مقتل طبيبين سعوديين في سوريا يسلط الضوء على جهود داعش في استقطاب كوادر صحية

حملات التصفية بين التنظبمات المتطرفة لم توفر الأطباء

مقتل طبيبين سعوديين في سوريا يسلط الضوء على جهود داعش في استقطاب كوادر صحية
TT

مقتل طبيبين سعوديين في سوريا يسلط الضوء على جهود داعش في استقطاب كوادر صحية

مقتل طبيبين سعوديين في سوريا يسلط الضوء على جهود داعش في استقطاب كوادر صحية

أعاد مقتل أحد الأطباء السعوديين، حديثا، بعد تخليه عن الابتعاث للدراسة والانضمام إلى صفوف «داعش»، إلى الواجهة من جديد مساعي التنظيمات المتطرفة، وبخاصة «جبهة النصرة» و«داعش» لتجنيد الأطباء الخليجيين والسعوديين للمشاركة في النزاع المسلح القائم منذ اندلاع الثورة السورية.
وبحسب خبير في شؤون الجماعات الجهادية، فإن من بين 200 حساب نشط لأعضاء ومؤيدين للتنظيمات المسلحة المتطرفة عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، برز طبيبان سعوديان موجودان في سوريا بدعوى تقديم الخدمات الطبية تحت لواء «جبهة النصرة».
وأكد المصدر ذاته، أن نفير أطباء خليجيين وسعوديين إلى سوريا كان تحت غطاء تقديم الخدمات الطبية والإغاثة الإنسانية، والتي عدها بابا يخترق من خلاله الأطباء المتطوعون، كما حدث سابقا خلال الجهاد السوفياتي.
وأشارت معلومات إلى نجاح «جبهة النصرة» في ضم أصحاب المهن المتخصصة بخلاف تنظيم «داعش» الذي يفتقر إلى شخصيات ذات مستويات مهنية رفيعة.
«الشرق الأوسط» تحدثت مع أحد الأطباء السعوديين العائد من سوريا من المنطقة الغربية «جدة»، وهو ضمن الخمسة الأوائل في دفعة طلاب الطب لعام 2006، الذي اكتفى بتأكيد ذهابه إلى سوريا منذ ما يقارب العام، أمضى، على حد قوله، أسبوعين للمشاركة في الخدمات الطبية بمبادرة فردية من قبله.
وقال: «ذهبت بعد ما شاهدته عبر وسائل الإعلام من معاناة إنسانية لحقت بأشقائنا هناك، ومكثت أسبوعين أشارك في تقديم الخدمات الطبية»، نافيا انتماءه إلى صفوف أي من الجماعات أو التنظيمات.
وحول أسباب عودته، أفاد الطبيب السعودي (27 عاما) بأن ذلك جاء بعد أن «تكشفت لي الحقائق حول المنهج الشرعي الذي تقوم عليه الجماعات المسلحة المتطرفة»، مشيرا إلى أنهم يحملون معتقدات تنافي الدين الإسلامي والإنسانية، إضافة إلى أن أسرته سعت إلى إعادته سالما بعد عدة اتصالات له جرت معها بيّن فيها لهم حقيقة الأمور ورغبته في العودة إلى الوطن. وقال: «عدت ولله الحمد إلى أسرتي وإلى مزاولة مهنة الطب، وقريبا سأتقدم لإكمال مسيرتي العلمية في برنامج التخصصات الطبية».
ودعاوى ما يسمى «جهاد الأطباء» بدأت النشاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي عقب مضي أشهر معدودة على بداية النزاع في الأراضي السورية، وتزامنا مع اشتداد المعارك، على غرار حملة «من الابتعاث إلى الجهاد» التي لم تلق الصدى المرجو منها.
وقبل نهاية 2012، بدأت حملة نفير الأطباء يعلو صداها، فبحسب ما ورد على حساب أحد المنظرين الشرعيين الخليجيين لـ«جبهة النصرة»: «نحتاج إلى أطباء متخصصين يذهبون لخط التماس في ريف حماه وحمص ودرعا وحلب.. الجراحات كثيرة، والأطباء أندر من النادر، أليس في الأئمة أطباء مجاهدون».
وفي 14 مايو (أيار) 2014 أطلق أحد أعلام التنظير الشرعي الخليجي في «جبهة النصرة»، تغريدة عبر حسابه الشخصي قائلا: «يا قادة الجهاد ونخب الأمة وعلماءها ومفكريها، يا أيها الأطباء والمهندسون والأكاديميون.. آن الأوان لتجتمع الكلمة لتحكيم شرع الله». وقال مغرد آخر: «الأطباء الليبيون يعملون في سوريا، والأطباء المصريون يعملون في سوريا، أما الأطباء الخليجيون فلا يعلمون بما في سوريا».
وعلى الخطى ذاتها، دعا أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش»، (المجاهدين) في أنحاء العالم إلى السفر للعراق وسوريا للقتال والمساعدة على بناء ما سماه «الدولة الإسلامية»، مشددا على أن هجرة المسلمين إلى ما دعاه «الدولة الإسلامية» واجبة عليهم، داعيا بصورة خاصة القضاة والأطباء والمهندسين وجميع من لديهم الخبرة الإدارية والعسكرية للانضمام. ورغم تسابق الجماعات المتطرفة والمتورطة في الاقتتال نحو تجنيد من أطلقوا عليهم «ملائكة رحمة الجهاد»، لاستغلالهم في علاج الإصابات الواقعة بين صفوفهم من جراء المعارك الدائرة؛ فإن ذلك لم يكن كافيا لتجنيب الأطباء حملات التصفية المتبادلة بين طرف وآخر، كما جرى مع الطبيب أبو ريان، القيادي في حركة أحرار الشام، بعد تعذيبه والتمثيل به وقتله على يد تنظيم «داعش». يشار إلى أن تنظيم «القاعدة» ومنذ الثمانينات الميلادية كان أول من بدأ تدشين حملة تجنيد الأطباء إبان الحرب السوفياتية في أفغانستان، بعد أن التحق بصفوفه عدد كبير من الأطباء الذين ذهبوا للإغاثة الإسلامية، وانتهت بانخراط الكثير منهم في القتال والانضمام إلى صفوفه.
وفي عام 2013 قال الناشط الأصولي المصري في لندن، الدكتور هاني السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات في لندن: «إن الجيل الأول من المهاجرين العرب الذي استوطن كندا، كان كثير منهم أطباء ومهندسين، وعندما اندلعت الحرب السوفياتية في أفغانستان، التي دامت عشر سنوات ديسمبر (كانون الأول) 1979 - مايو 1988، سافر كثير من العوائل العربية من كندا إلى باكستان، وعمل كثير منهم في مجالات الإغاثة الإسلامية، وكانت الدول الغربية تشجع على ذلك من أجل طرد المحتل الروسي لبلد إسلامي، ونشأ الجيل الثاني من أبناء الجاليات العربية في أفغانستان وباكستان وسط بيئة قاسية، وتعوّد وتشبّع بحياة وأفكار المجاهدين الأوائل، وكانت عودتهم الثانية إلى كندا وباقي الدول الغربية بعد انتهاء حرب أفغانستان وسقوط طالبان بأفكار إسلامية خالصة.
يذكر أن من أبرز الشخصيات القتالية التي كانت لها خلفية دراسية ومهنية قبل الانخراط في القتال، أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، حيث تخرج في كلية الطب جامعة القاهرة عام 1974، ثم عمل كطبيب وجراح، وكان يمتلك عيادة في المعادي، وشارك عام 1985 كطبيب جراح في مستشفى الهلال الأحمر الكويتي في بيشاور على الحدود الأفغانية - الباكستانية لعلاج المصابين من جراء الحرب الأفغانية السوفياتية.



