مقبرة أغاخان.. «أسطورة عشق» ترقد على نيل أسوان

بنيت على الطراز الفاطمي وأصبحت مقصدا للسياح

مقبرة أغاخان في أسوان ليلا
مقبرة أغاخان في أسوان ليلا
TT

مقبرة أغاخان.. «أسطورة عشق» ترقد على نيل أسوان

مقبرة أغاخان في أسوان ليلا
مقبرة أغاخان في أسوان ليلا

على ربوة الجبل الذهبي المتوهج غرب مدينة أسوان (جنوب مصر) تقع مقبرة الأمير محمد شاه أغاخان فوق هضبة من الجهة الغربية للمدينة في جزيرة وسط النيل، وتطل على قصر الملك المصري فاروق قديما، الذي أصبح حاليا فندق «كتراكت» صاحب الطابع التاريخي، ومن الجهة الأخرى تطل على مقبرة رومانية إغريقية ومعبد «ساتت» الذي شيدتة الملكة حتشبسوت، وترقد بجوار أغاخان زوجته البيجوم، الشهيرة بـ«أم حبيبة».
يقف سيد علي، وهو مراكبي في أسوان، على سطح مركبته الصغيرة التي يعلوها شراع كبير وضع عليه علم مصر، ليتحدث مع من معه من كوكبة من السياح الأجانب عن مقبرة أغاخان، التي تعد أحد المزارات الشهيرة في مصر وتم وضعها على الخريطة السياحية، ويقول بلغته العامية «السياح يتمنون زيارة المقبرة ويحرصون على التقاط الصور الفوتوغرافية بداخلها»، لافتا إلى أن المراكب الشراعية تضفي على رحلة الوصول للمقبرة رونقا خاصا.
وعن المقبرة يقول المرشد السياحي أسامة إبراهيم، إن «المقبرة تقع على ربوة عالية بالبر الغربي للنيل في مواجهة الجزء الجنوبي للحديقة النباتية واختارها السلطان محمد شاه الحسيني (أغاخان الثالث)، وبنى مقبرة فخمة على ربوة جميلة عالية، على الطراز الفاطمي»، مضيفا: «كان أغاخان يعاني من الروماتيزم وآلام في العظام فنصحه مشاهير الأطباء في العالم بزيارة أسوان، لأن فيها شتاء دافئا عجيبا وشعبا طيبا».
وتابع: «جاء أغاخان إلى أسوان في عام 1954 بصحبة زوجته البيجوم، وقرر إقامة فيلا تطل على نهر النيل صممها ونفذها شيخ المعماريين العرب، رائد العمارة الإسلامية المهندس فريد شافعي، الذي جعل من الفيلا تحفة معمارية ومزارا من الحجر الجيري والرخام، وبنى أغاخان بجوار قصره مقبرته على طراز المقابر الفاطمية في مصر القديمة، مستخدما في ذلك الرخام المرمري الخالص، لتظل شاهدة على قصة حب أسطورية بين (أغاخان) وبائعة الورد الفرنسية (ايفيت لا بدوس)».
وقال المرشد السياحي إبراهيم، إن الهند أنجبت أسطورتين خلال تاريخها الحديث «غاندي» و«أغاخان» الذي ولد في كراتشي حينما كانت جزءا من بلاد الهند في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1877.
ويضيف محمد مدبولي، وهو من أهالي أسوان: «نحرص على زيارة المقبرة التي تعد من أشهر المناطق الأثرية في أسوان».
وعن قصة البيجوم أم حبيبة يقول المرشد السياحي إبراهيم، هي آخر زوجات أغاخان الأربع، وهي فرنسية وكانت بائعة للورد وتقدمت في مسابقة ملكة جمال فرنسا وفازت بها، وسمها الحقيقي فيفت لابروس، وتزوجها أغاخان بعد قصة حب عنيفة عام 1942 وصحبته في كل رحلاته حول العالم وزارا 40 دولة وارتبطا بمصر والسودان.
وتابع: وهي الزوجة التي أشهرت إسلامها قبل أن تتزوجه وسمت نفسها «أم حبيبة»، لافتا إلى أن أغاخان لم يكن ينادي البيجوم سوى باسم «ياكي» كونه من الحروف اللاتينية الأولي لاسمها «ايفيت أغاخان» أما «فيفت» فتعني الحب بمعنى «لامور» أو المحبوبة لتصبح لدينا كلمة ياكيمور وهو الاسم الذي أطلقة أغاخان على الفيلا الرائعة التي أقامها لمحبوبته أم حبيبة لتكون عش حبهما.
ويتحدث العم سيد علي المراكبي عن القصص التي قيلت عن أغاخان، قائلا: «كان أغاخان يعشق الورود وخاصة الحمراء فكان يملأ كل الغرف التي يجلس فيها بالورود، وكانت البيجوم تضع كل يوم في التاسعة صباحا وردة حمراء جديدة من نوع (رونرا بكران) داخل كأس فضية على قبر أغاخان، وكانت تأتي أُم حبيبة مرة كل عام لتغير الوردة بيدها وكانت تذهب للمقبرة بمركب ذي شراع أصفر حيث إن كل المراكب الشراعية ذات أشرعة بيضاء، ليعرف أهالي أسوان أن أُم حبيبة قد جاءت وأنها لم تنس زوجها الحبيب، حتى توفيت في يوليو (تموز) عام 2000 ودفنت بجوار زوجها في المقبرة نفسها».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».