اتفاق بين الحريري وجنبلاط على التنسيق في مواجهة التصعيد السوري

TT

اتفاق بين الحريري وجنبلاط على التنسيق في مواجهة التصعيد السوري

رأت جهات سياسية لبنانية أن التوترات في المنطقة، والتطورات على الساحة السورية، «لها صلة مباشرة بالانقسامات الداخلية وتعطيل الاستحقاقات الدستورية»، في حين لفت حراك الرئيس المكلف سعد الحريري وما قاله في منزل رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط حول حسم الملف الحكومي في الأسبوع المقبل، وهو ما ترك تفسيرات كثيرة.
وعكست هذه الزيارة أجواء إيجابية طرأت على العلاقة بين جنبلاط والحريري، بعد فتور على خلفيات سياسية واقتصادية وغيرها. وقالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، إن ثمة توافقاً بينهما على التنسيق، خصوصاً في مواجهة التصعيد السوري تجاههما، وتحديداً بعد ادعاءات النظام السوري بأن الحريري وجنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يمولون الإرهاب. وتُضاف تدخلات النظام السوري إلى الحملات اللبنانية الداخلية عبر ما يتعرض له الحريري من حملات من قبل الموالين لسوريا، فيما أعلنت الحرب على جنبلاط من قبل القيادات الدرزية الموالية لدمشق.
المتغيرات التي تطال الملف السوري وارتباطاته اللبنانية، دفعت مرجعاً سياسياً بارزاً للتأكيد أنه «لم يسبق لنا أن شاهدنا هذه المهازل السياسية والاستعراضية في كل المراحل السابقة، ولم يصل لبنان إلى هذه الحالة من الانهيارات الاقتصادية والمالية، وحتى في عز الحرب كان الاقتصاد متماسكاً والخطاب السياسي ضمن أدبياته»، متوقعاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تشهد الساحة اللبنانية في المرحلة المقبلة «صولات وجولات من التصعيد السياسي على خلفيات داخلية وإقليمية، ولا سيما ربطاً بالملف السوري».
في هذا السياق وبصدد زيارة الرئيس سعد الحريري لمنزل جنبلاط، يشير النائب السابق في «اللقاء الديمقراطي» اللواء أنطوان سعد لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «العلاقة بين الحريري وجنبلاط تاريخية وقديمة، وهي تمتد إلى مرحلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجنبلاط، وهذا التحالف مستمر ومتماسك في ظل استهداف واضح لهما من النظام السوري، ومحاولة للالتفاف على ما تحقق خلال ثورة الاستقلال لإعادة البلاد إلى كنف الوصاية السورية عبر تعويم وإطلاق يد من يدور في فلك النظام السوري من أتباعهم في لبنان»، لافتاً إلى أن «التنسيق مطلوب في هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضى، وعلى القوى السيادية الاستقلالية الاحتكام إلى ما تقتضيه المصلحة الوطنية وحماية ما تبقى من مكتسبات وطنية، لأن المطلوب هو الصمود في وجه التحديات التي يتعرض لها لبنان ومؤسساته الدستورية من حملات تهدف إلى ضرب اتفاق الطائف وتغيير النظام، وهو ما يتبدى بوضوح من مواقف حلفاء دمشق في لبنان». وأشار سعد إلى أن «محاولة ضرب هيبة لبنان وزعزعة استقراره مستمرة، وعلى الجميع تقديم الاعتبار الوطني على أي اعتبارات أو حسابات أخرى».
وحول ما يجري في الجبل من صراع درزي - درزي، وهل يدخل ضمن هذا السيناريو، يقول سعد «إنه مخطط واحد من النظام السوري وأتباعه في لبنان، فقد سبق لنا أن مررنا بمرحلة الاغتيالات السياسية والتفجيرات الأمنية المتنقلة منذ محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة إلى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، لتكر سبحة الاغتيالات من خلال استشهاد كوكبة من قياداتنا السياسية والإعلامية، والآن ما يحصل في الجبل هو رسائل سياسية من قبل النظام السوري لوليد جنبلاط وما يمثل من زعامة درزية ووطنية ودوره وحضوره على كل المستويات، وهذا هو تاريخ المختارة العربي والوطني»، مؤكداً أن تاريخ النظام السوري «معروف بالقتل والعبث بأمن واستقرار لبنان، وبالتطاول على القيادات الوطنية، وهذا ما ينفذه ويترجمه حلفاؤه في لبنان عبر تطاولهم على الحريري وجنبلاط».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.