إجماع على دور الاستقرار مفتاحاً للتنمية في الشرق الأوسط

أجمعت نخبة من وزراء الخارجية والسياسيين والاقتصاديين العرب في جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي لهذا العام أنه لا تنمية ولا استثمار دون تحقيق استقرار مستدام في منطقة الشرق الأوسط. وكان من أبرز هؤلاء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي أكّد لـ«الشرق الأوسط» أن تحقيق الاستقرار في المنطقة هو «ضرورة لجذب الاستثمارات الأجنبية».
وتطرق الصفدي في تصريحاته أمس على هامش جلسات «دافوس»، إلى الوضع السوري بالقول إن بلاده تؤكد ضرورة التعامل مع الأزمة السورية عبر مقاربات واقعية، تُقدّم مصلحة سوريا والسوريين على صراع الأجندات الدولية والإقليمية. كما شدّد على ضرورة تفعيل دور عربي في جهود التوصل لحل سياسي، وفق القرار 2254، يقبله السوريون ويحفظ وحدة سوريا ويعيد لها أمنها، ويهيّئ الظروف التي تتيح عودة اللاجئين. وأضاف أن هذا الحل صعب المنال إن تم التعامل مع الأزمة وفق مقاربات تجعل سوريا ساحة للصراعات الدولية.
وفي سياق آخر، اعتبر الصفدي بلاده «بوابة» للاستثمار الأجنبي في المنطقة، ولمشروعات إعادة الإعمار في العراق وبعده سوريا. وفي حديثه عن البيئة الاستثمارية في بلاده، قال الصفدي إن الأردن يتيح فرصا داخلية وخارجية كثيرة. وأوضح أن «الفرص الداخلية تشمل ديمغرافيته الشابة، وسريعة التأقلم مع تطورات سوق العمل، والاستثمارات في المشروعات التكنولوجية، فضلا عن استحداث القوانين التنظيمية للاستثمار». أما الفرص الخارجية، وفق الوزير الأردني، فتتعلق باتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمها الأردن مع الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي.
وفي هذا الإطار، عُقدت جلسة بعنوان «مستقبل الأمن في الشرق الأوسط» أمس، أدارتها رئيسة تحرير «ذي ناشيونال» مينا العريبي، وشارك فيها وزير الخارجية الأردني ونظيره العراقي محمد علي الحكيم، وزعيم {حركة النهضة} التونسية راشد الغنوشي، ومجيد جعفر الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال.
واستعرض وزير الخارجية العراقي جهود بلاده في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، معتبرا الهزيمة العسكرية ليست كافية. وقال الحكيم إن التنظيم ألحق ضررا كبيرا بالمجتمع وبمناطق عراقية كثيرة، تشمل الموصل وصلاح الدين والفلوجة والأنبار وغيرها. لكن الضرر الأكبر، وفق وزير الخارجية هو ذلك الذي ألحقه التنظيم الإرهابي بالمجتمع العراقي وتنوعه العرقي، خاصة في الموصل. وأكّد أن بلاده نجحت في هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، بالتعاون مع قوات التحالف الدولي لمكافحة التنظيم والعالم العربي وإيران وروسيا «عسكرياً». لكن المشكلة التي نواجهها اليوم في العالم العربي «هي هزيمة آيديولوجيا (داعش)، وما إذا كان سيعود بوجه جديد من العنف».
وأشار الوزير العراقي إلى وجود مشكلة في التعامل مع المعتقلين من أعضاء «داعش»، إذ ترى بغداد ضرورة محاكمتهم وفق القوانين العراقية التي تنص على عقوبة الإعدام، فيما يتعرض لضغوط أممية ومن الاتحاد الأوروبي بإلغاء هذه العقوبة. وأكد الحكيم أن المشكلة الحقيقية التي تواجهها بلاده في هذا الإطار هي قضية عضوات «داعش» والأطفال، وقد تم تسليم بعضهن إلى الدول التي أتين منها إلى العراق.
وفي تعليقه على استقالة المبعوث الأميركي للتحالف الدولي بريت ماغكورك، قال الحكيم إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من سوريا دون مشاورة «فاجأنا». وأضاف: «سألنا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال زيارته إلى العراق عن الفترة الزمنية لهذا الانسحاب، وقيل لنا أيام وأسابيع، ثم تبين أن الأمر يتعلق بأشهر»، مستنتجا: «لن نستغرب إن تمت مراجعة القرار».
وقال الحكيم إن الانسحاب الأميركي سيؤثر على العراق الذي يتشارك مع سوريا في حدود طولها 600 كيلومتر، التي تحتاج إلى تأمين. وذكر أن رئيس الوزراء العراقي أرسل مبعوثا إلى دمشق، وطلب الإذن للقيام بعمليات داخل الأراضي السورية لمحاربة «داعش» بالقصف الجوي، وإرسال قوات خاصة لفترات محدودة. وأشار إلى أن العلاقات بين الحكومتين العراقية والسعودية «جيدة»، و«تطوير هذه العلاقات مدرج في برنامج الحكومة».
وعودة إلى التوجه العام للمشاركين العرب في «دافوس» لهذا العام، قال راشد الغنوشي إن تونس {دولة ذات إمكانيات ضعيفة، وتخضع لضغوط خارجية من البنك الدولي وصندوق النقد، إلى جانب الظروف الجيوسياسية المحيطة بها}. وقال إن «السوق التونسية مرتبطة بالسوق الليبية، وما دامت ليبيا تعيش وضعا فوضويا، فإن الاقتصاد التونسي سيتأثر». أما الضغوط الداخلية وفق السياسي التونس، فتأتي من النقابات العمالية. لكنه عبر في الوقت ذاته عن تفاؤله، وقال: «كما نجحت تونس في حل المشكلة السياسية، ستستطيع حل المشكلة الاقتصادية».