مصر تبدأ العد التنازلي للاستفتاء على دستورها الجديد

السيسي بحث تأمين العملية مع قادة الجيش ووفد أوروبي في القاهرة لترتيب مراقبته

مصر تبدأ العد التنازلي للاستفتاء على دستورها الجديد
TT

مصر تبدأ العد التنازلي للاستفتاء على دستورها الجديد

مصر تبدأ العد التنازلي للاستفتاء على دستورها الجديد

بدأ العد التنازلي للاستفتاء على دستور مصر الجديد قبل أسبوع من تصويت المصريين في الخارج، وأسبوعين من موعده المقرر في الداخل، في ظل أوضاع أمنية دقيقة ومشهد سياسي صاخب. وبينما اجتمع الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة لبحث تأمين الاستفتاء، وصل إلى القاهرة أمس ممثلون عن الاتحاد الأوروبي لترتيب مراقبة العملية التي تنطلق منتصف الشهر الجاري.
ويعتقد على نطاق واسع في مصر أن إتمام عملية الاستفتاء، ومروره بنسبة تصويت عالية من شأنه قطع الطريق على تنازع شرعية الحكم في مصر بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان.
وقال العقيد أركان حرب أحمد محمد علي المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان له أمس، إن الفريق السيسي اجتمع بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة لمناقشة الترتيبات والإجراءات المتعلقة بتأمين عملية الاستفتاء على الدستور، وجاهزية واستعداد القوات المكلفة بتأمين المقار واللجان الانتخابية بجميع محافظات الجمهورية.
وأشار العقيد علي إلى أن السيسي أكد خلال الاجتماع الذي استمر حتى ساعة متأخرة من مساء أول من أمس أن حماية الشعب المصري وتوفير المناخ الآمن للمواطنين للإدلاء بأصواتهم خلال عملية الاستفتاء من المهام الرئيسة للقوات المسلحة، مشددا على ضرورة تفهم القوات المشاركة للمهام والواجبات المكلفة بها والتعامل بكل حسم ضد من يحاول التأثير على إرادة المواطنين أو المساس بأمنهم وسلامتهم.
وتصاعدت خلال الأسبوعين الماضيين عمليات العنف، وشهدت الجامعات مظاهرات ومصادمات دامية بين أنصار جماعة الإخوان وقوات الأمن، كما استهدفت جماعات إسلامية متشددة مقرات أمنية. وكثف السيسي من ظهوره وشهد أمس إجراءات التفتيش ورفع الكفاءة القتالية لإحدى تشكيلات المشاة الميكانيكي بالجيش الثالث الميداني، وطالب القادة والقوات على كافة المستويات باليقظة الكاملة واتخاذ كافة التدابير والإجراءات التي تمكنهم من تنفيذ المهام والواجبات المكلفين بها، والتعامل بكل قوة وحسم ضد من يحاول المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين.
وهنأ الفريق أول السيسي رجال القوات المسلحة وأبناء الشعب المصري والمسيحيين بالعام الميلادي الجديد، مؤكدا أن القوات المسلحة ماضية في القضاء على الإرهاب ومحاربته بكافة صوره وأشكاله.
وقررت الحكومة قبل أسبوع إعلان جماعة الإخوان «تنظيما إرهابيا»، على خلفية تفجير مقر للشرطة في دلتا مصر، سقط خلاله 17 قتيلا غالبيتهم من رجال الأمن، وعشرات الجرحى. وواصلت السلطات الأمنية حملة توقيف قادة وكوادر الجماعة.
وفي غضون ذلك، قال السفير بدر عبد العاطي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية إن اللجنة العليا للانتخابات أبلغت وزارته بالخطوات الخاصة لتصويت الناخبين المصريين بالخارج في الاستفتاء على الدستور، مشيرا إلى أن اللجنة حددت الوثائق المقبولة لعملية التصويت وهي بطاقة الرقم القومي أو جواز السفر الذي يحتوي على الرقم القومي. كما أقرت توقيت التصويت ليبدأ من التاسعة صباحا حتى التاسعة مساء من الأربعاء 8 يناير (كانون الثاني) الجاري، وحتى مساء الأحد 12 يناير، وفقا لتوقيت مقر كل بعثة دبلوماسية في الخارج.
وقال المتحدث إن تعليمات اللجنة العليا للانتخابات تؤكد على أن الناخبين غير المسجلين في التصويت بمقر بعينه خارج البلاد لن يتمكنوا من التصويت بهذا المقر، مناشدا المواطنين المسجلين بالخارج التواصل مع البعثات الدبلوماسية المصرية من أجل المشاركة بفاعلية في هذا الاستحقاق الذي وصفه بـ«الهام لما يمثله من خطوة للأمام نحو تنفيذ خارطة المستقبل».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.