«فتح» تتحفظ عن اقتراح قطري باستضافة مباحثات فلسطينية

العمادي يعلن تحويل أموال المنحة إلى مشاريع بعد رفض «حماس» تغيير طريقة الدفع

إجلاء طفل فلسطيني أصيب خلال مواجهات مع جنود الاحتلال جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
إجلاء طفل فلسطيني أصيب خلال مواجهات مع جنود الاحتلال جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
TT

«فتح» تتحفظ عن اقتراح قطري باستضافة مباحثات فلسطينية

إجلاء طفل فلسطيني أصيب خلال مواجهات مع جنود الاحتلال جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
إجلاء طفل فلسطيني أصيب خلال مواجهات مع جنود الاحتلال جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)

رفضت حركة «فتح» ضمناً اقتراحاً قطرياً باستضافة حوار فلسطيني داخلي في الدوحة، معلنة أن المصالحة ستنجز عبر مصر فقط.
وقال حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، إن مصر هي راعية المصالحة فقط، نافياً أنه تحدث مع السفير القطري محمد العمادي حول أي مباحثات مصالحة في قطر.
وجاء تصريح الشيخ رداً على تصريحات للعمادي قال فيها إنه التقى بالشيخ لمناقشة ملفات عدة بينها المصالحة، وطلب منه مراجعة قرار السلطة في خصوص انسحاب عناصرها من معبر رفح، وهو القرار الذي أدى إلى إغلاق المعبر.
وقال العمادي في مؤتمر صحافي في قطاع غزة «إن قطر جاهزة لاستضافة الكل الفلسطيني للخروج برؤية موحدة في مواجهة التحديات»، مؤكداً أن حركة «حماس» اقترحت دعوة الأمناء العامين للدوحة لمناقشة ملف الانتخابات وتحديد رؤية ورسالة للقضية الفلسطينية للمرحلة المقبلة.
ورد الشيخ على العمادي في تصريحات بثتها وكالات محلية فلسطينية، مشدداً على «أنه لم تُطرح (في اللقاء) إطلاقاً دعوة إلى الحوار في قطر». وأضاف: «بالنسبة إلى معبر رفح، لا عودة للموظفين إلى هناك، إلا في ظل اتفاق شامل وصلاحيات كاملة للسلطة والحكومة».
وأردف: «الدور المصري هو الرئيسي والأساس في رعاية المصالحة الوطنية».
والخلاف الفلسطيني - القطري حول ملف المصالحة جزء من خلاف أوسع حول ما تراه السلطة تدخلاً قطرياً في الشأن الفلسطيني الداخلي عبر دعم حركة «حماس» بالمال.
ورفضت السلطة على الدوام تحويل قطر أموالاً إلى «حماس» عبر إسرائيل، وقالت إن ذلك يشكل محاولة لتعزيز الانقسام، قبل أن يتفاقم خلاف إسرائيلي - قطري - حمساوي حول آلية تحويل هذه الأموال وتعلن «حماس» رفضها تسلم المنحة.
وقال السفير القطري، أمس، إنه تقرر تحويل أموال المنحة القطرية التي كانت مخصصة لموظفي «حماس» من أجل تنفيذ مشاريع إنسانية وبنية تحتية. وأضاف العمادي أنه «سيجري توقيع أول اتفاق مع الأمم المتحدة بمبلغ 20 مليون دولار للتشغيل المؤقت من 4 إلى 6 أشهر». وستشمل المشاريع مساعدة الأسر الفقيرة وتحسين وتطوير مشاريع الكهرباء ودعم وزارة الصحة.
واتهم العمادي أطرافاً باستغلال المنحة القطرية من أجل «الدعاية» الانتخابية. وقال إن المنحة القطرية جاءت كمساعدة عاجلة «لسكان قطاع غزة في ظل ظروفهم الصعبة وبناءً على قرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن»، رافضاً الاتهامات للمنحة بأنها جاءت ثمناً للدم باعتبار «الهدوء مقابل الدولار، ومن أجل كسر الشعب الفلسطيني والتشكيك في مصداقيته وفي فصائل المقاومة... هذا غير صحيح». وتابع: «من حق الشعب الفلسطيني التظاهر وتوصيل رسالة معاناته للعالم... وأتمنى اليوم (أمس) أن تكون المسيرات هادئة».
وأردف: «كان هدف المنحة حل مشاكل الناس الإنسانية والمعيشية بما ينعكس إيجاباً على المحيط والمنطقة بالكامل».
وجاء موقف قطر حول المنحة بعدما رفضت حركة «حماس» تسلمها الخميس. وأعلنت الحركة أنه تم إبلاغ العمادي رفضها تسلّم الدفعة الثالثة من المنحة القطرية رداً على «سلوك الاحتلال ومحاولته ابتزاز قطاع غزة وتلكؤه في الالتزام بالتفاهمات».
وشكّل موقف «حماس» مفاجأة للسفير القطري، لكنه «تفهّم الأمر»، كما قال مسؤولون في الحركة.
وجاء موقف «حماس» بعد أن أعلنت إسرائيل عن نيتها نقل الأموال القطرية لغزة بعد تأجيل ذلك مرات عدة. وكان المجلس الوزاري الأمني والسياسي المصغر في إسرائيل صادق على تحويل الأموال مجدداً لغزة بعدما كان يفترض أن تصل الأربعاء وأوقفها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بسبب إطلاق النار على جنود إسرائيليين على حدود غزة.
وأكدت مصادر إسرائيلية أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أيدت المضي قدماً بتحويل الأموال، تجنباً لأي تصعيد محتمل. ويدور الحديث عن 15 مليون دولار هي قيمة الدفعة الشهرية.
ونقلت قطر الشهر الماضي والذي قبله 15 مليون دولار كل شهر في حقائب حملها الدبلوماسي القطري العمادي، ما أثار جدلاً واسعاً في إسرائيل وغضباً كبيراً في رام الله التي اتهمت قطر بدعم خطط لانفصال قطاع غزة عبر تقديم الدعم المالي لحركة «حماس».
والسلطة هي التي استخدمت مصطلح «الهدوء مقابل الدولار» أو «الدولار مقابل الدم».
ويفترض أن تقدم قطر ما مجمله 90 مليون دولار. ووافقت إسرائيل على أن تدفع قطر أموالاً لـ«حماس» على أن تخضع الأسماء لرقابة أمنية.
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، عن أوجه أخرى للخلافات التي أدت بـ«حماس» لرفض المنحة القطرية. وأشارت «يديعوت» إلى أن السفير القطري، العمادي، قدّم مقترحاً لشراء الطعام والإمدادات للأسر على شكل «كوبونات» بدل توزيع الأموال نقداً، وهو ما رفضته الحركة مطالبة بزيادة قدرها 7 ملايين دولار على المنحة الشهرية لتصبح 22 مليوناً بدل 15. ويضاف إلى ذلك اتساع دائرة «المرفوضين أمنياً» من تسلّم رواتب، واستخدام المنحة القطرية في ابتزاز الحركة عبر التحقق من وجود هدوء كامل قبل تحويل الأموال.
وكبحت «حماس» جماح متظاهرين ومنعتهم من الوصول إلى الحدود، كما أوقفت عمليات إطلاق البالونات والطائرات الحارقة باتجاه إسرائيل ضمن اتفاق هدوء يقابله السماح بإدخال الأموال والوقود القطري إلى القطاع. لكن تتوقع إسرائيل تصعيداً خلال الأسابيع القادمة بعد رد «حماس» المال القطري.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.