قرار أممي بإيداع أموال المنظمات الإنسانية لدى «المركزي اليمني»

الحكومة الشرعية تعد بصرف الرواتب في المناطق الخاضعة للحوثيين

TT

قرار أممي بإيداع أموال المنظمات الإنسانية لدى «المركزي اليمني»

وعد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، أمس، بصرف رواتب موظفي الجامعات والقطاع الصحي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، خلال لقائه في عدن منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي. جاء ذلك في وقت أبلغت فيه المسؤولة الأممية غراندي البنك المركزي في عدن بوجود خطة أممية من مرحلتين لإيداع أموال المنظمات الدولية والإنسانية العاملة في اليمن لدى البنك.
وذكرت وكالة «سبأ» أن رئيس الحكومة ناقش مع منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، عدداً من القضايا الإنسانية والتحديات التي تعترض عمليات الدعم الإنساني وأعمال الإغاثة في اليمن. كما جرى خلال اللقاء بحث آخر المستجدات والتطورات على صعيد المشهد السياسي في اليمن، وكذا التطورات الميدانية ذات الصلة باتفاق استوكهولم خلال المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة.
وتطرق اللقاء بحسب المصادر الرسمية إلى «الخروقات المستمرة التي ترتكبها الميليشيات الانقلابية الحوثية وتعنتها الواضح لإفشال الاتفاقات وعدم الوصول إلى سلام حقيقي ودائم وشامل، واستمرارها في منهجية إهدار فرص السلام المنشود الذي يتطلع إليه أبناء الشعب اليمني كافة».
وقال عبد الملك إن حكومته «تكرس مجمل برامجها لتطوير الوضع الاقتصادي وإعداد موازنة عامة ومتابعة العملة المحلية، والعمل على تنفيذ خطط عملية من خلال تنفيذ حزمة متكاملة من الإجراءات والإصلاحات المالية والإدارية وتفعيل أجهزة الرقابة في مؤسسات الدولة كافة، بهدف تحقيق جملة من الأهداف والوصول إلى التعافي الاقتصادي والبدء في إعادة البناء والإعمار والتنمية».
وأوضح خلال لقائه المسؤولة الأممية أن «الحكومة مستمرة في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار في جميع المناطق المحررة، وخاصة العاصمة المؤقتة عدن، وتعمل بشكل دوري ومستمر في صرف مرتبات موظفي الدولة كواجب أخلاقي ومسؤولية وطنية تحتم على الحكومة القيام بمهامها الوطنية، رغم شحّ الموارد والإمكانات المادية، بينما الحوثيون ما زالوا يستولون على كثير من العائدات المالية ويستخدمونها في تمويل الحرب بدلاً من صرف مرتبات الموظفين». وأكد أن الحكومة ستصرف مرتبات أساتذة وأعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات اليمنية التي تقع في مناطق ما زالت تخضع لسيطرة الانقلابيين في صنعاء وذمار وإب وعمران، وكذا موظفي القطاع الصحي.
ونسبت المصادر الحكومية إلى غراندي أنها «أكدت استعداد الأمم المتحدة لتقديم جميع أشكال الدعم والمساندة الدائمة لليمن، والعمل في الملف الإنساني والإغاثي لتجاوز التحديات والأوضاع الصعبة التي يعاني منها الشعب اليمني جرّاء الحرب». كما شددت غراندي على «استمرار دور الأمم المتحدة في دعم تنفيذ اتفاقات السويد، والتركيز على دعم احتياجات الميناء بتقديم جميع المتطلبات الأساسية التي من شأنها المساهمة بتحقيق دفعة نوعية للعمل بشكل عام».
في غضون ذلك، أعلن محافظ البنك المركزي اليمني الدكتور محمد زمام، أن منسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة لدى اليمن ليز غراندي، أبلغت قيادة البنك بأن الأمم المتحدة اتخذت قراراً إيجابياً خاصاً بتحويل مبالغ المنظمات الدولية العاملة في اليمن عبر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن. وأوضح أن القرار الأممي سينفذ على مرحلتين. في الأولى يتم تحويل جميع مبالغ المنظمات غير الحكومية المقدمة من الدول عبر البنك المركزي في عدن، وفي الثانية يتم تحويل جميع المبالغ الخاصة بالمنظمات التابعة للأمم المتحدة كذلك عبر البنك المركزي بعدن.
وناقش زمام خلال لقائه أمس غراندي تحويل مبالغ المنظمات غير الحكومية والمنظمات الأممية عبر البنك المركزي بعدن، وإجراءات البنك المركزي الخاصة بمنح الاعتمادات المستندية لاستيراد السلع الغذائية الأساسية وسرعة إنجازها وإجمالي المبالغ المسحوبة من الوديعة السعودية، والنتائج الإيجابية للدعم السعودي المقدم للبنك المركزي اليمني، الذي شمل الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار، والمنحة المالية البالغة 200 مليون دولار، ومنحة الوقود الخاصة بمحطات الكهرباء بنحو 60 مليون دولار شهرياً.
وقال زمام: «إنه حتى الوقت الحالي تم سحب مبلغ 441 مليون دولار من الوديعة السعودية لتغطية الاعتمادات المستندية لاستيراد السلع الأساسية، التي كان القمح في مقدمتها بنسبة 47 في المائة». وأكد أن السعودية هي الدولة الوحيدة التي قدمت مساعدات مالية للبنك المركزي اليمني في عدن، وهو ما ساعد الحكومة والبنك على تقوية المالية العامة، ودفع مرتبات المتقاعدين في الجمهورية اليمنية بالكامل، ومساعدة الحكومة في بناء محطة كهرباء بقدرة 60 ميغاواط في عدن. ولفت إلى أن البنك المركزي استطاع من خلال الدعم السعودي إلغاء تمويل العجز من المبالغ المطبوعة حديثاً، مشيراً إلى أن ما يتم طباعته سيتحول إلى احتياطي استراتيجي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.