«صوت الأزهر»... صحيفة المشيخة الرسمية تثير الجدل بأفكار جريئة

رئيس تحريرها لـ «الشرق الأوسط»: المطبوعة رأس حربة في ملف تجديد الخطاب الديني

أحمد الصاوي رئيس تحرير «صوت الأزهر»  (الشرق الأوسط)
أحمد الصاوي رئيس تحرير «صوت الأزهر» (الشرق الأوسط)
TT

«صوت الأزهر»... صحيفة المشيخة الرسمية تثير الجدل بأفكار جريئة

أحمد الصاوي رئيس تحرير «صوت الأزهر»  (الشرق الأوسط)
أحمد الصاوي رئيس تحرير «صوت الأزهر» (الشرق الأوسط)

«صوت الأزهر»... الصحيفة الرسمية لمشيخة الأزهر، باتت تُثير الاهتمام والجدل في الوسط الصحافي والإعلامي أخيراً، بسبب أغلفتها الجريئة وأفكارها غير المعتادة. ففي وقت تعاني فيه صناعة الإعلام بمصر، خصوصاً الصحافة الورقية، من مشكلات عدة تهدد بقاءها، دار سجال حول دور مؤسسة الأزهر في تجديد الخطاب الديني، ما عرَّض المؤسسة لانتقادات حادة وصلت إلى حد اعتبارها «مفرخة للفكر المتطرف»... في هذا الوقت تم تكليف الكاتب الصحافي أحمد الصاوي، رئيساً لتحرير «صوت الأزهر»، ما أثار قدراً من الجدل باعتباره كاتباً منتمياً إلى التيار المدني، كما كان ظاهراً من كتاباته التي اشتهر بها على صحفتي «المصري اليوم»، و«الشروق» المصريتين. تجربته الصحافية كرئيس تحرير للجريدة، التي كانت غير معروفة إلا في الوسط الديني، أثارت مزيداً من الجدل خصوصاً عبر إصداره أعداداً تحتفي بالمواطنة، وتدافع عن حقوق الأقباط، وتحتفل بعيد الميلاد، وتنتصر للمرأة، وتستكتب كتاباً أقباطاً ونساء غير محجبات، إضافة إلى أعداد احتفت بالفن وبأفلام سينمائية بعينها ووضعت أبطالها على غلافها... «الشرق الأوسط» التقته في حوار بعيد عن كل التحفظات:

> «صوت الأزهر» كوسيلة إعلام لمؤسسة دينية مُحافظة... كيف انعكس هذا الطابع المحافظ على الجريدة؟
- انعكس إلى حد إصدار أعداد تحتفي بمولد السيد المسيح، ومناصرة معركة المرأة ضد التحرش، والاحتفاء بأفلام سينمائية. الحقيقة أن الجريدة رغم كل هذا لم تخرج عن الطابع الأزهري.
> لكن البعض اعتبر أن الجريدة قامت باختراقات عندما استكتبت ونشرت على غلافها صوراً لنساء غير محجبات ما أثار الغضب؟
- الجريدة عبّرت صحافياً عن بيان الأزهر ضد التحرش، خصوصاً دفاعه عن المرأة أياً كان مظهرها، وأردنا أن نترجم البيان عملياً بغلاف يعبِّر عن المرأة المصرية ويجمع بين المحجبات وغير المحجبات، وكان العدد كله يناقش قضية التحرش، ومشكلة البعض أنه اعتبر غلاف العدد كأنه فتوى تخص الحجاب، وفي هذا العدد استلهمنا من نهج الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وأفكاره التي ترفض الخلط بين الأمور.
> كيف تتعامل «صوت الأزهر» كوسيلة إعلام لمؤسسة تتعرض لضغوط واتهامات وتشكيك؟
- بالمعلومات... في البداية كان البعض يتجه إلى الخطابة والإنشاء في ردوده أو إلى تسفيه مطلقي الاتهامات؛ لكننا انتهجنا سياسة الرد بالمعلومات، خصوصاً أنني أعتبر نفسي «صحافياً ما زال يسعى لفهم الأزهر أكثر من كونه مُعبراً عن الأزهر».
> البعض يقول إن الأزهر يستخدمك لتجميل صورته عبر ترك المساحة لك في الجريدة لتطرح هذه الأفكار؟
- عندما أعرض معلومات عن الأزهر فهذا ليس تجميلاً، إنما طرح لحقائق ربما تكون غائبة أو مغيبة بقصد أو من دون... وفكرة التجميل ليست قائمة، لأن كل عدد يصدر من الجريدة يعبر عن الأزهر ويتحول إلى وثيقة تعبر عن المرحلة، ويمكن أن يكون حُجة ضد أي أحد داخل الأزهر يمكن أن يتراجع عن المواقف المعلنة في الجريدة، وهذا في حد ذاته مكسب، لأن الخطوة التي نقطعها في طريق التجديد تثبت بالنشر والإعلان... وبالتالي فالجريدة «رأس حربة» أزهرية في ملف تجديد الخطاب الديني، وما قطعته يعبر عن بعض إنجاز الأزهر في هذا الملف.