السعودية تفتح باب التطوع بأكثر من عشرين تخصصاً طبيا لدعم سوريا

وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
TT

السعودية تفتح باب التطوع بأكثر من عشرين تخصصاً طبيا لدعم سوريا

وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)

أعلن مركز الملك سلمان للإغاثة عن فتح باب التطوع بالخبرات الطبية السعودية المتخصصة لدعم القطاع الصحي في سوريا وتلبية احتياجاته العاجلة في أكثر من 20 تخصصاً، وذلك من خلال برنامج «أمل» التطوعي السعودي المَعْنيّ بسد احتياجات القطاع الصحي لدى الدول المتضررة.

ودعا المركز عموم المتخصصين الراغبين في التطوع بخبراتهم إلى التسجيل في برنامج «أمل»، الذي يستمر عاماً كاملاً لدعم القطاع الصحي السوري الذي تَضَرَّرَ جراء الأحداث، وتقديم الخدمات الطارئة والطبية للمحتاجين في مختلف التخصصات، للتخفيف من معاناة الشعب السوري من خلال مساهمة المتطوعين في البرنامج.

جولة الوفد السعودي للاطلاع على الواقع الصحي والوقوف على الاحتياجات اللازمة في سوريا (سانا‬⁩)

وقال الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم المركز، إن منصة التطوع الخارجي التي أطلقها المركز، تتيح فرصة التسجيل في عدد من التخصصات الطبية الملحّة لدعم القطاع الصحي في عدد من المدن السورية، لا سيما خلال الفترة الحالية من الأزمة الإنسانية التي تمر بها سوريا.

