جدل في المغرب حول استفادة رئيس الحكومة الأسبق من معاش استثنائي

ابن كيران قال إن الملك هو من أمر بصرفه له بعد ضائقة

TT

جدل في المغرب حول استفادة رئيس الحكومة الأسبق من معاش استثنائي

دافع عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية الأسبق والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عن أحقيته في الحصول على معاش استثنائي، وذلك ردا على الجدل الذي أثير بشأن استفادته من هذا المعاش، بعدما كان يطالب سابقا بإلغائه، مؤكدا أن الملك محمد السادس هو من أمر بصرف معاشه، بعد أن بلغه أنه يعيش ضائقة مالية إثر إعفائه من رئاسة الحكومة.
وأوضح ابن كيران خلال لقاء مع شباب من حزبه أنه لم يتقدم بأي طلب من أجل الاستفادة من معاش الوزراء، وكشف أنه استفاد حينما غادر الحكومة من تعويض قدره 300 ألف درهم (30 ألف دولار)، ولم يكن بإمكانه الاستفادة من تقاعد الوزراء إلا في نهاية 2018. مشيرا إلى أنه عرف خلال الأشهر الأخيرة ضائقة مالية، ولم يتبق في حساباته البنكية الأربعة سوى أقل من 10 آلاف درهم، (ألف دولار). وقال بهذا الخصوص: «طلبت من زوجتي أن تصبر معي ثلاثة أشهر. فإما أن أجد عملا أو أتقدم بطلب للحصول على تقاعد الوزراء»، مبرزا إلى أنه كان سيشرف على تسيير شركة لأحد أفراد عائلته، إلا أن العرض الذي قدم له لم يكن مناسبا. واستبعد في الوقت ذاته أن يتمكن من إيجاد عمل مناسب بسب شهرته بصفته رئيس حكومة سابقا.
وتابع ابن كيران موضحا أن وضعه المالي الصعب وصل إلى الملك محمد السادس، فكلف مستشاره فؤاد عالي الهمة بإخباره أن الملك هو من سيتكفل بصرف معاش استثنائي له. وزاد متسائلا: «أين المشكل؟ فلو علم الملك أن لدي ما يكفيني من مال لما صرف لي هذا المعاش»، كما كشف أيضا أن الملك محمد السادس هو من منحه السيارة التي بحوزته، بعدما طُلب منه إرجاع سيارة الدولة التي كان يتنقل بها عندما كان رئيسا للحكومة.
ووصف ابن كيران التفاتة الملك محمد السادس تجاهه بأنها «تصرف شريف من ملك شريف أحسن الله إليه أحسن الجزاء».
وإصرارا منه في الدفاع عن نفسه أمام منتقديه، الذين أعادوا نشر مداخلة له في البرلمان، طالب فيها بإلغاء معاش الوزراء عندما كان حزبه في المعارضة، قال رئيس الحكومة السابق إنه لم يكن أول رئيس حكومة يحصل على معاش استثنائي، حيث سبق للملك محمد السادس أن أمر بمعاش مماثل لعبد الرحمن اليوسفي، بينما لم يستفد إدريس جطو من هذا المعاش لأنه ليس بحاجة إليه.
في السياق ذاته، نفى ابن كيران ما تردد بشأن ملكيته فيللتين، وقال إنه لا يملك أي فيللا ولا حتى شقة، موضحا أن الفيللا التي يقيم فيها ملك زوجته.
وخلال اللقاء ذاته هاجم ابن كيران مجددا عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وقال إنه سبق أن نصحه بالابتعاد عن السياسة ولم يفعل. ووصفه بأنه «ابن ناس ومؤدب، لكنه لا يصلح للسياسة لأن السياسة تتطلب مواجهة الناس والتيار»، مشككا في قدرة أخنوش على أن يصبح رئيسا للحكومة.
من جهة أخرى، تطرق ابن كيران إلى الجدل الذي أثاره بشأن موقفه المؤيد للحريات الفردية، وقال ردا على منتقديه إن الله تعالى دافع عن حريات الفرد في قضايا أكبر من الحجاب واللحية، بقوله تعالى «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»... ونحن أعطينا الحجاب واللحية مكانة أكبر من اللازم... وهناك أمور بالغنا فيها وتقتضي المراجعة والتعديل، شرط ألا تكون مخالفة للمبادئ، مشددا على أن حزبه «حزب سياسي يهتم بالشأن العام وليس بالأمور الشخصية». وقال إن خصوم حزبه لم يجدوا ما يؤاخذونه عليه فأصبحوا يتصيدون الأخطاء الشخصية لأعضائه. في إشارة إلى تسريب صور إحدى نائبات الحزب في باريس من دون غطاء رأس، وقبلها صور وزير رفقة خطيبته.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم