مهمتان فضائيتان جريئتان للعودة بغبار الكويكبات إلى الأرض

عينات كونية تتيح للعلماء التعرف على بداية النظام الشمسي وأصل الحياة

مهمتان فضائيتان جريئتان للعودة بغبار الكويكبات إلى الأرض
TT

مهمتان فضائيتان جريئتان للعودة بغبار الكويكبات إلى الأرض

مهمتان فضائيتان جريئتان للعودة بغبار الكويكبات إلى الأرض

تسعى اليابان والولايات المتحدة إلى الحصول على عينات من كويكبات عريقة في القدم للتعرف على أصل نشوء الكون.
في اليابان رحّب العالم شوغو تاشيبانا بالكويكب «ريوغو» Ryugu، فقد أمضى عالم الكيمياء الكونية من جامعة طوكيو عشر سنوات يساعد في تصميم مهمة للهبوط على سطحه. وللهبوط بسلام، تحتاج سفينة «هيابوسا 2» إلى العثور على مساحات واسعة ومسطحة من الغبار الناعم على الكويكب. ولكن في السابع والعشرين من يونيو (حزيران) الماضي، وعندما بلغت المركبة أخيراً هدفها بعد رحلة امتدّت لثلاث سنوات ونصف، أصيب العالم تاشيبانا بالصدمة عندما علم أنّ «ريوغو» مغطّى بصخور ذات حجم هائل. ويقول تاشيبانا: «لا يمكننا العثور على مكان آمن مائة في المائة للهبوط. يبدو أن هذا الكويكب مكان خطير».

دراسة الكويكبات
في حال نجحت «هيابوسا» في التعامل مع هذه الصخور، وأي تحديات أخرى قد تطرأ، فإنها ستصبح السفينة الثانية التي تعود بأجزاء من كويكب إلى سطح الأرض، وقد تتمكّن هذه البعثة من الإجابة على أسئلة لم تستطع بعثات سابقة الإجابة عليها. وكانت بعثة «هيابوسا» الأولى قد زارت كويكباً مغطى بالصخور والرمال يعرف باسم «إيتوكاوا» Itokawa عام 2015. ولكن المشكلة في ذلك الكويكب كانت أن تركيبته الكيميائية غير مناسبة للإجابة على أسئلة كبيرة ومهمة حول نوع الحياة التي يناسبها كويكب «ريوغو» الغني بالكربون. وكانت «هيابوسا» قد عانت أيضاً من مشاكل عديدة تسببت في تأخير عودتها إلى الأرض لسنوات مع كمية أقلّ من ألفي ذرّة من تراب الكويكب.
ولكنّ تاشيبانا وزملاءه من وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا) يعوّلون على «هيابوسا 2» للعودة بعينات من سطح «ريوغو» إلى الأرض عام 2020. وفي حال نجحت خطّتهم الطموحة التي تقضي بتفجير فوهة بركان على الكويكب، ستعود المركبة ببعض العينات الترابية منها أيضاً.
في المقابل، وصلت بعثة مشابهة لـ«هيابوسا 2» تابعة لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» تحمل اسم «أوزيريس - ريكس»OSIRIS - Rex) ) إلى كويكب اسمه «بينو» Bennu في ديسمبر (كانون الأول) ومن المقرر أن تعود بعينات منه عام 2023.
تواجه المركبتان الفضائيتان تحديات منهكة، إذ يتوجب على كليهما البحث عن أجسام قليلة الجاذبية ومعرّضة للخروج عن مدارها بفعل أشعة الشمس. وفي حال نجحتا في أخذ عينات التراب المطلوبة، عليهما الحفاظ عليها كما هي خلال رحلة عودتهما إلى الأرض. وللحصول على أفضل النتائج من البعثتين، يعمل الفريقان الياباني والأميركي سوية متجاوزين الانقسامات الثقافية والبيروقراطية.

أجرام سماوية قديمة
ولكنّ البعثتين تستحقان عناء الشكوك والقلق المحيطة بهما. إذ إنّ كويكبي «ريوغو» و«بينو» يعتبران من أقدم الأجسام وأكثرها إثارة للاهتمام في النظام الشمسي، وقد يحملان إجابات على أهمّ الأسئلة الكونية: مم كان يتألف هذا الكون قبل تكوّن الكواكب؟ ما هي جذور الحياة؟ وما هو حجم المخاطر التي ترتّبها الكويكبات على الحياة على الأرض اليوم؟
يملك علماء الكواكب اليوم عشرات آلاف قطع الكويكبات لدراستها، في ظلّ هبوط النيازك بالمئات سنوياً على كوكبنا، بما تحمله للعلماء من مواد وفيرة لتحليلها ومعاينتها للحصول على أدلّة حول تاريخ النظام الشمسي.
أمضى دانتي لوريتا، المحقق الرئيسي في بعثة «أوزيريس - ريكس»، من جامعة أريزونا في تاكسون، القسم الأوّل من حياته المهنية وهو يحاول الاستفادة من النيازك لتبيان ما إذا كانت بداية الذرّات الحياتية الأساسية كالأحماض النووية والأحماض الأمينية والفوسفور، أي المكونات الأساسية للحمض النووي، تعود إلى الكويكبات الغنية بالكربون كـ«ريوغو» و«بينو».
ويُعتقد أنّ الكويكبات الغنية بالكربون لم تتغيّر بمعظمها منذ تكوّنها أي قبل 4.6 مليار سنة على الأقلّ، مما يجعلها كبسولات زمنية مثالية. وقد تساهم بضع حبّات من هذه الكويكبات في الكشف عن تكوين النظام الشمسي في بداياته.
وترجّح بعض دراسات الكويكبات التي أجريت عن مسافات بعيدة أنّ المكوّنات الحياتية الخام، وربّما حتى التفاعلات الكيميائية الضرورية لبداية الحياة، كانت موجودة على الكويكبات الغنية بالكربون قبل اكتمال نموّ الكواكب حتى.
يقول لوريتا في حديث نقلته مجلة «ساينس نيوز»: «نظنّ أنّ كويكباً كهذا قد أوصل هذه المواد الأساسية إلى سطح الأرض في بداية تكوّنها، وأمّن البذور أو اللبنات الأساسية لنشوء الحياة. وفي حال تمكّنا من إثبات ظهور بشائر الحياة قبل تكوّن كوكب الأرض، لا شكّ في أن فرضية وجود حياة أخرى في النظام الشمسي ستتعزز بشكل كبير».
لكنّ دراسة النيازك للتحقيق في هذه الفرضية غير مجدٍ لسببين: الأول هو أنّه يصعب تحديد مصدرها والثاني هو وصولها ملوّثة إلى الأرض، إذ إنّ الصخور الفضائية تبدأ بمراكمة مؤشرات الحياة الأرضية فور سقوطها على كوكبنا. لهذا السبب، يمكن لأي مركّب عضوي مهم موجود على النيزك أن يكون مصدره الأرض، وليس وليداً على الكوكب، الأمر الذي لا يمكن التثبّت من حقيقته. ويقول لوريتا: «نحن بحاجة إلى عينات من كويكبات غنية بالكربون للإجابة عن هذه الأسئلة التي أطرحها».

استخلاص العينات
إن الوصول إلى أصل بداية النظام الشمسي، وربّما أصل بداية الحياة، يجعل من إحضار عينات نظيفة ومختارة بعناية من الكويكبات إلى المختبرات الأرضية أمراً ضرورياً. ولكنّ السفينة الفضائية لا يمكنها الحفر بالمجرفة، وبالطبع، لا يمكنها التقاط صخرة بواسطة مخلب كما يحصل في الألعاب الإلكترونية.
الكويكبات صغيرة جداً، إذ يمتد «ريوغو» إلى 800 متر من القطب إلى القطب، بينما يبلغ امتداد «بينو» نحو 510 أمتار، وجاذبيتهما ضعيفة إلى درجة أنّ الوصول إليهما ومحاولة التقاط شيء منهما قد يسحب السفينة خارج مسار الكويكب.
لذا بدل الحفر والالتقاط، ستتصل المركبة بالكويكب بواسطة أنابيب تشبه أنابيب الشفط، سواء للهبوط على سطحه لفترة قصيرة أو للتجوّل في أجوائه. هذه المحاولة الصعبة تمّت تجربتها مرّة واحدة قبلاً، وكانت أشبه بكارثة.
وقد كان من المفترض بمركبة «هيابوسا» الأولى أن تستخدم عجلاتها الثلاث الطائرة لتأمين توازنها أثناء تجوّلها بالقرب من سطح «إيتوكاوا»، ونشر مجموعة من الأنابيب لملامسة السطح وإطلاق رصاصة صغيرة في قلب الأنبوب لتحريك ذرّات التراب، ودفعها نحو رأس الأنبوب لتدخل في علبة معقّمة مخصصة للتخزين خلال رحلة العودة إلى الأرض.
ولكنّ الأمور اتجهت نحو الأسوأ... فقبل وصول «هيابوسا» إلى الكويكب، حصل أكبر توهّج شمسي تمّ تسجيله حتى اليوم، وأتلف ألواح المركبة الشمسية وواحداً من محركاتها، مما أبطّا حركتها وأخّر زيارتها للكويكب ثلاثة أشهر.
بعد الهبوط على «إيتوكاوا»، فشلت اثنتان من عجلات المركبة في الفتح، مما صعّب على المركبة تحقيق توازنها. كما فوّتت عربة جوالة أطلقتها «هيابوسا» وظيفتها الهبوط على سطح الكويكب وقياس تركيبته، نقطة هبوطها وطافت في الفضاء. أمّا الرصاصة التي تستهدف تحريك التراب، فلم تشتعل، لذا لم يتضح في البداية ما إذا كانت السفينة استطاعت الحصول على أي عينات. كما تعطّلت محركات السفينة الأربعة واحداً بعد الآخر في رحلة العودة، مما أجبر «هيابوسا» على سلوك طريق طويلة نحو الأرض. ويقول ماكوتو يوشيكاوا، مدير البعثتين «هيابوسا 1 و2» من «جاكسا» إنّ الأولى انطوت على مشاكل كبيرة.
ولكنّ مع كلّ الأحداث السيئة التي واجهتها «هيابوسا»، كانت نهايتها سعيدة. فعلى عكس كلّ التوقعات، عادت المركبة إلى الأرض عام 2010 وهي تحمل 1534 ذرّة تراب من «إيتوكاوا».