وأشار الجطيلي في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن قائمة التخصصات المطلوبة حُدِّدت بعد التواصل مع الجهات الصحية المسؤولة في سوريا، مؤكداً أن البرنامج يهدف لإتاحة الفرصة للمتطوعين السعوديين في القطاع الصحي لتلبية حاجة القطاع الصحي السوري في كل مناطق البلاد. ونوه الجطيلي بجهود الكوادر الصحية السعودية التي تطوعت بخبراتها وعطائها من خلال البرنامج، وأضاف: «لقد سجل المتطوعون السعوديون في القطاع الصحي حضوراً دولياً مميّزاً، من خلال كثير من الأحداث التي بادروا فيها بتقديم العون والمساعدة للإنسان في مناطق جغرافية مختلفة، وكان لهم أثر طيب في نحو 57 دولة حول العالم، وأَجْرَوْا فيها أكثر من 200 ألف عملية في مختلف التخصصات».

وأشار الجطيلي إلى أن الخبرة التي راكمها البرنامج ستسهم في مدّ يد العون إلى الجانب السوري الذي يعاني من صعوبات خلال هذه المرحلة، وفي إنقاذ حياة كثير من السوريين من خلال أشكال متعددة من الرعاية الطبية التي سيقدمها البرنامج في الفترة المقبلة.

وفد سعودي يبحث مع القائم بأعمال وزارة الصحة السورية سبل تعزيز العمل الإنساني والطبي في سوريا (سانا‬⁩)

وتضم‏ تخصصات الكوادر التطوعية المطلوبة للانضمام «جراحة الأطفال، وجراحة التجميل، وجراحة النساء والولادة، وجراحة عامة، وطب الطوارئ، والدعم النفسي، وجراحة العظام، وطب الأمراض الباطنية، وجراحات القلب المفتوح والقسطرة، وأمراض الكلى، والطب العام، والصدرية، وطب الأطفال، والتخدير، والتمريض، وطب الأسرة، والعلاج الطبيعي، والنطق والتخاطب، والأطراف الصناعية، وزراعة القوقعة، وعدداً آخر من التخصصات الطبية المتعددة».

وقال مركز الملك سلمان للإغاثة إن برنامج «أمل» «يُدَشَّن بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، واستشعاراً لدور السعودية الخيري والإنساني والريادي تجاه المجتمعات المتضررة في شتى أنحاء العالم»، مؤكداً في البيان المنشور على صفحة التسجيل، الدور المؤثر لتقديم الخدمات الطارئة والطبية في رفع المعاناة عن الإنسان، وعيش حياة كريمة، وذلك بمشاركة متطوعين من الكوادر السعودية المميزة.

وبينما يستمر الجسران الجوي والبري اللذان أطلقتهما السعودية بوصول الطائرة الإغاثية السادسة، ونحو 60 شاحنة محمَّلة بأكثر من 541 طناً من المساعدات، زار وفد سعودي من قسم التطوع في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الأحد، عدداً من المشافي والمراكز الطبية السورية، في جولة ميدانية للاطلاع على تفاصيل الواقع الصحي، والوقوف على الاحتياجات اللازمة والطارئة للقطاع.

وجاءت الجولة الميدانية للوقوف على حالة القطاع الصحي في سوريا، وتلمُّس احتياجاته من الكوادر والمؤن الدوائية، عقب اجتماع وفد من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مع مسؤولين من وزارة الصحة السورية في دمشق، تناولا فيه الاحتياجات الطبية العاجلة والمُلحة للمستشفيات السورية.

60 شاحنة محملة بأكثر من 541 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية عَبَرَت معبر جابر الحدودي إلى سوريا (مركز الملك سلمان)

وعلى صعيد الجسرين الجوي والبري السعوديين، ​وصلت، الأحد، الطائرة الإغاثية السعودية السادسة التي يسيِّرها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، إلى مطار دمشق، وتحمل على متنها مساعدات غذائية وطبية وإيوائية؛ للإسهام في تخفيف آثار الأوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب السوري حالياً.

كما عَبَرَت، صباح الأحد، أولى طلائع الجسر البري الإغاثي السعودي إلى معبر جابر الأردني للعبور منه نحو سوريا؛ حيث وصلت 60 شاحنة محملة بأكثر من 541 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية، وهي أولى طلائع الجسر البري السعودي لإغاثة الشعب السوري.

وقال الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم المركز، إن الجسر البري سيدعم الجهود في سبيل إيصال المساعدات لجميع الأراضي السورية؛ إذ يحوي كميات كبيرة وضخمة من المواد الغذائية والصحية والإيوائية، تُنْقَلُ بعد وصولها إلى دمشق إلى جميع المناطق الأخرى المحتاجة. وأضاف الجطيلي أن جسر المساعدات البري إلى دمشق يتضمن معدات طبية ثقيلة لا يمكن نقلها عن طريق الجو؛ مثل: أجهزة الرنين المغناطيسي، والأشعة السينية والمقطعية.