تراجع التحركات الشعبية في عرسال ضد النازحين السوريين

رئيس بلديتها وصف الدعوات للتظاهر بـ«المجهولة والمشبوهة»

طفلان سوريان امام مخيم للنازحين في عرسال (رويترز)
طفلان سوريان امام مخيم للنازحين في عرسال (رويترز)
TT

تراجع التحركات الشعبية في عرسال ضد النازحين السوريين

طفلان سوريان امام مخيم للنازحين في عرسال (رويترز)
طفلان سوريان امام مخيم للنازحين في عرسال (رويترز)

تراجعت التحركات الشعبية ضد النازحين السوريين في البقاع، حيث لم تجمع الاعتصامات التي أقيمت في بعلبك وعرسال يوم أمس، سوى بضعة أشخاص، في وقت أفادت مصادر أمنية بأن القوى الأمنية أوقفت 6 أشخاص من المجموعات التي تعرضت للنازحين ليل الاثنين الماضي، ويخضعون للتحقيق.
وأفادت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» بأن عددا من الشبان نفذوا تحركا خجولا أمس في عرسال ذات الغالبية السنية، ضد العمالة السورية والنازحين السوريين في البلدة وسط وجود كثيف للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، ولم يتجاوز عدد المشاركين فيه الـ15 شخصاً، فيما شهدت ساحة ناصر في مدينة بعلبك، ذات الغالبية الشيعية، تحركاً خجولا أيضا في ظل انتشار كثيف للقوى الأمنية. وقالت المصادر بأن عدد القوى الأمنية في ساحة ناصر في بعلبك كان أكثر بكثير من المعتصمين.
وقالت المصادر بأن تراجع أعداد المعتصمين يعود إلى جدية الدولة في التصدي للاعتداءات ضد النازحين السوريين.
وتم مساء الخميس تناقل دعوة للتظاهر في عرسال بعد صلاة الجمعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي «للاحتجاج على المشكلة الاقتصادية والاجتماعية التي يتسبب بها النازحون السوريون». وجاء في الدعوة تأكيد بأن التحرك سيكون سلميا بخلاف التحرك السابق الذي تم وصف ما جرى خلاله بـ«الخطأ الكبير». إلا أن الجهة الداعية للمظاهرة والتي لم تعلن عن نفسها، هددت بأنه في حال لم يتم إيجاد حل لأزمة السوريين، «سوف نقوم بحلها على طريقتنا».
ووصف رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري هذه الدعوة بـ«المجهولة والمشبوهة»، مؤكدا أن لدى أبناء عرسال الوعي اللازم لعدم الانزلاق إلى الفتنة، لافتا إلى أن «المشاكل الاقتصادية والاجتماعية كبيرة، لكن لا يتحمل النازحون السوريون المسؤولية وحدهم». ونبّه الحجيري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «وجود من يحرض أصحاب المحال التجارية والقوى الأمنية على النازحين السوريين»، مشيرا إلى وجود «الكثير من علامات الاستفهام والشكوك، لكننا حتى الساعة غير قادرين على توجيه أصابع الاتهام بشكل واضح إلى جهة معينة لأننا لا نملك معلومات مؤكدة تماما». وأكد الحجيري أن «أهل عرسال مع العودة الطوعية للنازحين السوريين ولا يؤيدون إطلاقا تهجيرهم»، وقال: «نحن ندرك أنهم عندما دخلوا إلى البلدة دخلوا بأعداد كبيرة جدا وأن مغادرتهم تتم بأعداد قليلة، لكن هناك آلية معتمدة تقوم على تسجيل من يرغب في العودة اسمه فينتظر الموافقة من الداخل السوري قبل التوجه إلى بلده».
وينسجم موقف رئيس البلدية مع موقف النائب عن عرسال، عضو كتلة «المستقبل» بكر الحجيري الذي يؤكد وجود من يحرك بعض أبناء عرسال بوجه النازحين السوريين، لافتا إلى أن «القرار المتخذ بهذا المجال لا يطال بلدتنا وحسب إنما هو قرار موسع، وقد شهدنا تحركات مماثلة في بعلبك كما كانت هناك نية لتنظيم حركة مماثلة في منطقة وادي خالد في عكار شمال البلاد، تصدى لها أهل البلدة». وقال الحجيري لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن ما يجري منسق وهدفه التخريب والفتنة بين اللبنانيين والسوريين وقد تكون بعض الأجهزة الخارجية شريكة فيه».
واعتبر الحجيري أن «الآلاف من النازحين يستطيعون العودة إلى بلداتهم المتاخمة لعرسال إذا كان هناك قرار سوري – روسي – أميركي بهذا الشأن، فليُخلوا القلمون وقارة وفليطا والقصير وعندها سيتوجه الآلاف من أبناء هذه البلدات بسرعة إليها».
ولا يزال يقطن في عرسال، بحسب رئيس بلديتها، نحو 50 ألف نازح سوري، علما بأن عددهم بلغ في السنوات الماضية نحو 120 ألفا، بينما عدد أهالي البلدة لا يتجاوز 40 ألفا. وبعدما كانت عرسال تشكل إحدى أبرز «البيئات الحاضنة» للنازحين وللمعارضة السورية، رفع أهلها مؤخرا الصوت مع تردي الأوضاع الاقتصادية نتيجة تراجع الحركة في مجال الصخر الذين يعمل معظمهم فيه بسبب دخول الصخر المصري والسوري على خط المنافسة كما بسبب تراجع سوق البناء في لبنان مع توقف قروض الإسكان.
ويؤكد أحد النازحين السوريين في عرسال أن ما حصل مؤخرا من تعديات عليهم وعلى أملاكهم دفع الغالبية الساحقة منهم للتفكير بالمغادرة بأسرع وقت ممكن إلى سوريا رغم عدم توفر الظروف المناسبة للعيش، على حد تعبيره. وقال النازح الثلاثيني لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف نحن نعي تماما أنه لم يعد مرحب بنا هنا في لبنان، لكن أوضاعنا صعبة للغاية وقرانا ليست آمنة تماما للعودة. المئات منا سجلوا مؤخرا أسماءهم للعودة، وننتظر رد السلطات السورية لنجمع أغراضنا ونرحل».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.