترونية، أكد الهنداوي أنها أثرت نسبيا على اهتمام المجتمعات بالكتب الورقية، لكنه أشار إلى أنه ليس كل ما هو موجود في الكتب الورقية متوفر عبر الإنترنت، معتبرا أن الكتب الإلكترونية وحتى الوقت الحالي لا تستطيع أن تغطي كل ما هو موجود في المكتبات، لا سيما ما يخص مصادر البحث وبعض الأوراق العلمية وغيرها من المستندات بالغة الأهمية للباحثين.
واعتبر الهنداوي دور وسائل الإعلام في حث المجتمع السعودي على الاهتمام بالقراءة لا يزال دون المأمول، بل يرى أن هناك قلة من البرامج التلفزيونية والمؤتمرات الإعلامية التي تعنى بتدعيم ثقافة القراءة لدى المجتمع.
يأتي ذلك في وقت انعقد فيه الأسبوع المنصرم اجتماع لـ150 موظفا وموظفة من الاختصاصيين العاملين في المكتبات العامة بوزارة الثقافة والإعلام للمشاركة في برنامج الملتقى الثاني لاختصاصيي المكتبات العامة في الرياض.
واندرج المشاركون في برنامج تضمن عددا من الورش التدريبية والمهارية لاختصاصيي المكتبات يشارك فيها خبراء وأكاديميون متخصصون في المكتبات وعلم المعلومات، إضافة إلى برامج الزيارات العملية إلى مكتبة الملك فهد الوطنية، ومكتبة الأمير سلطان للعلوم بجامعة الإمام محمد بن سعود، ومركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية.
وركزت ورش العمل على الجوانب التكنولوجية وتقنية المعلومات والتطورات الحديثة في وسائل الاتصال والتواصل.
ولفت الهنداوي إلى أن هناك برامج حديثة تساعد على تدعيم هذا الهدف ويطلق عليها برامج «محو الأمية المعلوماتية»، وهي التي تهدف إلى توعية ممن لا يجيدون استخدام الحاسب الآلي في المجتمع، بالإضافة تثقيف الإنسان على كيفية الحصول على المعلومات عن طريق الحاسب الآلي.
وأكد أستاذ علم المعلومات والمكتبات في جامعة الملك سعود أن الدول المتقدمة ثقافيا لم تعد تقتصر بدور المكتبات كمصدر للمعلومات، بل أصبحت مراكز معلومات مجتمعية، تخدم كل اتجاهات المجتمع، وأصبحت هي من تبحث عن المستفيدين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن المعلوم أن المكتبات بكل تصنيفاتها الثقافية والوطنية والأكاديمية والبحثية والخاصة تعد مؤسسات تعليمية ثقافية اجتماعية متكاملة الأركان تهدف إلى تدعيم الوعي الثقافي والعلمي، وذلك من خلال توفير المعلومات من ناحية، ومن إيجاد حل لمشكلة ما، فضلا عن الخدمات الحديثة حاليا.
من جانبه، أفصح ناصر الراشد المسؤول في جهاز الإعلام بمكتبة الأمير سلمان المركزية خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن المعاناة من مضاعفات هذه الظاهرة في المجتمع السعودي، مبينا أن المكتبة تقوم بأنشطة تساعد المستفيدين من التمتع بأوقات القراءة في المكتبة.
وأوضح الراشد أن المكتبة لم تعد مخصصة لمنسوبي الجامعات فقط، بل إنها تخدم كل أطياف المجتمع، مشددا على حرصهم للارتقاء بثقافة المجتمع السعودي.
وأضاف الراشد أنهم يحاولون الوصول إلى أفراد المجتمع من خلال العمل على أنشطة اتصالية تعريفية على طرق الاستفادة من المكتبات.
ويرى الراشد أن أسباب العزوف تعود إلى ثقافة المجتمع المحلي، خصوصا أنهم يلاحظون أن المستفيدين من المكتبات غير السعوديين أكثر من السعوديين أنفسهم، مشددا على أنهم يحاولون الوصول إلى حلول لعلاج العزوف الرهيب من المجتمع السعودي.
وأشار الراشد إلى أن في عام في 2010 عملت مكتبة الأمير سلمان - وهي مكتبة أكاديمية وعامة - على استبيانات شرائح عشوائية لاستقطاب رأي عام حول انطباع عن المكتبة الأكاديمية، وجاءت النتائج مفاجئة بأن نسبة كبيرة من المنسوبين في الجامعة لم يكونوا على دراية عن المكتبة ومقرها، ومنهم لم يزُرها إطلاقا.
وأشار إلى أن المكتبة اتخذت إجراء بتغيير سياستها جذريا، مطالبا بإضافة مقرر تعليمي بصفة إجبارية لجميع التخصصات الأكاديمية، قد يساعد على تعريف الجيل الجديد بأهمية المكتبة وضرورة القراءة لرفع الوعي والثقافة العامة.
ووفقا للأرقام الرسمية عن وكالة الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة والإعلام السعودية، يبلغ عدد المكتبات العامة في المملكة 83 مكتبة تستقبل الجمهور على فترتين صباحية ومسائية (10 ساعات عمل يوميا)، بينما يبلغ عدد الكتب في كل مكتبة ما بين ثلاثة آلاف إلى 55 ألف عنوان.
وتقوم بعض هذه المكتبات بنشاطات ثقافية تتمثل في أمسيات ثقافية ومسابقات ومعارض وندوات ومحاضرات وورش فنية.