غلاف يحتفي بالمواطنة ويدافع عن حقوق الأقباط باحتفالهم بعيد الميلاد

غلاف عن المرأة نشر صور غير محجبات  في الجريدة وأثار جدلاً

غلاف عدد خاص عن زيارة  بابا الفاتيكان لمصر

> هل تتعرضون لضغوط من المشيخة حول موضوعات أو أشخاص لا يتم التعامل معهم؟
- الأمر يخضع دائماً للحوار والنقاش، لا يوجد في قاموسنا شيء اسمه ضغوط، وأقول بجزم واضح إن قيادات المشيخة تطالع الجريدة مع القراء صباح يوم الصدور؛ لكن هناك تفاهماً على السياسة التحريرية، وعلى بعض المحددات، منها استبعاد «المتطرفين» وخطابهم سواء كانوا من المتزمتين دينياً أو المتشددين علمانياً، والبعد عن الغلو في كل شيء... غير ذلك لا توجد ممنوعات ولا ممنوعون، والجريدة منفتحة على الجميع، وسبق أن نظمت حملة تسمى «اسأل الأزهر» فتحت من خلالها المجال لتنوع من المثقفين بعضهم ينتقد الأزهر، للحوار مع المؤسسة والرد على أسئلته.
> وهل يُمكن لمؤسسة دينية لها وسيلة إعلام أن تعمل وفق قواعد مهنية؟
- لا يُمكن لوسيلة إعلام عموماً أن تنجح وتضمن لنفسها الاستدامة دون قواعد مهنية... والأهم الالتزام بمعايير الدقة والإنصاف وفصل المعلومات عن الرأي والابتعاد عن لغة التخوين والتكفير وإشاعة الكراهية.
> وكيف تقنعني بذلك؟
- الإقناع بالممارسة... أستطيع أن أقول لك على سبيل المثال إن المؤسسات المعنية بالرصد في الإعلام المصري تُصدر تقريراً عن الممارسة الصحافية فيه الكثير من مخالفات الصحف، ولا يتضمن أي مخالفات على «صوت الأزهر»، فنحن ملتزمون بالقواعد الأساسية للإعلام بما في ذلك حق الرد والاختلاف.
> هل يعد وجودك في الأزهر تحولاً بالنسبة إليك قد يراه البعض مناقضاً لأفكارك القديمة؟
- أفكاري كما هي، وطوال الوقت قبل عملي مع الأزهر وفي أثنائه وبعده، وأنا أكتب عن احترام التنوع وحرية العقيدة ودولة المواطنة ورفض التطرف والتكفير، وغير ذلك من القضايا الأساسية التي لم تتغير نظرتي إليها وما زلت أعبِّر عنها بنفس الفهم، على العكس وجدت لهذه الأفكار تأصيلاً داخل الأزهر يدعمها ويدعم تمسكي بها، رسخ لديَّ يقيناً بالتجربة أن كثيراً مما يُكتب عن الأزهر سببه الرئيسي نقص معلومات، لا أعفي الأزهر نفسه من المسؤولية عنه.
> مَن يضع السياسة التحريرية للجريدة... وهل لك دور في ذلك؟
