ليبيا: استقالة مفاجئة للمشري قبيل زيارة لواشنطن

اعترف بـ«العمل السري» للتنظيم... ونواب يشككون في انسحابه

مهاجرون من النيجر ونيجيريا يقطعون الصحراء باتجاه ليبيا (أ.ف.ب)
مهاجرون من النيجر ونيجيريا يقطعون الصحراء باتجاه ليبيا (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: استقالة مفاجئة للمشري قبيل زيارة لواشنطن

مهاجرون من النيجر ونيجيريا يقطعون الصحراء باتجاه ليبيا (أ.ف.ب)
مهاجرون من النيجر ونيجيريا يقطعون الصحراء باتجاه ليبيا (أ.ف.ب)

في تطور مفاجئ، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري «انسحابه واستقالته» من عضويته في جماعة «الإخوان المسلمين»، قبيل زيارة يعتزم القيام بها لاحقاً إلى واشنطن.
وعقب اجتماع مع قيادات الجماعة في تركيا، قال المشري، في بيان مصور، مساء أول من أمس، بثه عبر صفحته على «فيسبوك»: «انطلاقاً من المقتضيات الوطنية الفكرية والسياسية، ومن باب الصدح بالقناعة والوضوح مع المواطن الليبي، فإنني أعلن استقالتي وانسحابي من جماعة الإخوان، مع استمراري في العمل السياسي والحزبي، والاحتفاظ بكل الود والاحترام لكل أعضاء الجماعة».
وأرجع استقالته إلى «عدم تنفيذ التغيرات والمراجعات الجوهرية التي تنطوي على مصالح عليا لهذا البلد، وتم الاتفاق بشأنها في المؤتمر العاشر» لجمعية «الإخوان» في طرابلس، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2015، وأبرزها إنهاء وجود الجمعية، و«التحول إلى العمل المؤسسي، من خلال مؤسسات المجتمع المدني في مختلف المجالات».
وفى اعتراف علني بأن جماعة «الإخوان» تمارس العمل السري، لفت المشري إلى المؤتمر التاسع الذي عقدته الجماعة في مدينة بنغازي (شرق البلاد)، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، عقب سقوط نظام معمر القذافي، والذي «تقرر فيه حصر نشاط الجماعة في المجال الدعوي والخيري، وللأفراد الانخراط في العمل السياسي مع باقي أبناء المجتمع، وفقاً لما يسمح به القانون، إضافة إلى إنهاء العمل السري، وتسجيل الجماعة كجمعية خيرية مرخصة»، ودعا إلى «العمل مع أبناء المجتمع كافة، بعيداً عن أي شعارات أو أسماء قد تُستخدم لضرب وحدته وتماسكه، والاندماج في العمل الوطني».
في المقابل، شكك أعضاء في مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق (أقصى شرق ليبيا) في استقالة المشري، واعتبرها بعضهم «مجرد مناورة سياسية جديدة»، خصوصاً أنها تأتي بعد يومين فقط من توجيه المشري رسالة موجهة إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وزعها مجلس الدولة، يدعوه خلالها إلى عقد اجتماع جديد بين مجلسي الدولة والنواب للبحث في تعيينات المناصب السيادية.
وانتخب المشري، وهو قيادي في حزب «العدالة والبناء»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في أبريل (نيسان) الماضي. وتنص لائحة المجلس على ضرورة انتخاب هيئة رئاسته كل عام. ويعتبر المشري (51 عاماً)، المتحدر من مدينة الزاوية (غرب طرابلس)، الرئيس الثاني للمجلس، بعد عبد الرحمن السويحلي الذي تولى المنصب في 2016 و2017.
وشغل المشري سابقاً عضوية المؤتمر الوطني العام (البرلمان) المنتهية ولايته، وتولى رئاسة لجنة المالية، وعضوية لجنة الأمن القومي فيه. والمجلس الأعلى للدولة هو جهاز استشاري من ضمن المؤسسات السياسية التي أفرزها الاتفاق الموقع بين الفرقاء الليبيين في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية 2015.
إلى ذلك، تعهد أمس وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني، فتحي باش أغا، لرئيس المجلس المحلي لتاورغاء، عبد الرحمن الشكشاك، بحل المشاكل كافة التي تواجه سير العملية الأمنية في المدينة والمناطق المحيطة بها. وقال بيان وزعه مكتب أغا إنه ناقش مع الشكشاك خلال لقاء في طرابلس، أمس، ترتيبات افتتاح مركز شرطة تاورغاء، وآلية تفعيله، من خلال نقل عدد من الضباط وضباط صف الشرطة للعمل فيه.
من جهة أخرى، دشنت المنطقة العسكرية الغربية التابعة للجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس، عملية سمتها «طوق الحمادة»، بهدف إحكام الطوق الأمني الممتد من القريات والحمادة والمثلث الحدودي حتى غدامس في المنطقة الجنوبية.
وكانت وحدات من الجيش قد أحكمت سيطرتها على معظم المقار الحكومية في مدينة سبها، أكبر مدن جنوب البلاد، بعد أقل من 3 أسابيع على إطلاق عملية عسكرية لـ«تحرير» الجنوب. وقال ضابط في منطقة سبها العسكرية إن «معظم المقار الحكومية التي كانت تحت سيطرة مجموعات مسلحة في مدينة سبها تم تسليمها إلى وحدات الجيش بطريقة سلمية من دون اشتباكات، بعد اتفاق مع أعيان وشيوخ القبائل».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».