تصاميم أفضل
> «هيابوسا 2». تعلّم مخططو البعثة الجديدة من الهفوات التي حصلت في الأولى. وتملك «هيابوسا 2» اليوم أربع عجلات طائرة، ومحركات ذات فعالية عالية، ونظام تواصل أكبر لإرسال بيانات أكثر ستساعد العلماء في وضع خطط أفضل لجمع العينات. أمّا أنبوب الجمع، فهو اليوم مصمم بأسنان في رأسه لرفع الحصى إلى داخله حتى ولو لم تشتعل الرصاصة. وفي سبتمبر (أيلول) ، أنزلت «هيابوسا 2» ثلاث سفن هبوط صغيرة على سطح «ريوغو» لجمع البيانات حول تركيبة الكويكب ودرجة حرارته وخصائصه المغنطيسية.
> «أوزيريس - ريكس». وبتدابير وقائية مشابهة، ستعمد سفينة «أوزيريس - ريكس» إلى جمع عينة من «بينو»، وستهبط على سطح الكويكب لمدّة قصيرة. يقول لوريتا: «ستكون العملية عبارة عن خمس ثوانٍ من الاحتكاك: الحصول على العينة والخروج من هناك».
تحمل آلية «الهبوط السريع ثمّ الإقلاع لاستحواذ العينات»TAGSAM) ) التي ستعتمدها مركبة «أوزيريس - ريكس» طائر على محرك نتروجين نفاث يوضع في نهاية ذراع آلية. وعندما تلمس هذه الذراع سطح «بينو»، ستطلق دفعة من غاز النيتروجين لإحداث تموجات على سطح الكويكب كفيلة بنفخ الدقائق إلى داخل أنبوب جمع العينات، الذي يأتي مغطى بالفولاذ الصلب لالتقاط التراب الموجود على السطح عند الاحتكاك.
تعفي استراتيجية الوصول البعيد المركبة من جلبة التعلّق بالكويكب، ولكنّها أيضاً تنطوي على مشكلتها الخاصة، إذ لا أحد يعلم كيف سيتفاعل التراب الناعم عندما يُنفخ في جاذبية منخفضة. يفتح هذا الأمر الباب أمام أسئلة جديدة تقلق المهندسين. ويسأل لوريتا: «ما الذي سيحصل حقاً عندما يحتك سطح الكويكب بمنطقة مجهولة الخصائص الفيزيائية؟» مضيفاً: «أظنّ أنّ السطح سيكون أشبه بسائل. إنّه مشهد غريب حقاً».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

طريقة علمية مصرية لتحسين مكافحة الآفات الزراعية بـ«المبيدات النانوية»

القطن من المحاصيل الاستراتيجية المهمة في مصر (رويترز)
القطن من المحاصيل الاستراتيجية المهمة في مصر (رويترز)
TT

طريقة علمية مصرية لتحسين مكافحة الآفات الزراعية بـ«المبيدات النانوية»

القطن من المحاصيل الاستراتيجية المهمة في مصر (رويترز)
القطن من المحاصيل الاستراتيجية المهمة في مصر (رويترز)

يُعدّ القطاع الزراعي من الركائز الأساسية للاقتصاد المصري؛ إذ يُسهم بنحو 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويُعد القطن من المحاصيل الاستراتيجية المهمة، ليس بوصفه مصدراً رئيساً للألياف فحسب، بل أيضاً في إنتاج الزيت وتغذية الحيوانات؛ مما يعزّز أهميته الاقتصادية من خلال توفير فرص العمل وزيادة الإيرادات من النقد الأجنبي. ومع ذلك تواجه زراعة القطن تحديات كبيرة نتيجة للآفات الحشرية، وعلى رأسها دودة ورق القطن المصرية التي تُلحق أضراراً جسيمة بهذا المحصول الحيوي. وتعتمد برامج المكافحة الحالية بشكل كبير على المبيدات التقليدية، التي تترك آثاراً بيئية ضارة، وتؤثر سلباً في الكائنات غير المستهدفة وفي مقدمتها البشر، وتُسهم في تطوير مقاومة الآفات.

