أميركا تجدّد دعمها للسراج وتدخل على خط ترتيبات أمن طرابلس

TT

أميركا تجدّد دعمها للسراج وتدخل على خط ترتيبات أمن طرابلس

دخلت الولايات المتحدة على خط الترتيبات الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس، بعدما التقى سفير أميركا لدى ليبيا بيتر بودي مع فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، أول من أمس، في تونس التي قام بزيارة غير معلنة لها.
وقال مكتب السراج في بيان إن الاجتماع، الذي عقد أثناء وجود السراج في تونس، يأتي في إطار عملية التشاور بين البلدين الصديقين، مشيرا إلى أنه تناول مستجدات الوضع السياسي في ليبيا، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقه السراج في سبتمبر (أيلول) الماضي، إضافة إلى مراحل تنفيذ الترتيبات الأمنية التي بدأت في العاصمة طرابلس ومحيطها.
وبحسب البيان، فقد جدد السفير الأميركي دعم بلاده لما وصفه بالنهج التوافقي للسراج وحكومته، مشيداً بما تحقق من نتائج إيجابية على الصعيدين الأمني والاقتصادي، كما أعلن دعم بلاده للمسار الديمقراطي الذي ترعاه الأمم المتحدة. كما بحث الجانبان سبل دعم حكومة الولايات المتحدة الأميركية لحكومة السراج، والشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وليبيا لمحاربة الإرهاب، ورؤية حكومة السراج لتوسيع هذه الشراكة لتشمل مجالات الاقتصاد والتنمية.
وكان السراج ترأس مساء أول من أمس اجتماعا للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، بحضور نائبيه عبد السلام كجمان، وأحمد معيتيق، وعضوي المجلس محمد عماري وأحمد حمزة، حيث ناقش الاجتماع الحالة الأمنية في جنوب طرابلس والترتيبات الأمنية المصاحبة.
وأعرب المجلس، وفقا لبيان لمكتب السراج، عن ارتياحه لما تحقق من تهدئة، وثمن الجهود والمواقف الوطنية المخلصة التي أسهمت في حقن الدماء، موضحا أن الاجتماع ناقش أيضا إجراءات تطبيق الترتيبات الأمنية، وآليات العمل بين لجنة الترتيبات الأمنية والوزارات والهيئات الحكومية المعنية.
من جهة أخرى، طالب أعضاء مجلس النواب عن إقليم فزان، جميع أبناء المنطقة الجنوبية بدعم قوات الجيش الوطني، وعمليتها العسكرية التي بدأتها مؤخرا لتحرير الجنوب وفرض القانون. وبارك الأعضاء ما تقوم به قوات الجيش للقضاء على التنظيمات الإرهابية والمجموعات المسلحة الخارجة عن القانون، التي تهدد أمن الوطن والمواطن.
وبعدما اعتبروا أن «هذه العملية تهدف لأمننا جميعاً، وليست موجهة ضد أحد بعينه سوى أولئك الإرهابيين والعصابات المارقة والخارجين عن القانون»، طالبوا جميع منتسبي الجيش إلى سرعة الالتحاق به، كما حثوا منتسبي جميع الأجهزة الأمنية والشرطية على الالتحاق بأعمالهم للعمل على تأمين المدن من الداخل، ودعم ومساندة قوات الجيش.
‎ونشرت أمس، كتيبة طارق بن زياد المقاتلة، ‎ التابعة للجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر، مقاطع فيديو تؤكد دخول قوات الجيش وانتشارها في مدينة سبها بجنوب البلاد.
في المقابل، وصف خالد المشري وهو من أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين ورئيس المجلس الأعلى للدولة، الذي يتخذ من العاصمة طرابلس مقرا له، قوات الجيش الوطني في الجنوب بأنها «غير شرعية»، في انتقاد معلن للعملية العسكرية التي دشنتها هناك مؤخرا.
واتهم المشري قوات الجيش بأنها تسعى لفرض واقع جديد في المنطقة، مؤكدا أن مجلسه لا يعترف إلا بقائد أعلى واحد للجيش الليبي، وهو السراج، باعتباره رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، وفقا لاتفاق الصخيرات المبرم في المغرب برعاية أممية نهاية عام 2015.
وكشف المشري عن رسالة بعث بها إلى السراج، يحثه فيها على تعيين قائد للجيش في المنطقة الجنوبية، وتوجيه بقية المناطق العسكرية الأخرى لدعمها.
من جهة ثانية، دافعت القوات البحرية الليبية، على لسان الناطق باسمها، عن نفسها في مواجهة اتهامات منظمة «هيومن رايتس ووتش» لوحدات من حرس السواحل، حول وجود صلة لهم «مع مهربي البشر». إذ قال الناطق باسم القوات العميد أيوب قاسم إن «هذه المنظمة ما هي إلا ذراع لقوة خفية تحاول تشويه الدولة الليبية».
يأتي ذلك فيما أحدث تصريح لرئيس بلدية باليرمو الإيطالية ليولوكا أورلاندو، وصف فيها ليبيا بأنها «معسكر اعتقال بسماء مفتوحة» للمهاجرين، حالة من الغضب في البلاد.
ورد عبد المنعم الحر، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا، على هذه الاتهامات بقوله: «ليبيا ستبقى دولة عبور فقط... نعم هناك التزام يقع على عاتق الدولة الليبية لحماية المهاجرين، إلّا أن هذا الالتزام يعتمد على الجهد، وليس بالنتيجة المرجوة»، ولفت إلى أنه «من غير المعقول أن نطالب السلطات الليبية بحماية المهاجرين، وهي عاجزة أحياناً عن حماية مواطنيها».
بدوره، قال مصدر مسؤول بجهاز الهجرة غير الشرعية في طرابلس، إن المجتمع الدولي «يحمل بلادنا تبعات الهجرة غير الشرعية، وينسى أننا تحملنا الكثير في هذا الملف، وما زلنا نتحمل منذ قرابة سبع سنوات»، وذهب إلى أن ليبيا «تحملت رغم أزمتها الاقتصادية أكثر من طاقتها، وكانت في منتهى الكرم في حدود إمكانياتها المالية، مع أفواج المهاجرين الذين يتدفقون من الحدود المترامية».
وأضاف المصدر المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه: «ربما تكون هناك تجاوزات، أو شبهات في مدى إنفاق الأموال على المجموعات المسلحة. إلا أن ليبيا تتعرض لظلم بسبب اكتفاء أطراف دولية بإدانة البلاد، من وضع المتفرج، دون تقديم أي دعم يحد من هذه الظاهرة من منابعها الأفريقية التي تحتاج إلى مساعدات تنموية».
في سياق متصل، وجه العميد أيوب قاسم انتقادات واسعة إلى «هيومن رايتس ووتش»، وقال إن مثل «هذه المنظمات ما هي إلا أذرع لقوة خفية، تريد جعل ليبيا موطناً للهجرة غير الشرعية، واستدعاء قوات دولية تحت ذريعة حماية المهاجر غير الشرعي».
وطالب قاسم في تصريحات لفضائية «ليبيا الأحرار» «بلاده بطرد مثل هذه المنظمات التي تقوم بتشويه كافة أجهزة خفر السواحل الليبي».
في شأن آخر، بحث أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، مع ماريا ريبيرو، منسقة الشؤون الإنسانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدى ليبيا، أمس، خططا للاستجابة الإنسانية في ليبيا، وتوسيع نطاقها وفق برامج متكاملة بين القطاعات.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.