واشنطن تدعو موسكو للالتزام بمعاهدة حظر انتشار الصواريخ

الأميركي المتهم بالتجسس في روسيا تسلّم «أسرار دولة» من دون علمه

يمهد توقيف ويلان الطريق أمام تبادل محتمل مع جاسوس روسي موقوف في الخارج يحتمل أن تكون ماريا بوتينا (إ.ب.أ)
يمهد توقيف ويلان الطريق أمام تبادل محتمل مع جاسوس روسي موقوف في الخارج يحتمل أن تكون ماريا بوتينا (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تدعو موسكو للالتزام بمعاهدة حظر انتشار الصواريخ

يمهد توقيف ويلان الطريق أمام تبادل محتمل مع جاسوس روسي موقوف في الخارج يحتمل أن تكون ماريا بوتينا (إ.ب.أ)
يمهد توقيف ويلان الطريق أمام تبادل محتمل مع جاسوس روسي موقوف في الخارج يحتمل أن تكون ماريا بوتينا (إ.ب.أ)

جددت الولايات المتحدة دعوتها للحكومة الروسية بالعودة إلى الامتثال لبنود معاهدة حظر انتشار الصواريخ النووية متوسطة المدى، قبل أسبوعين من الموعد الذي حددته واشنطن للانسحاب من المعاهدة، التي تم توقيعها عام 1987، وقالت واشنطن إنها تطالب موسكو بالالتزام ببنودها بشكل كامل.
وقال مسؤولون أميركيون الاثنين إن واشنطن تعترف بوجود نظام صواريخ كروز، إلا أنها تنفي أنه ينتهك الاتفاقية وترى أن نطاقها ضمن حدود 500 كيلومتر التي حددتها معاهدة القوات النووية متوسطة المدى.
وقال سفير واشنطن لنزع السلاح في جنيف، روبرت وود، إنه لا يزال هناك وقت لتدمير النظام الروسي، الذي اعتبره تهديدا مباشرا لأوروبا وآسيا، حيث يتراوح مداه ما بين 500 و1500 كيلومتر، وهو ما يتعارض مع المعاهدة التي تم تصميمها في الأساس لمنع الهجمات في وقت قصير.
وطالب وود روسيا بالتحقق من جميع صواريخ «إس إس سي»، وقاذفاتها والمعدات المرتبطة بها، من أجل العودة إلى الامتثال للمعاهدة، مضيفا: «لسوء الحظ، تجد الولايات المتحدة بشكل متزايد أنه لا يمكن الوثوق بروسيا للامتثال لالتزاماتها المتعلقة بالحد من التسلح، وأن تصرفاتها القسرية والخبيثة في جميع أنحاء العالم قد زادت من حدة التوتر».
وإذا لم تستجب روسيا لمطالب الولايات المتحدة بالامتثال، فسيفسح ذلك المجال أمام الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتنفيذ تهديده بالانسحاب من الاتفاقية في 2 فبراير (شباط)، مما قد يسمح لواشنطن بالعودة إلى تطوير صواريخها متوسطة المدى. ومع ذلك، سيكون أمام الولايات المتحدة ستة أشهر لاستكمال انسحابها رسمياً.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أعطى روسيا مهلة شهرين حتى تلتزم ببنود المعاهدة بشكل كامل، وأعلن أن الولايات المتحدة سوف تنسحب من المعاهدة في الثاني من فبراير المقبل إذا لم تلتزم روسيا بشكل كامل ببنود المعاهدة.
ومنذ عام 2014، اتهمت الولايات المتحدة روسيا بانتهاك معاهدة الأسلحة النووية، وفرضت واشنطن عقوبات تهدف إلى الضغط على روسيا للامتثال، ولكن معظم هذه العقوبات جاءت في ظل عقوبات أخرى تهدف إلى معاقبة روسيا لضمها إلى شبه جزيرة القرم والاعتداء العسكري في شرق أوكرانيا، وقد يكون ذلك أحد أسباب عدم امتلاك هذه العقوبات أي تأثير. وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، دعت فيه روسيا للامتثال للمعاهدة التي وصفتها الوزارة بأنها «ركيزة الأمن والاستقرار الدوليين». وتحظر المعاهدة التي تفاوض عليها الرئيس الأميركي رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف خلال فترة الحرب الباردة، جميع القذائف التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر، مما يوفر أساس غطاء حماية للقارة الأوروبية. كما تحظر صواريخ كروز الأميركية الصنع، التي تم نشرها من قبل الولايات المتحدة وألمانيا، والتي تعتبرها روسيا تهديدا شديدا.
ومن جانب آخر، أكّد محام أميركي عمل سابقا في سلاح البحرية ومتهم بالتجسس في روسيا، الثلاثاء، أنّ موكله تسلم قرص تخزين يحمل «أسرار دولة» دون أن يعلم بمحتواها، ذلك بعد أن رفضت محكمة في موسكو إطلاق سراحه. وكان جهاز الأمن الفيدرالي (إف إس بي) قام بتوقيف بول ويلان (48 عاما) الذي يحمل الجنسيات الأميركية والبريطانية والكندية والآيرلندية في 28 ديسمبر (كانون الأول) أثناء قيامه بحسب الجهاز «بعمل تجسسي».
وقال المحامي فلاديمير جيريبنكوف إنّ ويلان تسلم قرص تخزين (يو إس بي) يحمل أسرار دولة، لكنه أشار إلى أن موكله اعتقد أنه يتضمن معلومات عن الثقافة الروسية.
وقال للصحافيين: «على قرص تخزين يو إس بي، تلقى بول معلومات... أؤكد أنّها أسرار دولة»، مشددا أن موكله لم يكن يعلم بمحتوى القرص. وتابع: «في الواقع، كان من المفترض أن يتلقى ويلان من الشخص معلومات ليست أسرار دولة»، مشيرا إلى أن ويلان كان يتوقع أن يتم منحه مواد ثقافية وصورا. ولم يكشف المحام عن هوية الشخص الذي أعطى ويلان القرص.
وقال قاضي محكمة ليفورتوفو في موسكو ديمتري برونياكين إن «استئناف الدفاع (من أجل إخلاء السبيل) رفض» وذلك بحضور ويلان الذي كان يتابع إجراءات المحكمة بمساعدة مترجم. ولم يكن جيريبنكوف يتوقع الإفراج عن موكله. وقال للصحافيين أمام مبنى المحكمة: «في روسيا، تقضي القواعد بإبقاء الأشخاص قيد الاحتجاز». وأضاف أنّ «بول تصرف بكبرياء عظيم اليوم. تحدث جيدا. شرح بالتفاصيل ما الذي حدث وناقض بشكل رئيسي موقف النيابة».
وكان محللون تكهنوا بأن يمهد توقيف ويلان الطريق أمام تبادل محتمل مع جاسوس روسي موقوف في الخارج، يحتمل أن تكون ماريا بوتينا، لكن جيريبنكوف رفض التعليق على الأمر. وأدينت بوتينا بكونها «عميلة أجنبية» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومن المرجح أن يحكم عليها بالسجن ستة أشهر على الأقل. ونفت روسيا فكرة أن يتم مبادلة ويلان بأي سجين روسي في الولايات المتحدة.
وأكد ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين: «في روسيا لا نستغل الناس بتاتا في مناورة دبلوماسية»، وذلك بعد تحذير جيريمي هانت وزير الخارجية البريطاني موسكو من «مناورة دبلوماسية».
وقال جيريبنكوف إنّه يتوقع أن تستمر المحاكمة ستة أشهر على الأقل، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن أي تبادل قبل انتهاء المحاكمة.
وفي لقاء مع وسائل الإعلام الروسية، قالت السفارة الأميركية في موسكو إنها «تتابع من كثب» القضية. ودعت المتحدثة باسمها أندريا كالان إلى «محاكمة سريعة وعادلة وشفافة».
وزار السفير الأميركي جون هانتسمان ويلان في سجن ليفوتوفو في موسكو. وحضر مسؤولون قنصليون أميركيون وبريطانيون وكنديون جلسة المحاكمة. وقالت أسرته إنه كان في زيارة لموسكو بمناسبة زواج صديق. ويعمل ويلان مديرا في مجموعة «بورغ وورنر» التي تصنع قطع غيار للسيارات ومقرها قرب ديترويت، بحسب شقيقه ديفيد ويلان.
وقالت أسرته إنّ موسكو لم تسمح للمسؤولين البريطانيين والكنديين بلقائه. ويواجه عقوبة قد تصل إلى سجنه 20 عاما.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».