مبيدات نانوية

لذا تبرز الحاجة إلى تطوير مبيدات آمنة بيئياً وقابلة للتحلل الحيوي. وتتركز الأبحاث الحديثة على تطوير المبيدات النانوية بصفتها بديلاً واعداً؛ إذ توفّر تقنية النانو إمكانات واسعة لتعزيز استقرار المبيدات وفاعليتها، وتوفير نظام تحرير بطيء للمركبات النشطة، ما يُسهم في مكافحة الآفات بشكل فعال ويحد من التلوث البيئي.

ويُعد «الكيتوزان النانوي»، المستخلص من قشور الكائنات البحرية؛ مثل: الجمبري وسرطان البحر، خياراً واعداً في هذا المجال؛ إذ يتميّز بكونه غير سام وقابلاً للتحلل البيولوجي. كما يُسهم في تعزيز آليات الدفاع النباتي ضد الآفات، ما يمهّد الطريق نحو زراعة أكثر استدامة تتضمّن وعياً بيئياً.

وفي السياق، نجح باحثون مصريون بالمركز القومي للبحوث في تطوير مبيد حشري نانوي يعتمد على «الكيتوزان النانوي»، وهو بوليمر حيوي قابل للتحلل يُستخلص من القشريات، وذلك بهدف تعزيز مكافحة دودة ورق القطن، وتحسين مستوى الأمان، وتقليل السمية للخلايا البشرية.

وفي ظل التهديدات المستمرة التي تواجه محصول القطن الذي يُعد من المحاصيل الرئيسة للاقتصاد المصري، أثبتت الدراسة أن إضافة «الكيتوزان النانوي» إلى المبيدات التقليدية ترفع من فاعليتها وتُطيل مدة تأثيرها، ونُشرت نتائج البحث في عدد 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من دورية «International Journal of Biological Macromolecules»، التي تُعد من المجلات العالمية ذات التأثير القوي.

ووجد الباحثون أن هذه التركيبة النانوية ساعدت في تمديد فترة تأثير المبيد في نبات القطن؛ إذ زاد الوقت الذي يستغرقه المبيد لفقدان نصف فاعليته من نحو 17 يوماً في المبيدات التقليدية إلى أكثر من 40 يوماً. كما أظهرت التجارب انخفاضاً كبيراً في معدلات السُمية، ما يجعل هذا المبيد بديلاً بيئياً أكثر أماناً، بالإضافة إلى تعزيزه دفاعات النباتات ضد الآفات، وتقليل الحاجة إلى الرش المتكرر للمبيدات.

فاعلية كبيرة

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم الميكروبيولوجيا الزراعية بالمركز القومي للبحوث في مصر، الدكتور أسامة درويش، إن تركيبة «الكيتوزان النانوي» أظهرت فاعلية كبيرة ضد دودة القطن مقارنة بالمبيدات التقليدية، وهذا التحسين في الفاعلية قد يؤدي إلى مكافحة الآفات بشكل أكثر كفاءة؛ ما يسمح باستخدام جرعات أقل ويقلّل من التأثير البيئي للمبيدات.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن تمديد فترة تأثير المبيدات بفضل هذه التركيبة يوفّر حماية مستدامة ضد غزو الآفات، ويقلل من الحاجة إلى تكرار رش المبيدات. كما أظهرت الدراسة قدرة «الكيتوزان النانوي» على تقليل سمية المبيدات على الكائنات غير المستهدفة، بما في ذلك البشر؛ مما يقلّل المخاطر المحتملة على صحة الإنسان والبيئة.

وأشار إلى أن «الكيتوزان النانوي» يتميّز بكونه مادة قابلة للتحلل وغير سامة؛ مما يجعله بديلاً صديقاً للبيئة مقارنة بالمواد الاصطناعية التقليدية، وهذا يُسهم أيضاً في تقليل التأثير البيئي طويل الأمد لاستخدام المبيدات.

ونبّه درويش إلى أن نتائج هذه الدراسة قد تُسهم في تسليط الضوء على إمكانية استخدام المبيدات المعتمدة على «الكيتوزان النانوي»، لتقليل التأثيرات البيئية وتعزيز حماية المحاصيل بطريقة أكثر استدامة.وأكد أن تحسين فاعلية المبيدات وتقليل سميتها على الخلايا البشرية يمكن أن يُسهم في تطوير مبيدات حشرية أكثر أماناً وفاعلية؛ مما يدعم ممارسات الزراعة المستدامة، ويقلل من الاعتماد على المبيدات الكيميائية.