«الرقابة» السعودية: إيقاف قاض وضباط وموظفين تورطوا بقضايا فساد

الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)
الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)
TT

«الرقابة» السعودية: إيقاف قاض وضباط وموظفين تورطوا بقضايا فساد

الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)
الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)

أعلنت «هيئة الرقابة ومكافحة الفساد» السعودية، الخميس، إيقاف قاض وكاتب عدل وضباط وموظفين في جهات حكومية وخاصة بعد مباشرتها عدة قضايا جنائية خلال الفترة الماضية، مؤكدة أن العمل جارٍ لاستكمال الإجراءات النظامية بحق مرتكبيها.

وأوضحت الهيئة في بيان، أنه جرى بالتعاون مع وزارة العدل، القبض على قاضٍ بمحكمة عامة لحظة تسلمه مبلغ 670 ألف ريال من أصل مليون ريال مقابل إنهاء قضية منظورة لمواطن بشأن نزع مالي بقيمة 19 مليون ريال بمساعدة قاضٍ آخر يعمل بالمحكمة ذاتها «تم إيقافه»، كذلك كاتب عدل ومواطن لحصولهما على 4 ملايين و461 ألفاً و500 ريال لإفراغ أرض بطريقة غير نظامية.

وأشارت إلى إيقاف موظف بكلية صناعية لاستيلائه على مكافآت شهرية عائدة لطلاب منتهية علاقتهم بها بلغت قيمتها مليوناً و492 ألفاً و72 ريالاً من خلال قيامه بالتلاعب في كشوفات الصرف بإضافة حسابات بنكية لأقاربه ومعارفه، واشتراكهم معه مقابل حصولهم على نصف المبلغ، وموظف بشركة متعاقدة مع هيئة حكومية لحظة تسلمه 150 ألف ريال من مالك كيان تجاري متعاقد مع الشركة بمشروع صيانة تابع للهيئة مقابل صرف مستحقات مالية بمبلغ يفوق 800 ألف ريال.

وأضافت الهيئة أنه تم بالتعاون مع وزارة الداخلية، القبض على ضابط برتبة رائد يعمل بـ«مديرية السجون» لحظة تسلمه 60 ألف ريال من أصل 100 ألف ريال من وكيل موقوف أجنبي بسجن الإبعاد مقابل إطلاق سراحه وعدم إبعاده، وضابط صف بمركز شرطة لحصوله على 100 ألف ريال من مقيمين لحفظ قضيتهم وعدم إحالتها للنيابة العامة، وموظف سابق بالأحوال المدنية لتسلمه 20 ألف ريال لإصدار تعميد لكيان تجاري بالشراء المباشر بطريقة غير نظامية، وضابط صف يعمل بالدوريات الأمنية لاستيقافه مقيماً والاستيلاء على 30 ألف ريال.

ونوّهت بإيقاف موظفين اثنين يعملان بأمانة محافظة لحصولهما على 15 ألف ريال من مواطن «وسيط - تم إيقافه» لإنهاء إجراءات معاملة إصدار شهادة إشغال موقع يملكه رجل أعمال «تم إيقافه»، وعمدة حي لحظة تسلمه 800 ريال للتصديق على نموذج كفالة لمواطن، وموظف بـ«هيئة المواصفات» لحظة تسلمه 6 آلاف ريال لإنهاء إجراءات معاملة بطريقة غير نظامية، وموظف بإحدى الهيئات الملكية لإصداره خطاباً من بلدية موجهاً لمحكمة عامة يتضمن معلومات غير صحيحة تثبت ملكيته لعقار، وترتب على ذلك صدور صك لصالحه بذلك.

وبيّنت أنه جرى بالتعاون مع رئاسة أمن الدولة، إيقاف موظف يعمل بقوات الأمن الخاصة لاستيلائه على أجهزة حاسب آلي وملحقاتها من مقر عمله، كما تم بالتعاون مع «وزارة الشؤون الإسلامية»، إيقاف موظف يعمل بالوزارة لتلاعبه في مسيرات رواتب المتعاقدين لاختلاس مبالغ مالية من خلال إضافة حسابات بنكية لأقارب زميل يعمل معه «تم إيقافه» بغرض التمويه عن مصدرها واقتسام المبالغ بينهما.

وأكدت الهيئة استمرارها في رصد وضبط كل من يتعدى على المال العام أو يستغل الوظيفة لتحقيق مصلحته الشخصية أو للإضرار بالمصلحة العامة ومساءلته حتى بعد انتهاء علاقته بالوظيفة؛ كون جرائم الفساد المالي والإداري لا تسقط بالتقادم، مشددة على مضيها في تطبيق ما يقتضي به النظام بحق المتجاوزين دون تهاون.