- السياسة التحريرية منبثقة من السياسة العامة للمؤسسة الأزهرية، والتي تنحو نحو الوسطية وتنبذ الصراع، وللجريدة مجلس إدارة يرأسه الدكتور أحمد الطيب، ويضم في عضويته جميع قيادات الأزهر وجامعته، وحدث في فبراير (شباط) من عام 2017 أن أطلق الدكتور استراتيجية الأزهر الإعلامية، والتي تمثلت في تطوير وإطلاق منصات إعلامية كانت الجريدة إحداها... من المهم أن نعرف أنها جريدة قديمة عمرها 20 عاماً وصدر منها أكثر من ألف عدد ببضعة أعداد، وانصبّ تطويرها على جعلها متاحة للجمهور ومعبّرة عنه بعد فترة بدت فيها كأنها جريدة داخلية تخص الأزهريين فقط يكتبونها ويقرأونها... وبالتالي لا تحرّك ساكناً ولا تترك أثراً أبعد من محيط الأزهر... وأعتقد أنها الآن لها حضورها المعقول في الشارع، ومساحة الاهتمام بها في الإعلام وخارج الأزهر في تزايد.
> أين موقع الجريدة بين الصحف الدينية في مصر؟
- شخصياً لا أرى أن الصحيفة دينية بالمعنى المعروف... حدَّثتك عن استراتيجية شيخ الأزهر الإعلامية، وهي التي ضمت إصدارين أساسيين للأزهر، هما الجريدة، ومجلة الأزهر، والأخيرة هي التي ينطبق عليها الوصف الديني الكامل، لتخصصها في القضايا الفقهية والتراثية ولغتها البحثية الرصينة، أما الصحيفة فتهتم بالقضايا العامة؛ لكن من منظور الإطار القيمي للأزهر، وتهتم بالتفاعل بين الأزهر ومجتمعه وبينه وبين العالم، وبما يهم المواطن المصري بمعالجة صحافية في الأساس... يمكن أن تقول إنها امتداد لمدرسة صحفنة الشأن الديني، والهدف في النهاية هو أن تكون الجريدة جسراً للحوار بين الأزهر والمجتمع، وقنطرة مزدوجة لنقل الأفكار من داخل الأزهر إلى خارجه، ومن الخارج إلى الداخل، فـ«صوت الأزهر» لا تستهدف الأزهريين فحسب؛ بل حاولت التوجه إلى مخاطبة المجتمع، عبر معالجة قضايا اجتماعية وفكرية وثقافية وفنية ورياضية عدة، واستكتاب كُتاب متنوعين في خلفياتهم.
> وكيف تواجه الجريدة أزمة الصحف الورقية في مصر، وماذا عن الخطط المستقبلية؟
- نواجهها بتعظيم الاشتراكات وزيادة نسبتها باستمرار، وتطوير المحتوى بالشكل الذي يجعل المعالجات حصرية غير متاحة بوصفها وشكلها على الوسائل الأخرى.
> ماذا عن إشكالية عدم وجود موقع فوري... أو نسخة عربية أو دولية؟
- نتمنى إطلاق موقع إلكتروني جديد بطاقة أكبر، وبلغات متعددة لخدمة جمهور الأزهر في العالم كله، هذه المؤسسة العالمية تستحق أن يكون حضورها في الإعلام أفضل من ذلك، وأن نطلق نسخة دولية تعبر عن نهج الأزهر، الذي يتم الاحتفاء به في العالم كله... فمحتوى الجريدة يصبّ في إطار هدف الأزهر والدولة المصرية؛ بل والمنطقة كلها، وهو مكافحة الإرهاب الذي أصبح تحدياً للعالم كله.


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.